المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقرأ باسم ربك الذي خلق



امـ حمد
21-09-2014, 04:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد أخرج البخاري في الصحيح أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت،وهي تتكلم عن بدء الوحي،ثم حُبب إليه الخلاء، فكان يلحق بغارِ حراء فيتحنث فيه، قال،والتحنث،التعبد،قبل أن يرجع إلى أهله،ويتزود لذلك،ثم يرجع إلى خديجة فيتزوَّد بمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال،اقرأ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما أنا بقارئ)قال(فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال،اقرأ،قلت، ما أنا بقارئٍ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد،
ثم أرسلني فقال،اقرأ،قلت،ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد،
ثم أرسلني فقال﴿ اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ،خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ،اقرأ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ،الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ،عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾العلق،
كان صلى الله عليه وسلم لا يقرأ،فيؤمر بالقراءة، فيصيبه الجهد، وجبريل يكرر الأمر بالقراءة، حتى قال في الثالثة﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾العلق،
فنزلت بعد ذلك أكثر من سبع وسبعين ألف كلمة، وهي مضمون كتاب الله عز وجل، ليقرأها عليه الصلاة والسلام وتقرؤها الأُمَّة من بعده،
ونتأمل في أول أمر يصدر من المولى جل وعلا،إلى رسوله صلى الله عليه وسلم،وهو(اقرأ)
وأول مخلوق خلقه الله عز وجل هو القلم،ليكتب ما سيقرؤه الإنسان،
فقد أخرج الترمذي بسند صحيح من حديث عُبادةَ بنِ الصامت قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن أول ما خلق الله القلم، فقال له،اكتب، قال،ما أكتب،قال،اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد)
وتأمل في ارتباط هذه الجمل(اقرأ،ربك الذي خلق،
خلق الإنسان من علق،الذي علم بالقلم)فالخالق يريد من المخلوق أن يقرأ ما يكتبه القلم،
ثم يُنزل ربنا،جلَّ في علاه،سورةً عظيمة تسمَّى سورة (القلم)ومبتداها﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾القلم،
هكذا أراد الله عز وجل من رسوله عليه الصلاة والسلام أن يفتتح رسالته بالقراءة، وهكذا أراد سبحانه من خلقه أن يعلِّمهم أهمية القراءة، وهكذا أرادت الملائكة أن توجِّه إلى أهمية القراءة،
فقد أخرج أحمد في المسند بسند صحيح من حديث أُبيِّ بن كعب قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أتاني جبريل وميكائيل،فقعد جبريل عن يميني،وميكائيل عن يساري،فقال جبريل،يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل،استزده، فقلت،زدني،فقال،اقرأه على ثلاثة أحرفٍ، فقال ميكائيل،ستزده، فقلت،زدني،كذلك حتى بلغ سبعةَ أحرف،فقال،اقرأه على سبعة أحرف كلُّها شافٍ كافٍ)وهو ما أراده عليه الصلاة والسلام من أصحابه، يقول لابن مسعود كما عند البخاري(اقرأ عليَّ القرآنَ)فقلت،يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أُنزل،
قال(إني أحبُّ أن أسمعه من غيري)قال،فقرأت عليه سورةَ النساء حتى جئت إلى هذه الآية﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾النساء، قال(حَسْبُك الآن)فالتفتُّ إليه فإذا عيناه تذرفان،
إنه منهج ،اقرأ،الذي أصَّله عليه الصلاة والسلام في الأمَّة،قال لأنس،اقرأ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ عند منامك، فإنها براءة من الشرك)
هكذا تعلمت الأمَّةُ منهج،اقرأ،فالزهري تشتكي منه زوجته لكثرة قراءته وتقول،إن كتبه أشد عليَّ من ضرائر ثلاث،
والمأمون الذي كان لا ينام إلا وعند فراشه كتاب يقرأ فيه،
والجاحظ الذي إذا نزل في مكان استأجر مبيتًا في المكتبة لينام فيه،
وابن المبارك الذي يعاتب،لأنه يقضي وقته في خلوة في بيته،فيرد عليهم ويقول،إنني لست بخلوة، بل أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء والأولياء والصالحين،يعني،أنه يقرأ في سيرتهم،
هكذا حتى ذاع صيت هذه الأمة، وبانت حضارتها، وتقدمت على باقي الأمم بفعل العلم والقراءة، فاشتهرت مكتبات بغداد، وقرطبة، وإشبيلية، وغِرناطة، ودمشق،
أما اليوم، فمع الأسف الشديد أمة ،اقرأ،لا تُحسِنُ أن تقرأ، وانظر إلى الأمم المتقدمة والمتحضرة، كيف أن القراءة عندها منهج كُتبت فيه بحوث، وأُلِّفت فيه رسائل، وصُنِّفت من أجله مصنفاتٌ؛ حتى أصبحت القراءة مفردةً من مفردات الحياة اليومية للفرد، بل أنفَقوا موازنات ضخمة لتأصيل وتثبيت منهج القراءة والمطالعة،
القراءة وسيلة مهمة لاكتساب المعرفة، بل هي مفتاح العقول والأفهام والأفكار، وهي وسيلة لتنمية الذات وبناء الشخصية، هي راحة ومتعة وتسلية، هي سياحة في عقول الآخرين وأفكارهم، هي خلاصة تجارب إنسانية لسنين طويلة، هي رحلة إلى زمان ومكان مختلفين، هي بوابة المعلومات والمفردات،
اجعل لك منهجاً تقرأ فيه في كل يوم، كما فعل الصالحون، يقول الشيخ علي الطنطاوي،ألزمتُ نفسي بقراءة خمسين صفحة في كل يوم منذ ستين عاماً،
وبما رواه الترمذي بسند صحيح من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(يجيء صاحب القرآن يوم القيامة،فيقول،يا رب،حله،فيلبس تاج الكرامة،ثم يقول،يا رب،زده،فيُلبس حلة الكرامة،ثم يقول،يا رب، ارض عنه،فيقول،رضيت عنه،فيقال له،اقرأ وارق، ويُعطى بكل آية حسنة)
يقول الدكتور مصطفى محمود،انك لن تكون متديناً إلا بالعلم فاللهُ لا يُعبَد بالجهل،
ويقول الغزالي رحمه الله،الحجاب بين الله وبين عبده هو الجهل والوسيلة المقربة إلى الله هو التعلم ،
عن أم سلمة،أن النبي صلى الله عليه وسلم،كانَ يقول إذا صلى الصبح حينَ يسلم(أللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيِبا وعملا متقبلاً )أخرجه أحمد،وابن ماجة،والنَّسائي،وصححه الألباني،
فتبدأ قصة الإنسان النافع باقرأ،وتنتهي بالجنة باقرأ، وكلما قرأ،ارتقى وارتفع وعلا.

اللهم اجعلنا ممن يقرأون فيفهمون ,ويفهمون فيعملون , ويعملون فيخلصون ,ويخلصون فيقبلون .

الحسيمqtr
23-09-2014, 08:48 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
23-09-2014, 09:59 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

أحلى دلع
25-09-2014, 12:52 PM
جزاءك الله خير

امـ حمد
11-10-2014, 04:21 PM
جزاءك الله خير











بارك الله في حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس