المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أفشى سره أفسد أمره



امـ حمد
06-09-2014, 02:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضوان الله عليه(فقد كان المغيرة بن شعبة،أحد دهاة العرب،والياً لعمر بن الخطاب على الكوفة،
وبدا للفاروق رضوان الله عليه أن يعزله ويولي جبير بن مطعم مكانه، فأبلغ هذا القرار إلى جبير وطلب منه أن يتجهز للسفر ولكنه أوصاه بكتمان ذلك،
فقد كان الفاروق في فن الحكم قمة عالية من التفوق والاقتدار ويدرك أهمية الكتمان في كثير من الظروف،
ويبدو أن المغيرة بن شعبة أحس بذلك فأراد أن يستوثق منه،
وكان لأحد أصدقائه زوجة ذات شهرة كبيرة في لقط الأخبار إلى حد أنها سميت(لقاطة الحصا)فطلب المغيرة بن شعبة من هذا الصديق أن يبعث بامرأته هذه لتتعرف حقيقة الخبر،
فذهبت(لقاطة الحصا)إلى بيت جبير ووجدت زوجته تعد له متاع السفر فسألتها،إلى أين يخرج زوجك،
فقالت زوجة جبير،إلى العمرة، فعمدت لقاطة الحصا إلى إثارتها وقالت لها،إنه يكتمك حقيقة أمره ولو كان يثق بك لأطلعك على الأمر كله، ولم تنتبه زوجة جبير لهذه الخديعة، فجلست في بيتها غاضبة تنتظر عودة زوجها لتسأله وتلح في سؤاله حتى أخبرها في النهاية بقرار عمر،فأسرعت وهي مزهوة فرحة تبلغ ذلك إلى لقاطة الحصا،وصل الخبر بذلك إلى المغيرة بن شعبة وهو الشخص الوحيد الذي أراد عمر أن يكتم الخبر عنه، وذهب المغيرة، في دهائه،إلى الفاروق ليعلن ترحيبه بهذا القرار وهو يقول له،بارك الله لأمير المؤمنين في رأيه وتوليته جبيرًا واليًا على الكوفة، وعرف الفاروق ما فعله جبير وساءه ألا يكتم جبير ما أمره بكتمانه، فعدل عن تعيينه واليًا على الكوفة،
هناك أمور كثيرة يجب على المسلم أن يلتزم فيها بخلق الكتمان، ولا يظهرها لأحد من الناس، ومن هذه الأمور،
كتمان السر،المسلم يحتفظ بالسر سواء أكان هذا السر خاصاً به أم أنه يتصل بشخص آخر ائتمنه عليه،
فإذا حفظ المسلم السر فإن نفسه تكون مطمئنة لا يخاف من شيء، أما إذا أعلن سره للآخرين فإن ذلك يكون سبباً في تعرضه للمضار والأخطار،
واحتفاظ المسلم بالسر دليل على أمانته، مما يجعل الناس يثقون به ويسعون إلى صداقته،
أما إذا كان من الذين يفشون الأسرار، فإن الناس سيكرهونه ولن يثقوا به، وقد قال صلى الله عليه وسلم(إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة)صحيح البخاري
وكان الرسول،صلى الله عليه وسلم،إذا أراد غزوة فإنه لا يخبر أحدًا بوقتها ولا بمكانها حتى يجهز الجيش ويستعد للقتال،
ومما قاله الحكماء في كتم السر وعدم إفشائه،من أفشى سره أفسد أمره، ومن كتم سره ملك أمره،
وقيل،أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره،
وقال عمر بن الخطاب،رضي الله عنه،من كتم سره كان الخيار بيده
وقال،ما أفشيت سري إلى أحد قط فلمته،إذ كان صدري به أَضيق،
وقال علي رضي الله عنه،سرك أسيرك فإذا تكلمت به صرت أسيره،
وقال الشاعر،
إذا المرء أَفشى سره بلسانه،،،ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه،،،فصدر الذي يستودع السر أضيق
كتمان الحاجات،إذا أراد المسلم أن يقوم بعمل ويؤديه على خير وجه، فعليه أن يكتمه حتى ينفذه أو ينهيه،ولا يحدث كل من يقابله بما يريد فعله،
عن معاذ بن جبل قال،ل
قد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم،بالكتمان في قضاء الحوائج،فقال(استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود)صحيح،أخرجة الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ،فمقصود الحديث أن صاحب النعمة لا يغالي في ظهور النعمة،لأن في بعض الناس أنهم أهل حسد، وأصحاب عيون فارغة ولا يتقون الله، فلا يظهر هذه النعمة عليهم، ويظهر النعمة على من يثق بدينه، ولا يحسد، ويرضى بقدر الله عز وجل،
كتمان أسرار البيت،ما يحدث في البيوت إنما هو أسرار يجب على الإنسان أن يكتمها ولا يفشيها للآخرين،
فلا يتحدث مع الناس بما يحدث في بيته، وعليه أن يلتزم بالكتمان في علاقته مع زوجته،فلا يفشي ما يحدث بينهما،لأنه أمانة،
قال صلى الله عليه وسلم(إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها)صحيح مسلم،
كتمان عورات المسلمين،المسلم لا يتحدث عن الآخرين بما يؤذيهم، بل إنه يستر عوراتهم، ويغض بصره عن محارمهم، وقد توعد الله سبحانه،من يقومون بهتك أستار المسلمين بالعذاب الأليم،
فقال(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)سورة النور،
المسلم إذا بدرت منه معصية أو فعل ذنباً فإنه يكتم على نفسه، ولا يتحدث بذنوبه أمام الناس، ويسارع بالتوبة إلى الله، والاستغفار عما فعل من الذنوب،
أما هؤلاء الذين يتفاخرون أمام الناس بأنهم يرتكبون الذنوب ويفعلون المعاصي فقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم، مجاهرين،لا ينالون عفو الله عز وجل،يقول النبي صلى الله عليه وسلم(كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً،ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول،يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)رواه البخاري ،ومسلم،وحسنه الألباني،
الكتمان المحرم،
إذا كان الكتمان أمراً مطلوباً،وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم،فإن هناك أموراً لا يجوز للمسلم أن يكتم ما عنده فيها،بل عليه أن يحدث بكل ما يعرفه وإلا أثم وارتكب وزراً،ومن هذه الأمور،
الشـهادة، فلا يجوز للمسلم أن يكتم الشهادة، بل عليه أن يؤديها كما رأى،وقد أمر الله،تعالى،بعدم كتمان الشهادة،فقال(وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)سورة البقرة،
البيع والشراء،على البائع المسلم أن يبين ما في سلعته، وأن يصدق في بيعه، حتى يبارك الله عز وجل،له في تجارته،يقول النبي صلى الله عليه وسلم(البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بوركَ لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)صحيح البخاري،
العلم،لا يجوز للمسلم أن يكتم العلم،لأن كتمانه ذنب عظيم يعاقب عليه أشد العقاب،
وكتمان العلم يؤدي إلى لعنة الله على من يكتمه،
قال تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)سورة البقرة،
ويأتي كاتم العلم يوم القيامة وعلى فمه لجام من النار،لأنه كتم العلم وبخل به على الناس،يقول -صلى الله عليه وسلم(من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)
فعلى المسلم ألا يكون كاتماً للعلم أو شهادة الحق.

الحسيمqtr
06-09-2014, 11:47 AM
جزاكِ الله خير

امـ حمد
06-09-2014, 07:11 PM
جزاكِ الله خير

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

قوت القلوب
09-09-2014, 01:54 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
09-09-2014, 02:36 AM
جزاك الله خير

بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس