المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيسجد القلب بين يدي ربه



امـ حمد
07-05-2014, 08:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الإمام العلامة ابن القيم،فنبأ القوم عجيب،فإنه يطلع من حالهم على ما يريه إياه القدر،أنهم قوم قد امتلأت قلوبهم من معرفة الله ،وغمرت بمحبته،وخشيته،وإجلاله،ومراقبته،فسرت المحبة في أجزائهم،فلم يبق فيها عرق ولا مفصل إلا وقد دخله الحب،قد أنساهم حبه ذكر غيره،وأوحشهم أنسهم به ممن سواه،قد فنا بحبه عن حب من سواه،وبذكره عن ذكر من سواه،وبخوفه، ورجائه،والرغبة إليه،والرهبة منه،والتوكل عليه،والإنابة إليه، والسكون إليه،والتذلل،والانكسار بين يديه،عن التعلق بغيره،
فإذا وضع أحدهم جنبه على مضجعه،صعدت أنفاسه إلى إلهه ومولاه،واجتمع همه عليه متذكراً صفاته العلى وأسماءه الحسنى
قد تجلت على قلبه أنوارها،فانصبغ قلبه بمعرفته ومحبته،فبات جسمه في فراشه يتجافى عن مضجعه،وقلبه قد أوى إلى مولاه وحبيبه،فآواه إليه وأسجده بين يديه خاضعاً خاشعاً ذليلاً منكسراً من كل جهة من جهاته،فيا لها سجدة ما أشرفها من سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء،
وقيل لبعض العارفين،أيسجد القلب بين يدي ربه،
قال،أي والله بسجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم القيامة،فشتان بين قلب يبيت عند ربه،فشاهد عز سلطانه،وعظمة جلاله،وعلو شأنه،وبهاء كماله،وهو مستو على عرشه،يدبر أمر عباده،وتصعد إليه شؤون العباد،وتعرض عليه حوائجهم وأعمالهم،فيأمر فيها بما يشاء،فينزل الأمر من عنده نافذاً،
فيشاهد الملك الحق قيومًا بنفسه،مقيماً لكل ما سواه،غنياً عن كل من سواه،وكل من سواه فقير إليه،يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن،يغفر ذنباً،ويفرج كرباً،ويفك عانيًا ، وينصر ضعيفاً،ويجبر كسيراً،ويغني فقيراً،ويميت ويحيي ، ويسعد ويشقي،ويضل ويهدي،وينعم على قوم،ويسلب نعمته عن آخرين ،ويعز أقواماً،ويذل آخرين،ويرفع أقواماً،
ويشهده كما أخبر عنه أعلم الخلق به وأصدقهم في خبره،عن أبي هريرة رضي الله عنه، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وبيده الأخرى القسط يخفض ويرفع)فأخبر أن يده اليمنى فيها الإحسان إلى الخلق ويده الأخرى فيها العدل والميزان الذي به يخفض ويرفع فخفضه ورفعه من عدله وإحسانه إلى خلقه من فضله،ثم قال أيضاً،والله تعالى لا يظلم أحدا مثقال ذرة بل هو الحكم العدل القائم بالقسط كما قال تعالى(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
فيشهده وحده القيوم بأمر السموات والأرض ومن فيهن ، ليس له بواب فيستأذن،ولا وزير فيؤتى ، ولا ظهير فيستعان به ، ولا ولي من دونه فيشفع به إليه ، ولا نائب عنه فيعرفه حوائج عباده ، ولا معين له فيعاونه على قضائها،أحاط سبحانه،بها علماً،ووسعها قدرة ورحمة ، فلا تزيده كثرة الحاجات إلا جوداً وكرماً،ولا يشغله منها شأن عن شأن ، ولا تغلطه كثرة المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين ، لو اجتمع أول خلقه وآخرهم ، وإنسهم وجنهم ، وقاموا في صعيد واحد ، ثم سألوه فأعطى كلاً منهم مسألته ما نقص ذلك مما عنده ذرة واحدة،
إلا كما ينقص المخيط البحر إذا غمس فيه ، ولو أن أولهم وآخرهم ، وإنسهم وجنهم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئاً،
ذلك بأنه الغني الجواد الماجد،إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون،
فثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه،
وأولى معاني القسط في هذا الحديث هو الميزان،لما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة،وبيده الميزان يخفض ويرفع،فبعداً وتباً للجاحدين والظالمين( أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
قال الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله تعالى في الفوائد،
تأمّل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله, وله الحمد كله ،أزمّة الامور كلها بيده, ومصدرها منه, ومردّها اليه,
مستويا على سرير ملكه, لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته,
عالماً بما في نفوس عبيده, مطّلعا على أسرارهم وعلانيتهم,
منفردا بتدبير ملكة, يسمع ويرى, يمنع ويعطي,ويثيب ويعاقب, ويكرم ويهين, يخلق ويرزق,
ويميت ويحيي, ويقدر ويقضي ويدبّر،الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها, وصاعدة إليه،
لا تتحرّك ذرّة إلا باذنه, ولا تسقط ورقة إلا بعلمه،فتأمّل كيف تجده يثني على نفسه,ويمجّد نفسه, ويحمد نفسه,
وينصح عباده, ويدلّهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم,ويرغّبهم فيه, ويحذّرهم مما فيه هلاكهم, ويتعرّف إليهم بأسمائه وصفاته, ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه,فيذكّرهم بنعمه عليهم, ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها,ويحذّرهم من نقمه ،ويذكّرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه,وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه,ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه,وكيف كانت عاقبة هؤلاء,ويثني على أوليائه بصالح أعمالهم, وأحسن أوصافهم,ويذم أعدائه بسيّء أعمالهم, وقبيح صفاتهم،ويضرب الأمثال, وينوّع الأدلّة والبراهين,ويصدق الصادق, ويكذب الكاذب,ويقول الحق, ويهدي السبيل,ويدعو الى دار السلام, ويذكر أوصافها وصفاتها وحسنها ونعيمها,ويحذّر من دار البوار, ويذكر عذابها وقبحها وآلامها,
ويذّكر عباده فقرهم إليه وشدّة حاجتهم إليه من كل وجه,وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين,وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه,وكل ما سواه فقير إليه بنفسه,وأنه لا ينال أحد ذرّة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته,
ولا ذرّة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته،وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم ومقيم أعذارهم,
ومصلح فاسدهم والدافع عنهم,والمحامي عنهم, والناصر لهم, والكفيل بمصالحهم,والمنجي لهم من كل كرب, والموفي لهم بوعده,وأنه وليّهم الذي لا ولي لهم سواه،فهو مولاهم الحق, ونصيرهم على عدوهم,فنعم المولى ونعم النصير،
فاذا شهدت القلوب من القرآن ملكاً عظيماً رحيماً،جواداً جميلاً هذا شأنه فكيف لا تحبّه,
ونتنافس بالقرب منه,والتودد اليه,ويكون أحب الينا من كل ما سواه,ورضاه آثر عندنا من رضا كل ما سواه،
وكيف لا تلهج بذكره,ويصير الحب والشوق إليه والأنس به،
اللهم اجعل السنتنا تلهج دائماً بذكرك وشكرك وكفنا شر الأشرار وكيد الفجار،واجعلنا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات،ونجنا من خزي يوم الدين،وارزقنا شفاعة خير المرسلين،
اللهم امين.

الصغيره
08-05-2014, 12:47 AM
مشرفتنا القديره ام حمد

الله يبارك فيك ويجزيك خير ويجعله بميزان اعمالك الصالحه

اللهم اااامين

امـ حمد
08-05-2014, 02:47 AM
مشرفتنا القديره ام حمد

الله يبارك فيك ويجزيك خير ويجعله بميزان اعمالك الصالحه

اللهم اااامين


بارك الله في حسناتج ياعمري
ويزااج ربي جنة الفردوس يالغلا
مشكوره حبيبتي