لعديد
20-03-2014, 04:32 PM
http://kenanaonline.com/photos/1238140/1238140181/large_1238140181.jpg?1307475959
الغوغائية الفكرية
إن الحالة العامة التي يعيشها الكتاب في الخليج العربي هي حالة أشبه بالهذيان، وخاصة بعض الكتاب الذين يتشدقون بالألفاظ السياسية الكبيرة، وينظّرون الواقع على حسب ما تشتهي أنفسهم، والأدهى والأمر أنهم يدعمون أدلتهم من القرآن أو من السنة النبوية!!!
الكل يُقبل بطريقة غير عادية على القراءة، وخاصة للمقالات السياسية، ولكن الملاحظ أن الخط العام للجميع تسويغ قرارات حكوماتهم وتلميعها حتى وصلت الحالة بهم إلى مطالبة أولى الأمر منهم بتصعيد الأمر واتخاذ بعض الإجراءات العقابية ضد جيرانهم، وقام بعض الكتاب أو المغردين بتجاوز كل الخطوط الدينية والرجولية للحديث عن النساء وإقحامهن في الشأن السياسي، والتعدي والتطاول غير المبرر وغير المشروع.
في الأصل أنك تعلن رأيك، وعلى هذا الرأي أن يمر بمجموعة من المحطات حتى يخرج للناس:-
1) أن يكون مجرداً من كل مصلحة أو منفعة، لأنك ستقابل به الله، وربما هناك من يؤمن بفكرك وعقليتك فيعتنق هذا الرأي.
2) أن يكون هذا الرأي نابعاً من قراءات تاريخية وسياسية تدعم ما تقول، لا من سفاهات وطيش وتطاول، لأن هذا أكبر دليل على سوء دينك وعقليتك.
3) أن يبتعد عن أسلوب الجرائد الصفراء التي تعتمد على القذارة والسفالة لجلب أكبر عدد من القراء. ويتجه إلى المنهجية الفكرية التي تتناول الحدث بتفكير وتحليل عميقين.
في قرارة نفسي أعلم أن الجميع في هذه الأحداث سينحاز إلى بلاده، وسيبرر تصرفاتها وأحكامها، ولا ننسى أيضاً العاطفة الجياشة تجاه الوطن وأولي الأمر، وهذا ليس مرفوضاً إذا كانت هناك حجة عقلية أو سياسية أو دينية، ولكن المرفوض الابتعاد عن المحاور الحقيقية والتوجه إلى كيل الشتائم والإهانات، وإلصاق التهم كأننا نتعامل مع مافيا إعلامية، حتى صرت أفكر هل لقطر دخل في أحداث أوكرانيا وروسيا؟!
أم أنها من أشعلت نار الفتيل بين الكوريتين؟!
وربما أجبرت ملكة هولندا للتنازل عن العرش لابنها؟! ليكن ما يكون.. وربما أشرت في مقالات سابقة وقلت "لعلهم يرون ما لا نرى"، السياسة لعبة كبيرة وعميقة تتجاوز حد تصوراتنا، ولكن ما يهمني فعلاً أن لا نصل إلى مرحلة الغوغائية الفكرية، واستباحة مفاهيمنا بجيش تتاري يسفك كل المبادئ والقيم التي تربينا عليها.
منذ متى كنا نتطاول على النساء؟!
منذ متى كنا نستبيح الحرمات؟!
أي مبرر لذكر الأسرار الشخصية لولي الأمر؟!
من قال إن حياتهم الشخصية ملكية عامة لشعوبهم؟ لك من ولي الأمر أمران:-
1 - أن تأمن على دينك.
2 - أن تأمن على رزقك.
وهذا الأسلوب ليس أسلوباً ينتهجه المسلمون الشرفاء، بل قلدوا به الغرب، واعتنقه الكثير من الكتاب، ويحققون من ورائه بطولات وهمية بكشف الستار عن الحياة الخاصة، وتأليب الناس على سلطاتهم، وأن هناك بدائل ستحقق للشعوب الإنصاف؟!
أي زمان هذا؟!
لنرى إنصافهم فيكم حتى نقتنع نحن؟!
ولتعلموا أن ولاءنا لقادتنا كبير، وحبنا لهم عظيم، فهم منا ونحن منهم، لن نرتضي سواهم، ليس لأننا لا حول لنا ولا قوة، بل لأننا ما مسنا منهم سوء، ولن أقول لكم إنهم نزلوا لمستوى شعبهم، لا بل على العكس، قلبنا كل الموازين التاريخية، فما كان منهم إلا أن ارتفعوا بمستوى شعبهم حتى قارب مستواهم.
واعلموا أن في أعناقنا بيعة لهم، لن نتحلل منها، بل نجددها لهم، ويكفينا أن التاريخ سيسجل لنا حكومة وشعباً أننا لا نطيل لساناً، ولا نقذف جاراً، ولا نثير فتنة، وفينا يصدق قول الشاعر:-
تعيّرنا بأن قليل عديدنا * فقلت لها إن الكرام قليل
تحياتي لكل الكتاب المنصفين، حتى وإن انحازوا لدولهم، ولكن راعوا حرمة أقلامهم، وصانوا شرفهم التاريخي.
وقفة:
ربما الكثير يحضرهم في هذا الوقت سيرة ملوك الطوائف الأندلسية، وكيف انفرط عقد دولتهم بتفككهم وانشغالهم بأمورهم، نرجو من الله أن لا تكون ريح صرصر عاتية للأمة بدعم عالمي وبغباء عربي تاريخي.
منقول عن جريدة العرب
للكاتبة/سارة الخاطر]
الغوغائية الفكرية
إن الحالة العامة التي يعيشها الكتاب في الخليج العربي هي حالة أشبه بالهذيان، وخاصة بعض الكتاب الذين يتشدقون بالألفاظ السياسية الكبيرة، وينظّرون الواقع على حسب ما تشتهي أنفسهم، والأدهى والأمر أنهم يدعمون أدلتهم من القرآن أو من السنة النبوية!!!
الكل يُقبل بطريقة غير عادية على القراءة، وخاصة للمقالات السياسية، ولكن الملاحظ أن الخط العام للجميع تسويغ قرارات حكوماتهم وتلميعها حتى وصلت الحالة بهم إلى مطالبة أولى الأمر منهم بتصعيد الأمر واتخاذ بعض الإجراءات العقابية ضد جيرانهم، وقام بعض الكتاب أو المغردين بتجاوز كل الخطوط الدينية والرجولية للحديث عن النساء وإقحامهن في الشأن السياسي، والتعدي والتطاول غير المبرر وغير المشروع.
في الأصل أنك تعلن رأيك، وعلى هذا الرأي أن يمر بمجموعة من المحطات حتى يخرج للناس:-
1) أن يكون مجرداً من كل مصلحة أو منفعة، لأنك ستقابل به الله، وربما هناك من يؤمن بفكرك وعقليتك فيعتنق هذا الرأي.
2) أن يكون هذا الرأي نابعاً من قراءات تاريخية وسياسية تدعم ما تقول، لا من سفاهات وطيش وتطاول، لأن هذا أكبر دليل على سوء دينك وعقليتك.
3) أن يبتعد عن أسلوب الجرائد الصفراء التي تعتمد على القذارة والسفالة لجلب أكبر عدد من القراء. ويتجه إلى المنهجية الفكرية التي تتناول الحدث بتفكير وتحليل عميقين.
في قرارة نفسي أعلم أن الجميع في هذه الأحداث سينحاز إلى بلاده، وسيبرر تصرفاتها وأحكامها، ولا ننسى أيضاً العاطفة الجياشة تجاه الوطن وأولي الأمر، وهذا ليس مرفوضاً إذا كانت هناك حجة عقلية أو سياسية أو دينية، ولكن المرفوض الابتعاد عن المحاور الحقيقية والتوجه إلى كيل الشتائم والإهانات، وإلصاق التهم كأننا نتعامل مع مافيا إعلامية، حتى صرت أفكر هل لقطر دخل في أحداث أوكرانيا وروسيا؟!
أم أنها من أشعلت نار الفتيل بين الكوريتين؟!
وربما أجبرت ملكة هولندا للتنازل عن العرش لابنها؟! ليكن ما يكون.. وربما أشرت في مقالات سابقة وقلت "لعلهم يرون ما لا نرى"، السياسة لعبة كبيرة وعميقة تتجاوز حد تصوراتنا، ولكن ما يهمني فعلاً أن لا نصل إلى مرحلة الغوغائية الفكرية، واستباحة مفاهيمنا بجيش تتاري يسفك كل المبادئ والقيم التي تربينا عليها.
منذ متى كنا نتطاول على النساء؟!
منذ متى كنا نستبيح الحرمات؟!
أي مبرر لذكر الأسرار الشخصية لولي الأمر؟!
من قال إن حياتهم الشخصية ملكية عامة لشعوبهم؟ لك من ولي الأمر أمران:-
1 - أن تأمن على دينك.
2 - أن تأمن على رزقك.
وهذا الأسلوب ليس أسلوباً ينتهجه المسلمون الشرفاء، بل قلدوا به الغرب، واعتنقه الكثير من الكتاب، ويحققون من ورائه بطولات وهمية بكشف الستار عن الحياة الخاصة، وتأليب الناس على سلطاتهم، وأن هناك بدائل ستحقق للشعوب الإنصاف؟!
أي زمان هذا؟!
لنرى إنصافهم فيكم حتى نقتنع نحن؟!
ولتعلموا أن ولاءنا لقادتنا كبير، وحبنا لهم عظيم، فهم منا ونحن منهم، لن نرتضي سواهم، ليس لأننا لا حول لنا ولا قوة، بل لأننا ما مسنا منهم سوء، ولن أقول لكم إنهم نزلوا لمستوى شعبهم، لا بل على العكس، قلبنا كل الموازين التاريخية، فما كان منهم إلا أن ارتفعوا بمستوى شعبهم حتى قارب مستواهم.
واعلموا أن في أعناقنا بيعة لهم، لن نتحلل منها، بل نجددها لهم، ويكفينا أن التاريخ سيسجل لنا حكومة وشعباً أننا لا نطيل لساناً، ولا نقذف جاراً، ولا نثير فتنة، وفينا يصدق قول الشاعر:-
تعيّرنا بأن قليل عديدنا * فقلت لها إن الكرام قليل
تحياتي لكل الكتاب المنصفين، حتى وإن انحازوا لدولهم، ولكن راعوا حرمة أقلامهم، وصانوا شرفهم التاريخي.
وقفة:
ربما الكثير يحضرهم في هذا الوقت سيرة ملوك الطوائف الأندلسية، وكيف انفرط عقد دولتهم بتفككهم وانشغالهم بأمورهم، نرجو من الله أن لا تكون ريح صرصر عاتية للأمة بدعم عالمي وبغباء عربي تاريخي.
منقول عن جريدة العرب
للكاتبة/سارة الخاطر]