المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدنيا سجن الصالحين



امـ حمد
09-09-2014, 06:20 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)سجن قديم قدم الأزل منذ أن خلق الله السماوات والأرض﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى،وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى،قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا،قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)طه،
خالف آدم عليه السلام فكان العقاب في سجن يُسمى سجن الدنيا، سجن المصائب،وسجن الهموم،وسجن المحن،وسجن المرض، وسجن الخوف،وسجن الحزن،وسجن الذنوب،
وإذا جاء لفظ السجن تبادر إلى الذهن مباشرة القيد،والحبس، والسجَّان،وضيق المكان،وكآبة المشهد وظلمته، فلا تأكل إلا بأمر السجَّان،ولا تلبس،ولا تتحرَّك إلا وفق مراد السجان،
تخيَّل ظلمة السجن وضمَّته وضيقه، تصور ذلك التفكير القاتل الذي يعيشه أهل السجن في سجنهم وهم ينتظرون ساعة الخلاص،
ساعة الغروب التي إذا نزلت على السجين نزلت بكل هموم الدنيا وأثقالها وأحمالها وهو ينتظر الفجر لعله يأتي بالبشرى،
لوعة يصورها يوسف عليه السلام في سجنه وهو يقول﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ﴾يوسف،
وهو يتذكر فضل الله عليه فيذكر أول ما يذكر خروجه من سجنه وحبسه وقيده،
سجن الدنيا يكابد فيه نوح تكذيب قومه،ويُبتلى فيه يعقوب فيفقد قرَّة عينه، ويُقاسي فيه موسى ظلم فرعون وجبروته، ويتألم فيه محمد صلى الله عليه وسلم،من صدود عشيرته وقومه،
الدنيا سجن الصالحين،فكم نغِّص فيها على أولياء الله تعالى،فسُجن يوسف،
متى ساعة الإفراج من هذا السجن،ومتى سيُكسر ذلك القيد،
وتأتي الإجابة كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال،قال النبي صلى الله عليه وسلم(إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مُضغة مثل ذلك، ثم يبعَث الله ملكًا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له،اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد)
فالأجل وساعة الموت هو توقيت لحظة الإفراج من ذلك السجن، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت وهي تحدِّث عن ساعة احتضار النبي صلى الله عليه وسلم،ثم أفاق فأشخص بصرَه إلى السقف ثم قال(اللهم الرفيق الأعلى)قلت،إذًا لا يختارنا، قالت،وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدِّثنا به وهو صحيح في قوله،إنه لن يُقبض نبيٌّ قطُّ حتى يرى مقعده من الجنة ثم يُخيَّر، قالت عائشة،فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم(اللهم الرفيق الأعلى)وكأنه عليه الصلاة والسلام ينظر إلى ساعة الإفراج من سجن الدنيا وهو يقول لربه﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾طه،
ويؤكد مفهوم الإفراج من سجن الدنيا عند الموت ما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،جلس على المنبر،فقال(إن عبدًا خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهره الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده)فبكى أبو بكر وقال(فديناك بآبائنا وأمهاتنا)فعجبنا له وقال الناس،انظروا،يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عبدٍ خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول،فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم،هو المخيَّر، وكان أبو بكر هو أعلمنا به،
فاختيار النبي صلى الله عليه وسلم،للموت وتقديمه على غيره من خيار يُشعرك بأن هناك فسحةً بعد هذه الدنيا أوسع وأرحب، وخصوصاً للعبد الصالح،
وبعد الخروج من السجن،هل إلى جنة،أم إلى غيرها،
فتأتي الإجابة كما في الصحيحين من حديث أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،مرَّ عليه بجنازة فقال(مُستريحٌ ومستراحٌ منه)قالوا،يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه،فقال(العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)
لقد فهم الصحابة والتابعون من بعدهم حقيقة سجن الدنيا،وعرفوا ساعة الإفراج،وفهموا أين المصير من بعد ذلك السجن،
فتسمع أن أحدهم حين يُقتَل في سبيل الله يرفع صوته ويقول(فزت ورب الكعبة)وكأنه يتخيل لحظة كسر القيد،بل ربما يفرح كفرح بلال رضي الله عنه وهو يقول ساعة موته،غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه)
أما نحن فنكثر من شراء العقارات في سجن الدنيا،ونبني قصوراً في سجن الدنيا،وكثيراً ما ننشغل بصيانة ذلك السجن وتلوينه وتزينه،
هل رأيتم سجيناً يَبني ويُلوِّن ويشتري في السجن،
مهما بلغ شأن الإنسان في هذه الدنيا فهو في سجن إذا ما قورن بما عند الله جل في علاه ،فلا تتعلق كثيرًا بالدنيا ومُتعتِها وزينتها، فكلها زائلة مؤقَّتة، وستنتهي الدنيا ساعة الإفراج والخروج من قيدها،
اللهم اجعل خير أعمالنا آخرَها، وخير أيامنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم لقائك.

مرهوب
09-09-2014, 10:47 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
09-09-2014, 05:03 PM
جزاك الله خير

بارك الله في حسناتك اخوي الدهر
وجزاك ربي جنة الفردوس

غايتي الجنة
10-09-2014, 08:38 PM
الله يجزيك الخير

امـ حمد
10-09-2014, 11:19 PM
الله يجزيك الخير


بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

white bird
11-09-2014, 03:25 AM
جزاج الله خير ..

امـ حمد
11-09-2014, 03:58 AM
جزاج الله خير ..





بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
23-09-2014, 08:51 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
23-09-2014, 09:55 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس