المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نحول النوم من عادة إلى عبادة



امـ حمد
07-06-2014, 02:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف نحول النوم من عادة إلى عبادة
إن النائم يمر خلال نومه بأربعة مراحل،
المرحلة الأولى،تكون ما بين النوم واليقظة،
المرحلة الثانية،يقل فيها مستوى الوعي للأحداث الخارجية وتدريجياً يصعب إيقاظ النائم،
أما المرحلة الثالثة،فهي مرحلة النوم العميق،وفيها يتم إصلاح وبناء الخلايا وعمليات النمو،
ثم تأتي مرحلة العين السريعة،وهي شلل كامل لعضلات الجسم بالرغم من أن موجات الدماغ نشطة جداً كالإنسان المتيقظ، بل إن استهلاك الدماغ للأكسجين يكون أكبر من حالة الاستيقاظ،يصاحب ذلك عدم انتظام التنفس وارتفاع دقات القلب والضغط،ومعظم الأحلام تتم في هذه المرحلة،وتتكرر عدة مرات أثناء الفترة الإجمالية للنوم،
إن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي تتفاوت من شخص إلى آخر، فإن كنت تنام خمس ساعات وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك غالباً ما لا تعاني من مشاكل في النوم،
ولكن الدراسات الإحصائية تبين أن متوسط عدد الساعات التي يحتاجها أغلب الناس هي من سبع إلى ثماني ساعات في اليوم،يقل في الحد الأدنى إلى خمسة ساعات ويرتفع في الحد الأقصى إلي
عشرة ساعات، ويحتاج الأطفال المراهقون إلى ساعات أطول تصل إلى عشرة ساعات من النوم في المتوسط،
ففي القرآن الكريم،يقول الله تعالى(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ)
وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم،عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما،ولفظه كما في البخاري(أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً، ويفطر يوماً)
ومن الحديث يتبين أن داود عليه السلام كان ينام النصف الأول من الليل،ثم يقوم من النصف الثاني قدر الثلث،ثم ينام بقية الليل إلى طلوع الفجر،وهو السدس الأخير،
وهكذا كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم،فإنه كان ينام إلى نصف الليل تقريباً أو بعده، ثم يقوم من الليل، فإذا كان وقت السحر نام حتى يطلع الفجر، كما في صحيح مسلم،
وقد أكد العلماء،أن فترات القيلولة القصيرة في منتصف النهار لمدة ثلاثين دقيقة تلغي أثر التعب وتعيد الاستقرار والحيوية والنشاط للذهن،وتكسب الجسم راحة وتخفف من مستوى هرمونات التوتر المرتفعة في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني المبذول أثناء النهار،
وكان السلف رضي الله عنهم،يحرصون عليها حتى إن عُمر عندما بلغه أن عاملاً له لا يقيل، كتب له قائلاً(قل فإن الشياطين لا تقيل)
وفيما يخص السهر ليلاً ومحاولة تعويض النوم نهاراً، كذلك له تبعاته السلبية، وإن أخذ الإنسان كفايته من النوم أثناء النهار،حيث إن نوم الليل ليس كنوم النهار،فالله جعل الليل لباساً وسكناً(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا)
ووضع في الإنسان ساعة بيولوجية تعينه على أن يتماشى ويسبح مع الكون من حوله، فإن فعل وافق سنن الله في الكون وفي خلقه فأصبح نشيطاً صحيحاً، وإن خالفها وسبح عكسها أصابه الوهن والضعف وأصبح عليلاً،
ولكن ليس عدد ساعات النوم في الليل هو المهم وحده،وإنما الوقت الذي نستيقظ فيه لا يقل أهمية،فإن استيقظت في مرحلة النوم العميق ستشعر بالكسل والنكد والاختلاط الذهني وعدم التركيز أحياناً،لأن أحد وظائف مرحلة النوم العميق هي مسح كثير من السلبيات العالقة في الذهن من اليوم السابق،
إن تحقيق نوم هادئ صحيح هو،نتيجة عوامل عديدة من انتظام مواعيد النوم والاستيقاظ والعمل،بانتظام في النهار والابتعاد عن منبهات قبل النوم بخمس ساعات أو يزيد،وتجنب الوجبات الغذائية الثقيلة قبل النوم بساعات،
إننا نقضي ثلث عمرنا في النوم، فكيف نستطيع أن نحول هذه العادة إلى عبادة،
نحولها إلى عبادة بالنية وباتباع السنن النبوية،بنية أن ننام لنعيد بناء أنفسنا لنقوى بها على عبادة ربنا بعمارة أرضه،
وباتباع السنن النبوية التي منها الوضوء قبل النوم، والاضطجاع على الشق الأيمن،عن البراء بن عازب،قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن)أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ،
وقد أثبت علم الطب الحديث فوائد النوم على الشق الأيمن، فبه نحمي القلب من ضغط الكبد والرئة اليمنى عليه، والكبد يصبح مستقراً لا معلقاً،كما هو الحال في النوم على الشق الأيسر، والمعدة جاثمة على الكبد بكل راحتها، وذلك أسهل لإفراغ ما بداخلها من طعام بعد هضمه،
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه،فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن وليقل سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)رواه مسلم،
وعند الاستيقاظ نقول(الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور)صحيح مسلم،
فلنعمل على تحويل عادة النوم القهرية إلى عبادة طوعية بالنية وباتباع السنن النبوية، فتستمر الحسنات تكتب ونحن نائمون برعاية ربنا في سلام وسكينة نومة هنية.