تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : آداب الصوم



امـ حمد
29-06-2014, 04:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي منّ علينا بمواسم الخيرات، وخصّ شهر رمضان بالفضل والتشريف والبركات، وحثّ فيه على عمل الطاعات، والإكثار من القربات،
إن الله تعإلى هيأ لنا من المناسبات العظيمة، التي تصقُلُ الإيمان في القلوب، وتُحرّك المشاعر الفيّاضة في النفوس، فتزيد في الطاعات وتُضيّق مجالات الشر في المجتمعات، وتعطي المسلمين دروسا في الوحدة والإخاء، والتضامن والصفاء، والبرّ والصلة، والطُهر والخير والنقاء، والصبر والشجاعة والإباء،
إنها حصن حصين للطائعين، وفرصة لا تُعوّض للمذنبين المفرّطين، ليجددوا التوبة من ذنوبهم، ويسطّروا صفحة جديدة بيضاء ناصعة في حياتهم، مفعمة بفضائل الأعمال ومحاسن الفعال، ومكارم الخصال،
شهر رمضان الكريم،شهر مضاعفة الحسنات، ورفعة الدرجات، ومغفرة الذنوب والسيئات،وإقالة العثرات قد تفتّح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار،وتصفّد الشياطين،
وخصّت فيه من الكرامات والهدايا، كما في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة، وغُلّقت أبواب النار، وصفّدت الشياطين)متفق عليه،
فيا لها من فرصة عظيمة، ومناسبة كريمة تصفو فيها النفوس، وتكثر فيها دواعي الخير،تفتّح الجنات، وتتنزل الرحمات، وترفع الدرجات، وتغفر الزلات،
في رمضان تهجُّد وتراويح،وذكر وتسبيح، في رمضان تلاوة وصلوات،وجُود وصدقات،وأذكار ودعوات، وضراعة وابتهالات،
إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق،وإصلاح النفوس، وضبط الغرائز،وكبح الشهوات،
كما أن به تتحقق الوحدة والمحبة والإخاء والأُلفة، فيه يشعر المسلم بشعور المحتاجين، ويحس بجوع الجائعين، الصيام مدرسة للبذل والجود والصلة،فهو حقاً معين الأخلاق،والرحمة،
من صام حقاً، صفت روحه، ورقّ قلبه، وصلحت نفسه، وجاشت مشاعره، وأُرهفت أحاسيسه،
إن استقبالنا لرمضان يجب أن يكون،بالحمد والشكر لله جل وعلا، والفرح،والتوبة والإنابة من جميع الذنوب والمعاصي،
كما يجب الخروج من المظالم وردّ الحقوق إلى أصحابها، والعمل على استثمار أيّامه ولياليه صلاحاً وإصلاحاً،
إنه فرصة للطائعين للاستزادة من العمل الصالح، وفرصة للمذنبين للتوبة والإنابة، كيف لا يفرح المؤمن بتفتيح أبواب الجنان،
وكيف لا يفرح المذنب بتغليق أبواب النيران،
يا لها من فرص لا يحرمها إلا محروم،
لقد جهل أقوام حقيقة الصيام،فقصروه على الإمساك عن الطعام والشراب،فترى بعضهم لا يمنعه صومه من إطلاق الكذب والبهتان، ويطلقون للأعين والآذان الحبل والعنان،لتقع في الذنوب والعصيان،وقد قال(من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)رواه البخاري،
في رمضان يتربّى أفراد الأمة على عفة اللسان، وسلامة الصدور،ونقاء القلوب،وتطهيرها من أدران الأحقاد والبغضاء، والحسد والغلّ والشحناء،وقيامهم بحق ربهم، ثم حقوق والديهم،
أدركوا حقيقة الصوم وأسراره، وتعلموا آدابه وأحكامه، واعّمروا أيامه ولياليه بالعمل الصالح، وصونوا صومكم عن النواقض والنواقص،وجدّدوا التوبة وحققوا شروطها،لعل الله أن يتجاوز عن ذنوبكم، ويجعلكم من المرحومين المعتقين من النار بمنّه وكرمه،
لقد كان رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام،أجود الناس،وكان أجود ما يكون في رمضان،يقول ابن القيّم رحمه الله(وكان هديه فيه عليه الصلاة والسلام،أكمل هدي وأعظمه تحصيلاً للمقصود، وأسهله على النفوس، وكان من هديه في شهر رمضان،الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن، وكان يكثر فيه الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر والاعتكاف، وكان يخصّه من العبادات بما لا يخصّ به غيره )
وقد سار على ذلك السلف الصالح،رحمهم الله،حيث ضربوا أروع الأمثلة في حسن الصيام،وإدراك حقيقته،وعمارة أيامه ولياليه بالعمل الصالح،
واعلموا،أنكم كما استقبلتم شهركم هذا ستودعونه عما قريب،
هل تدرك بقية الشهر،أين الذين صاموا معنا فيما مضى،
إن الكيّس اللبيب من جعل من ذلك فرصة لمحاسبة النفس،وتقويم إعوجاجها، وأطرها على طاعة ربّها قبل أن يفجأها الأجل،فلا ينفعها،حينذاك إلا صالح العمل،والتوبة والندم، والاقلاع عن المعصية،
نسأل الله أن يتقبل صيامنا وقيامنا ،واجعلنا فيه من المقبولين.