امـ حمد
11-11-2014, 03:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم بلية غائبة في رحم الغيب أجهضها معروف بذلته أو هم فرجته أو حاجة قضيتها أو محنة أزحتها،
قول رسوله الكريم،صلَّى الله عليه وسلَّم(الدَّال على الخير كفاعله)رواه التِّرمذي،وقال الألباني،حسن صحيح،
الكرام،صفةٌ من صفات الله تعالى،تسمَّى بها، فهو الكريم،عز وجل،ومن كان كريماً من خلقه فقد تسمَّى باسمه واحتذى على صفته،
قال الله تعالى(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)سبأ،
قال ابن كثير،رحمه الله،يخلفه عليكم في الدُّنيا بالبدل،وفي الآخرة بالجزاء والثَّواب،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه،قال،قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم،قال الله عزَّ وجل(أنفق أنفق عليك)رواه مسلم،والبخاري،
وقال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(ما من يومٍ يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما،اللهمَّ أعط منفقًا خلفًا،ويقول الآخر،اللهمَّ أعط ممسكًا تلفًا)رواه البخاري،ومسلم،
ونحن المسلمين أحوج ما نكون إلى من يأخذ بأيدينا إلى عمل الصَّالحات ويبصرنا بمواطن الخيرات عسى أن نظفر بالحسنات وتكفِّر عنَّا السَّيِّئات،
قال الله،تعالى(لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ)آل عمران،
وقال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلم(صنائع المعروف تقي مصارع السُّوء والآفات والهلكات،وأهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة)صحَّحه الألباني،في صحيح الجامع،
إنَّ عمل المعروف واصطناعه بين النَّاس،لهو من أحبِّ الأعمال إلي الله،عزَّ وجل،وبه ينال المسلم خيري الدُّنيا والآخرة، ويقيه الله مصارع السُّوء ومواقف الخزي والذُّل والعار هذا في الدُّنيا،
أمَّا في الآخرة فيكفيه فخرًا واعتزازًا أن يكون من أهل الخير والطَّاعة والفلاح والفوز والنَّجاة،
وقد قيل،اصنع المعروف إلى كلِّ أحدٍ فإن كان من أهله فقد وضعته في موضعه، وإن لم يكن من أهله كنت أنت أهله،
وقيل،من يزرع معروفًا حصد خيرًا،ومن زرع شرًّا حصد ندامةً،
أيُّ فخرٍ ومكرمةٍ واعتزازٍ يوم يدرج المسلم في خير النَّاس بنص كلام الرَّسول،صلَّى الله عليه وسلَّم(خير النَّاس أنفعهم للنَّاس)حسَّنه الألباني،
وأي شرفٍ يناله المسلم يوم يسعى على الأرملة والمسكين،فوق درجة المجاهد فى سبيل الله أو درجة القائم بالليل والصَّائم بالنَّهار عندما يبذل المعروف،حيث قال،صلَّى الله عليه وسلَّم(السَّاعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل والصَّائم النَّهار)رواه البخاري،ومسلم،
وقال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا،أو تقضى عنه دينًا أو تطعمه خبزًا)صحَّحه الألباني،
وليحرص المسلم على بذل المعروف واصطناعه وأن يفيض بنعم الله الَّتي أنعم بها عليه على عباد الله، حتَّى تثبت له وتستمر عنده، وينميها له ربّه ويبارك له فيها وليحذر المسلم من البخل بها ومنعها فإذا منعها منعه الله هذه النِّعم وحولها إلى غيره، ممن يحفظونها ويوفون حقَّها فإنَّ من حقِّها أن تبذل لأهلها ومستحقيها،
وقد ثبت عن رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم،قال(إنَّ لله تعالى أقوامًا يختصهم بالنّعم لمنافع العباد،ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها،نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم)حسَّنه الألباني،
وقد قيل،ما شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه،
قال الحسن البصري،لأن أقضي حاجةً لأخي أحبّ إليَّ من عبادة سنة،
وكان يحيى بن معاذ يقول،عجبت ممَّن يبقى معه مالٌ وهو يسمع قوله،سبحانه وتعالى،إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)التَّغابن،
وكان سفيان الثَّوري،رحمه الله،ينشرح صدره إذا رأى سائلًا على بابه ويقول،مرحبًا بمن جاء يغسل ذنوبي،
وقال أحد العباد،يتزوج أحدكم فلانه بنت فلان بالمال الكثير، ولا يتزوج الحور العين بلقمة أو تمرة هذا من العجب،
وكان مطرف بن عبدالله يقول،من كان له عندي حاجه فليكتبها في قرطاس ويرسلها إليّ فإني أكره أن أرى ذلُّ المسألة في وجه مسلم،
وكان،صلَّى الله عليه وسلَّم،أكرم النَّاس ويعطي عطاء لا يعطيه أحد من البشر،فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال،يا قوم أسلموا فإنَّ محمَّدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة)رواه مسلم،
هذه قصة وردت في كتاب البر والصلة للإمام ابن الجوزي،ما رواه الإمام،عن عكرمة رحمه الله قال،إن ملكا ممن سبق،قال لأهل مملكته،إن تصدق أحد بشيء لأقطعن يديه،فجاء رجل إلى امرأة،فقال،تصدقي علّي،قالت،كيف أتصدق عليك والملك يقطع يدي كل من يتصدق،
قال،أسألك بوجه الله،أن تصدقت عليّ،فتصدقت عليه برغيفين ، فعلم بذلك الملك،فأرسل إليها فقطع يديها،
ثم إن الملك قال لأمه،دليني على امرأة جميلة أتزوجها،قالت، هاهنا امرأة ما رأيت مثلها قط،ولكن بها عيب شديد،إنها قطعاء اليد،فأرسل إليها،فلما نظر إليها أعجبته،
فقال،أتريدين أن أتزوجك،قالت،نعم،فتزوجها،ودخل بها،
فحسدها ضرائرها،فخرج الملك يقاتل عدوا،فكتب ضرائرها إليه أنها فاجرة وقد ولدت غلاماً،فكتب الملك إلى أمه،خذي هذا الغلام ،فاحمليه على عنقها واضربيها،واخرجيها من الدار إلى الصحراء ،وبينما هي تمشي والصبي على عنقها إذ مرت بنهر،فنزلت لتشرب،فبدر الصبي عن رقبتها فوقع في الماء فغرق،فجلست تبكي،وبينما هي كذلك،مرّ بها رجلان،فقالا لها،ما يبكيك،
قالت،ابني كان على عاتقي،فسقط في الماء فغرق،
فقالا لها،أتحبين أن نخرجه لك،قالت،إي والله،
قال،فدعوا الله عز وجل،فخرج ابنها إليها،
ثم قالا،أتحبين أن نرد يديك إليك،
قالت،نعم،فدعوا الله،فاستوت يداها،فقالا لها،أتدرين من نحن،قالت،لا ،قالا،نحن رغيفاك اللذان تصدقت بهما،
وهذه قصة ثانيه،يذكر رجل يسمى ابن جدعان فيقول،خرجت في فصل الربيع،وإذا بي أرى إبلي سمانًا يكاد الربيع يفجر الحليب من ثديها،فقلت،
والله لأتصدقن بهذه الناقة وولدها لجاري، فالله يقول(لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)آل عمران،
وأحب حلالي هذه الناقة، يقول،فأخذتها وابنها،وطرقت الباب على الجار وقلت،خذ هدية مني لك،فرأيت الفرح في وجهه،
فلما انتهى الربيع وجاء الصيف بجفافه وقحطه،شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدخول،والدحول هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض،
يقول،فدخلت في هذا الدحل حتى أحضر الماء لنشرب،وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون،فتاه تحت الأرض وانتظره أبناؤه يوماً ويومين وثلاثة حتى يئسوا،وكانوا،عياذًا بالله،ينتظرون هلاكه طمعًا في تقسيم المال، فذهبوا إلى البيت وقسموا، وتذكروا أن أباهم قد أعطى ناقة لجارهم الفقير،
فذهبوا إليه وقالوا له،أعد الناقة خيراً لك،وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها عنوة ولن نعطيك شيئاً،
قال،أشتكيكم إلى أبيكم،
قالوا،اشتك إليه،فإنه قد مات،
قال، مات،وكيف مات،ولم لم أعلم بذلك،
قالوا،دخل دحلاً في الصحراء ولم يخرج،
قال،ناشدتكم الله اذهبوا بي إلى مكان هذا الدحل، ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم، فذهبوا به، فلما رأى المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ذهب وأحضر حبلاً، وأشعل شمعة، ثم ربطه خارج الدحل، ونزل يزحف ويشم رائحة الرطوبة تقترب، ويتلمس الأرض حتى وقعت يده على الرجل، فإذا هو يتنفس بعد أسبوع،فقام وجره،وربط عينيه حتى لا تنبهر بضوء الشمس، ثم أخرجه معه خارج الدحل، وأطعمه وسقاه، وحمله على ظهره، وجاء به إلى داره،ودبت الحياة في الرجل من جديد وأولاده لا يعلمون،
فقال،أخبرني بالله عليك، أسبوعًا كاملاً وأنت تحت الأرض ولم تمت،قال،سأحدثك حديثًا عجبًا، لما نزلت ضعت وتشعبت بي الطرق، فقلت،آوي إلى الماء الذي وصلت إليه، وأخذت أشرب منه، ولكن الجوع لا يرحم، فالماء لا يكفي،
يقول،وبعد ثلاثة أيام، وقد أخذ الجوع مني كل مأخذ، وبينما أنا مستلقٍ على قفاي، قد أسلمت وفوضت أمري إلى الله، وإذا بي أحس بدفء اللبن يتدفق على فمي، فاعتدلت في جلستي، وإذا بإناء في الظلام لا أراه يقترب من فمي فأشرب حتى أروي، ثم يذهب، فأخذ يأتيني ثلاث مرات في اليوم، ولكنه منذ يومين انقطع ما أدري ما سبب انقطاعه،
يقول،فقلت له،لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت،ظن أولادك أنك مت، وجاءوا إليَّ وسحبوا الناقة التي كان الله يسقيك منها، والمسلم في ظل صدقته(وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُ مَخۡرَجً۬ا،وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُ ،وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمۡرِهِ)الطلاق،
أسأل الله،عزَّ وجلَّ،أن يستعملني وإياكم لصنائع المعروف، ويستخدمنا في أحبِّ الأعمال إليه، وينلنا أشرف المنازل في الدُّنيا والآخرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم بلية غائبة في رحم الغيب أجهضها معروف بذلته أو هم فرجته أو حاجة قضيتها أو محنة أزحتها،
قول رسوله الكريم،صلَّى الله عليه وسلَّم(الدَّال على الخير كفاعله)رواه التِّرمذي،وقال الألباني،حسن صحيح،
الكرام،صفةٌ من صفات الله تعالى،تسمَّى بها، فهو الكريم،عز وجل،ومن كان كريماً من خلقه فقد تسمَّى باسمه واحتذى على صفته،
قال الله تعالى(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)سبأ،
قال ابن كثير،رحمه الله،يخلفه عليكم في الدُّنيا بالبدل،وفي الآخرة بالجزاء والثَّواب،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه،قال،قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم،قال الله عزَّ وجل(أنفق أنفق عليك)رواه مسلم،والبخاري،
وقال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(ما من يومٍ يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما،اللهمَّ أعط منفقًا خلفًا،ويقول الآخر،اللهمَّ أعط ممسكًا تلفًا)رواه البخاري،ومسلم،
ونحن المسلمين أحوج ما نكون إلى من يأخذ بأيدينا إلى عمل الصَّالحات ويبصرنا بمواطن الخيرات عسى أن نظفر بالحسنات وتكفِّر عنَّا السَّيِّئات،
قال الله،تعالى(لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ)آل عمران،
وقال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلم(صنائع المعروف تقي مصارع السُّوء والآفات والهلكات،وأهل المعروف في الدُّنيا هم أهل المعروف في الآخرة)صحَّحه الألباني،في صحيح الجامع،
إنَّ عمل المعروف واصطناعه بين النَّاس،لهو من أحبِّ الأعمال إلي الله،عزَّ وجل،وبه ينال المسلم خيري الدُّنيا والآخرة، ويقيه الله مصارع السُّوء ومواقف الخزي والذُّل والعار هذا في الدُّنيا،
أمَّا في الآخرة فيكفيه فخرًا واعتزازًا أن يكون من أهل الخير والطَّاعة والفلاح والفوز والنَّجاة،
وقد قيل،اصنع المعروف إلى كلِّ أحدٍ فإن كان من أهله فقد وضعته في موضعه، وإن لم يكن من أهله كنت أنت أهله،
وقيل،من يزرع معروفًا حصد خيرًا،ومن زرع شرًّا حصد ندامةً،
أيُّ فخرٍ ومكرمةٍ واعتزازٍ يوم يدرج المسلم في خير النَّاس بنص كلام الرَّسول،صلَّى الله عليه وسلَّم(خير النَّاس أنفعهم للنَّاس)حسَّنه الألباني،
وأي شرفٍ يناله المسلم يوم يسعى على الأرملة والمسكين،فوق درجة المجاهد فى سبيل الله أو درجة القائم بالليل والصَّائم بالنَّهار عندما يبذل المعروف،حيث قال،صلَّى الله عليه وسلَّم(السَّاعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل والصَّائم النَّهار)رواه البخاري،ومسلم،
وقال رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم(أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا،أو تقضى عنه دينًا أو تطعمه خبزًا)صحَّحه الألباني،
وليحرص المسلم على بذل المعروف واصطناعه وأن يفيض بنعم الله الَّتي أنعم بها عليه على عباد الله، حتَّى تثبت له وتستمر عنده، وينميها له ربّه ويبارك له فيها وليحذر المسلم من البخل بها ومنعها فإذا منعها منعه الله هذه النِّعم وحولها إلى غيره، ممن يحفظونها ويوفون حقَّها فإنَّ من حقِّها أن تبذل لأهلها ومستحقيها،
وقد ثبت عن رسول الله،صلَّى الله عليه وسلَّم،قال(إنَّ لله تعالى أقوامًا يختصهم بالنّعم لمنافع العباد،ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها،نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم)حسَّنه الألباني،
وقد قيل،ما شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه،
قال الحسن البصري،لأن أقضي حاجةً لأخي أحبّ إليَّ من عبادة سنة،
وكان يحيى بن معاذ يقول،عجبت ممَّن يبقى معه مالٌ وهو يسمع قوله،سبحانه وتعالى،إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)التَّغابن،
وكان سفيان الثَّوري،رحمه الله،ينشرح صدره إذا رأى سائلًا على بابه ويقول،مرحبًا بمن جاء يغسل ذنوبي،
وقال أحد العباد،يتزوج أحدكم فلانه بنت فلان بالمال الكثير، ولا يتزوج الحور العين بلقمة أو تمرة هذا من العجب،
وكان مطرف بن عبدالله يقول،من كان له عندي حاجه فليكتبها في قرطاس ويرسلها إليّ فإني أكره أن أرى ذلُّ المسألة في وجه مسلم،
وكان،صلَّى الله عليه وسلَّم،أكرم النَّاس ويعطي عطاء لا يعطيه أحد من البشر،فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال،يا قوم أسلموا فإنَّ محمَّدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة)رواه مسلم،
هذه قصة وردت في كتاب البر والصلة للإمام ابن الجوزي،ما رواه الإمام،عن عكرمة رحمه الله قال،إن ملكا ممن سبق،قال لأهل مملكته،إن تصدق أحد بشيء لأقطعن يديه،فجاء رجل إلى امرأة،فقال،تصدقي علّي،قالت،كيف أتصدق عليك والملك يقطع يدي كل من يتصدق،
قال،أسألك بوجه الله،أن تصدقت عليّ،فتصدقت عليه برغيفين ، فعلم بذلك الملك،فأرسل إليها فقطع يديها،
ثم إن الملك قال لأمه،دليني على امرأة جميلة أتزوجها،قالت، هاهنا امرأة ما رأيت مثلها قط،ولكن بها عيب شديد،إنها قطعاء اليد،فأرسل إليها،فلما نظر إليها أعجبته،
فقال،أتريدين أن أتزوجك،قالت،نعم،فتزوجها،ودخل بها،
فحسدها ضرائرها،فخرج الملك يقاتل عدوا،فكتب ضرائرها إليه أنها فاجرة وقد ولدت غلاماً،فكتب الملك إلى أمه،خذي هذا الغلام ،فاحمليه على عنقها واضربيها،واخرجيها من الدار إلى الصحراء ،وبينما هي تمشي والصبي على عنقها إذ مرت بنهر،فنزلت لتشرب،فبدر الصبي عن رقبتها فوقع في الماء فغرق،فجلست تبكي،وبينما هي كذلك،مرّ بها رجلان،فقالا لها،ما يبكيك،
قالت،ابني كان على عاتقي،فسقط في الماء فغرق،
فقالا لها،أتحبين أن نخرجه لك،قالت،إي والله،
قال،فدعوا الله عز وجل،فخرج ابنها إليها،
ثم قالا،أتحبين أن نرد يديك إليك،
قالت،نعم،فدعوا الله،فاستوت يداها،فقالا لها،أتدرين من نحن،قالت،لا ،قالا،نحن رغيفاك اللذان تصدقت بهما،
وهذه قصة ثانيه،يذكر رجل يسمى ابن جدعان فيقول،خرجت في فصل الربيع،وإذا بي أرى إبلي سمانًا يكاد الربيع يفجر الحليب من ثديها،فقلت،
والله لأتصدقن بهذه الناقة وولدها لجاري، فالله يقول(لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)آل عمران،
وأحب حلالي هذه الناقة، يقول،فأخذتها وابنها،وطرقت الباب على الجار وقلت،خذ هدية مني لك،فرأيت الفرح في وجهه،
فلما انتهى الربيع وجاء الصيف بجفافه وقحطه،شددنا الرحال نبحث عن الماء في الدخول،والدحول هي حفر في الأرض توصل إلى محابس مائية لها فتحات فوق الأرض،
يقول،فدخلت في هذا الدحل حتى أحضر الماء لنشرب،وأولاده الثلاثة خارج الدحل ينتظرون،فتاه تحت الأرض وانتظره أبناؤه يوماً ويومين وثلاثة حتى يئسوا،وكانوا،عياذًا بالله،ينتظرون هلاكه طمعًا في تقسيم المال، فذهبوا إلى البيت وقسموا، وتذكروا أن أباهم قد أعطى ناقة لجارهم الفقير،
فذهبوا إليه وقالوا له،أعد الناقة خيراً لك،وخذ هذا الجمل مكانها وإلا سنسحبها عنوة ولن نعطيك شيئاً،
قال،أشتكيكم إلى أبيكم،
قالوا،اشتك إليه،فإنه قد مات،
قال، مات،وكيف مات،ولم لم أعلم بذلك،
قالوا،دخل دحلاً في الصحراء ولم يخرج،
قال،ناشدتكم الله اذهبوا بي إلى مكان هذا الدحل، ثم خذوا الناقة وافعلوا ما شئتم ولا أريد جملكم، فذهبوا به، فلما رأى المكان الذي دخل فيه صاحبه الوفي ذهب وأحضر حبلاً، وأشعل شمعة، ثم ربطه خارج الدحل، ونزل يزحف ويشم رائحة الرطوبة تقترب، ويتلمس الأرض حتى وقعت يده على الرجل، فإذا هو يتنفس بعد أسبوع،فقام وجره،وربط عينيه حتى لا تنبهر بضوء الشمس، ثم أخرجه معه خارج الدحل، وأطعمه وسقاه، وحمله على ظهره، وجاء به إلى داره،ودبت الحياة في الرجل من جديد وأولاده لا يعلمون،
فقال،أخبرني بالله عليك، أسبوعًا كاملاً وأنت تحت الأرض ولم تمت،قال،سأحدثك حديثًا عجبًا، لما نزلت ضعت وتشعبت بي الطرق، فقلت،آوي إلى الماء الذي وصلت إليه، وأخذت أشرب منه، ولكن الجوع لا يرحم، فالماء لا يكفي،
يقول،وبعد ثلاثة أيام، وقد أخذ الجوع مني كل مأخذ، وبينما أنا مستلقٍ على قفاي، قد أسلمت وفوضت أمري إلى الله، وإذا بي أحس بدفء اللبن يتدفق على فمي، فاعتدلت في جلستي، وإذا بإناء في الظلام لا أراه يقترب من فمي فأشرب حتى أروي، ثم يذهب، فأخذ يأتيني ثلاث مرات في اليوم، ولكنه منذ يومين انقطع ما أدري ما سبب انقطاعه،
يقول،فقلت له،لو تعلم سبب انقطاعه لتعجبت،ظن أولادك أنك مت، وجاءوا إليَّ وسحبوا الناقة التي كان الله يسقيك منها، والمسلم في ظل صدقته(وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُ مَخۡرَجً۬ا،وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُ ،وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمۡرِهِ)الطلاق،
أسأل الله،عزَّ وجلَّ،أن يستعملني وإياكم لصنائع المعروف، ويستخدمنا في أحبِّ الأعمال إليه، وينلنا أشرف المنازل في الدُّنيا والآخرة.