المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما جاء في الرياء



امـ حمد
19-10-2014, 02:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما جاء في الرياء
معنى الرياء، فالرياء شرعاً،هو إظهار العبادة بقصد رؤية الناس لها،فيحمدُ الناس صاحبها، فهو حين يظهر العبادة لا يبتغي بها وجه الله، وإنما يبتغي بها الثناء والحمد من الناس،
بل ربما إذا حان وقت الصلاة وهو في الخلوة لا يصلي،وإذا رأى أعين الناس تنظر إليه قام إلى الصلاة، بل ومن الناس من يغلظ الرياء منه والعياذ بالله، كأن يكون مع كبير من الكبراء،أو مع حاكم من الحكام، ،ودخل هذا الرجل المسجد،لتصور عدسات التلفاز صلاته،تظاهر بخلاف ما في الباطن فعل ذلك رياءً،أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر،قَالوا،وما الشرك الأصغر يا رسول الله،قال،الرياء،
والرياء،راءى النَّاس ونافَق،وأظهر أمامهم خلاف ما هو عليه،وأراهُ أنَّهُ متّصف بالخير والصلاح على خلافِ ما هو عليه،
والرياء،مشتق من الرؤية،وهو الإتيان بالعمل ليراه الآخرون ، فيكون عمله لأجلهم، والسمعة وهو الإتيان بالعمل ليسمع الآخرون به،والرياء محرم ومبطل للعمل العبادي وكذا السمعة،وهو أن يقوم الشخص بعمل ما،ليثني عليه الناس لا ابتغاء لمرضاة الله،
‏قال تعالى(كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِيَاءَ النَّاسِ)ق(يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إلاَّ قَلِيلاً )(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ )مرائين لهم التماسًا للجاه وطلبًا للثناء،وإظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدون صاحبها،
والفرق بينه وبين السمعة،أن الرياء لما يرى من العمل كالصلاة،
والسمعة لما يسمع كالقراءة والوعظ والذكر،
وقول الله تعالى(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)الكهف،
أي،ليس لي من الربوبية ولا من الإلهية شئ،بل ذلك كله لله وحده لا شريك له,
أوحاه إلي(فمن كان يرجوا لقاء ربه )أي،يخافه( فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً )
قال ابن القيم رحمه الله في الآية،أي كما أن الله واحد لا إله سواه،فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده لا شريك له،فكما تفرد بالإلهية يجب أن يفرد بالعبودية،فالعمل الصالح،هو الخالص من الرياء المقيد بالسنة،
وفي الآية دليل على أن أصل الدين الذي بعث الله به رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرسلين قبله ، هو إفراده تعالى بأنواع العبادة،كما قال تعالى(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)الأنبياء،
عن أبي هريرة رضي الله عنه(قال الله تعالى،أنا أغنى الشركاء عن الشرك،من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)رواه مسلم،
قوله(من عمل عملاً أشرك فيه غيري)أي من قصد بعمله غيري من المخلوقين(تركته وشركه )
قال ابن رجب رحمه الله،واعلم أن العمل لغير الله أقسام،
فتارة يكون رياء محضاً كحال المنافقين،كما قال تعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ) النساء،
وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر عن مؤمن في فرض الصلاة والصيام،
وقد يصدر في الصدقة أو الحج الواجب أو غيرهما من الأعمال الظاهرة,فإن الإخلاص فيها عزيز،وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط ،وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة،
وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء،فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه،
وروى ابن خزيمة في صحيحه،قال(خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال،أيها الناس،إياكم وشرك السرائر،قالوا،يا رسول الله وما شرك السرائر،قال،يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه،فذلك شرك السرائر )رواه أحمد،
وقوله (الشرك الخفي)سماه خفياً لأن صاحبه يظهر أن عمله لله وقد قصد به غيره ،
أو شركه فيه بتزيين صلاته لأجله،
وعن شداد بن أوس قال( كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر )رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص،وابن جرير في التهذيب، والطبراني والحاكم وصححه،
ولا خلاف أن الإخلاص شرط لصحة العمل وقبوله ،وكذلك المتابعة ،
كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )الملك، قال(أخلصه وأصوبه )
وفي الحديث من الفوائد،شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ونصحه لهم ، وأن الرياء أخوف على الصالحين من فتنة الدجال،رواه البخاري، ومسلم،
واعلم أنه لا إثم على العبد إذا عمل العمل خالصاً لله تعالى، فأثنى عليه الناس بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلك، ولا يضره هذا الفرح والسرور،
وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم(أنه سئل عن الرجل يعمل من الخير، ويحمده الناس عليه، فقال،تلك عاجل بشرى المؤمن) خرجه مسلم،
قال النووي،وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه، ومحبته له، فيحببه إلى الخلق،
وفرح المرء بما يصدر عنه من الطاعات لا يضر، بل هو دليل على إيمانه،
فقد روى أبو أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال(إذا ساءتك سيئتك، وسرتك حسنتك، فأنت مؤمن)أخرجه الإمام أحمد،
قال الله تعالى(أنا أغنى الشركاء عن الشرك،من عمل عملاً أشرك فيه معي تركته
وشركه)الراوي،أبو هريرة المحدث،الألباني،المصدر،صحيح الجامع،
وعن أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه،أنه رأى رجلاً يطأطئ،أي ينزل رأسه في الصلاة، يظن أن ذلك هو تمامُ الخشوع في الصلاة،فقال له الفاروق،يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك،ليس الخشوع في الرقاب ولكن الخشوع في القلوب،
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنهم قال،للمرائي ثلاث علامات، يكسل ،أي يكسل عن العبادة،إذا كان وحده،
وينشط إذا كان في الناس،
ويزيد في العمل إذا أُثنيَ عليه،أي مدحه الناس،
وعن عكرمة رضي الله عنه،إن الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله، لأن النية لا رياء فيها،
علاج الرياء،كره المنزلة والجاه،ويكون ذلك بأن يعلم أن الدنيا ومناصبها وملهياتها حقيرة ذليلة،وكما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم(الدنيا ملعونة ملعونٌ ما فيها،إلا ذكر الله وما ولاه وعالماً ومتعلماً)رواه الترمذي وحسّنه الألباني،
وروى الإمام أحمد،أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال،قال عمر لأبيه،قال،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقول(إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي،فالعاقل لا يعمل لدنيا فانية قد آن زوالها،ولكنه يسعى لحياة باقية قد آن أوانها)
فإن رضيت عن الله رضي الله عنك، وإن رضي الله عنك فهي الفرحة والمسرّة الأبدية، وحتي تتم القناعة اعلم أن متاع الدنيا زائل، فلا تُتْعِب نفسك فيها، اجعل الدنيا في يدك لا في قلبك، واعلم أن ما عند الله خير وأبقى، وأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر،فلا خير في دنيا كلها هم وغم وذنوب وإعراض،
يا ابن آدم إن جهنم قعرها بعيد،وحرها شديد،ولها مقامع من حديد،تبطش بمن عن الصراط يحيد،
وإخفاء بعض العبادات،ففي هذا الموضع يجب غلق الأبواب على النوافل، وذلك إلى حين يقنع القلب بعلم الله واطلاعه على عبادته،ولا تنازعه نفسه إلى طلب علم الخلقِ به،
وقد أمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم،بالصلاة ،أي صلاة النافلة،في البيت بقوله(صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً)رواه مسلم،
فصلاة السرّ في البيت كصلاة التهجّد بعيداً عن أعين الناس، تريح النفس وتجلو عناء الدنيا،
وصدقة السر لها فضل عظيم وقدر جليل، فهي تُظِلُّ صاحبها في ظل الجليل سبحانه وتعالى،
عافانا الله وإياكم من الرياء ورزقنا الإخلاص،وأسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعاً من عباده الصادقين،وأن يشرح صدورنا وييسر أمورنا وأن يجعلنا من عباد الله الصالحين.

الحسيمqtr
19-10-2014, 07:53 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
20-10-2014, 12:30 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس