المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاج المعاصي



امـ حمد
04-08-2014, 02:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علاج المعاصي
لا شك أن لكل داء دواء،والمعاصي كغيرها من العلل والأدواء بل إنها أخطر من أمراض البدن العارضة،
وأما المعاصي،فإنها أمراض للقلوب، وفي مرض القلوب ذهاب للدين والدنيا،ومن أراد العلاج فلا بد من الصبر على مرارة الدواء، ومن لم يصبر لمرارة الدواء حرم من العلاج،
وفي علاج المعاصي صلاح للأرض والعباد، كما أن في انتشارها فساد للأرض والعباد،
فيا غارقاً في الذنوب عالج نفسك قبل الهلاك،ويا معرضاً عن سبل الطاعات عالج داءك,
وإليك وصفات العلماء، تجلو بها ما بقلبك من أدواء المعاصي،
أولاً،الخوف من الله تعالى،تذكر دائماً أن الله تعالى هو القاهر ،شديد العقاب،الذي لا يعذب عذابه أحد،وإذا كنت أيها الضعيف لا تطيق بطش مخلوق متجبر،فكيف تطيق بطش ملك الملوك،
كثير من العصاة يقعون في الذنوب ولا يستحضرون خوف الله تعالى،ولو خاف العاصي بأس الله تعالى،لأقلع عن الذنب،
فيا أيها العاصي تذكر أنك تبارز الملك المتفرد بالكبرياء،
وقد حذرك الله تعالى،شديد انتقامه وبأسه(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ)آل عمران،
قال الحسن البصري رحمه الله،ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله،واعلم أن أعظم زاجر عن الذنوب هو خوف الله تعالى، وخشية انتقامه وسطوته وحذر عقابه وغضبه وبطشه(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
ثانياً،صدق التوجه إلى الله وسؤاله الهداية،على المسلم أن يكون دائم التوجه إلى ربه تعالى،وسؤاله من فضله وإحسانه،وهذه أخلاق المؤمنين الصادقين،
ولكن مجرد التوجه لا يكفي إن لم يصحبه صدق وإخلاص،
وأن يراعي في ذلك شروط الدعاء المستجاب،حتى يثمر دعاؤه عن الإجابة،والعبد في جهاده للنفس والشيطان إن لم يوفقه الله تعالى، فلن يتغلب عليهما،
وفي خطبة النبي صلى الله عليه وسلم،والتي تسمى،خطبة الحاجه،(من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له)رواه مسلم،
فلتكثر من دعاء الله في أمرك كله،ولتستعذ بربك من شر نفسك،ومن شر الشيطان,وإذا أخلصت في ذلك فستجد الله قريباً منك،
ثالثاً،مجاهدة النفس عن شهواتها،لا تظنن أن نفسك التي بين جنبيك صديق حميم،وإنما هي العدو النازل بين جنبيك تحب دائماً أن ترتع في هواها وشهواتها ,ولا تزال تدعوك إلى هواها حتى تهلكك،
أيها العاصي،فلتعزم على جهاد نفسك وعصيانها، فإن فعلت ذلك فستجد ربك تعالى مسدداً لك،وهادياً لك إلى صراطه المستقيم،
قال الله تعالى(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)العنكبوت،
قال عبد الواحد بن زيد رحمه الله،من نوى الصبرعلى طاعة الله صبره الله عليها،وقواه لها ومن عزم على الصبرعن المعاصي، أعانه الله على ذلك وعصمه عنها،
وضعفك،وترددك،وتسويفك للتوبة، هو الذي سيجعل للمعاصي سلطاناً عليك،ولا تدري بعدها على أي حال سيُختم لك،
رابعاً،الإكثار من النوافل والطاعات،الإكثار من النوافل والطاعات، عدو للمعاصي،لأن الطاعات ضد المعاصي،
خامساً،مجالسة الأخيار،إن مجالسة الأخيار والصالحين من الأدوية النافعة للنجاة من شرور المعاصي،
فإن أثر الصحبة والمخالطة على الإنسان مما لا ينكره أحد، وقرين السوء كالداء الملازم للبدن،
كما أن القرين الصالح كالمرهم الواقي على الجرح، يهديك النصيحة،ويدلك إلى طريق الهداية والسداد،
ولا تنس أن أقبح عيب للمعاصي، أن العاصي معاند لربه سبحانه، متمرد على طاعته،فتلجعل طاعة الله شعاراً في حياتك،حتى تفوز بالخيرات في الدنيا والآخرة،
والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة ، المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله،

فمنها، حرمان العلم ، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور،
ولما جلس الإمام الشافعي،بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته،وتوقد ذكائه،وكمال فهمه،فقال،إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً،لا تطفئه بظلمة المعصية،
وقال الشافعي رحمه الله،شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي،
وقال اعلم بأن العلم فضل،وفضل الله لا يؤتاه عاص،
وحرمان الرزق،وفي المسند،إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وقد تقدم ،
وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق،فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي،
ووحشة يجدها العاصي في قلبه،بينه وبين الله لا توازنها ولا تقارنها لذة أصلاً،ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة،
ومنها،الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس،ولاسيما أهل الخير منهم،وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم ، وحرم بركة الانتفاع بهم،وقرب من حزب الشيطان،بقدر ما بعد من حزب الرحمن،وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم،فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه،وبينه وبين نفسه،فتراه مستوحشاً من نفسه،
وعن أبي الدرداء قال،ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر،ثم قال،أتدري مم هذا،قلت،لا،قال،إن العبد يخلو بمعاصي الله فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر،
وقد ذكر الإمام أحمد عن أبي الدرداء ،اعبدوا الله كأنكم ترونه، وعدوا أنفسكم من الموتى،واعلموا أن قليلاً يغنيكم،خير من كثير يلهيكم،واعلموا أن البر لا يبلى،وأن الإثم لا ينسى،
وقال يحيى بن معاذ الرازي،عجبت من ذي عقل يقول في دعائه، اللهم لا تشمت بي الأعداء،ثم هو يشمت بنفسه كل عدو له، قيل،وكيف ذلك،قال يعصي الله ويشمت به في القيامة كل عدو ،
وقال ذو النون،من خان الله في السر هتك الله ستره في العلانية،
ومنها،تعسير أموره عليه،فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه،أن من تلقى الله جعل له من أمره يسرا،
فمن عطل التقوى جعل له من أمره عسرا،
ويا لله العجب،كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه وطرقها معسرة عليه،وهو لا يعلم من أين أتي،
وظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم،فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ، فإن الطاعة نور،والمعصية ظلمة،وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته،حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر،كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده ، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين،ثم تقوى حتى تعلو الوجه ، وتصير سوادا في الوجه حتى يراه كل أحد،
قال عبد الله بن عباس،إن للحسنة ضياء في الوجه،ونورا في القلب،وسعة في الرزق،وقوة في البدن،ومحبة في قلوب الخلق،وإن للسيئة سوادا في الوجه،وظلمة في القبر والقلب، ووهنا في البدن،ونقصا في الرزق،وبغضة في قلوب الخلق، ومنها،حرمان الطاعة،فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن طاعة تكون بدله،ويقطع طريق طاعة أخرى،فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة،ثم رابعة،وهلم جرا،فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة،كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها،فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غب إضاعتها يوم يقول،ياليتني قدمت لحياتي،
اللهم اصرف عنا المعاصى وقنا عذاب النار،وعذاب القبر، واجمعنا بالصالحين يارب العالمين، وأحفظ عيالي وارزقهم الرزق الحلال،يارب العالمين.