المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حثو في وجوههم التراب



امـ حمد
13-06-2014, 01:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سُنه تغافل عنها كثير من الناس،سنه حثو التراب فى وجوه المداحين،وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا رأيتم
المداحين ‏فاحثوا ‏ في وجوههم التراب)صحيح،أخرجه مسلم،
وروى الإمام مسلم من طريق همام بن الحارث،أن رجلا جعل يمدح عثمان رضي الله عنه،فعمد المقداد فجثا على ركبتيه،فجعل يحثو في وجهه الحصباء،فقال له عثمان،ما شأنك،فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال،إذا رأيتم المدَّاحين فاحثُوا في وجوههم التراب،
والمدح المنهي عنه،هو ما كان فيه مبالغة أو ما خشي على صاحبه العجب،
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال،أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم،فقال(ويلك قطعت عنق صاحبك،قطعت عنق صاحبك مراراً،ثم قال،من كان منكم مادحاً أخاه لا محالة فليقل،أحسب فلاناً والله حسيبه،ولا أزكي على الله أحداً،أحسبه كذا وكذا،إن كان يعلم ذلك منه)رواه البخاري ومسلم،وأخرجه أحمد، وأبو داود،وابن ماجه،
وقال عمر،وأما من مدح بما فيه فلا يدخل في النهي فقد مدح صلى الله عليه وسلم، في الشعر والخطب والمخاطبة ولم يحث في وجه مادحه تُراباً،نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري ،
فالمنهي عنه المبالغة والكذب في المدح،وليس كل مادِح يُحثَى في وجهه التراب،إنما يُحثى في وجوه المدّاحين،ومن يَكثر ذلك منه،
قال العلماء،وطريق الجمع بينهما أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف،أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح ،
وأما من لا يخاف عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة،كنشطه للخير والازدياد منه أو الدوام عليه أو الاقتداء به كان مستحباً،
التزكية مذمومة في الأصل،ولا يزكي الإنسان نفسه،لأن بعض الناس يحبط بالمدح إذا أكثر عليه،وبعض الناس إذا قبَّل رأسه ظن أنه بلغ منـزلة الولاية ووصل المطلوب،
أولاً،من المقصود بـ(المداحين)في تفسير سنن أبي داود،المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح ويفتنونه ، فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن والأمر المحمود يكون منه ترغيباً له في أمثاله وتحريضاً للناس على الاقتداء به في اشباهه فليس بمداح ،وإن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جميل القول فيه ،
وفي شرح صحيح البخاري،ومن تأول العلماء في قوله(احثوا التراب في وجوه المداحين) أن المراد بهم،المداحون الناس في وجوههم بالباطل وبما ليس فيهم ولم يرد بهم من مدح رجلاً بما فيه, فقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الأشعار والخطب والمخاطبة ولم يحث في وجوه المداحين التراب ولا أمر بذلك،وقد قال أبو طالب فيه،
ويقول المناوي،رحمه الله(احثوا التراب في وجوه المداحين)معناه،أنه يحثا إلى جهة وجهه،
عبر بصيغة المبالغة إشارة إلى أن الكلام فيمن تكرر منه المدح حتى اتخذه صناعة وبضاعة يتأكل بها الناس وجازف في الأوصاف وأكثر الكذب،
ثانياً،ماهو المدح المنهي عنه،قد جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين،أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف أو على من يخاف عليه فتنة من اعجاب ونحوه إذا سمع المدح،وأما من لا يخاف عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته فلا نهي في مدح في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة بل ان كان يحصل بذلك مصلحة كنشر الخبر أو الازدياد منه أو الدوام عليه أو الاقتداء به كان مستحباً،
وفي شرح صحيح البخارى،في شرح حديث( فوالله لا يخزيك الله أبداً،إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)بهذه الكلمات العظيمة تثبت أم المؤمنين خديجة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم،لما حدثها بشأن الملك الذي نزل عليه بغار حراء،قال،
وفيه جواز تزكية الرجل فى وجهه بما فيه الخير،وليس بمعارض لقوله،صلى الله عليه وسلم،احثوا التراب فى وجوه المداحين،وإنما أراد بذلك إذا مدحوه بالباطل،وبما ليس فى الممدوح،
ولذلك قال عمر بن الخطاب،لم يرد به من مدح رجلاً بما فيه ، فقد مدح رسول الله عليه السلام فى الشعر والخطب والمخاطبة ، ولم يحث فى وجه المداحين ولا أمر بذلك،
ويقول الشيخ عبد المحسن العباد،في شرح سنن أبي داود،
والمقصود بذلك،المدح الذي يكون بغير حق،أو يحصل به تضرر الممدوح، وذلك بكونه يؤثر ذلك فيه فيزهو ويتكبر ويترفع،
وأما المدح بالحق من أجل أن يتبع الإنسان، ومن أجل أن يوافق الإنسان على ما هو عليه من الخير، وعلى ما فيه من الأعمال الطيبة، فإن هذا لا بأس به بشرط ألا يحصل هناك ضرر على الإنسان، فيذكر الإنسان بخير من أجل الاقتداء به، ومن أجل الترغيب وتحفيز الناس ليكونوا مثله ويتابعوه،
ولهذا لما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة جاء رجل بصّرة كبيرة، فقال صلى الله عليه وسلم(من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها)وهذا مدح لهذا الشخص الذي سبق إلى الخير، واقتدى به الناس وتابعوه، فإذا كان المدح لا يحصل من ورائه مضرة، وإنما المقصود منه الفائدة والمصلحة، وأن يقتدى به ويؤتسى به، ويذكر ويثنى عليه، ويمدح بما هو فيه من أجل أن يتابع، فإن هذا أمر مطلوب ولا بأس به،وفي ذلك تحفيز للهّمم إلى أن يكون المخاطبون مثل ذلك الذي مدح وأثني عليه،
وأما إذا كان لأمور دنيوية، أو لطلب حظوظ دنيوية، أو كان بغير حق، فإن هذا غير محمود بل هو مذمومن
وأورد أبو داود رحمه الله(أن رجلاً مدح عثمان رضي الله تعالى عنه،وكان المقداد حاضراً، فأخذ تراباً وحثاه عليه، وقال،إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال(إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب والمقداد رضي الله عنه،فهم الحديث على ظاهره، ومن أهل العلم من قال،إن المقصود من ذلك أن المادح من أجل الدنيا أو من أجل حظوظ دنيوية لا يحصل إلا الخيبة، وأنه لا يعطى شيئاً إذا مدح من أجل الدنيا، لأنه لا يستحق،
ثالثاً،ما المقصود بقوله(فاحثوا في وجوههم التراب )في تفسير سنن أبي داود،ليس المقصود من ذلك أنه يحثوه على وجهه بحيث يدخل في عينيه،وإنما في جهته واتجاهه،
وقد يتأول أيضاً على وجه آخر وهو أن يكون معناه الخيبة والحرمان أي من تعرض لكم بالثناء والمدح فلا تعطوه واحرموه،
والخيبة والحرمان كقولهم لمن رجع خائباً رجع وكفه مملوءة تراباً،وذلك يتعلق بالممدوح كأن يأخذ تراباً فيبذره بين يديه يتذكر بذلك مصيره إليه فلا يطغى بالمدح الذي سمعه،
المراد بحثو التراب في وجه المادح إعطاؤه ما طلب لأن كل الذي فوق التراب تراب،والدافع قد يدفع خصمه بحثي التراب على وجهه استهانة به،
وأما ما ورد في سنن أبو داود،أنه صلى الله عليه وسلم،أخذ تراباً من الأرض فرمى به في وجه شارب الخمر،كما في حديث عبد الرحمن بن أزهر، فهذا لا يلزم أنه أصاب به وجهه،
أحذر ممن مدحك بما ليس فيك،تراه قد ينقلب عليك فى يوم وليله
وعليكم بالنصيحة للمداحّين كثيري المدح المفرط،
اللهم زدني قرباً إليك،واجعلني من الصابرين،الشاكرين،
اللهم اجعلني في عيني صغيرة، وفي أعين الناس كبيرة،واغفر ذنبي وطهر قلبي.

الحسيمqtr
06-09-2014, 11:49 AM
جزاكِ الله خير

امـ حمد
06-09-2014, 07:08 PM
جزاكِ الله خير
بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس