المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى يكون الفرح محمودا ومتى يكون مذموماً



امـ حمد
02-11-2014, 02:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما يحصل لبعض الناس ما يسرّه من أمور دنياه،فإنه يفرح فرحاً شديداً،
فرحاً يصاحبه أشر وبطر،يرتكب معه ما حرّم الله،
وعندما يُنكر عليه يردّ مستغرباً،حـرام نفـرح،
لقد ذمّ الله الفرح في كتابه،وهو الفرح الذي يُصاحبه أشر وبطر، قال سبحانه وتعالى عن قارون(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ
قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)
قال المؤمنون منهم،يا قارون لا تفرح بما أوليت،فتبطر،
قال مجاهد،المرحين الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم،
لماذا مُنِع الفرح هنا،لأن الفرح والأشر والبطر يقود إلى نسيان الآخرة وبالتالي الإفساد في الأرض،من أجل ذلك قال الله عز وجل بعد ذلك مباشرة(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )
وقال الله عز وجل عن سليمان عليه الصلاة والسلام وبلقيس(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّة فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ،فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَال فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ )
قال ابن كثير رحمه الله،أي أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف ، وأما أنا فلا أقبل منكم إلا الإسلام،
إن الذي يفرح في الدنيا فرحاً يُخرجه إلى الأشر أو إلى أن يرتكب ما حرّم الله تطول حسرته يوم القيامة،
ولذا قال الله عز وجل عن أصحاب الشمال( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ،فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا،وَيَصْلَى سَعِيرًا)لماذا( إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا،إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُور )
فلما أكثر الفرح في الدنيا ، طالت حسرته في الآخرة،
قال ابن كثير(كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا )أي فرحاً لا يُفكر في العواقب،ولا يخاف مما أمامه،فأعقبه ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل،
ومن على شاكلته يختال ويتبختر
قال عز وجل( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى،وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى،ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى،أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى،ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى )
وأما أصحاب اليمين فقال عز وجل(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ،فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا،وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا )
لماذا لأنه كان في الدنيا خائفاً وجِلاً،ومن كان كذلك لم يُخرجه فرحه إلى الأشر والبطر،وهذا من عدِل الله سبحانه وتعالى،
ولذا قال عليه الصلاة والسلام فيما يروي عن ربه جل وعلا قال(وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين،إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة،وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة)رواه ابن حبان،
إن الفرح يجب أن يكون بكتاب الله عز وجل،وباتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم،
قال تبارك وتعالى( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ،قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ )
وقد بكى أُبي بن كعب رضي الله عنه فرحاً بأن ذُكِر في الملأ الأعلى،
قال صلى الله عليه وسلم،لأُبيّ رضي الله عنه(إن الله أمرني أن أقرأ عليك،قال آلله سماني لك،قال الله سماك لي قال فجعل أبي يبكي) رواه البخاري ومسلم،
وانظر بعين بصيرتك إلى فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم
،ونبي الله صلى الله عليه وسلم،دخل مكة فاتحـاً وذقنه يكاد يمسّ رحله من تواضعه لله عز وجل ، مع أنه في موطن نصر وعِـزّ وتمكين وغلبة على أعدائه،
ومع ذلك دخل مُتخشِّعاً خاضعاً لله،لم يدخل دخول الفرحين الأشِرين،
وقبل ذلك حدّث له النصر الـمُبين في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله،وأذلّ فيه الكفر وأهله،في ذلك اليوم المشهود،يوم بدر،ولعمر الحق إن كان من شيء يستحق الفرح والبطر إنه لذلك النصر المبين،
إلا أنه لم يُسمع للجيش صراخ وعويل أو بطر وطغيان كما تفعل جيوش الظالمين إذا غَلَبت ، أو حققت نصراً ولو موهومـاً،
فما حملهم النصر والعِزّ على الأشر والبطر ، كما فعلت قريش حين أقبلت إلى أرض المعركة ، فإنها أقبلت بفخرها وخيلائها ، ورجعت بذلِّها وخيبة آمالها،
ولقد كان سلف هذه الأمة ينهون عن الفرح المؤدّي للأشر والبطر
فقد رأى الفضيل بن عياض رجلاً يضحك،فقال له،ألا أحدثك حديثاً حسناً،قال،بلى،قال(لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ )
وقيل ليوسف بن أسباط،ما غاية الزهد،قال،لا تفرح بما أقبل،ولا تأسف على ما أدبر،قيل،فما غاية التواضع،قال،أن تخرج من بيتك فلا تلقى أحداً إلا رأيت أنه خير منك،
لأن هذه الدنيا طُبِعت على كدر ،فما يُفرح به اليوم قد يُساء به غداً
فقد يولد المولود اليوم ويُفرح به ، وقد يموت غداً،
فالفرح نوعان،
نوع مشروع،وهو الفرح في عيد الفطر بتفضل الله وشكره على إتمام الصيام والقيام في شهر رمضان، والفرح بإتمام مناسك الحج في عيد الأضحى قال الله تعالى(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)وفضل الله هو القرآن ورحمته الدين والإيمان،أي يحصلون عليه من متاع الدنيا ولذاتها فنعمة الدين باقية ونعمة الدنيا زائلة والفرح بالقرآن والدين هو الفرح المحمود والفرح بالدنيا الزائلة هو الفرح المذموم؛ لأن الفرح بالدين فرح شكر لله والفرح بالدنيا فرح أشر وبطر،
والفرح بالعيدين عند المسلمين فرح معه شكر وعبادة لله،وانتهاء شهر رمضان يتبع بالتكبير وصدقة الفطر وصلاة العيد وصوم ستة أيام من شوال،ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم(للصائم فرحتان،فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه)
ولتفرح بلقائه، وتشرب من حوضه، وتلتقي مع صحبه،غدًا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه،
تُفْرِحُكَ مرضاة الله،والعمل الصالح،يُفْرِحُكَ البَذْل والعطاء،
فالمؤمن يفرح أن الله هداه إلى الإسلام، وأن الله أعانه على صلاة الجماعة،وأن الله أعانه على بر والديه وصلة أرحامه، وأعانه على فعل الخير هذا مشروع،بل يجب عليه أن يفرح بذلك ويغتبط بهذا، ويحمد الله على ذلك،
أما الفرح المذموم فهو،الفرح الذي يصحبه الكبر والتعاظم والبطر واحتقار الناس،لأنَّ مصير الفرح الزائف، الفرح الغير الشرعي، الفرح بغير الحق،هو المقت واللعن في الدنيا، والعذاب والانتقام في الآخرة، مِن حقك أن تفرح بطاعة الله،كما فرح السابقون بحُبِّ رسول الله هناكَ (فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ،فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)القمر،
اللهم فرِّحنا بالإسلام،وبالإيمان، وشَفِّع فينا الصيام والقرآن، واجعلنا من المخلصين لك، العاملين لدينك، الفَرِحين بلقائك، التَّوَّاقين للقاء حبيبك وصفيك في الجنة،وارزقنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تَجعل الدُّنيا أكبر هَمِّنا ولا مبلغ علمنا.

الحسيمqtr
14-11-2014, 02:52 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
15-11-2014, 12:06 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

ضوى
15-11-2014, 12:22 AM
ارحم الله والديج وجزاج ربي الفردوس الاعلى من الجنة

امـ حمد
15-11-2014, 03:07 AM
ارحم الله والديج وجزاج ربي الفردوس الاعلى من الجنة
بارك الله فيج حبيبتي
ويزاااج ربي جنة الفردوس يالغلا