المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ياأيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ



امـ حمد
30-04-2014, 11:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ )
أغـرّك حلمه عليك،أم غـرك سمعـك
فهناك من هو أقوى منك سمعاً،
أما علمت أن البهائم التي سخرت لك تسمع ما لا تسمعه أنت،من عذاب القبر،أم غـرّك بصرك،
فهناك من الطيور من هو أحـدّ بصراً منك،
قال عليه الصلاة والسلام(إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله،فإنها رأت ملكاً،وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان،فإنه رأى شيطاناً)رواه البخاري،ومسلم،
وقال صلى الله عليه وسلم(إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير من الليل فتعوذوا بالله،فأنها ترى ما لا ترون)رواه الإمام أحمد وأبو داود،
فما الذي غـرّك،أغـرّتك قوتك، فهناك من الدوابّ ما هو أقوى منك وأسرع،
أغـرّك أنك ذو حسب ومال،فأنت هكذا ولدت من غير منك ولا قوة،
والمال مال الله،فليس لك حذق في جمّعه،ولا قوة في كسبه،
أم غـرّك أن الله أملى لك وأمهل،فظننت أن هذا لصلاح فيك،
قال ابن القيم في قول الله تعالى( فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ،وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )
قال ابن القيم رحمه الله،فهو قد اعترف بأن ربه هو الذي آتاه ذلك ولكن ظن أنه لكرامته عليه،فالآية تتضمن ذم من أضاف النعم إلى نفسه وعلمه وقوَّته،ولم يضفها إلى فضل الله وإحسانه،وذلك محض الكفر بها،فإن رأس الشكر الاعتراف بالنعمة وأنها من المنعم وحده
فإذا قال أوتيته على ما عندي من العلم والخبرة التي حصلت بها ذلك،فقد أضافها إلى نفسه وأعجب بها،كما أضافها إلى قدرته الذين قالوا(مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)فهؤلاء اغتروا بقوّتهم،وهذا اغتر بعلمه فما أغنى عن هؤلاء قوتهم،ولا عن هذا علمه،
ومن اعتقد أن أنعام الله عليه لكونه أهلاً ومستحقاً لها،فقد جعل سبب النعمة ما قام به من الصفات التي يستحق بها على الله أن ينعم عليه وأن تلك النعمة جزاء له على إحسانه وخيره ،
فقد جعل سببها ما اتصف به هو لا ما قام بربه من الجود والإحسان والفضل والمنة،
ولم يعلم أن ذلك ابتلاء واختبار له أيشكر أم يكفر،
ليس ذلك جزاء على ما هو منه،ولو كان ذلك جزاء على عمله أو خير قام به،فالله سبحانه هو المنعم عليه،
وليس للعبد من نفسه مثقال ذرة من الخير،وهو سبحانه وحده هو المنعم من جميع الوجوه على العبد ،
وإن حصلت بكسبه فكسبه من نعمه،فكل نعمة فمن الله وحده حتى الشكر،فإنه نعمة،وهي منه سبحانه،وشكرُه نعمةٌ منه عليه،
كما قال داود عليه السلام(يا رب كيف أشكرك،وشكري لك نعمه من نعمك عليّ تستوجب شكراً آخر،فقال،الآن شكرتني يا داود) ذكره الإمام أحمد
يا أيها الإنسان ما الذي بالله غـرّك،أغـرّك أنك فعلت وفعلت، وأنفقت وتصدّقت،قال جل جلاله( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ )
سمع ابن سيرين،رجلاً يقول لرجل،فعلت إليك،وفعلت،
فقال له،اسكت،فلا خير في المعروف إذا أُحصي،
أغـرك أن الله يراك على المعصية،بل وتُقيم عليها الدهور،وهو يحلم عليك،ويمهلك،بل ويقبلك إن رجعت،
أغـرّك أن ربك واسع المغفـرة فطمعت في رحمته وبحبوحة جنته دون عمل،
ما الذي بالله غـرّك وهل نسيت أصلك،
بزق النبي صلى الله عليه وسلم،في كفه ثم وضع أصبعه السبابة، وقال،قال الله(ابن آدم أنـّى تعجزني،وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد،فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي،قلت،أتصدق،وأنّى أوانُ الصدقة) رواه الإمام أحمد،وهو حديث صحيح،
ويوم القيامة يوبخ أقوام على طول آمالهم فيقال لهم(وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ )
قال القرطبي في تفسيرها،وغرتكم الأماني،أي الأباطيل،وقيل طول الأمل،
وقال ابن كثير،قال بعض السلف،أي فتنتم أنفسكم باللذّات والمعاصي والشهوات،
وتربصتم،أي أخّـرتم التوبة من وقت إلى وقت،
وغرتكم الأماني،أي قلتم سيُغفر لنا،
وقيل،غرتكم الدنيا حتى جاء أمر الله،أي مازلتم في هذا حتى جاءكم الموت،
وغركم بالله الغرور،أي الشيطان .
وقال قتادة،كانوا على خدعة من الشيطان،والله مازالوا عليها حتى قذفهم الله في النار،
فاحذري يا نفس من خدعة الشيطان،ومن التسويف،
احذري من سوف،ولعل،فهي لا تُثمر سوى الحسرات،

يا رب أنت تعلم ما غرّنا غير سعة حلمك وجودك وكرمك،
استر عوراتنا،وآمن روعاتنا،ولا تجعلنا من المغرورين الذين غرّتهم الحياة الدنيا وغرّهم بالله الغرور،
اللهم آمــــين.

الحسيمqtr
13-05-2014, 07:34 PM
جزاك الله خير

امـ حمد
14-05-2014, 03:23 AM
جزاك الله خير

تسلم اخوي

بارك الله في حسناتك

وجزاك ربي جنة الفردوس