امـ حمد
18-09-2014, 02:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأمانة هي أداء الحقوق،والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه،يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويرد الودائع،
وهي خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان،لما عرض الله سبحانه على السموات والأرض والجِبال حمل الأمانة،
رفضت أن يحملنها لعظمها وثقلها(كما في قوله عز وجل( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )الأحزاب،
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم،الأمانة دليًلا على إيمان المرء وحسن خلقه، فقال صلى الله عليه وسلم(لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)
المفهوم الصحيح للأمانة،
1ـ وهو استخلاف الله لهذا الإنسان،كونَه خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه،
وأراده على الأرض يَسكُنها ليعمرها بعبادته،قال تعالى(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ،مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ،إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )الذاريات،
فالآيه تُشير إلى إرادة الله لهذا الإنسان أن يمثِّل النموذج السويِّ في حمل أمانة الله،
2ـ إن مؤهِّلات ومعايير ومواصفات حمل هذه الأمانة لا تستوفيها السموات التي يَبرُز الطهرُ والعلوُّ والسموُّ كأبرز مُتطلّبات حمل الأمانة،ولهذا عدل عنها إلى غيرها وهي الأرض التي تَطوي بين جنباتها من الشموخ والارتِفاع والقوة والصلابة ما يكون عاملاً مساعدًا جدًّا لحملِ هذه الأمانة وأدائها على الوجه المطلوب،
وإذًا مِن خلال هذا العرض يتبيَّن القصور لدى كل من السموات والأرض والجبال،وبالتالي يصعب ويشقُّ عليهن حمل الأمانة إذا حمَلتها إحداهنَّ بمُفردها،فكان أن أظهر الله ما فيهنَّ مِن الصِّفات والمَزايا التي تُؤهلهنَّ لحملِ الأمانة لولا عجزهنَّ جميعًا فيما يَفتقدنه من الصفات المستوفية لقدرتهنَّ في حمل الأمانة، ولهذا عبرت الآيات بأحسن الألفاظ الدالة على هذا المُراد،فقال( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا )الأحزاب،
والإباء هنا عدم توفُّر ما يساعدهنَّ على أداء أمانتهنَّ إذا حملنها،
3- قوله تعالى(وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ )الأحزاب،أي قدرة الإنسان تكليفًا على تحمُّل هذه الأمانة بما فيه مِن الضعفِ إلا أنه يمتلك الأداة التي أوجَدَها الله فيه لتُساعده على حمل الأمانة وأدائها على الوجه الذي يَرتضيه الله سبحانه، هذه الأداة أو الملَكة التي منَحه الله إياها هي التي أسجَدَ الله له الملائكة لأجلِها،
4- أما قوله تعالى( إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )الأحزاب،لا يُفهم منه أنه ظلوم لنفسِه جهول حين لم تَحمل السموات والأرض والجبال الأمانة وبادر هو في حَملِها، فما كان الله ليهَب لهذا الظلوم الجهول أشرف وأجلَّ وأزكى رسالة ووظيفة لمُجرَّد أنه تعرض لها واستشرف،وحاشا ربي أن يكون الأمر كذلك،وإنما وصفه الله بهاتين الصفتين بعد تحمُّله هذه الأمانة لإيضاحِ أن مِن أكبر معوقات وعقبات أداء وحمل الأمانة هاتين الصفتين (الجهل والظلم)ولبيان أن نقيضهما وهو(العلم والعدل)هما الصِّفتان والخصلتان اللتانِ بهما يُحقِّق مرادَ الله على أرضه، ويوفي ما عليه من تبعات وتكاليف هذه الأمانة الإلهية الربانية التي لأجلها خلق الله الخلقَ،ولأجلها خلَقَ الكون بما فيه وعليه وتحته،
5- مما يساعد الإنسان على أداء رسالته وحملِ أمانتِه استغلالُ ما وهبه الله من العقل القادر على استخلاص العِبَر والمنافعِ، والربط والفَهم فينظر دارسًا ومُتأمِّلاً لدلالات ما في السموات من السموِّ والفلائك والنجوم والكواكب والشموس والقمر،
6- علَّل الله،جل شأنه،بعد ذلك فقال( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )الأحزاب،
أن حملَ الأمانة يُوجِب مِن الله التوبة على صاحبِها لضعفِه وتقصيره في أدائها، فمهما اجتهَد العِباد والمُخلِصون والعُلماء الربانيون،وبذَلوا جُلَّ أعمارِهم لخِدمة هذه الأمانة فلن يُوفُّوها عند الله حقَّها لولا سعةُ رحمته التي وسِعَت كل شيء، فالله يَقبلُ من عباده على تقصيرهم، ويَغفِرُ لهم ويرحمهم، أما الذين لم يَحملوا هذه الأمانة وهم المنافقون والمُشركون رجالاً ونِساءً، فإنَّ الله توعَّدهم بالعذاب، وعلَّل تعذيبهم بعدم الأخذ لهذه الأمانة وأدائها كما يُحبُّ ربُّنا ويرضى،
وأمانة حمل هذا الدين وحمل الخَلقِ عليه ترغيبًا وترهيبًا والدعوة إليه،قال تعالى( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )فصلت،
وقال تعالى(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )آل عمران،
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )آل عمران،
والعمل على تحكيمه وجعله منهاج حياة للناس يَحتكمون إليه(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)المائدة(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)المائدة،
وتربية الأجيال والناشئة على هذا الدين والعمل به، وإنشاء المدارس والمعاهد العِلمية التي تُدرِّس علوم الدين ومقاصد الشريعة،
الأمانة لها أنواع كثيرة،منها،
الأمانة في العبادة،فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي، ويحافظ على الصلاة والصيام وبر الوالدين، وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين،
الأمانة في حفظ الجوارح،على المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله سبحانه،فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام،والأذن أمانة يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام،واليد أمانة،والرجل أمانة،
والأمانة في الودائع،من الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم،مع المشركين، فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم،ليحفظها لهم،فقد عُرِفَ الرسول صلى الله عليه وسلم،بصدقه وأمانته بين أهل مكة، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين،
الأمانة في العمل،من الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات، ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته،وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد،
الأمانة في الكلام،من الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها، فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى،
كما قال الله تعالى(ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)إبراهيم،
المسئولية أمانة،كل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه، سواء أكان حاكمًا أم والدًا أم ابنًا، وسواء أكان رجلاً أم امرأة،فهو راعٍ ومسئول عن رعيته،
قال صلى الله عليه وسلم(ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)متفق عليه،
فضل الأمانة،عندما يلتزم الناس بالأمانة يتحقق لهم الخير، ويعمهم الحب، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة،
فقال تعالى(والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون)المعارج،وفي الآخرة يفوز الأمناء برضا ربهم، وبجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين،
فهي ما أوجب الله علينا من التوحيد الذي هو أصل الدين, وإخلاص العبادة لله وحده ، وهكذا ما أوجب الله علينا من اتباع الرسول،صلى الله عليه وسلم,
والإيمان بأنه رسول الله, والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة, والنار, والساعة,والحساب, والجزاء كل ذلك داخل في الأمانة ،
وهكذا الإيمان بالصلاة, والزكاة, والصيام, والحج, والجهاد, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،كل ذلك داخل في الأمانة،هكذا ترك المحارم أمانة،فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله,وأن يؤدي فرائض الله,وأن يحذر محارم الله,وهذا العمل هو أداء الأمانة،
لا يُفهم من السياق أن حمل الأمانة ليس تكليفاً واجباً أجبَرَ الله الإنسان على حَملِها،
بل السياق يؤكِّد وبقوة وجوب حمل الإنسان للأمانة من عدة وجوه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأمانة هي أداء الحقوق،والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه،يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويرد الودائع،
وهي خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان،لما عرض الله سبحانه على السموات والأرض والجِبال حمل الأمانة،
رفضت أن يحملنها لعظمها وثقلها(كما في قوله عز وجل( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )الأحزاب،
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم،الأمانة دليًلا على إيمان المرء وحسن خلقه، فقال صلى الله عليه وسلم(لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)
المفهوم الصحيح للأمانة،
1ـ وهو استخلاف الله لهذا الإنسان،كونَه خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه،
وأراده على الأرض يَسكُنها ليعمرها بعبادته،قال تعالى(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ،مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ،إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )الذاريات،
فالآيه تُشير إلى إرادة الله لهذا الإنسان أن يمثِّل النموذج السويِّ في حمل أمانة الله،
2ـ إن مؤهِّلات ومعايير ومواصفات حمل هذه الأمانة لا تستوفيها السموات التي يَبرُز الطهرُ والعلوُّ والسموُّ كأبرز مُتطلّبات حمل الأمانة،ولهذا عدل عنها إلى غيرها وهي الأرض التي تَطوي بين جنباتها من الشموخ والارتِفاع والقوة والصلابة ما يكون عاملاً مساعدًا جدًّا لحملِ هذه الأمانة وأدائها على الوجه المطلوب،
وإذًا مِن خلال هذا العرض يتبيَّن القصور لدى كل من السموات والأرض والجبال،وبالتالي يصعب ويشقُّ عليهن حمل الأمانة إذا حمَلتها إحداهنَّ بمُفردها،فكان أن أظهر الله ما فيهنَّ مِن الصِّفات والمَزايا التي تُؤهلهنَّ لحملِ الأمانة لولا عجزهنَّ جميعًا فيما يَفتقدنه من الصفات المستوفية لقدرتهنَّ في حمل الأمانة، ولهذا عبرت الآيات بأحسن الألفاظ الدالة على هذا المُراد،فقال( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا )الأحزاب،
والإباء هنا عدم توفُّر ما يساعدهنَّ على أداء أمانتهنَّ إذا حملنها،
3- قوله تعالى(وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ )الأحزاب،أي قدرة الإنسان تكليفًا على تحمُّل هذه الأمانة بما فيه مِن الضعفِ إلا أنه يمتلك الأداة التي أوجَدَها الله فيه لتُساعده على حمل الأمانة وأدائها على الوجه الذي يَرتضيه الله سبحانه، هذه الأداة أو الملَكة التي منَحه الله إياها هي التي أسجَدَ الله له الملائكة لأجلِها،
4- أما قوله تعالى( إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )الأحزاب،لا يُفهم منه أنه ظلوم لنفسِه جهول حين لم تَحمل السموات والأرض والجبال الأمانة وبادر هو في حَملِها، فما كان الله ليهَب لهذا الظلوم الجهول أشرف وأجلَّ وأزكى رسالة ووظيفة لمُجرَّد أنه تعرض لها واستشرف،وحاشا ربي أن يكون الأمر كذلك،وإنما وصفه الله بهاتين الصفتين بعد تحمُّله هذه الأمانة لإيضاحِ أن مِن أكبر معوقات وعقبات أداء وحمل الأمانة هاتين الصفتين (الجهل والظلم)ولبيان أن نقيضهما وهو(العلم والعدل)هما الصِّفتان والخصلتان اللتانِ بهما يُحقِّق مرادَ الله على أرضه، ويوفي ما عليه من تبعات وتكاليف هذه الأمانة الإلهية الربانية التي لأجلها خلق الله الخلقَ،ولأجلها خلَقَ الكون بما فيه وعليه وتحته،
5- مما يساعد الإنسان على أداء رسالته وحملِ أمانتِه استغلالُ ما وهبه الله من العقل القادر على استخلاص العِبَر والمنافعِ، والربط والفَهم فينظر دارسًا ومُتأمِّلاً لدلالات ما في السموات من السموِّ والفلائك والنجوم والكواكب والشموس والقمر،
6- علَّل الله،جل شأنه،بعد ذلك فقال( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )الأحزاب،
أن حملَ الأمانة يُوجِب مِن الله التوبة على صاحبِها لضعفِه وتقصيره في أدائها، فمهما اجتهَد العِباد والمُخلِصون والعُلماء الربانيون،وبذَلوا جُلَّ أعمارِهم لخِدمة هذه الأمانة فلن يُوفُّوها عند الله حقَّها لولا سعةُ رحمته التي وسِعَت كل شيء، فالله يَقبلُ من عباده على تقصيرهم، ويَغفِرُ لهم ويرحمهم، أما الذين لم يَحملوا هذه الأمانة وهم المنافقون والمُشركون رجالاً ونِساءً، فإنَّ الله توعَّدهم بالعذاب، وعلَّل تعذيبهم بعدم الأخذ لهذه الأمانة وأدائها كما يُحبُّ ربُّنا ويرضى،
وأمانة حمل هذا الدين وحمل الخَلقِ عليه ترغيبًا وترهيبًا والدعوة إليه،قال تعالى( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )فصلت،
وقال تعالى(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )آل عمران،
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )آل عمران،
والعمل على تحكيمه وجعله منهاج حياة للناس يَحتكمون إليه(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)المائدة(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)المائدة،
وتربية الأجيال والناشئة على هذا الدين والعمل به، وإنشاء المدارس والمعاهد العِلمية التي تُدرِّس علوم الدين ومقاصد الشريعة،
الأمانة لها أنواع كثيرة،منها،
الأمانة في العبادة،فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي، ويحافظ على الصلاة والصيام وبر الوالدين، وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين،
الأمانة في حفظ الجوارح،على المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله سبحانه،فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام،والأذن أمانة يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام،واليد أمانة،والرجل أمانة،
والأمانة في الودائع،من الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم،مع المشركين، فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم،ليحفظها لهم،فقد عُرِفَ الرسول صلى الله عليه وسلم،بصدقه وأمانته بين أهل مكة، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين،
الأمانة في العمل،من الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات، ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته،وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد،
الأمانة في الكلام،من الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها، فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى،
كما قال الله تعالى(ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)إبراهيم،
المسئولية أمانة،كل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه، سواء أكان حاكمًا أم والدًا أم ابنًا، وسواء أكان رجلاً أم امرأة،فهو راعٍ ومسئول عن رعيته،
قال صلى الله عليه وسلم(ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)متفق عليه،
فضل الأمانة،عندما يلتزم الناس بالأمانة يتحقق لهم الخير، ويعمهم الحب، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة،
فقال تعالى(والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون)المعارج،وفي الآخرة يفوز الأمناء برضا ربهم، وبجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين،
فهي ما أوجب الله علينا من التوحيد الذي هو أصل الدين, وإخلاص العبادة لله وحده ، وهكذا ما أوجب الله علينا من اتباع الرسول،صلى الله عليه وسلم,
والإيمان بأنه رسول الله, والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة, والنار, والساعة,والحساب, والجزاء كل ذلك داخل في الأمانة ،
وهكذا الإيمان بالصلاة, والزكاة, والصيام, والحج, والجهاد, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،كل ذلك داخل في الأمانة،هكذا ترك المحارم أمانة،فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله,وأن يؤدي فرائض الله,وأن يحذر محارم الله,وهذا العمل هو أداء الأمانة،
لا يُفهم من السياق أن حمل الأمانة ليس تكليفاً واجباً أجبَرَ الله الإنسان على حَملِها،
بل السياق يؤكِّد وبقوة وجوب حمل الإنسان للأمانة من عدة وجوه.