تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من أهداف الصيام



امـ حمد
02-07-2014, 06:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أهداف الصيام
فإن الصوم يتعلق بثلاث حالات لا يتم صوم المسلم ولا يجني ثمرته إلا بذلك،
الحالة الأولى،الكف عن الطعام والشراب ومعاشرة الزوج من طلوع الفجر حتى غروب الشمس ابتغاء مرضاة الله،وامتثالًا لأمره سبحانه واحتساباً للأجر منه،
والمستفاد من ذلك هو،تقوية إرادة الصائم وعزيمته على ترك المحرمات إذ أنه يخالف عاداته التي تعودها في غير رمضان،وهي من الأمور المباحة التي أحلها الله،
ويكون أقوى على ترك ما حرم الله من المشتهيات والأطعمة والأشربة،
كذلك تقوى نفسه على النهوض بالطاعات،ويكمن سر الصوم في تلقي دروس مراقبة الله إذ الصوم سر بين العبد وربه،فقد يكون المرء وحده بين جدران بيته وبين يديه الفاكهة اليانعة والطعام الشهي والماء البارد وغير ذلك مما أحل الله من متع الدنيا فلا يتناول شيئاً من ذلك لرسوخ مراقبة الله عليه ويقينه بحسابه له،
فمن تحلى بهذه الروح الطيبة روح الإحساس بمراقبة الله تراه لا يقدم على ارتكاب المعاصي ولو سراً ولا يقصر في أداء واجب نحو ربه،وذلك معنى قوله تعالى(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فمن لم تزك نفسه بهذه الفضيلة فعليه مراجعة نفسه في الصوم،
الحالة الثانية،روى البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم)
وقال ابن حجر الرفث،الكلام الفاحش،
ومعنى لا يجهل،لا يفعل شيئاً من أفعال الجهال كالصياح والسفه، والصخب يعني،رفع الصوت بلا داع كالذي يهذي بالغناء وغير ذلك مما يتنافى والآداب العامة،
وإن كان الإسلام لا يمنع المسلم أن يدرأ عن نفسه عدوان الغير عليه إلا أنه في شهر رمضان يحثه على أن يقول في حالة العدوان عليه إني صائم،كما في الحديث،
وفي قوله،صلى الله عليه وسلم(فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يصخب)ومعنى ذلك أنه يجب على الصائم أن يلتزم بهذه الأخلاق وهذه الآداب وأن يكون ذلك سمته في رمضان كله حتى إذا انتهى رمضان ينتهي معه كل ما تعوده من قبل من تلك الأخلاق الفاسدة والعادات القبيحة،
أين هذا مما عليه الناس اليوم وهم عندما يرون رجلًا سيئ الخلق في نهار رمضان يقولون،دعه فإنه صائم،وكأن الصوم مدعاة لسوء الخلق ولا حول ولا قوة إلا بالله،
فلو التزم الصائمون بتلك الآداب،وفضائل الإسلام واستقام الأمر، وقد قال النبي،صلى الله عليه وسلم(إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنان وغلقت أبواب النيران وسلسلت الشياطين)فأين هذا مما عليه الناس اليوم،
فإنهم قبل رمضان بزمن بعيد يعدون العدة لرمضان، ففي وسائل الإعلام يعدون البرامج وقد أمسك الشيطان وأعوانه بزمام الأمور،
ففي كل يوم تعرض على شاشة التلفزيون الأفلام والمسرحيات والتمثيليات غير ما يسمونه بالفوازير وهي تافهة غير هادفة لا تعود بثقافة ولا علم وإنما هي مضيعة للوقت،وتسفيه للعقول من حيث لا يدري الناس،وضاع أثر الصوم بين هذا وذاك ويمر رمضان كغيره من الشهور بل يزيد الناس من لهوهم ولعبهم وسهرهم حتى الفجر،
فيا للعجب انقلب رمضان إلى شهر تهريج ولعب وضاعت على الناس مقاصد الصوم العالية الرفيعة،
إن شهر رمضان كله وقت عبادة،فمن اقترف شيئاً من المعاصي فليعلم أنه يقضي على أثر الصوم،
ألا فليحاسب كل امرئ نفسه عن سمعه وبصره ويده ورجله وفؤاده، ولتحاسب المرأة نفسها على ما تبديه من زينتها وكشفها ما أمر الله بستره منها،
وقد فهم سلفنا الصالح رضي الله عنهم هذه المعاني،عن أبي عبيدة بن الجراح قال،أن الغيبة تضر بالصيامن
وعن عائشة رضي الله عنها،أن الغيبة تفطر الصائم وتوجب القضاء،
الحالة الثالثة، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال(كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم،أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل،وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة في رمضان ينسلخ، يعرض عليه النبي،صلى الله عليه وسلم،القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسله،
هذا هو منهج المسلم في رمضان ترديد للقرآن بالنهار وصلاة القيام بالليل،والله عز وجل يقول(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)البقرة،إذ أن رمضان هو شهر القرآن ففيه بدأ نزوله،
وعلى ذلك فالصيام تأهيل للسلم وعروج بروحه إلى ساحة القرآن الطيبة، ولذلك كان أئمة الهدى مثل الإمام أحمد،وغيره رحمهم الله عندما يأتي رمضان يلقون ما في أيديهم من كتب العلم ويتفرغون للقرآن قراءة ودراسة،
وليس المقصود تلاوة القرآن بلا تدبر إنما للوقوف على معاني القرآن وأهدافه العظيمة،
فالصيام يكف المسلم عن المنكرات، والقرآن يجدد له عقيدته وخلقه حتى يكون المسلم حسبما رضى الله لعباده،
كذلك يشاطر القرآن في هذه الفضائل صلاة التراويح وهي صلاة القيام ليصطبغ المسلم بصبغة الإسلام ويتجدد إيمانه وصلته بربه.
(تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً)صحيح البخاري،
فَسَّرَ علماء الحديث هذه البركة بمعنيين،إما أنها بركة في الدنيا،
وإما أنها بركةٌ في الآخرة،فهذا الذي يستيقظ ليتناول طعام السحور ربما صلَّى الفجر في المسجد،ربما سمع آيةً بعد صلاة الفجر تركت أثراً بليغاً في نفسه،ربما ذكر الله خالياً ففاضت عيناه بالدموع،ربما تلى القرآن فكان ربيع قلبه،جاءه كل هذا الخيرمن استيقاظه ليتناول طعام السحور،إذا هذه بركة الآخرة،
أما بركة الدنيا،إذا تناول طعام السحور من له أعمال شاقة أمكنه أن يتابع الصيام، بالحد الأدنى من المشقةَّ، فهذا الجسد يحتاج إلى وقود ووقوده الطعام، فتناول طعام السحور من السُنَّة،ومن السُنَّة أيضاً تأخير السحور، هذا الذي يسهر إلى منتصف الليل، ويتناول السحور في الساعة الثانية عشر وينام، ضيَّع عليه صلاة الفجر وضيَّع عليه سنة تأخير السحور، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول(لا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السَّحُورَ وَعَجَّلُوا الْفِطْرَ)مسند أحمد،
الشيء الذي يجب أن يؤكَّد لكم، أن الإنسان إذا تناول طعام السحور،وآوى إلى فراشه مباشرةً، ربما ساء هضمه، وربما أصابته بعض الوعكات الصحية، المتعلقة بغذائه، فلا بدَّ من وقتٍ كافٍ بين تناول طعام السحور، وبين النوم، هذا الوقت يجب أن تمضيه في قراءة القرآن، وفي الصلاة، وفي الذكر،
(فمن صلى الفجر في جماعة، ثم ذكر الله، حتى تطلع الشمس ثم صلّى ركعتي الضحى كتبت له حجةٌ وعمرةٌ تامتين تامتين)وينهى الأطباء، عن أن تأوي إلى الفراش،بعد تناول طعام السحور،
يأمرنا النبي عليه الصلاة والسلام، أن نعجِّل بالفطر، بمجرَّد أن يدخل وقت المغرب،لذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يأكل بعض التمرات، أو أي شرابٍ حلوٍ ميسَّر، أو يشرب جرعةً من الماء، ثم يصلّي المغرب وبعدها يتناول طعامه، وقد هدأ جوعه، وتوازنت أعضاؤه، وسكَّر التمر وصل إلى دمه، فخفف من حدة الجوع وجعله يأكل أكلاً معتدلاً، كما لو أنه في الإفطار، وهذه أيضاً من السُنة،
ولكن إذا تيسَّر لك أن تأكل تمراتٍ ثلاث، وتصلِّي المغرب، وبعدها تأكل، فهذا من السُنة.