بن مفتاح
16-04-2014, 08:00 AM
“صار لنا حادث… أمي وخالتي ما يتكلمون “!
كانت هذه كلمات نُثرت من شفاة الصغيرة ” بنة ” ابنة هنادي وهي تتحدث بالهاتف مع أبيها تبلغه بما حدث… سيارة متهورة داهمت حياتهما فخرجت روحاهما بغتةً… لم تعلما بأنه قد حان وقت الرحيل… وأن الموت كان بانتظارهما هناك ويلوح لهما من مكانٍ بعيد… فأقترب منهما وأنجلت ملامحه بعد أن شاء القدر فداهمت سيارة مستبدة سيارتهما باصطدام قاسٍ….
فاطمة… هنادي… و”بنة” في تلك السيارة المستأجرة بدبي، فقد كن في زيارة قصيرة مع عائلتهن لعيادة خالتهن المريضة التي تعيش هناك، فقد كان موعداً مع الموت راحت ضحيته فاطمة وهنادي ليلاً، في طريقٍ قد رسم عليه القدر أجلهما! فتُركت روحاهما الطاهرتان تطيران… كعصافير ترفرف أجنحتها في الأفق… تساور أضواء الشوارع الحزينة… فأبكيا معهما نجوم الليل اللامعة…
سكون مخيف راود الليل…هدوء رتيب حل المكان بعد الحادث الأليم… فلم يتبق في السيارة سوى “بنة” فهي لم يحدث لها شيء لكنها بقيت في حالة من الروع تترقب في أن تسمع صوت أنفاس والدتها وخالتها… قلوب متوقفة عن النبض… أجساد عفيفة عاجزةً عن الحركة، قطرات من الدم أذرفت كما تذرف العين دموعها…
” أمي وخالتي ما يتكلمون !! ”
طفلة لم تفهم الموت بعد… أو قد تحاول أن تقنع نفسها البريئة بأنهما في حالة إغماءه قصيرة، أو غفوة عميقة… لم تعلم بأنهما رحلتا بعيداً جداً عن هذه الحياة المريرة، إلى عالم آخر لا يملك علمه سوى الباري عز وجل… طفلة أكتافها الصغيرة لا تحتمل سوى حمل حقيبتها المدرسية المليئة بألوان السعادة والحروف والأرقام المُركبَة، أقسى أنواع تعاستها هو البحث عن دمية مفقودة… لا تملك سوى ابتسامة والدتها… حبها… حنانها المُستفيض بالرحمة… ليس لديها أخ أو أخت… فقد وُلدت وحيدةً لأب وأم…. وخالة تحبها بجنون!
ولكنهما رحلتا إلى السماء… هناك في ذلك المكان السرمدي… وتركتا بعض الذكريات… أثر خطوات أرجلهما في ذلك المنزل الجميل الذي أعادت تأثيثه ” فاطمة ” مؤخراً لوالدتها وكأنما كانت تشعر بأنه قد دقت أجراس الوداع والسفر إلى دار أخرى في عالم آخر، فإذا به جمعٌ من المُعزّين… غرفتها الدافئة لوّنتها إلى الأبيض كبياض قلبها الواقف عن النبض قبل أن يبتلعها الغياب، وكأنما تودّع ذلك المنزل وساكنيه… تركت بصمة طيبة بين أحبابها وأهلها… لقد غادرت الحياة بصحبة أختها ” هنادي ” صاحبة الخلق الحسن والقلب النقي…
ولا تزال “بنة” ترسم ملامح وجه أمها وخالتها وهما تفيقان من نومهما الأبدي… وتراودها بعض الأسئلة الحزينة: ” أين أمي؟ لماذا لم تعد هي وخالتي معنا إلى الدوحة؟ لم يمت أحد منهما! ” تترقب عودتهما في أي لحظة… أركان المنزل حزينة… نوافذها أسدلت عليها الستائر… هواء يدفع أبواب المنزل ونوافذه فلا تسمع سوى طرقات خفيفة تُعبّر عن الترَّح…خلجات وهمهمات ممزوجة بالدموع تُداهم قلب والدتهما والمُعزيّن… صوت عذب تغلغل وسط أحشاء الحزن مرتلاً آيات من الذكر الحكيم… مهدئاً ما بتلك الأحشاء من لوعة وفجع…
وإلى الآن “بنة” تجلس عند باب المنزل…. تنتظر عودتهما… فمن سيجبر ذلك الخاطر سواك ربي؟
ومضة حزن:
لقد جمعتنا أواصر القرابة والأخوة وذكريات الطفولة… وها نحن نودعهما على أمل أن نلتقي بهما في جنات الخلد إن شاء الله…
رحم الله فاطمة وهنادي يوسف المال وأسكنهما فسيح جناته… اللهم آمين..
مقال : فاطمة بلال
كانت هذه كلمات نُثرت من شفاة الصغيرة ” بنة ” ابنة هنادي وهي تتحدث بالهاتف مع أبيها تبلغه بما حدث… سيارة متهورة داهمت حياتهما فخرجت روحاهما بغتةً… لم تعلما بأنه قد حان وقت الرحيل… وأن الموت كان بانتظارهما هناك ويلوح لهما من مكانٍ بعيد… فأقترب منهما وأنجلت ملامحه بعد أن شاء القدر فداهمت سيارة مستبدة سيارتهما باصطدام قاسٍ….
فاطمة… هنادي… و”بنة” في تلك السيارة المستأجرة بدبي، فقد كن في زيارة قصيرة مع عائلتهن لعيادة خالتهن المريضة التي تعيش هناك، فقد كان موعداً مع الموت راحت ضحيته فاطمة وهنادي ليلاً، في طريقٍ قد رسم عليه القدر أجلهما! فتُركت روحاهما الطاهرتان تطيران… كعصافير ترفرف أجنحتها في الأفق… تساور أضواء الشوارع الحزينة… فأبكيا معهما نجوم الليل اللامعة…
سكون مخيف راود الليل…هدوء رتيب حل المكان بعد الحادث الأليم… فلم يتبق في السيارة سوى “بنة” فهي لم يحدث لها شيء لكنها بقيت في حالة من الروع تترقب في أن تسمع صوت أنفاس والدتها وخالتها… قلوب متوقفة عن النبض… أجساد عفيفة عاجزةً عن الحركة، قطرات من الدم أذرفت كما تذرف العين دموعها…
” أمي وخالتي ما يتكلمون !! ”
طفلة لم تفهم الموت بعد… أو قد تحاول أن تقنع نفسها البريئة بأنهما في حالة إغماءه قصيرة، أو غفوة عميقة… لم تعلم بأنهما رحلتا بعيداً جداً عن هذه الحياة المريرة، إلى عالم آخر لا يملك علمه سوى الباري عز وجل… طفلة أكتافها الصغيرة لا تحتمل سوى حمل حقيبتها المدرسية المليئة بألوان السعادة والحروف والأرقام المُركبَة، أقسى أنواع تعاستها هو البحث عن دمية مفقودة… لا تملك سوى ابتسامة والدتها… حبها… حنانها المُستفيض بالرحمة… ليس لديها أخ أو أخت… فقد وُلدت وحيدةً لأب وأم…. وخالة تحبها بجنون!
ولكنهما رحلتا إلى السماء… هناك في ذلك المكان السرمدي… وتركتا بعض الذكريات… أثر خطوات أرجلهما في ذلك المنزل الجميل الذي أعادت تأثيثه ” فاطمة ” مؤخراً لوالدتها وكأنما كانت تشعر بأنه قد دقت أجراس الوداع والسفر إلى دار أخرى في عالم آخر، فإذا به جمعٌ من المُعزّين… غرفتها الدافئة لوّنتها إلى الأبيض كبياض قلبها الواقف عن النبض قبل أن يبتلعها الغياب، وكأنما تودّع ذلك المنزل وساكنيه… تركت بصمة طيبة بين أحبابها وأهلها… لقد غادرت الحياة بصحبة أختها ” هنادي ” صاحبة الخلق الحسن والقلب النقي…
ولا تزال “بنة” ترسم ملامح وجه أمها وخالتها وهما تفيقان من نومهما الأبدي… وتراودها بعض الأسئلة الحزينة: ” أين أمي؟ لماذا لم تعد هي وخالتي معنا إلى الدوحة؟ لم يمت أحد منهما! ” تترقب عودتهما في أي لحظة… أركان المنزل حزينة… نوافذها أسدلت عليها الستائر… هواء يدفع أبواب المنزل ونوافذه فلا تسمع سوى طرقات خفيفة تُعبّر عن الترَّح…خلجات وهمهمات ممزوجة بالدموع تُداهم قلب والدتهما والمُعزيّن… صوت عذب تغلغل وسط أحشاء الحزن مرتلاً آيات من الذكر الحكيم… مهدئاً ما بتلك الأحشاء من لوعة وفجع…
وإلى الآن “بنة” تجلس عند باب المنزل…. تنتظر عودتهما… فمن سيجبر ذلك الخاطر سواك ربي؟
ومضة حزن:
لقد جمعتنا أواصر القرابة والأخوة وذكريات الطفولة… وها نحن نودعهما على أمل أن نلتقي بهما في جنات الخلد إن شاء الله…
رحم الله فاطمة وهنادي يوسف المال وأسكنهما فسيح جناته… اللهم آمين..
مقال : فاطمة بلال