المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكمة من إمهال الله للظالم



امـ حمد
21-10-2014, 03:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحكمة من إمهال الله للظالم
كثيراً ما يسأل الناس عن الحكمة من إمهال الله للظالم المدد الطويلة، فيستمر في ظلمه وبغيه مدة طويلة، والحكمة الإلهية تظهر في أن الله لا يؤاخذ الظالم من أول ظلمه، فلو أخذه من أول مظلمة ولو حقيرة لم تظهر سنة التأديب والاعتبار للآخرين،
لأن عقوبة الظالم في أول طريقه عقوبة لا يراها أحد لأنه ظالم صغير، والعقوبة الإلهية تكون بحجمها، فلا يرى العقوبة إلا أهله ومن حوله، وربما لا يشعر بها إلا هو، فالاعتبار هنا ضعيف، ولكن يمهل الله الظالم ليترقى في الظلم، ويرتفع فيه حتى يبلغ السماء، فيراه ويسمع به من على الأرض شرقاً وغرباً،
حينها يأمر الله به أن يُوضع ويهوي في أسفل سافلين، فكلما ارتفع الظالم وعلا كان أبين لسقوطه والاعتبار به،
وقد تتأخر عقوبة الظلم إلى حين وأجل يعلمه الله، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)رواه البخاري،
ﻳﻤﻠﻲ ﻟﻪ، يعني،ﻳﻤﻬﻞ ﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﺎﺩﻯ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﻪ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻓﻼ ﺗﻌﺠﻞ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺀ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺬﻧﺎ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ، ﻓﻤﻦ ﺍلاﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﺃﻥ يملي ﻟﻺ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﻪ، ﻓﻼ يعاقبه ﺳﺮﻳﻌًﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻜﺪﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻈﺎﻟﻢ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺘﻪ، ﺃﺧﺬﻩ ﺃﺧﺬ ﻋﺰﻳﺰ ﻣﻘﺘﺪﺭ.
ﺛﻢ ﻗﺮﺃ ﺍﻟﻨﺒﻲ ،صلى الله عليه وسلم﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾هود،
ﻓﻌﻠﻰ الإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﺃلا ﻳﻐﺘﺮ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ولا ﺑإﻣﻼﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻓﻮﻕ ﻣﺼﻴﺒﺘﻪ، لأﻥ الإﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻋﻮﻗﺐ ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ ﻋﺎﺟﻼً، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻭﻳﺘﻌﻆ ﻭﻳﺪﻉ ﺍﻟﻈﻠﻢ، ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻠﻲ ﻟﻪ ﻭﺍﻛﺘﺴﺐ ﺁﺛﺎﻣًﺎ ﺃﻭ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻇﻠﻤًﺎ، ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ،ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ،ﻓﻴﺆﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺓ،ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺘﻪ،
ولهذا قال تعالى(وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى الألم والشدة مجتمعة لا تكون إلا بعد ارتفاع وعلو في الظلم، وهكذا ذكر الله لأخذ الظالمين في القرآن كله موصوف بنوع بطش وقسوة، وهذا لا يتناسب مع مظلمة الدينار والدرهم ومظلمة اللحظة والساعة لأن الله عادل ولا يُعاقب بعقوبة عظيمة على مظالم يسيرة،
فالإملاء إشارة إلى تتابع الظلم والترك الإلهي له ليرتفع الظالم فيسمع به البعيد والقريب، ويلوح للرائي من بعيد، فترى عقوبته وتسمع من مكان رؤية الظالم والسماع به،
وفترة الإمهال الطويلة ينزل الله ظلم الظالم على الناس بحكمة، إما عقوبة لأفراد فيظلمهم الظالم بالزيادة على ما يستحقون، وإما ابتلاءً وتمحيصاً ورفعة وتكفيراً لآخرين، وقد تجتمع هذه كلها،
ولو عاقب الله الأفراد بمظالمهم التي يقعون بها لأول مرة، لتنافى هذا مع الرحمة والعفو والصفح الإلهي،ولم يظهر اعتبار الآخرين بها،
لأنها خفية مستورة، وإذا نزلت ربما لا ينسبونها لمظالمهم لحقارتها ولأن الإنسان جحود،فيتكاثر الظلم في حياة الناس ولا يراه العامة،ولكن الله لحكمته البالغة يمهل الظالم ليعتبر به من في الأرض كلهم ولو وكلهم إلى عقوبات الصغائر والكبائر اللازمة لما زادهم إلا تمرداً،ومن الناس من لا يعتبر بكل عبرة إلا بالعبرة به هو،
وقال علي،رضي الله عنه،ما أكثر العبر وأقل الاعتبار،
أيها الظالم ،يا من أعجبتك نفسك تذكر قدرة الله جل جلاله عليك عند اغترارك بقدرتك على الضعفاء والمساكين،وتذكر أن لهؤلاء الضعفة سلاحاً لن تستطيع التغلب عليه مهما بذلت واجتهدت،فهي سهام سيصلك تأثيرها إذا لم تبادر إلى الجبار بالتوبة والاستغفار، طال بك الأجل أم قصر،
فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،قال،قال صلى الله عليه وسلم(ودعوة المظلوم يرفَعها الله فَوق الغمام ويفتح لها أَبواب السماء،ِويقول الرب،وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)رواه الترمذي،وصححه الشيخ الألباني،
قال القاري،رحمه الله،والمعنى لا أضيع حقك،ولا أرد دعاءك، ولو مضى زمان طويل لأني حليم لا أعجل عقوبة العباد لعلهم يرجعون عن الظلم والذنوب إلى إرضاء الخصوم والتوبة،وفيه إيماء إلى أنه تعالى يمهل الظالم ولا يهمله،وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل،رضي الله عنه(اتَّق دعوة المظلوم،فإنها ليس بينها وبين اللّه حجاب)رواه البخاري،ومسلم،من حديث عبد الله بن عباس،رضي الله عنهما،
يقول الشيخ ابن عثيمين،رحمه الله،فالمظلوم يستجيب الله دعاءه حتى ولو كان كافراً فلو كان كافراً وظلم ودعا على من ظلمه أجاب الله دعاءه، لأن الله حكم عدل عز وجل، يأخذ بالإنصاف والعدل لمن كان مظلوماً، فكيف إذا كان مسلماً،شرح رياض الصالحين،
كيف يهنأ لك العيش ويطيب لك النوم،وأعين المظلومين المستضعفين ساهرة تدعو عليك،

فبادر، بالتوبة للغفور الرحمن وتخلص من مظلمتك، وتحلل ممن ظلمته قبل فوات الأوان، فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(من كانت عنده مظلمة لأخيه فَليتحلله منها،فإنه ليس ثم دينار ولا درهمٌ من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فَطرحت عليه)رواه البخاري،
قال الشيخ ابن عثيمين،رحمه الله،في الدنيا يمكن أن يتحلل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالهم منها، لكن في الآخرة ليس هناك شيء إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة أقتص من الظالم للمظلوم من حسناته،يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإن بقي منه شيء وإلا أخذ من سيئات المظلوم وحملت على الظالم والعياذ بالله، فازداد بذلك سيئات إلى سيئاته،
إن الباري جل جلاله،لكمال عظمته وعدله حرم الظلم على نفسه،وجعله كذلك بين عباده محرماً،فعن أبي ذر،رضي الله عنه،قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(قال الله تبارك وتعالى،يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي،وجعلته بينكم محرماً،فلا تظالموا)رواه مسلم،
فالحذر الحذر من الظلم، ولنتب إلى الله تعالى ونعود إليه، ونسأل الله أن يتوب علينا، وألا يؤاخذنا بسوء فعالنا.

الحسيمqtr
25-10-2014, 01:07 PM
جزاك الله خير، ورفع قدرك، ونفع بك الاسلام والمسلمين

امـ حمد
26-10-2014, 12:30 AM
جزاك الله خير، ورفع قدرك، ونفع بك الاسلام والمسلمين

بارك الله في حسناتك أخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس