المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قطر: المستهلكون مكبلون بالقروض.. ودعوات لكسر الاحتكار كبحا لارتفاع الأسعار



ناسدك
21-08-2006, 07:37 AM
تكاليف المعيشة تلتهم رواتب المواطنين والمقيمين ومداخيلهم
قطر: المستهلكون مكبلون بالقروض.. ودعوات لكسر الاحتكار كبحا لارتفاع الأسعار

السوق القطري يعاني الاحتكار ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار


21/08/2006 الدوحة - القبس:
يبدي المواطنون والمقيمون في قطر تبرما متزايدا من الاسعار المتصاعدة في الاسواق المحلية، في حين ترغم تكاليف المعيشة الباهظة العديد من المقيمين الى مغادرة البلاد وتجبر شريحة اخرى كبيرة منهم الى اعادة اسرهم الى بلدانهم بعد ان اصبحوا عاجزين عن الوفاء بمتطلبات معيشتهم وهم يرزحون تحت وطأة ارتفاع بوتيرة متسارعة للاسعار لم يألفوها في اي وقت مضى.
ويعتقد بعض المواطنين والمقيمين ان مستويات الاسعار لم تعد تتناسب مع الاجور والدخول التي يتقاضونها، لافتين الى ان معظم السلع والخدمات ارتفعت اسعارها بشكل كبير غيرمبرر مقارنة مع الدول المجاورة مثل السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت، مطالبين في الوقت ذاته بايجاد تسعيرة محددة للسلع والخدمات بدلا من ان يبقى التجار يبيعون على هواهم دون رقابة او قيود.
ويعمل في قطر وفقا لاحصاءات حديثة نحو 250 الف عامل في القطاعين الحكومي والخاص، في حين يتجاوز عدد سكان البلاد نحو 750 الف نسمة يشكل الوافدون الغالبية العظمى منهم.
وتتجاوز نسبة التضخم في قطر حاليا ال 12 في المائة، بينما يشير اقتصاديون الى ان معظم اسبابه ترتبط بما يمكن تسميته بالتضخم المستورد الناتج عن ارتفاع تكاليف المعيشة الذي يعود الى ارتفاع اسعار السلع والمنتجات المستوردة، وضعف الدولار امام عملات رئيسية مثل اليورو والين، ما يشكل ضعوطا تضخمية مع ارتفاع اسعار الواردات وسعر صرف الريال القطري الذي يرتبط بعلاقة ثابتة مع الدولار وهو العملة التي تقوم بها معظم الصادرات القطرية الرئيسية، اضافة الى ان بعض الواردات القادمة من الاتحاد الاوربي مقومة باليورو، ما يجعلها اكثر غلاء خلال فترات ضعف الدولار.
التسوق من الدول المجاورة
ووفقا لاحصائيات مصرف قطر المركزي، فان الرقم القياسي لاسعار المستهلك للايجارات والوقود والطاقة قد ارتفع بنسبة 196.8 في المائة مع نهاية العام الفائت.
يقول خالد حميد وهو مواطن قطري: الاسعار في قطر ارتفعت بشكل مبالغ فيه، ما يضطرنا الى الذهاب الى اسواق الدول المجاورة من اجل التسوق وقضاء حوائجنا من خلال التبضع هناك وخصوصا ما يتعلق بالمواد الغذائية.
عبد الفتاح ابراهيم مقيم مصري يعتقد ان مستويات الاسعار وتكاليف المعيشة في قطر لم تعد كما كانت سائدة في السابق، بعد ان ارتفعت كثيرا الى حد لا يطاق، موضحا ان الارتفاع يشمل كل شيء من السلع والخدمات، ولا يقتصر على المواد الغذائية، وقال ان هذا الوضع دفع العديد من المقيمين الذين يعيشون بالحد الادنى من الانفاق في ظل دخول ورواتب لا تكفي احيانا حتى منتصف الشهر.
اما ابو بكر محمد وهو مقيم سوداني فيقول انه علاوة على ارتفاع الاسعار، فان المنتجات والسلع المعروضة في الاسواق المحلية القطرية تفتقر الى الجودة والنوعية المميزة.
ويقول مواطن طلب اغفال اسمه ان اسعار السلع والبضائع طارت في قطر، كما ان جودتها ليست بذلك المستوى، ما خلق اكثر من سبب امام العديد من المواطنين ودفعهم بالتالي الى السفر الى الخارج من اجل التسوق وشراء سلع جيدة بدلا من السلع الرائجة في السوق القطري والقادم معظمها من جنوب شرق آسيا.
ارتفاعات كبيرة للأسعار
ويشير كثير من المواطنين والمقيمين الى ان الاسعار زادت بنسب كبيرة عن الاعوام السابقة فعلى سبيل المثال زاد كيلو اللحم الاسترالي من 10 ريالات الى 23 ريالا ، كما ارتفعت اسعار تذاكر الطيران بمقدار 300 ريال عن الاسعار السابقة، عدا عن الرسوم الدراسية للطالب الواحد التي ارتفعت من 2200 ريال الى 4500.
إقبال على الاقتراض
وحسب ارقام رسمية حديثة، فان حجم التسهيلات الائتمانية والقروض الشخصية للافراد في قطر تضاعفت خلال العامين الاخيرين الى 26.5 مليار ريال (7.28 مليارات دولار) مقارنة مع 13 مليار ريال (3.75 مليارات دولار) اوائل عام .2004
وتمثل هذه القروض النسبة الاكبر من اجمالي التسهيلات الائتمانية البالغة حوالي 71 مليار ريال (19.5 مليار دولار).
ويعتقد المصرفيون ان اقبال المواطنين والمقيمين في قطر على الاقتراض خلال السنوات القليلة الفائتة انما ناجم عن السعي لمقابلة متطلبات الاسرة المتعددة ومواجهة الاسعار المتصاعدة في السلع والخدمات، موضحين ان ما يمر به العمال والموظفون من مشاكل يدفعهم الى الاقتراض بشكل مستمر من البنوك للوفاء بأقساط السكن وايجار المحلات ودفع الرسوم الدراسية لابنائهم وامتلاك سيارات تساعدهم في تنقلاتهم من المدارس الى البيوت واماكن العمل.
وقال مصرفي ان الكثير من الاسر القطرية والمقيمة اصبحت مكبلة بالقروض البنكية بنسبة 100 في المائة.
يقول خبير اقتصادي ان قطر تمر بما يمكن تسميته بفترة انتقالية او مؤقتة سيتحقق بعدها الرخاء المنشود.
واوضح ان اللجوء الى الاقتراض من البنوك القطرية لمواجهة متطلبات الاسرة ليس حلا دائما، وانما مؤقت سيدفع العامل والموظف ثمنه مستقبلا وسيكتشف انه وقع في مشاكل لا حلول لها، لأن معظم الموظفين يأخذون هذه القروض لدفع متطلبات تواجههم في الوقت الراهن بدلا من استثمارها في مشروعات تدر عليهم دخلا يساعدهم على تحمل اعباء المعيشة ومواجهة مشاكل الحياة المتجددة باستقلال مالي كامل في مستقبل حياتهم.
العبء الأثقل
وتتبرم الغالبية الساحقة من المواطنين والمقيمين في قطر من الارتفاعات الهائلة في اسعار العقارات، وقالوا انها اصبحت فوق طاقة الجميع ولاتتناسب مطلقا مع ما يتقاضاه العاملون من بدل السكن الذي تدفعه لهم الشركات التي يعملون فيها.
وتتفاقم وطأة ازمة ارتفاع اسعار العقارات في قطر اكثر فاكثر كلما اقترب موعد دورة الالعاب الآسيوية التي من المنتظر ان تنطلق فعالياتها مطلع ديسمبر المقبل، حيث ستستضيف الدوحة نحو 20 الف لاعب من مختلف الدول الآسيوية.
الدكتور ناصر آل شافي الخبير الاقتصادي القطري يؤكد ان معالجة ظاهرة ارتفاع الاسعار في قطر تتطلب كسر الاحتكار وتأسيس مزيد من الشركات وقيام القطاع الخاص بدوره كاملا في انشاء العديد من الشركات والمؤسسات في مختلف القطاعات الاقتصادية.
ودعا آل شافي الى تبني الدولة تأسيس شركة لاستيراد المواد الغذائية وفتح المجال امام القطاع الخاص والشركات الخليجية للاسهام في توفير السلع والخدمات، موضحا ان ما يتردد عن احتمالات زيادة الرواتب والاجور لن يحل مشكلة التضخم وانما سيزيد من تفاقم المشكلة، لأن زيادة الاجور تؤدي لا محالة الى زيادة اسعار السلع والخدمات، فكلما زادت هذه تزداد تلك، وقال انه لا مانع من زيادة رواتب اصحاب الدخل المحدود ولكن الحل الجذري يكمن في توسيع مجالات الاستثمار التى تتصف بالضعف الشديد في مجال السلع والخدمات.
وقال آل شافي ان الارتفاع الكبير في الاسعار لا يتماشى مع التطور الاقتصادي المزدهر الذي تشهده قطر، وان الاستثمارات التي رصدتها الدولة محصورة في مجالات محددة، مشيرالى ان التضخم تتسبب فيه عوامل اخرى مثل زيادة السيولة وارتفاع اسعار الاسهم.
طفرة عمودية
وأوضح آل شافي ان الحكومة القطرية حاولت معالجة بعض الازمات خاصة في مجال العقارات وحددت نسبة ارتفاع الايجارات ب 10 في المائة سنويا، ولكن الامر يكمن في التطبيق والمتابعة من الجهات المختصة للتعامل مع هذا القرار، وقال اننا ما زلنا نعيش مرحلة عدم الاكتفاء الذاتي بالنسبة لجميع المواد المستهلكة، فبالامس كانت هناك ازمة اسمنت ومواد بناء، وما زلنا نعيش حتى الآن مشكلة ارتفاع اسعار المواد الغذائية التي تحدث بشكل لا توجد فيه مراقبة ولا محاسبة على الرغم من وجود ادارة لحماية المستهلك.
ويعتقد آل شافي ان قطر تفتقد مناخ المنافسة الحقيقي، لأنها تقوم بدور القطاع الخاص وتؤسس شركات ينبغي ان يقوم بتأسيسها القطاع الخاص.
وأكد ان معالجة مشكلة ارتفاع الاسعار تتطلب التغلب على الاحتكار وفتح السوق وتوفير التسهيلات للقطاع الخاص ومراقبة مستويات الاسعار، ما يمكن ان يساهم في حل مشكلة التضخم في نهاية المطاف.
ويقول رجل الاعمال القطري عبد الهادي الشهواني ان السوق القطري يعد سوقا صغيرا وان الطفرة التي حدثت في البلاد جاءت عمودية وليست افقية وكانت تسير بمعدلات سريعة جدا خاصة انه لا توجد بنية تحتية للقطاع الخاص، فالتجار في قطر هم تجار صغار بحجم السوق القطري، لذلك اصبحت قطر تشكل امتدادا للسوقين الاماراتي والسعودي، لانه لا توجد في قطر مخازن كبيرة لتخزين السلع ولا معارض ضخمة للتجار القطريين.


ضعف الاستثمار في السلع والخدمات وراء ارتفاع الاسعار أيضا
يقول مصرفيون قطريون ان ارتفاع اسعار السلع والخدمات ناجم عن سرعة النمو التي يشهدها الاقتصاد القطري، ما ادى الى ضغط كبير في الطلب على السلع والخدمات، وخصوصا ان ما تنفذه الدولة والشركات والمقاولون من استثمارات ضخمة واقامة بنيات تحتية وتشييد العديد من المشروعات في مختلف المجالات يسهم في ارتفاع اسعار السلع والخدمات، يضاف الى ذلك ان ارتفاع سعر صرف اليورو يشكل احد اسباب ارتفاع السلع والخدمات في الاسواق القطرية، حيث ان اغلب السلع تستورد من الخارج، فضلا عن ان ارتفاع اسعار الايجارات التجارية والسكنية يدفع اصحاب المؤسسات التجارية الى تحميل الزيادات الكبيرة في هذه الايجارات على قيمة السلع وبالتالي على المستهلك من اجل احداث التوازن المطلوب، ما يزيد من اسعار السلع، لذلك ما زالت قطر بحاجة الى مزيد من الاستثمارات في مجال السلع والخدمات وبطريقة مضطردة لتحقيق التوازن الذي يؤدي الى خفض اسعار السلع والبضائع وتحقيق الوفرة في معروضها.
وينفي المصرفيون ان يكون ارتفاع حجم القروض الشخصية التي تقدمها البنوك للافراد في قطر ناتجا عن ارتفاع اسعار السلع والخدمات فقط، موضحين ان هناك اسبابا اخرى تتصل بتزايد اعداد السكان في قطر، وخصوصا من العاملين المقيمين في ظل الانفتاح الاقتصادي وتسهيل اجراءات الاستقدام، اضافة الى قيام البعض باللجوء الى الاقتراض من اجل شراء المنازل بدلا من استئجارها ولدفع اقساط تتعلق بالسيارات تحديدا، كما ان البعض يلجأ الى الاقتراض بدلا من تسييل استثماراته، لذلك فالمقارنة بين قطر والدول المجاورة في اسعار السلع خطأ فادح والنمو الاقتصادى وسرعته يختلف من بلد الى اخر والاقتصاد القطري اليوم يمر بمرحلة تحولات كبيرة تزيد من معدلات الطلب على السلع والخدمات وهو ما يؤدي الى ارتفاع الاسعار، فليس صحيحا ان الاسعار في قطر هي الاغلى كما يقول مصرفي قطري فضل عدم ذكر اسمه، موضحا ان دبي اليوم تعد، في اخر احصاءات، من اغلى مدن العالم ارتفاعا في اسعار السلع والخدمات.