المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كأنه لم يخلق للعبادة،وإنما خلق للدنيا وشهواتها



امـ حمد
19-08-2014, 02:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغفلة،هي الانغماس في الدنيا والشهوات ونسيان الآخرة فيجتهد الغافل في تعمير الدنيا الفانية،وتخريب الآخرة الباقية،
يقول الله تعالى(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ،مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ)الانبياء،
فالغافل يريد أن يعيش عاملاً علي إشباع شهواته ،وألا يفقد شيئاً من ماله إلا في ملذاته ،حريصاً علي كل لحظة من عمره إلا وهو مستريح هادئ حتى ولو علي حساب دينه ، فهو يريد أن يعيش متمتعاً بحياته علي أقصي درجة،
هذا يسمى نوم القلب،لأن القلب اليقظ يعلم أنه لم يخلق في هذه الدنيا لينغمس فيها وينسى آخرته،
وأن هذه الدنيا قنطرة إلى الآخرة، وأن لذاتها مكدرة،نعمها منغصة ، فليست هناك لذة خالصة بدون تنغيص،
أما اللذات ففي الآخرة ،ولذلك لما سئل الإمام أحمد متى الراحة، قال عند وضع أول قدم في الجنة،
علامات الغفلة،
أولاً،التكاسل عن الطاعات،قال الله تعالى في شأن المنافقين(وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)سورة النساء،
ثانياً،استصغار المحرمات والتهاون بها،قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه(إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقطع عليه،وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُباب مرّ على أنفه فقال به هكذا،فقال أبو شهاب،بيده فوق أنفه)رواه البخاري
ثالثاً،تضييع الوقت من غير فائدة،فإن الوقت نعمة، ولا يضيعه إلا غافل،لأنه لا يعرف أن الوقت هو أغلى مايملك،
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال،قال النبي صلى الله عليه وسلم(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس،الصحة والفراغ)رواه البخاري،
وما أحسن قول القائل،
تزوَّد من التُّقَى فإنَّك لا تدري،،،،،إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ،،،،وكم من عليلٍ عاش حيناً من الدهر،
أسباب الغفلة
حب الدنيا،يقول ابن كثير في تفسيره،فإن أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها فهم فيها حذاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها وهم غافلون عن أمور الدين وما ينفعهم في الدار الآخرة كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة،
فبعض الناس يجلسون مع بعضهم البعض كل حديثهم عن الدنيا ، عن المال،عن النساء،عن الشهوات،عن الربح عن الخسارة وهم عن الآخرة هم غافلون،
فالاغترار بالدنيا والانغماس في شهواتها سبب كبير للغفلة ، قال الله عز وجل(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُون) الحجر،إن حال هؤلاء ليُنبئ عن حب الدنيا وكأنهم مخلدون فيها،
قال تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)فاطر،
فهذا الرجل كأنه لم يخلق للعبادة وإنما خلق للدنيا وشهواتها،
فإنه إن فكر فكر للدنيا،وإن أحب أحب للدنيا،وإن عمل عمل للدنيا ،فمن أجلها يخاصم ويزاحم ويقاتل ،
وبسببها يتهاون ويترك كثيراً من أوامر الله عز وجل وينتهك المحرمات من أجلها،
وإن من الخسارة العظيمة أن تضيع حياة العبد ما بين أمل طويل وعمل سيء، فتراه في نهاره عاملاً جامعاً مانعاً،
وللفرائض والآداب مضيعاً، فإذا جاء الليل ارتمى على فراشه كالخشبة الملقاة،لا يقوم لصلاة فريضة فضلاً عن قيام ليل وعبادة رب كريم،
المعاصي، وهي من أعظم أسباب الغفلة، قال الله عز وجل(كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)المطففين
صحبة السوء،والعرب تقول الصاحب ساحب، والطبع يسرق من الطبع، فمن جالس أهل الغفلة والجرأة على المعاصي سرى إلى نفسه هذا الداء،
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)رواه أبو داود وحسنه الألباني،
وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي) رواه أبو داود وحسنه الألباني،
وما أحسن ما قال القائل،
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينة،،،،فكل قرين بالمقارن يقتدي
طول الأمل،فيعيش في الدنيا وهو يظن أنه لن يفارقها فهو مقبل عليها غافلا عن آخرته ،قال الله تعالى(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)سورة الحجر،
وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يهرم ابن آدم وتشبُّ منه اثنتان،الحرص على المال، والحرص على العمر)متفق عليه،
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه(ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة،ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكون من أبناء الدنيا،فإن اليوم عمل ولا حساب،وغداً حساب ولا عمل)رواه الترمذي،
وما أجمل قول ابن القيم(كم جاء الثواب يسعى إليك فردَّه بواب سوف ولعل وعسى)
فكم يترك المرء من الطاعات من واجبات ونوافل مـؤجَّلة معلَّقة، لأنه لا يشعر بدنوِّ أجله،
بل الحياة أمامه ممتدة جميلة خضرة لن تنتهي،
كثرة الكلام في غير ذكر الله تعالى،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم،قال(لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي)رواه الترمذي،
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله،إن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليتخير العبد أعجبهما إليه وأَولاهما به، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة ،والغفلة عن الموت والدار الآخرة،
علاج الغفلة،
أولاً،العلم بالله،معرفة الله عز وجل، ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم،ومعرفة دينه وشرعه،قال الله تعالى(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)الزمر ،
وعن معاوية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)رواه البخاري
ثانياً،ذكر الله تعالى على كل حال،فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه،أن النبي قال(مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت)متفق عليه،
ثالثاً،مجالس الذكر،فهي العلاج الناجح لعلاج غفلة القلوب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه،أن رسول الله قال(إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا،قالوا،وما رياض الجنة،قال،حلق الذكر)أخرجه الترمذي وحسنه الألباني،
وقال عثمان رضي الله عنه،لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم،
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه،من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله،
رابعاً،الحرص على قيام الليل،عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال،جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال(يا محمد عش ما شئت فإنك ميت،وأحب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به،واعلم أن شرفُ المؤمن قيام الليل،وأن عزُّه استغناؤُه عن الناس)أخرجه الحاكم، وحسنه الألباني،
أسأل الله تعالى،أن يرزقنا علوَّ الهمة وحب الطاعة.

الحسيمqtr
03-09-2014, 09:40 PM
جزاكِ الله خير

امـ حمد
04-09-2014, 02:53 AM
جزاكِ الله خير


بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

Noof_mz
04-09-2014, 12:12 PM
لا حول ولا قوة الا بالله الله يصلح حالنا وحال المسلمين

امـ حمد
04-09-2014, 04:33 PM
لا حول ولا قوة الا بالله الله يصلح حالنا وحال المسلمين

بارك الله في حسناتج اختي الغاليه نووف
ويزاااج ربي جنة الفردوس يالغلا