تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تعرضوا لنفحات رحمة الله



امـ حمد
01-07-2014, 05:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن أولى ما نأخذ له أُهبة الاستعداد هو هذا الشهر العظيم،منَّة من الله علينا ورحمة بنا،والسعيد مُن وُفِّق فيه لعمل الخيرات،والشقي من كان عليه يوم القيامة حسرات ،
فعن جابر بن عبدالله،رضِي الله عنهما،أن النبي،صلى الله عليه وسلم،رَقِي المنبر، فلمَّا رَقِي الدرجة الأولى قال(آمين)ثم رَقِي الثانية فقال(آمين)ثم رَقِي الثالثة فقال(آمين)فقالوا،يا رسول الله، سمعناك تقول،آمين ثلاث مرات،قال(لَمَّا رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل،صلى الله عليه وسلم،فقال،شَقِي عبدٌ أدرك رمضان فانسَلَخ منه ولم يُغفَر له، فقلت،آمين،
ثم قال،شَقِي عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنة، فقلت،آمين،
ثم قال،شَقِي عبدٌ ذُكرتَ عنده ولم يصلِّ عليك، فقلت،آمين)أخرجه البخاري،ورواه أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي،
وفي رواية(ومَن أدرك رمضان فلم يُغفَر له دخل النار، فأبعَدَه الله وأسحَقَه)
فدعا جبريل بالبعد والسُّحق، والشقاء والذلِّ، وعدم المغفرة، ودخول النار على مَن أدرك رمضان ولم يُغفر له،وأمَّن النبي، صلى الله عليه وسلم،على دعائه،
وذلك أنَّ رمضان نفحة من نفحات الله في دهره،كما جاء عن النبي،صلى الله عليه وسلم(افعلوا الخير دهرَكم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإنَّ لله نفحات من رحمته يُصِيب بها مَن يشاء من عباده)أخرجه الطبراني عن أنس،وحسَّنه الألباني في صحيحة)
كما أنَّ المفرِّط في رمضان المضيِّع لمغفرة الله فيه، مستحقٌّ لهذا الدعاء،لزيادة دواعي الخير في هذا الشهر المبارك، وضعف دواعي الشر،كما جاء عن النبي،صلى الله عليه وسلم(إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسُلسِلت الشياطين)أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة)
وفي رواية أخرى(ويُنادِي مُنادٍ كلَّ ليلة،يا باغي الخير أقبل،ويا باغي الشر أقصر، ولله عُتَقاء من النار، وذلك كلَّ ليلة)أخرجها الترمذي وابن ماجه والحاكم وحسَّنها الألباني)
فحبس شياطين الجنِّ عن إغواء الناس حجَّةٌ على المقصِّر في طاعة الله، المُتمادِي في معصيته،سبحانه وتعالى،ليس للعبد فرصة أقرب من هذه يَنال بها رحمة الله ومغفرته، فإن لم يستغلها ولم يحرص عليها، استحقَّ الطَّرد والإبعاد،
ولمغفرة الله للعبد في رمضان وسائلُ كثيرة، منها
التوبة،من كلِّ ذنب اقتَرفَه العبد، سواء أكان ترك ما أوجبه الله عليه، أو فعل ما نهاه الله تعالى عنه،قال الله تعالى﴿أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾المائدة،
وحاجة العبد للتوبة في كلِّ أحواله حاجة عظيمة، أعظم من حاجته لرُوحه في جسده،إذ كلُّ إنسان سيُفارِق هذه الفانية لا محالة،
لذا كان،صلى الله عليه وسلم،يقول(والله، إني لأستَغفِر الله وأتوب إليه في اليوم أكثرَ من سبعين مرَّة)أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة،رضي الله عنه)
وعن ابن عمر،رضِي الله عنهما،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(يا أيها الناس، توبوا إلى الله،فإنِّي أتوب في اليوم إليه مائة مرَّة)أخرجه مسلم،
الصيام، إيمانًا واحتساباً،كما في حديث أبي هريرة أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(مَن صام رمضان إيمانًا واحتِسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)أخرجه البخاري ومسلم،
ومعنى (إيمانًا) أي،تصديقًا بفرضيَّته، و(احتِسابًا)أي، انتِظارًا لأجره من الله،تعالى،
والصوم ليس فقط الامتِناع عن الأكل والشرب في نهار رمضان حتى غروب الشمس،بل هذا ظاهره، وباطنه تحقيقُ تقوى الله تعالى،والامتِناع عمَّا حرَّم ونهى،
كما في الحديث عن النبي،صلى الله عليه وسلم(مَن لم يَدَعْ قولَ الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدعَ طعامه وشرابه)أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة،رضِي الله عنه) فكلُّ معصية يرتَكِبها الصائم تقدح في صومه بقدرها،
القيام،كما جاء عن النبي،صلى الله عليه وسلم(مَن قام رمضان إيمانًا واحتِسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة،رضِي الله عنه،
ونحن بحاجة لوضع هذه العبادة العظيمة والطاعة الجليلة مَوضِعَها الصحيح، من حيث كونها قُربةً إلى الله،تعالى،تجلب العفوَ، وتُثمِر المغفرة، لا إنزالها منزلة العادات،
إذ تعود المرء مِنَّا الذهابَ إلى المساجد في رمضان لصلاة التراويح، دون احتِسابٍ لأجرها، واستِحضارٍ لطلب العفو والمغفرة من الله،عزَّ وجل،
وفي الحديث عن النبي،صلى الله عليه وسلم(عليكم بقيام الليل،فإنه دأَب الصالحين قبلكم،وقربة إلى الله تعالى،ومَنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومَطردة للداء عن الجسد)رواه أحمد والترمذي والحاكم، وصحَّحه الألباني في،صحيح الجامع،
التزام عمل الصالحات، واجتِناب المحرَّمات،فجملة الأعمال الصالحة من العناية بكتاب الله تعالى،قراءة وتدبُّرًا وحفظًا، وذكر الله تعالى،ومُداومة الاستغفار، والمحافظة على الصلاة في أوَّل وقتها في جماعة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وعيادة المريض، وإعانة المحتاج،
وكذلك الانتِهاء عمَّا حرَّم الله تعالى،من الكذب، والغِيبة، والنميمة، وقول الفحش، والنظر المحرَّم، والتبذير، ومخالطة أهل المعاصي والفجور، وغير ذلك ممَّا حرَّم الله،تعالى،
فأسباب المغفرة كثيرة،لا سيَّما في شهر رمضان، وشهود العشر الأواخر منه، وليلة القدر،ويبذل قصارى جهده، ويرفع شعار﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾طه،
أمَّا العبد الخاسر الخائب الذي يحضره رمضان، ذاك الشهر المبارك، ثم هو هو قائم على معصية مولاه، مُضيِّع لحقوقه،
لا يتحرَّى الخير،ولا يتَّقي الشرَّ،
فسارعوا باغتنام الأوقات واستدراك ما فات وأسالو الله الثبات عله يغفر لنا تقصيرنا واسرافنا في امرنا،وأن يجعلنا ممن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم وان يرزقنا حسن الأستفادة من أوقاتنا،
نسأل الله تعالى، يستعملنا فيه على طاعته ومرضاته،وأن يتقبَّله منا.