المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "الــكــدّاد"...رجـــل من اثنين!



عابر سبيل
23-06-2014, 11:49 AM
كدد ( لسان العرب):
الكَدُّ: الشدّة في العَمَلِ وطَلبُ الرزقِ والإِلحاحُ في مُحَاوَلةِ الشيءِ والإِشارةُ بالإِصْبَعِ؛

وأَنشد الكميت:
غَنِيتُ فلم أَرْدُدْكُمُ عِنَد بُغْيَةٍ،
وحُجْتُ فلم أَكْدُدْكُمُ بالأَصابعِ
*
*
،،
"
إن الإنسان كثيرة رغباته، لكن حاجاته قليلة، و العمر قصير المدى، و حياة ابن الفناء محدودة
"

هكذا، يبدأ النشيد الخامس..من الرواية "الرقراقة"..هيرمن و دروتيه..
للشاعر الالماني "جوته"!

فبعد ان اطللنا على انشودته التي يتغنى بها بالمرأة..
و التي عرجنا بها قبل ايام..عبر الموضوعالمعنون بـ:
"
لن يستطيع عشرون رجلا أن ينهضوا بهذا العبء ..!!؟؟
http://www.qatarshares.com/vb/showthread.php?586964-لن-يستطيع-عشرون-رجلا-أن-ينهضوا-بهذا-العبء-!!؟؟
"

لنبحر سويا..
يا من يحب الابحار و الغوص عن "الدرر"..
في عالم الرجال..و كيف يصوره لنا هذا الالماني العبقري..
بكلماته..شبه الإعجازية
*
*
،،
يتبع

عابر سبيل
23-06-2014, 11:56 AM
2/2

"
من ص(106) من النشيد الخامس:

"
إن الإنسان كثيرة رغباته، لكن حاجاته قليلة،
و العمر قصير المدى، و حياة ابن الفناء محدودة،

و لست بلائم يوما ذلك الرجل، الذي أراه أبدا مندفعا قـَـلـِـقا، يحوم و يجول، و يركب البحار،
و يجوب سائر الأقطار، في هياج دائم و حماس، ثم يفرح و يطرب إذ يرى المال يتراكم حوله و حول ذوي قرباه.

و لكني أرى واجبا عليَّ أيضا أن أقدر كل التقدير ذلك الرجل من أهل المدينة، الذي تلقاه هادئا ساكنا، يتفقد باهتمام الإرث الذي آل إليه عن أبيه،
و يـُـعنى بالأرض و بزراعتها في كل موسم، ليس بالرجل الذي يبدل أرضه و دياره كل عام، فهو يعلم أن الشجرة التي غرست حديثا لن تسرع فترسل نحو السماء فروعا مجللة بالزهر،
و أنّ لا بد له من الصبر و الأناة، و كذلك لا بد له من فكر طاهر هادئ رزين، و من فهم للأمور على حقيقتها،
فهو لا يلقي في الأرض الخصبة إلا القليل من البذور، و لا يقتني من الماشية إلا القليل، الذي يستطيع رعايته و العناية بنتاجه.

فهو يقصر همه على ما يستطيع أن ينهض به.


و سعيد لعمري ذلك الرجل الذي منحته الطبيعة هذه الدقة من الخلق، فإن مثله هو الذي يغذينا جميعا،

و لنعم ساكن المدينة الصغيرة، إذ يجمع بين حرفة أهل المدن و حرفة أهل الريف!
فمثله لا يحس ذلك العبء الذي ينوء بكاهل الفلاح، و لا تزعجه الهموم التي تنغص عيش سكان المدينة، الكثيري المطامع،
الذين يريدون أبدا- و على الأخص نساؤهم و بناتهم- أن يقتدوا بمن هم أكثر مالا و أعلى مرتبة.
"

بشائر
23-06-2014, 12:18 PM
طرح مميز
وبإسلوب فريد .

مشاركة بسيطة مني في بداية رحلة الإبحار ومن ثم لي عودة .. بإذن الله
من شعر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :

أَفَادَتْنِي الْقَـنَـاعَـةُ كُـلَّ عِـزٍّ *** وَأَيُّ غِنَـى أَعَـزُّ مِـنَ الْقَنَاعَهْ
فَصَيِّرْهَا لِنَـفْـسِـكَ رَأْسَ مَـالٍ *** وَصَيِّرْ بَعْدَهَا التَّقْـوَى بِضَاعَـهْ

خالد البلوشي
23-06-2014, 01:16 PM
طرحٌ راقي أخي العزيز عابر سبيل ..

و في مثل هذا المتصفح الهاديء نحتاج إلى محيط ساكن وتعمق في القراءة ..

منذ الصغر و المعلمون في المدارس يقولون لنا : ومن طلب العلى سهر الليالي .. و هذا ما يُرسخ لنا تلك المعادلة البسيطة : الذي لا يتعب .. لا يرتاح ، كما ان الفقر هو الشيء الوحيد الذي يتم بلا تعب ولا كد ..

و نظرتنا نحو كل شخص يكد ويشقى من أجل حياة كريمة يجب ان تكون مثالية حتى لو كانت المهنة بسيطة جدا ..

كما أن هذه النظرة يجب أن تتضاعف بمثاليتها و تقديرها للمرأة التي تكد و تشقى وتتعب من أجل براعمها و أطفالها خاصة تلك التي تقوم بدور الرجل بعد أن غيّبه الموت عنها ..

هذا ما جال به خاطري أخي عابر سبيل وسنغطس معك بحثاً عن اللؤلؤ :victory:

لك المودة و التقدير

عابر سبيل
23-06-2014, 01:45 PM
الفاضلين..بشائر..و خالد البلوشي..
حياكما الله و بياكما مجددا في هذه الصفحة الجديدة..

و في انتظار ما ستعود به الاخت بشائر..
اقول لك يا اخي خالد..عبر -كرما- بكل ما تجود به..
و لكن اسمح لي قبل العودة لمداخلتك..
ان ابدأ بطرح شيء مما احب ان اعقب به..
و اتشارك بها من افكار..حول ما ورد في انشودة جوته!
*
*
،،
يتبع

عابر سبيل
23-06-2014, 02:04 PM
حيث اننا في قطر ( على الاقل)..
سوادنا الاعظم هم سكان "المدينة"..و تحديدا مدينة الدوحة..

لنبدأ من حيث انتهى جوته..عندما قال
"
تزعجه الهموم التي تنغص عيش سكان المدينة، الكثيري المطامع،
الذين يريدون أبدا- و على الأخص نساؤهم و بناتهم- أن يقتدوا بمن هم أكثر مالا و أعلى مرتبة.
"
ان اغلبنا و بلا شك..يتطلع ..راغبا في اقتفاء أثر..من هم اكثر منه مالا و ثراءا..
و قد كنتُ -قبل هذا الكلام- اعتقد ان ذلك مرده فقط للفرد منا..تربيته، نشأته، و ربما طبيعته الخُلقية
او شيء موروث عبر جيناته..

ان جوته، يلفت انتباه القارئ،
بأن مكان عيش احدنا يؤثر في نظرته..
و تحديدا هذا النوع من الرغبات!

ان المؤثرات الخارجية..لها من العمل في احدنا ما لا يدركه أغلبنا!
فالمجتمع الذي نعيش فيه..سواء في "الحيّ/الفريج" او المدينة باكملها..
تطبع في افكارنا الكثير من تأثيراتها..حتى ان قاوم احدنا او حاول المقاومة..

فالمقاومة..تعني و تؤدي الى شيئ من العزلة..
و العزلة او الانعزال..تبعاتها "النفسية" و الاجتماعية كثيرة و قد تكون مريرة..
ليس على الفرد بنفسه..و لكنها تتعداه لتؤثر في افراد اسرته..فالزوجة/الأم المنعزلة..
حتما ستؤثر عزلتها على ابنائها و بناتها..حاضرا و مستقبلا..
و كذا الزوج/الأب الذي ينحو للانغلاق و الانكفاء في داخل بيته..
فان لذلك..في حياة المدينة..تبعات تتعداه لتصيب كل من يعيشون معه ..
من زوجةو ابناء و بنات!

فهي اذا معضلة حقيقية..يواجهها المرء..ان حاول مقاومة تأثير بيئته..
بالابتعاد عنها و محاولة الاستغناء و الاستفراد بالذات..عن غالب الناس حواليه!


و على النقيض، فإن "جوته" و في الفقرة التي ندندن حولها..
يشير لنا ان مخالطة الناس..و خاصة الاغنياء منهم..ستولد فينا رغبات
غير منتهية..في سباق محموم لاقتفاء اثار من نتأثر بوجودهم حوالينا!!

يشير جوته..الى ان حياة الريف و القرى..هي غالبا مجهدة مضنية..لما فيها من كثير من النقائص..
و كذا هي الحياة في المدينة...و لكن ليس لما فيها من نقص في الحاجات الاساسية..
و لكن لكثرة البدائل و وسبل الرفاهيةو الراحةو الدعة..و التي هي "مكلفة" ..
يتعب طلابها في سبل البحث و الكد ..لكي يوفروا اثمانها!


هذا يعود بنا..الى افتتاحية القصيدة..
البحث و الجد و الكدّ..
الذي يقوم به الرجال..قديما و حديثا..
بحثا عن
الكفاف أو المزيد من الكسب ..
و ربما درجة من الغنى...
و معه شيئا من "المجد"!

*
*
،،
ان النص الذي امامنا...صغير في حجمه..
يسير جدا في كلماتها..

و لكن..عندما نحاول "رسمه كلوحة"..
فان التفاصيل التي تحويه تلك الفقرة..
كثيرة و متعددة و متشعبة..
تتطلب كثيرا من الحرفة و عيونٌ مترصدة و لماحة و دقيقة..
لمن سيحاول عرض ما بها و فرد محتوايتها..امام "الناظرين"!


و للحديث بقية..مع ترك الباب مشرعا..لكل من يحب..ان يدلي بدلوه،،،،

بوحارب
23-06-2014, 02:19 PM
كلام عجييييب

طلع مب بسيط صاحبنا جوته :)

عطى كل رجل على جوه ورغباته مع تفسير مختصر وكافي

أشكرك عابر سبيل اختيار موفق وطرح ممتاز

متابع

أخت الكل
23-06-2014, 06:32 PM
أخوي عابر سبيل سجلني من المتابعات لمتصفحك التأملي التحليلي

البني آدم سواء كان في بيئة ريفية او شبة مدنية او مدنية هو فعلا نتاج هذه البيئة بعاداتها وتقاليدها وأخلاقها وأهدافها وووووغيره من المؤثرات
لكن ارجوا منك ان تشرح لي ما قصدته في كلامك عن العزلة والإنعزاليين

فالمتأمل للتغير في هذه البيئات بفعل تكنولوجيا خاصة في مجال البرامج يجد أن العزلة اصبحت سمه

عابر سبيل
23-06-2014, 09:34 PM
طرحٌ راقي أخي العزيز عابر سبيل ..

و في مثل هذا المتصفح الهاديء نحتاج إلى محيط ساكن وتعمق في القراءة ..

منذ الصغر و المعلمون في المدارس يقولون لنا : ومن طلب العلى سهر الليالي .. و هذا ما يُرسخ لنا تلك المعادلة البسيطة : الذي لا يتعب .. لا يرتاح ، كما ان الفقر هو الشيء الوحيد الذي يتم بلا تعب ولا كد ..

و نظرتنا نحو كل شخص يكد ويشقى من أجل حياة كريمة يجب ان تكون مثالية حتى لو كانت المهنة بسيطة جدا ..

كما أن هذه النظرة يجب أن تتضاعف بمثاليتها و تقديرها للمرأة التي تكد و تشقى وتتعب من أجل براعمها و أطفالها خاصة تلك التي تقوم بدور الرجل بعد أن غيّبه الموت عنها ..

هذا ما جال به خاطري أخي عابر سبيل وسنغطس معك بحثاً عن اللؤلؤ :victory:

لك المودة و التقدير


جميل..جميل و رائع جدا ما أتيت به اخي خالد،
لفتتك لنوع العمل وان كان بسيطا، فهو لا يعيب صاحبه
ما دام انه من اجل لقمة عيشه و ستر اسرته يكد و يشقى
و كذا تنويهك لتلك المرأة التي يسير بها القدر لتتحمل مسؤولية
البيت و الأسرة بأكملها،، كلها لفتات عميقة و فيها معاني تصب
في ذات سياق الطرح، فتدعم الفكرة.


و لا بد انك تعلم اني طماع، لذا فسأنتظر منك المزيد في هذا الطرح التأملي،
فانا شبه موقن انك ستأتي من الابداع، بالمزيد

بوخالد911
23-06-2014, 10:14 PM
سجلني من المتابعين ....

عابر سبيل
24-06-2014, 07:46 AM
كلام عجييييب

طلع مب بسيط صاحبنا جوته :)

عطى كل رجل على جوّه ورغباته مع تفسير مختصر وكافي

أشكرك عابر سبيل اختيار موفق وطرح ممتاز

متابع


و الله انت اللي طلعت منت بهيّن..
حطيت لك "شدة" على كلمة "جوّه"..عشان تتضح للقارئ فكرتك:victory:

و فعلا..تفسيره المختصر كافي و و افي..
لكن المعلقات اللي تشوفها..ما هي لشرح كلامه..
بل القصد اظهار ابداعه و فنّه..و تفكيك ما بين السطور..

فان كنت تعاتبني دوما على الاطالة..فاقول لك..ما في اليد حيله..
عاجبك الاختصار..تابع كلام "جوته"..
موب عاجبك عابر سبيل..لا تقرا معلقاته:)


سجلني من المتابعين ....

حياك الله يا بوخالد...اتمنى لك الاستفادة

عابر سبيل
24-06-2014, 08:12 AM
أخوي عابر سبيل سجلني من المتابعات لمتصفحك التأملي التحليلي

البني آدم سواء كان في بيئة ريفية او شبة مدنية او مدنية هو فعلا نتاج هذه البيئة بعاداتها وتقاليدها وأخلاقها وأهدافها وووووغيره من المؤثرات
لكن ارجوا منك ان تشرح لي ما قصدته في كلامك عن العزلة والإنعزاليين

فالمتأمل للتغير في هذه البيئات بفعل تكنولوجيا خاصة في مجال البرامج يجد أن العزلة اصبحت سمه

مرحبا بك/ اخت الكل..
و اتمنى لك و منك:secret:...
المزيد من الفائدة..
*
*
،،
احسب انك اقرب لفهم قصدي من العزلة..بل و اخذك تأملك العميق..
لتطرحي تحديا استجد مع تطور الحياةالعصرية..و هو التواصل الاجتماعي الالكتروني...
الذي سبب و يسبب عزلة..و لكن هل هي عزلة حقيقية!

اعتقد انها مجرد عزلة "جسدية"..تستبدل التواصل الكامل بين الناس..
بالتواصل الالكتروني..و الذي يصنفه البعض "مجازا" على انه عزلة!

اقول لك..سيدتي..هل من ابتُلي..
بفقدان القدرة على "النظر"..
كان و لا زال يعتبر معزولا عن البشر!

لا يمكن القول و الحكم بان من قدّر له ان يعيش "أعمى"
هو في عزلة و شخص معزول او انعزالي!

كذلك..من استبدل تواصله مع البشر..بالتواصل الفكري..الاكتروني..
في رأيي انه ليس بمعزول..فهو حتى بهذه الوسيلة..يتأثر و ربمى يؤثر!

انا عنيت..في شرحي..او بالاحرى تفكيري "بصوت عالي"..
العزلة الحقيقية..الانقطاع ..او شبه الانقطاع عن "البشر"!

سيدتي..لو تأملنا رأس الفقرة التي بدأ بها جوته هذه الانشودة..
قال..ان حاجاتنا الحقيقية..هي قليلة..بالمقارنة مع ما
نكد و نجهد و نتعب للحصول عليه..
لهثا وراء المزيد المزيد المزيد ..من كل شيء!

و الامر كذلك في سعينا للمزيد من التواصل مع البشر..بشتى السبل..
سواءا كما او كيفا!

يكفي الانسان..القليل من الناس.. لكي يستأنس بهم و يؤنسهم..
بل ان من ينعم الله عليهم بالاسرة ..زوجة و ابناء..و ابوين..و اخوة و اخوات..
قد يكونون فوق ما يحتاجه لقضاء اسعد الاوقات!

العزلة ..هي العزلة عن "القيل و القال"..و الانعزال عن "كثرة السؤال"!
و هذا "هدي نبوي" صريح و عجيب..نغفل عنه كثيييرا كثيرا..بالاخص عندما
نكون في الساعات التي يحيطنا بها كم من البشر..فعليا..الو الكترونيا!!

أسألك سيدتي..
ما هي فحوى اغلب الحوارات الإلكترونية..لمن يدعي انه معزول او منعزل!؟
اليس اغلبها..وَلْوَلة..و سَمعتَ عن..اويُقال أن..
او او او..المزيد من المشاكل و الهموم..
التي تؤثر في خلد المرء و على
فكر و سمع و قلب كل من ..متلقيها و ناقلها..و كاتبها!

اذا..فالعزلة المقصودة..هي التي تحقق للمرء..التحكم في المؤثرات الخارجية..
التحكم فيما يُلقى على نفسه و قلبه من هموم..او محفزات تطمعّه و تدفعه للمزيد من البحث و "اللهث"..
خلف متع..هو لم يكن يرغب بها او يعلم عنها..قبل ان يختلط (مباشرة او الكترونيا)..بالناس!

و هنا يكمن التحدي..لان ذلك..لو ما تأملتي..ليس بالأمر الهين و اليسير على نفوسنا(الا من انعم عليه ربي)

*
*
،،
اتمنى اني نجحت في ايصال الفكرة و شرح ما سبق و ان قلته..
و ان كنت أخالك..تخبئين المزيد..من الأسئلة..بل و طرح الاضافات القيّمة..
فسننتظر منك..المزيد:discuss:

بشائر
24-06-2014, 09:47 AM
حياك الله أخي عابر سبيل ..
كلما قرأت الموضوع ومشاركات الأعضاء فيه أجدني أقرؤه في كل مرة بشكل جديد ..
فعلا موضوع جميل ومداخلات مثرية ..


وأجد أن طمع الإنسان في الحياة قد ذكره الله تعالى في محكم كتابه ( ويحبون المال حباً جما ) فحب المال والرغبة في الاستزادة
منه والتمتع به ومضاهاة الآخرين بل والتفوق عليهم أمر جبلت عليه النفس البشرية ..
إلا أن الدين قد ربانا على قناعات تعيننا التحكم بحب الدنيا وملذاتها لأنه لا نهاية لرغبات النفس وطموحها ..
لأنها مع كثرة الرخاء والاطمئنان تطغى وتتجبر لذا نجد في ديننا الكثير من الحث على الزهد بالدنيا والإكثار من ذكر الآخرة
فهو يجعل لحياتنا إطارا محددا يحفظها لنا ويعيننا به على مواجهة كل التحديات والتغيرات التي تطرأ على المجتمع من حولنا
تجد كثيرا من الأشخاص المتمسكين بدينهم يحرصون كل الحرص على موروثاتهم الدينية أيا كانت ويتميزون بها حتى وإن عاشوا في دول الغرب وسط صخب
الحياة والمجون .. أو حتى وسط مجتمعات عربية مسلمة .
فكما أن هناك من يتأثر بالمجتمع والبيئة المحيطة به نظرا لقناعاته القابلة للمحاكاة والمجاراة هناك أيضاً من يرفض التداخل والتغيير ويحرص على ذلك بكل ما أوتي ..
إيضا لقناعاته الخاصة نحوه ..
وقد أشار الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بالتغيرات التي ستحدث في آخر الزمان وحثنا على التمسك بسنته والعض عليها بالنواجذ ..
فهي النجاة إذ أنه ليس كل تغيير يكون للأفضل ..
وفي الحديث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟، قال صلى الله عليه وسلم: "أمسـك عليكَ لسانكَ وليَســعْـكَ بَـيـتـُـك وابـكِ على خطــيـئـتـكَ".
وليسعك بيتك" معناه: إرض بما قسم الله لك، وانظر إلى من هو أعلى منك في أمر الدين، وإلى من هو أدنى منك في أمر الدنيا، لئلا تزدريَ نعمة الله عليك.
المنوذج الأول الذي عرضه جوته لذلك الرجل القلق الدائم البحث عن المال .. يخشى الفقر ويحث في طلب الثراء ( لن يرتاح أبد وسيفوته الكثير من التمتع بدنياه ولن يدرك ذلك إلا متأخرا )
بينما النموذج الثاني والذي قنع بما أعطاه الله ورعى ماله استمتع بهدوء الحياة وجمالها .. ووفر الكثير من طاقته لأمور هامة أخرى في حياته تكون سببا إضافيا لسعادته )


أخي الفاضل عابر سبيل الدين يعزز الطموح ويدعو إليه ولكن فيما فيه خير للنفس البشرية في حالها ومآلها ..
وبذل الجهد والأخذ بالأسباب في سبيل الحصول على حياة رغدة أمر محمود لكن بتوازن حتى لا يضيع العمر سدى وراء الجري على طلب الدنيا فقط ( أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا)

عذرا على الإطالة ..
فمثل هذه المواضيع الجميلة تحثك على الاسترسال..
ومازلت متابعة لكل من سيثري الموضوع بمشاركاته ..
وفقك الله .

عابر سبيل
25-06-2014, 10:56 AM
*
*
،،

في الأثر:

((وأربع من سعادة المرء في الدنيا:
أن تكون زوجته صالحة,
وأولاده أبراراً,
وخلطاؤه صالحين,
وأن يكون رزقه في بلده))

و نحن في قطر، و اغلب دول الخليج،
قد منّ الله على السواد الأعظم منا بالرابعة!
فجعل ارزاقنا في اوطاننا،، و عافانا من الحاجة و الاضطرار او الالتجاء
للسفر و الغربة ..طلبا للرزق!

و بالعودة لنص "هيرمن و دروتيه" في رأس الموضوع اعلاه،
نجد ان "جوته" صنف الرجال في سعيهم للرزق على صنفين،

فمنا من يتجشم عناء السفر و الاغتراب و الابتعاد عن الاوطان و الأهل و الاحباب،
و من الرجال من يكون عمله في بلده و بين اهله و ربعه!

و نحن في الخليج ان كان جلنا كما أشرت، لم نضطر للاغتراب بحثا عن الرزق،
إلا اننا نعيش و بين ظهرانينا جمع غفير وتنوع وفير ممن أتوا لديارنا متغربين،
بحثا عن الرزق! فمن المغتربين عرب و منهم عجم، رجال و نساء، عزاب و عائلات،
منهم مسلمون و منهم من اهل الكتاب و منهم من الملل الاخرى الذين هم في "الضلال" بعيد!

قد يظن احد المتأملين و المستقرئين،
ان احد هذين الرجلين (المتغرب او الذي يعمل في وطنه)
اكثر حظا من الآخر، او ان احدهما (و غالبا المتغرب) سعى في الطريق
الأصوب نحو جمع الثروة و احتواء الوفرة،

وبالتالي يُعاب أو يُنظر بشيء
من الدونية او يصنف على انه اقل في "الهمّة"، ذلك الذي (بالمقارنة) يختار الطريق الذي يكون مردوده المادي اقل من الاخر،،
و هذا من مشاهدتنا يكون الشخص الذي ينحو نحو الاستقرار و قلة الأسفار!

وهنا نقرأ كلمات "جوته" المختارة بعناية فائقة لكي لا تعطي انطباعا ان احدهما
افضل او انجح من الاخر، و إن كان قد استرسل اكثر في ذكر تفاصيل عن ذلك الذي
يضرب اطنابه في بلاده و يرعى ورث آبائه و يسعى بنفسه على اهله و ابنائه!

و لعل قارئا يحس أن الشاعر، يفضل او يميل الى هذا النهج و يشجع عليه اكثر من الاخر!

و لكني، أرى انه اطنب في هذا، لان السمة الغالبة و الطاغية في وعي و ادراك و تصنيف
الناس، ان ذلك الذي يسعى في "الخارج" و يغترب، وخاصة من يغترب عن
"اختيار و ليس اضطرار".. هو صاحب افضل قرار، والدليل انه غالبا يعود بالثراء
و التجارب الاضافية و المتنوعة التي لا تتأتى -غالبا- لمن لا يخالط إلا جمعا محدودا في وطنه
و مدينته و تحديدا المتشاركين معه في مهنته!

عليه، فقد اراد "جوته" ان يبين ان "الرجل الكادّ" او الساعي حثيثاو جاهدا في طلب الرزق،
ليس هو فقط ذلك الذي يتغرب ويسافر في شتى بقاع الارض صامدا في وجه مشقة الاغتراب و البعدعن الاهل و الأحباب،،

ابدا، فجوته، يضع الاثنين في ذات البوتقة، و انهما كلاهما من الجد و السعي و الأثر النافع
على نفسه و اهله و وطنه، قد يكونون سواء، و ان كان-كما ألمحُ- يمنح افضلية في"التقدير" لذلك الهادئ المستوطن لأرضه المراعي لشؤون اسرته و املاكه، القائم عليها بنفسه ليل نهار.

نعود لحالنا، نحن الخليجيين،و تحديدا القطريين،
حيث اننا و ان كان المولى سبحانه، قد اسبغ علينا نعمة عظيمة مما اعده السابقون من "سعادة الدنيا"
فجعل رزق غالبنا في اوطاننا و بين اهالينا،
إلا اننا نواجه نوعا يسيرا من مثل هذا التحدي
الذي يواجهه الرجال الموصوفون في هذا النص!

فكثير من الشباب (و الشابات) اليوم،
و كما هو مشاهد و معايش، غير مستقر في وظيفته، دائم التبديل
و سريع الضجر و الملل من مهنته،يتطلع دوما و ابدا و تحديدا الى "كم" الراتب
ليقرر البقاء في مكانه او الانتقال لوظيفة اخرى ، و ان كان لم يمضي عليه
منذ اخر استقالة في مهنته السابقة، الا سنوات يسيرة او اشهر قليلة!

و في المقابل، يوجد من يلتزم مع جهة عمله التي ترعرع فيها منذ بداية حياته المهنية
و يبني بينها و بينها "ولاءا" يجعل من الصعوبة و المشقة على نفسه حتى مجرد التفكير
في تقديم استقالته، و ان كان يرى من حوله، يكسب اكثر منه و تدر عليهم الوظائف
في الجهات الاخرى مداخيل تفوق راتبه!

*
*
،،
اختم بالاثر الذي غالبا ما ختم "ابن خلدون" في مقدمته الشهيرة،،
كثيرا من الفصول مستدلا بنهاية الحديث النبوي الشريف

(اعملوا فكل ميسر لما خلق له )