المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن تعيرك لأخيك بذنبة،أعظم إثماً من ذنبه



امـ حمد
20-03-2014, 12:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن القيم رحمه الله،أن تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثماً من ذنبه ،وأشد من معصيته لما فيه من صولة الطاعة وتزكية النفس وشكرها،والمناداة عليها بالبراءة من الذنب،وأن أخاك باء به،ولعل كسرته بذنبه،وما أحدث له من الذلة والخضوع والإزراء على نفسه ،والتخلص من مرض الدعوى والكبر والعجب،ووقوفه بين يدي الله ناكس الرأس خاشع الطرف منكسر القلب،أنفع له وخير من صولة طاعتك وتكثرك بها والاعتداد بها والمنة على الله وخلقه بها،
فما أقرب هذا العاصي من رحمة الله،وما أقرب هذا المُدِّل من مقت الله ،وإنك أن تبيت نائماً وتصبح نادماً،خير من أن تبيت قائماً وتصبح معجباً،فإن المعجب لا يصعد له عمل،وإنك أن تضحك وأنت معترف،خير من أن تبكي وأنت مدل ، وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المُدِلِّين ، ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داء قاتلاً هو فيك ولا تشعر،فلله في أهل طاعته ومعصيته أسرار لا يعلمها إلا هو ولا يطالعها إلا أهل البصائر فيعرفون منها بقدر ما تناله معارف البشر ووراء ذلك مالا يطلع عليه الكرام الكاتبون،عن ابي هريرة،قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم(إذا زنت أمة أحدكم فليُقم عليها الحد ولا يُثرَّب)صحيح مسلم،
أي،لا يعير،كقول يوسف عليه السلام لإخوته(لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ الْيَوْم)فإن الميزان بيد الله،والحكم لله ، فالسوط الذي ضُرب به هذا العاصي بيد مقلب القلوب،والقصد إقامة الحد لا التعيير والتثريب، ولا يأمن كرات القدر وسطوته إلا أهل الجهل بالله،
وقد قال الله تعالى لأعلم الخلق به وأقربهم إليه وسيلة(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاك لَقَدْ كِدْت تَرْكَن إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا )
وقال يوسف الصديق(وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
وهذه أم سلمة رضي الله عنها،تحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،كان يكثر في دعائه أن يقول(اللهم مقلبَ القلوب،ثبت قلبي على دينك)قالت،قلت،يا رسول الله،وإنَّ القلوب لتتقلب،قال(نعم،ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا إن قلبه بين إصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله عز وجل أقامه،وإن شاء الله أزاغه)أخرجه أحمد والترمذي،بإسناد صحيح مسلم،
وهذا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول(يا مقلب القلوب،ثبت قلبي على دينك) قال،فقلت،يا رسول الله،آمنا بك وبما جئت به،هل تخاف علينا،
قال(نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله، يقلّبها كيف يشاء)أخرجه الترمذي،وابن ماجه في سننه بإسناد صحيح،
وما سمي الإنسان إلا لنسيه،ولا القلب إلا أنه يتقلب،
ومصداق هذا كله مشاهد ملموس في واقع الناس،فترى الرجل من أهل الخير والصلاح ومن أرباب التقى والفلاح قلبه بطاعة ربه مشرق سليم،إذا به انقلب على وجهه فترك الطاعة وتقاعس عن الهدى،
وبينا ترى الرجل من أهل الفساد أو الكفر والإلحاد قلبه بمعصية الله مظلم سقيم،إذا به أقبل على الطاعة والإحسان وسلك سبيل التقى والإيمان،
والنبي،صلى الله عليه وسلم،قد قال(فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى مايكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها حتى ما يكون بينه وبينها إلاذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)رواه البخاري ومسلم
وفي الترمذي(لا تظهر الشماتة لأخيك،فيرحمه الله ويبتليك)
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)رواه ابن ماجه،
في هذا الحديث تطييب للنفوس العاثرة الراغبة بالتوبة وتنشيط للتوبة إلى الله ،ردع عن اليأس والقنوط،وأن الذنوب وإن عظمت فإن مغفرة الله أعظم،
يقول ربنا عز وجل،في سورة ءال عمران(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ)
فالتوبة واجبة من كل الذنوب صغيرها وكبيرة،
وقد حض الله تعالى على التوبة النصوح فقال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا)سورة التحريم،
روي في تفسيرها عن عمر،وعبد الله ومعاذ،أن التوبة النصوح هي ،التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع، ورفعه معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم،ولو تاب المرء توبة صحيحة ثم عاد إلى ذنبه ثم تاب توبة صحيحة وهكذا، فإن الله يقبل توبته ولكن العبد لا يدري متى يفاجئه الموت، قد يأتيه وهو متلبس بالمعصية فيجازى عليها،لذا فالمطلوب أن يتوب العبد ويكون بين الخوف والرجاء، فلا يتمادى في عصيانه أمنا من عذاب الله ،ولا يقنط من رحمة ربه،
وقد حث ربنا عز وجل،على التوبة،يقول عز وجل في سورة المائدة(فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ)سورة المائدة،فالتوبة التوبة قبل أن يفاجئنا ملك الموت إذ سيأتي بلا موعد ولا استئذان،
اللهم جملنا بالإيمان ونورنا بالقرءان وزيننا بالخلق الحسن وتقبل منا صالح الأعمال إنك على كل شىء قدير.

الحسيمqtr
13-05-2014, 07:35 PM
جزاك الله خير

امـ حمد
14-05-2014, 03:23 AM
جزاك الله خير

تسلم اخوي
بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس