السهم الذهبي 2007
21-08-2006, 11:55 PM
بيان ما ورد في منع إحداث الكنائس في بلاد الإسلام من الأحاديث
وردت أحاديث في منع إحداث الكنائس في بلاد الإسلام نذكرها فيما يلي:
1- ما رواه أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان المعروف بأبي الشيخ في كتاب شروط الذمة ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ، ثنا سليمان بن داود أبو أيوب ، ثنا سعيد بن الحباب ، ثنا عبيد بن بشار ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُحدثُوا كنيسة في الإسلام ولا تُجددوا ما ذَهَب منها . ومن طريق أبي الشيخ بهذا السند روى السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس هذا الحديث في الباب الذي عقده للأحاديث الواردة في منع ذلك .
ثم قال :" هكذا في هذه الطريق عبيد بن بشار وأظنه تصحيفا ، فقد رواه أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ الجرجاني في كتابه ( الكامل ) في ترجمة سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نذر في معصية ، ولا يمين في معصية ، وكفارته كفارة يمين ، قال ابن عدي وبإسناده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبنى كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها ثم قال السبكي : سعيد بن سنان ضعفه الأَكثرون ووثقه بعضهم ، وكان من صالحي أهل الشام وأفضلهم وهو من رجال ابن ماجه ، كنيته أبو المهدي ، وذكره عبد الحق في الأحكام " .
2 - ما رواه أبو داود في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من سننه وهو من أبواب كتاب الخراج والفيء والترمذي في كتاب الزكاة من جامعه .
وقال أبو داود ج 2 ص 148 ( مطبعة مصطفى البابي الحلبي الأولى ) : " حدثنا سليمان بن داود العتكي ، ثنا جرير ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكون قبلتان في بلد واحد .
وقال الترمذي في : " باب ما جاء ليس على المسلمين جزية " حدثنا يحيى بن أكثم ، ثنا جرير ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصلح قبلتان في أرض واحدة وليس على المسلمين جزية قال : وحدثنا أبو كريب ، أخبرنا جرير ، عن قابوس بهذا الإسناد نحوه ، وفي الباب عن سعيد بن زيد وجد حرب بن عبيد الله الثقفي قال أبو عيسى : حديث ابن عباس قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا " اهـ . كلام الترمذي .
قال السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس ، وهي ضمن الجزء الثاني من فتاويه ، قال ( ص 374 - 375 ) : " وهذا الحديث قد اختلف في إسناده وإرساله ، فرواه العتكي وأبو كريب عن جرير عن قابوس كما رأيت ، ورويناه مقتصرا على الفصل الثاني من شقيه ، وهو قوله : ليس على مسلم جزية في كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلّام الذي سمعناه على شيخنا الدمياطي بسماعه من ابن الجميزي ، قال أبو عبيد ، ثنا مصعب بن المقدام ، عن سفيان بن سعيد ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا . وجرير وإن كان ثقة لكن سفيان أجل منه ، فعلى طريقة المحدثين المرسل أصح ، وعلى طريقة بعض الفقهاء في المسند زيادة ، وقد ذكر الترمذي الخلاف في إسناده وإرساله ، وقابوس فيه لين مع توثيق بعضهم له ، وكان يحيى بن سعيد يحدث عنه ، ويحيى لا يحدث إلا عن ثقة ، وفي القلب منه شيء ولا يتبين لي قيام الحجة به وحده ، وعدت الشيخ نور الدين البكري في مرضه فسألني عن هذا الحديث وقال : ما بقي إلا تصحيحه ، وأفتى بهدم الكنائس وبإجلاء اليهود والنصارى " اهـ المراد من كلام السبكي .
وقد ذكر شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في فتوى له ، في الكنائس ذكرها ابن القيم في كتاب أحكام أهل الذمة ( 2 685 ) ذكر أن حديث : لا تكونُ قبلتانِ في بلدٍ واحد رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد ، وجزم بأن شرط عمر في شروطه المشهورة أن لا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديرا ولا قلاية ؛ امتثال من عمر لهذا الحديث لا تكون قبلتان في بلد واحد .
3 - ما رواه أبو داود في " باب الإقامة بأرض الشرك " من سننه قال ( 2 84 ) قال : " حدثنا محمد بن داود بن سفيان ، ثنا يحيى بن حسان قال : أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود قال : ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب قال : حدثني خبيب بن سليمان ، عن أبيه سليمان بن سمرة ، عن سمرة بن جندب : أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله . قال السبكي في فتواه في منع ترميم الكنائس ص 375 من الجزء الثاني من فتاوى السبكي قال : " لم يروه من أصحاب الكتب الستة إلا أبو داود ، وبوَّب له " باب الإقامة في أرض الشرك " ، وليس في سنده ضعف ، فهو حديث حسن ، ثم ذكر السبكي أن أبا الشيخ قال : " حدثنا إسحاق بن بيان الواسطي ، ثنا فضل بن سهل ، ثنا مضر بن عطاء الواسطي ، ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُسَاكِنُوا المشركينَ ولا تُجَامِعُوهم ، فَمنْ سَاكَنَهُم أو جامعهم فَهو مِثلُهم ، وذكر السبكي أن هذا الحديث هو معنى الحديث الأول ، وأن الكتابي يسمى مشركا ، فالحديث على ذلك يشمله عنده فيستدل به على تحريم مساكنته ، ثم قال : " والمساكنة إن أخذت مطلقة في البلد يلزم أن لا يكون لهم في تلك البلد كنيسة ؛ لأن الكنيسة إنما تبقى لهم بالشرط إذا كانوا فيها " اهـ .
4 - ما رواه مالك في " ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة " ، من الموطأ عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول : " كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : قاتل الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب . وروى مالك أيضا في ذلك الباب عن ابن شهاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع دينان بجزيرة العرب . قال مالك : قال ابن شهاب : ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب . فأجلى يهود خيبر .
قال مالك : " وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك . فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء . وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق ، وإبل وحبال وأقتاب ، ثم أعطاهم القيمة ثم أجلاهم منها " اهـ .
ومرسل ابن شهاب الذي ورد في رواية مالك الأخيرة وصله صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة . أخرجه إسحاق في مسنده ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، فذكره مرسلا . وزاد فقال عمر لليهود : " من كان منكم عنده عهد من رسول الله فليأت به وإلا فإني مجليكم " . ورواه أحمد في مسنده موصولا عن عائشة ولفظه عنها قالت : آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يترك بجزيرة العرب دينان . أخرجه من طريق ابن إسحاق : حدثني صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة . . أفاد جميع ذلك - أي ما ذكرناه في مرسل ابن شهاب الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه " تلخيص الحبير " .
وأما أرض العرب وجزيرة العرب الواردتان في روايتي الموطأ ، فقد قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الجزء الأول من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " : وأما قوله : " أرض العرب " و " جزيرة العرب " في هذا الحديث ، فذكر ابن وهب عن مالك قال : أرض العرب مكة والمدينة واليمن . وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام عن الأصمعي قال : جزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول ، وأما في العرض فمن جدة وما والاها من سائر البحر إلى أطراف الشام .
وقال أبو عبيد : جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول ، وأما في العرض فمن بير يبرين إلى منقطع السماوة ، قال أبو عمر : أخبرنا بذلك كله أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان وأبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد ، قالا : حدثنا محمد بن عيسى وأخبرنا أبو القاسم بن عمر بن عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن علي قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قالا جميعا : حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد القاسم بن سلام في كتابه في شرح غريب الحديث ، وبجميع الشرح المذكور .
وقال يعقوب بن شيبة : حفر أبي موسى على منازل من البصرة في طريق مكة خمسة منازل أو ستة .
وقال أحمد بن المعذل : حدثني يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري قال : قال مالك بن أنس : جزيرة العرب المدينة ومكة واليمامة واليمن . قال : وقال المغيرة بن عبد الرحمن : جزيرة العرب المدينة ومكة واليمن وقرياتها . وذكر الواقدي عن معاذ بن محمد الأنصاري أنه حدثه عن أبي وجزة يزيد بن عبيد السعدي أنه سمعه يقول : القرى العربية : الفرع وينبع والمروة ووادي القرى والجار وخيبر ، قال الواقدي : وكان أبو وجزة السعدي عالما بذلك ، قال أبو وجزة : وإنما سميت قرى عربية لأنها من بلاد العرب .
وقال أحمد بن المعذل : حدثني بشر بن عمر قال : قلت لمالك : إننا لنرجو أن تكون من جزيرة العرب - يريد البصرة - لأنه لا يحول بينكم وبيننا نهر ، فقال : ذلك أن كان قومك تبوءوا الدار والإيمان " قال أبو عمر رضي الله عنه : قال بعض أهل العلم : إنما سمي الحجاز لأنه حجز بين تهامة ونجد ، وإنما قيل لبلاد العرب جزيرة لإحاطة البحر والأنهار بها من أقطارها وأطرافها ، فصاروا فيها في مثل جزيرة من جزائر البحر " اهـ . ما في التمهيد عن أرض العرب وجزيرة العرب .
5 - ما رواه أحمد بن حنبل وأبو عبد القاسم بن سلام عن توبة بن نمر عمن أخبره : قال أحمد بن حنبل ، ثنا حماد بن خالد الخياط ، أخبرنا الليث بن سعد ، عن توبة بن نمر الحضرمي ( قاضي مصر ) عمن أخبره ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خِصَاء في الإسلام ولا كنيسة .
وقال أبو عبيد في كتاب الأموال : " حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال : حدثني توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة
قال أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس في ج 2 من فتاوى السبكي ص 374 بعد إيراده هذا الحديث من طريقي الإمامين أحمد بن حنبل وأبي القاسم بن سلام : " استدلوا به على عدم إحداث الكنائس ، ولو قيل إنه شامل للإحداث والإبقاء لم يبعد ، ويخص منه ما كان بالشرط بدليل ويبقى ما عداه على مقتضى اللفظ ، وتقديره : لا كنيسة موجودة شرعا " اهـ .
وسامحوا لي ان كان الموضوع طويل
وردت أحاديث في منع إحداث الكنائس في بلاد الإسلام نذكرها فيما يلي:
1- ما رواه أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان المعروف بأبي الشيخ في كتاب شروط الذمة ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ، ثنا سليمان بن داود أبو أيوب ، ثنا سعيد بن الحباب ، ثنا عبيد بن بشار ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُحدثُوا كنيسة في الإسلام ولا تُجددوا ما ذَهَب منها . ومن طريق أبي الشيخ بهذا السند روى السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس هذا الحديث في الباب الذي عقده للأحاديث الواردة في منع ذلك .
ثم قال :" هكذا في هذه الطريق عبيد بن بشار وأظنه تصحيفا ، فقد رواه أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ الجرجاني في كتابه ( الكامل ) في ترجمة سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نذر في معصية ، ولا يمين في معصية ، وكفارته كفارة يمين ، قال ابن عدي وبإسناده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبنى كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها ثم قال السبكي : سعيد بن سنان ضعفه الأَكثرون ووثقه بعضهم ، وكان من صالحي أهل الشام وأفضلهم وهو من رجال ابن ماجه ، كنيته أبو المهدي ، وذكره عبد الحق في الأحكام " .
2 - ما رواه أبو داود في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من سننه وهو من أبواب كتاب الخراج والفيء والترمذي في كتاب الزكاة من جامعه .
وقال أبو داود ج 2 ص 148 ( مطبعة مصطفى البابي الحلبي الأولى ) : " حدثنا سليمان بن داود العتكي ، ثنا جرير ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكون قبلتان في بلد واحد .
وقال الترمذي في : " باب ما جاء ليس على المسلمين جزية " حدثنا يحيى بن أكثم ، ثنا جرير ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصلح قبلتان في أرض واحدة وليس على المسلمين جزية قال : وحدثنا أبو كريب ، أخبرنا جرير ، عن قابوس بهذا الإسناد نحوه ، وفي الباب عن سعيد بن زيد وجد حرب بن عبيد الله الثقفي قال أبو عيسى : حديث ابن عباس قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا " اهـ . كلام الترمذي .
قال السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس ، وهي ضمن الجزء الثاني من فتاويه ، قال ( ص 374 - 375 ) : " وهذا الحديث قد اختلف في إسناده وإرساله ، فرواه العتكي وأبو كريب عن جرير عن قابوس كما رأيت ، ورويناه مقتصرا على الفصل الثاني من شقيه ، وهو قوله : ليس على مسلم جزية في كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلّام الذي سمعناه على شيخنا الدمياطي بسماعه من ابن الجميزي ، قال أبو عبيد ، ثنا مصعب بن المقدام ، عن سفيان بن سعيد ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا . وجرير وإن كان ثقة لكن سفيان أجل منه ، فعلى طريقة المحدثين المرسل أصح ، وعلى طريقة بعض الفقهاء في المسند زيادة ، وقد ذكر الترمذي الخلاف في إسناده وإرساله ، وقابوس فيه لين مع توثيق بعضهم له ، وكان يحيى بن سعيد يحدث عنه ، ويحيى لا يحدث إلا عن ثقة ، وفي القلب منه شيء ولا يتبين لي قيام الحجة به وحده ، وعدت الشيخ نور الدين البكري في مرضه فسألني عن هذا الحديث وقال : ما بقي إلا تصحيحه ، وأفتى بهدم الكنائس وبإجلاء اليهود والنصارى " اهـ المراد من كلام السبكي .
وقد ذكر شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في فتوى له ، في الكنائس ذكرها ابن القيم في كتاب أحكام أهل الذمة ( 2 685 ) ذكر أن حديث : لا تكونُ قبلتانِ في بلدٍ واحد رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد ، وجزم بأن شرط عمر في شروطه المشهورة أن لا يجددوا في مدائن الإسلام ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديرا ولا قلاية ؛ امتثال من عمر لهذا الحديث لا تكون قبلتان في بلد واحد .
3 - ما رواه أبو داود في " باب الإقامة بأرض الشرك " من سننه قال ( 2 84 ) قال : " حدثنا محمد بن داود بن سفيان ، ثنا يحيى بن حسان قال : أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود قال : ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب قال : حدثني خبيب بن سليمان ، عن أبيه سليمان بن سمرة ، عن سمرة بن جندب : أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله . قال السبكي في فتواه في منع ترميم الكنائس ص 375 من الجزء الثاني من فتاوى السبكي قال : " لم يروه من أصحاب الكتب الستة إلا أبو داود ، وبوَّب له " باب الإقامة في أرض الشرك " ، وليس في سنده ضعف ، فهو حديث حسن ، ثم ذكر السبكي أن أبا الشيخ قال : " حدثنا إسحاق بن بيان الواسطي ، ثنا فضل بن سهل ، ثنا مضر بن عطاء الواسطي ، ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُسَاكِنُوا المشركينَ ولا تُجَامِعُوهم ، فَمنْ سَاكَنَهُم أو جامعهم فَهو مِثلُهم ، وذكر السبكي أن هذا الحديث هو معنى الحديث الأول ، وأن الكتابي يسمى مشركا ، فالحديث على ذلك يشمله عنده فيستدل به على تحريم مساكنته ، ثم قال : " والمساكنة إن أخذت مطلقة في البلد يلزم أن لا يكون لهم في تلك البلد كنيسة ؛ لأن الكنيسة إنما تبقى لهم بالشرط إذا كانوا فيها " اهـ .
4 - ما رواه مالك في " ما جاء في إجلاء اليهود من المدينة " ، من الموطأ عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول : " كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : قاتل الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب . وروى مالك أيضا في ذلك الباب عن ابن شهاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع دينان بجزيرة العرب . قال مالك : قال ابن شهاب : ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب . فأجلى يهود خيبر .
قال مالك : " وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك . فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء . وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق ، وإبل وحبال وأقتاب ، ثم أعطاهم القيمة ثم أجلاهم منها " اهـ .
ومرسل ابن شهاب الذي ورد في رواية مالك الأخيرة وصله صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة . أخرجه إسحاق في مسنده ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، فذكره مرسلا . وزاد فقال عمر لليهود : " من كان منكم عنده عهد من رسول الله فليأت به وإلا فإني مجليكم " . ورواه أحمد في مسنده موصولا عن عائشة ولفظه عنها قالت : آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يترك بجزيرة العرب دينان . أخرجه من طريق ابن إسحاق : حدثني صالح بن كيسان ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة . . أفاد جميع ذلك - أي ما ذكرناه في مرسل ابن شهاب الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه " تلخيص الحبير " .
وأما أرض العرب وجزيرة العرب الواردتان في روايتي الموطأ ، فقد قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الجزء الأول من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " : وأما قوله : " أرض العرب " و " جزيرة العرب " في هذا الحديث ، فذكر ابن وهب عن مالك قال : أرض العرب مكة والمدينة واليمن . وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام عن الأصمعي قال : جزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول ، وأما في العرض فمن جدة وما والاها من سائر البحر إلى أطراف الشام .
وقال أبو عبيد : جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول ، وأما في العرض فمن بير يبرين إلى منقطع السماوة ، قال أبو عمر : أخبرنا بذلك كله أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان وأبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد ، قالا : حدثنا محمد بن عيسى وأخبرنا أبو القاسم بن عمر بن عبد الله قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن علي قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قالا جميعا : حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد القاسم بن سلام في كتابه في شرح غريب الحديث ، وبجميع الشرح المذكور .
وقال يعقوب بن شيبة : حفر أبي موسى على منازل من البصرة في طريق مكة خمسة منازل أو ستة .
وقال أحمد بن المعذل : حدثني يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري قال : قال مالك بن أنس : جزيرة العرب المدينة ومكة واليمامة واليمن . قال : وقال المغيرة بن عبد الرحمن : جزيرة العرب المدينة ومكة واليمن وقرياتها . وذكر الواقدي عن معاذ بن محمد الأنصاري أنه حدثه عن أبي وجزة يزيد بن عبيد السعدي أنه سمعه يقول : القرى العربية : الفرع وينبع والمروة ووادي القرى والجار وخيبر ، قال الواقدي : وكان أبو وجزة السعدي عالما بذلك ، قال أبو وجزة : وإنما سميت قرى عربية لأنها من بلاد العرب .
وقال أحمد بن المعذل : حدثني بشر بن عمر قال : قلت لمالك : إننا لنرجو أن تكون من جزيرة العرب - يريد البصرة - لأنه لا يحول بينكم وبيننا نهر ، فقال : ذلك أن كان قومك تبوءوا الدار والإيمان " قال أبو عمر رضي الله عنه : قال بعض أهل العلم : إنما سمي الحجاز لأنه حجز بين تهامة ونجد ، وإنما قيل لبلاد العرب جزيرة لإحاطة البحر والأنهار بها من أقطارها وأطرافها ، فصاروا فيها في مثل جزيرة من جزائر البحر " اهـ . ما في التمهيد عن أرض العرب وجزيرة العرب .
5 - ما رواه أحمد بن حنبل وأبو عبد القاسم بن سلام عن توبة بن نمر عمن أخبره : قال أحمد بن حنبل ، ثنا حماد بن خالد الخياط ، أخبرنا الليث بن سعد ، عن توبة بن نمر الحضرمي ( قاضي مصر ) عمن أخبره ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خِصَاء في الإسلام ولا كنيسة .
وقال أبو عبيد في كتاب الأموال : " حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد قال : حدثني توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة
قال أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي في فتوى له في منع ترميم الكنائس في ج 2 من فتاوى السبكي ص 374 بعد إيراده هذا الحديث من طريقي الإمامين أحمد بن حنبل وأبي القاسم بن سلام : " استدلوا به على عدم إحداث الكنائس ، ولو قيل إنه شامل للإحداث والإبقاء لم يبعد ، ويخص منه ما كان بالشرط بدليل ويبقى ما عداه على مقتضى اللفظ ، وتقديره : لا كنيسة موجودة شرعا " اهـ .
وسامحوا لي ان كان الموضوع طويل