المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبودية الشتاء



امـ حمد
02-12-2014, 12:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبودية الشتاء
فإن الله جعل مرور الأوقات تذكرة لعباده المؤمنين،
وللمؤمن في كل وقت من الأوقات عبودية لله،ومن سعادة العبد أن يعرف شرف الزمن وقيمةالوقت،وأن يعرف وظائف المواسم حتى يعمرها بطاعة الله تعالى،
والشتاء ربيع المؤمن كما قال السلف،والمسلم دائماً يهتم بواجب الوقت الذي هو فيه، ويغتنم الفرص في كل زمان ليحقق عبوديته لله سبحانه التي خُلق من أجلها، وزمن الشتاء له واجباته التي يجب على المسلم أن يحافظ عليها،
صاحب القلب الحي إذا قرأ أو سمع قول الله عز وجل(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)النور،
تساءل،هل أنا من أهل البصيرة الذين يعتبرون،
وإذا مرّ بقولَ الله تعالى(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)الفرقان،
بحث عن أثر هذا التقليب في قلبه،وأثره على زيادة شكره لربه،
هكذا هم أصحاب القلوب الحية،يعيشون حياتهم بين تأمل وتدبر، واعتبار وتفكر،
ومن ذلك ما يراه المؤمن من عبرة في تقلب الفصول وما فيها من المصالح والحكم،وكيف سيكون الحال لو كان الزمان كله فصلاً واحداً،وكم سيفوت من مصالح الفصول الباقية،
إن في زمان الشتاء لمواضع من العبر،
من مواطن الاعتبار في هذا الفصل،ما كان النبي صلى الله عليه وسلم،يُذكر أصحابه به،من أن هذه البرودة الشديدة التي يجدها الناس، إنما هي أحد نفسي جهنم،أعاذنا الله وإياكم منها،
كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(قالت النار،رب،أكل بعضي بعضاً، فأذن لي أتنفس،
فأذن لها بنفسين،نفس في الشتاء،ونفس في الصيف،
فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم،
وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم)صحيح البخاري،ومسلم،
لذا كان من تمام نعيم أهل الجنة،جعلني الله وإياكم من أهلها،أنهم وُقوا أذى الحر والبر،كما قال سبحانه﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾الإنسان،
بعكس أهل النار،أجارنا الله منها،الذين يتنوع العذاب في حقهم حتى يجمع لهم بين الطعام الحار جداً،والبارد جداً،ولئن كان هذا مؤذياً في الدنيا،فما ظنك به في الآخرة،
قال تعالى﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا،إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾النبأ، قال ابن عباس رضي الله عنهما،
الغساقُ،الزمهرير البارد الذي يحرق من برده،
وقال مجاهد،هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده
فمن منا الذي إذا لسعه برد الشتاء تذكّر ما يعانيه أهل النار من شدة زمهرير جهنم،
ومن الذي إذا لسعه برد الشتاء تذكّر ما يتجرعه أهل النار من غصص في أكل الغساق،
ومن آثار التفكر والاعتبار في تقلب الليل والنهار،
شكرُ المنعم المتفضل بصالح الأعمال،ففي الشتاء تشتد المؤونة على بعض الناس،وتزيد الكلفة عليهم،بسبب الحاجة إلى التدفئة والرزق الذي قد لا يتهيأ طلبه في غير الشتاء،
فمن الموفق الذي يبدأ بتلمس حاجات المعوزين،الذين اجتمع عليهم برد الشتاء وغلاء الأسعار،ويعبِّر أوضح التعبير عن خيرية المجتمع الذي يتفقد أحوال الضعفاء فيه،
ومن الموفَّق الذي يجتهد ألا يمضي عليه هذا الفصل إلا وقد ساهم بتدفئة مسلم،أو إطعامه من جوع،
ومن مواطن الشكر في تقليب الليل والنهار،وفي فصل الشتاء بالذات،صيام ما أمكن من الأيام التي جاءت السنةُ ببيان فضلها، ومحاولة تخصيص جزء من الليل بالقيام،
أما الصيام فلقصر النهار،وقلة المشقة في الصوم،
وأما قيام ليل الشتاء فلطوله،يمكن أن تأخذ النفسُ حظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة،فيقرأ المصلي ورده كله من القرآن،
وقد أخذت نفسُه حظها من النوم،فيكمل له مصلحة دينه وراحة بدنه،
القيام في ليل الشتاء فيه مشقة على النفوس من جهة تألم النفس بالقيام من الفراش في شدة البرد،وبما قد يجده من ألم في إسباغ الوضوء،وهذا من أفضل الأعمال،
لكن المؤمن،وهو يقوم،يحدوه أمران،شكرُ الرب على نعمه،والرغبةُ في التلذذ بمناجاتة،
وتزكية القلب بتلاوة آياته،ودعائه،وسؤاله من فضله،
روي أن الحسن البصري رحمه الله كان إذا قرأ هذه الآية،
في صفات عباد الرحمن﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾الفرقان،
قال،هذا وصف ليلهم،فرحم الله عبداً اقتدى بهم،
إن ليل الشتاء طويل فلا تقصروه بالغفلة،ولا تضيعوه بالسهر على المعاصي والملذات، ولنتشبه،ولو في بعض ليلنا،بليل المتقين الذاكرين،لعل الله أن يلحقنا بهم،
وإذا أردتَ أن تعرف الفرق بيننا وبين من عرفوا قيمة طول الليل، فتأمل في هذه القصة القصه العظيمة في دلالاتها،
قال مهديّ بن ميمون رحمه الله،رأيت حسان بن أبي سنان،وهو في مرضه الذي مات فيه،فقيل له،كيف نجدك،قال،بخير إن نجوتُ من النار،فقيل له،فما تشتهي،قال،ليلة بعيدة ما بين الطرفين، أُحيى ما بين طرفيها بالقيام،
لقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم،عددٌ قليل من قبيلة مضر، وكانت حالتهم بائسة،ومع ذلك تمعّر وجهه صلى الله عليه وسلم،مما رأى،وقام وخطب الناس،وحثّهم على التبرع، والإغاثة العاجلة،فانطلق الصحابة رضي الله عنهم على قلة ذات يد أكثرهم، فسُدّت حاجتهم في ضحوة واحدة،
فينبغي علينا أن نغتنم فصل الشتاء في التقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات والقربات، والسعيد من عرف وظائف المواسم حتى يعمرها بطاعة الله تعالى، والشتاء ربيع المؤمن.
اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك،وزوال نعمتك، وفجاءة نقمتك.

حمد 2002
02-12-2014, 12:38 AM
يزاج الله خير اختي أم حمد .. وماقصرتي. .

امـ حمد
02-12-2014, 03:10 AM
يزاج الله خير اختي أم حمد .. وماقصرتي. .

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي حمد
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
02-12-2014, 06:20 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
02-12-2014, 06:56 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس