تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصائمون في رمضان أقسام



امـ حمد
12-07-2014, 08:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصائمون في رمضان أقسام،
أحدها،من يرتقي مع رمضان،وهم الصالحون الذين أعمروا أيامهم كلَّها بالعمل الصالح،فهم مرتقون أصلاً،لكن جاء رمضان فزاد ثواب أعمالهم،أضعافاً مضاعفة،
والثاني،من يرتقي به رمضان،ثم يبقى في رقيّه ، ولاينزل عن درجته بعده ، وهم الصالحون الذين كانوا مقصّرين في منازل السائرين،فلمّا جاء رمضان رقى بهم،فعلوا وبقوا به،ولكنّه ينحط عن منزلته التي بلغها فيه إلى أدنى منها بعده،وهؤلاء أكثر الصالحين من أهل الإستقامة،
والثالث،من ينتشلهم رمضان من الغفلة،أو المعاصي،فيصلح حالهم بسببه،وهؤلاء هم موكب التائبين في رمضان،وفي كلّ رمضان قوافـلٌ للتائبين،بل أكثـر التائبين يتخرجّون من مدرسته،
والقسم الرابع،من يمرُّ عليهم رمضان ، على أنه مناسبة للتهاني ، والموائد ، والمجالس،والسهر،يصومونه صيام العادات،كما يصلون صلاة العادات،فيكونون بعد رمضـان،وفيه،كما كانوا قبله،طاعاتهم هي هي،نسأل الله أن يهديهم،ويصلح أحوالهم ،
عندما تتأمَّل في الصيام،تجـد فيه معنى عظيـماً في العبودية، لايوجد في غيره من العبادات،وهو أنَّه العبادة الوحيدة التي يمكنك أن تتلبَّس بها أطول وقت،وتكون فيه قائماً بالعبادة،
ولهذا عظُم أمره عند الله تعالى،حتى قال جلَّ،وعزَّ،في الحديث القدسي ( إلاَّ الصوم فإنّه لي وأنا أجزي به )متفق عليه،
وبلغ من تعظيمـه أن اختار الحقُّ سبحانه،شهر الصـوم،ليكون الشهر الذي يُنزل فيه القرآن،وفيه ليلة القدر،وتفتح أبواب الجنان ،وتغلق أبواب النيران،ويعتق الله فيه كلَّ ليلة من النار من شاء أن يعتقهـم،
فالصائم متعبّد لله تعالى في صحوه،ونومه،وشُغله،وفراغه، وصمته،وكلامه،
فالصائم مجاهد لجميع هواه،وما تشتهيه النفس،
وفي الحديث(المجاهد من جاهد هواه في ذات الله تعالى )ولهذا هـو يضيِّق على الشيطان مجاريه،في المكر به ،
من أسرار الصوم،أن الله تعالى يبسط فيه موائد رحمـته لعباده، ويظهر لهم بعض ما في كنوزه من الخيرات،وأعظم ذلك أنَّه يغلق أبواب النار،ويفتح أبواب الجنان،
فتُفـتح قلوب المؤمنين إلى نيل ما في الجنة بالعمل الصالح ،
ولهذا تفتح أبواب الجنة كلّها،كما صح في الحديث(لمن يتوضّأ، فيتشهَّد بعد وضوءه)صحيح مسلم،
قال العلماء لأنه تطهر من الذنوب بالوضوء،وأتى أعظم العمل الصالح بالشهادتين،فتم له من الإيمان ما تم،ففتحت له أبواب الجنة،
كما أعطى الصائم أطيـب من ريح المسـح ، فيجد الله تعالى تلك الرائحة الزكيّة من عبده الصائم ،
وقد قال بعض العلماء،لو لم يكن للصوم إلاّ هذا الفضل العظيم لكفاه،
أنَّ الله تعالى يسلسل الشياطين في شهر الصوم،ويمد المؤمن بعبادة الصوم،وهي عبادة متواصلة،ترقى بالنفس إلى كمالات الإيمان،فيدع الشهوات،ويتجنَّب قول الزول،ويملك غضبه حتى لو سبَّه أحد،أو شاتمه،فيعـود نفسه بذلك على التحكم في القـوة الغضبيّة،والقـوّة الشهوانيّة،وهما مدخلاً الشيطان على الإنسان،
وأفضل ثلاث ساعات في رمضان،
الساعة الأولى،أول ساعة من النهار،بعد صلاة الفجر،قال الإمام النووي رحمه الله،اعلم أن أشرف أوقات الذكر في النهار الذكر بعد صلاة الصبح،
وأخرج الترمذي،عن أنس رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس،ثم صلى ركعتين كانت له كآجر حجة وعمرة تامة تامة تامة )رواه الترمذي،
ونص الفقهاء على استحباب استغلال هذه الساعة بذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس وفي الحديث(اللهم بارك لأمتي في بكورها )هذا الحديث رواه أبوداود والترمذي وأحمد في المسند،وقد صححه شيخنا الألباني،
لذا يكره النوم بعد صلاة الصبح لأنها ساعة تقسم فيها الأرزاق فلا ينبغي النوم فيها بل احيائها بالذكر والدعاء وخاصة أننا في شهر رمضان الذي فيه يتضاعف الأجر والثواب،
الساعة الثانية،آخر ساعة من النهار،قبل الغروب،هذه الساعة الثمينة تفوت على المؤمن الصائم غالباً بالانشغال بإعداد الإفطار
والتهيء له،فهي لحظات ثمينة ودقائق غالية،هي من أفضل أوقات الاستجابة،
كما جاء في الحديث الصحيح( ثلاث مستجابات،دعوة الصائم ،ودعوة المظلوم،ودعوة المسافر)رواه الترمذي،
وكان السلف الصالح لأخر النهار أشد تعظيماً من أوله لأنه خاتمة اليوم والموفق من وفقه الله لاستغلال هذه الساعة في الدعاء،
الساعة الثالثة،وقت السحور،السحور هو الوقت الذي يكون قبيل الفجر قال تعالى (والمستغفرين بالأسحار )
فاحرصوا أيها الصائمون،على هذا الوقت الثمين بكثرة الدعاء والاستغفار حتى يؤذن الفجر،وخاصة أننا في شهر رمضان
فلنستغل هذه الدقائق الروحانية فيما يقوي صلتنا بالله تعالى،
قال تعالى(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ،وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ)

أسأل الله تعالى أن يفيض علينا من بركات هذا الشهر العظيم من أعلى الدرجـات،وأن يرزقنا فيه صيامه،وقيامه،وتلاوة كتابه،على الوجه الذي يرضيه،وأن يصلح لنا شؤوننا كلَّها،وأن يجعل عاقبة أمرنا كلَّه رشدا،
أللهم آميــــــن.