المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أشراط الساعة ضياع الأمانة



امـ حمد
26-03-2014, 04:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركات
من أشراط الساعة ضياع الأمانة،
روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول اللَه صلى اللَه عليه وسلم(إذا ضيعت الأمانة،فانتظر الساعة،قال كيف إضاعتها يا رسول اللَه،قال،إذا أسند الأمر إلى غير أَهله فانتظر الساعة)
وبين عليه الصلاة والسلام كما في حديث حذيفة(أن الأمانة ترتفع في آخر الزمان من القلوب، وأنه لا يبقى منها في القلب إلا أثرها، فيقال،إن في بني فلان رجل أميناً)
إن من أشراط الساعة، أن الأمانة سترفع من القلوب، حتى يصير الرجل خائناً بعد أن كان أميناً، وهذا إنما يقع لمن ذهبت خشيته لله، وضعف إيمانه، وخالط أهل الخيانة فيصير خائناً، لأن القرين يقتدي بقرينه،
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم،أنه ستكون هناك سنون خدّاعة، تنعكس فيها الأمور،يكذب فيها الصادق،ويصدق فيها الكاذب، ويخون الأمين، ويؤتمن الخائن،
ومن مظاهر تضيع الأمانة،
إسناد أمور الناس من إمارة وخلافة وقضاء ووظائف على اختلافها،إلى غير أهلها القادرين على تسييرها والمحافظة عليها، لأن في ذلك تضييعاً لحقوق الناس، واستخفافاً بمصالحهم،وإثارة للفتن بينهم،
فإذا ضيّع من يتولى أمر الناس الأمانة، والناس في الغالب تبع لمن يتولى أمرهم، كانوا مثله في تضيع الأمانة، عمّ بذلك الفساد في المجتمعات،
ثم إن إسناد الأمر إلى غير أهله، دليل واضح على عدم اكتراث الناس بأمر الدين، حتى أنهم ليولون أمرهم من لا يهتم بدينه،
وعلى العكس من ذلك،الخائن هو الأمين في نظرهم، ويقلبون الحقائق ليبرئوا ساحته ليظهر أنه أمين،وهذا مصداقٌ لما أخبر عنه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم،في معرض حديثه(ويخوّن الأمين ويؤتمن الخائن)و
إسناد أمور الناس أيًا كانت تلك الأمور إلى غير أهلها، ومعلوم أن أهلها هم أهل الأمانة والصدق والتعفّف عن الحرام والإخلاص والوفاء وأداء الأمانة كما ينبغي بعد الخوف من الله عز وجل، فإذا أُسندت مصالح الناس إلى غير أهلها ضاعت الحقوق وحصل الاستخفاف بمصالح العباد ووإثارة الفتن وإشاعة الفوضى في المجتمع، وهذا هو حال المجتمعات اليوم،فحينما يفكر المؤمن ويمعن النظر في واقع البشر اليوم يجد ذلك الخبر واقعًا ومشاهدًا،
ومن أشراط الساعة،
يُرفع العلم ويُقبض العلماء ويَثبت الجهل ويَفشو ويَنزل في أوساط الناس،فمعظم من يعيش في مجتمع المسلمين من العرب لا يعرفون كيف يتلون كتاب الله كما أنزل، فهذا يعتبر من الجهل، كذلك علم الفرائض التي ورد فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،أنه قال(تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن هذا العلم سيقبض، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما)وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل)وقال صلى الله عليه وسلم(يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج) أي،القتل،
وقد وقع ما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام،ولا يزال إلى أن تقوم الساعة حتى يُسْرَى بالقرآن لا يبقى منه في الصدور ولا في السطور آية من كتاب الله. فتقارب الزمان حاصل حيث أن السنة تمر علينا كالشهر والشهر كالأسبوع والأسبوع كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالدقيقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة)
ولم يعد في الأوقات بركة، وها هي السنون تطوينا طياً،وذلك بقبض العلماء المتقين لله الذين هم ورثة الأنبياء ويحيون السنة ويميتون البدع ويحذرون منها، فيظهر على العكس من يميت السنة ويحيي البدعة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقول(إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)
فتبين من هذا الحديث المتفق على صحته أن العلم المراد بالجهل فيه هو علم الدين، وجهل الناس هو الجهل بأمور الإسلام لدرجة أنهم يتخذون الجهال مفتين لهم، فتكون الفتوى بغير علم، فيضل السائل والمسؤول، وهذا هو الحاصل،
صحّ من حديث رسول الله،صلى الله عليه وسلم،في هذا الباب، وسنجد في هذا السياق حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال(لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش، وقطيعة الرحم،وسوء المجاورة، وحتى يؤتمن الخائن ويخوّن الأمين) رواه أحمد والترمذي،
وجاء حديث آخر عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه،أن رسول الله،صلى الله عليه وسلم،قال(كيف بكم وبزمانٍ يوشك أن يأتي، يُغربل الناس فيه غربلة،وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا، وكانوا هكذا،وشبّك بين أصابعه)قالوا،كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك،قال(تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتذرون أمر عوامكم) رواه أبو داود وابن ماجة،
والحثالة هم سفلة الناس وغوغاؤهم، وقوله عليه الصلاة والسلام(مرجت عهودهم) أي اختلطت عهودهم وفسدت، وضيّعها أصحابها،
وقوله عليه الصلاة والسلام(إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة)رواه أبو داود،والترمذي،وحسنه الشيخ الألباني،
قال المباركفوري،إذا حدث الرجل عند أحد بالحديث الذي يريد إخفاءه ثم التفت يميناً وشمالاً احتياطاً،
لأن الحديث أمانة،فلا يجوز إضاعتها بإشاعتها،لأن التفاته إعلام لمن يحدثه أنه يخاف أن يسمع حديثه أحد، وأنه قد خصه سره، فكان الالتفات قائماً،أي خذه عني واكتمه وهو عندك أمانة،