المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يحشر المرء مع من أحب



امـ حمد
07-12-2014, 03:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يحشر المرء مع من أحب
الحديث الصحيح ،ما ورد عن علي رضي الله عنه قال،قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم(ثلاث هن حق،لا يجعل اللّه من له سهم في الإسلامِ كمن لا سهم له،ولا يتولَى اللَّهَ عبد فيوليه غيره،ولا يحب رجل قوماً
إِلّا حشر معهم)رواه الطبراني،وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب،
ومن الأحاديث المشهورة في هذا المعنى حديث أَنَسٍ بن مالك،رضي اللَه عنه،أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة،فقال،متى الساعة،قَال،وماذا أعددت لها، قَال،لا شيء،إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،فقال،أنت مع من أحببت،قال أنس،فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم،أنت مع من أحببت،قال أنس،فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر،وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أَعمل بمثل أعمالهم )رواه البخاري،ومسلم،
وقال عليه الصلاة والسلام(أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله،والمعاداة في الله،والحب في الله والبغض في الله) رواه الطبراني وصححه الألباني،
المحبة المقصودة في الحديث نوعان،
النوع الأول،المحبة الدينية،أي المحبة لأجل الدين،فمن أحب الصالحين لصلاحهم وأحب ما هم عليه من التقوى والدين،رُجِي أن يجمعه الله بهم في جنته ،ومن أحب الكفار لكفرهم ومعتقدهم،ووالاهم على ما هم فيه،كان ذلك أيضاً سبباً لدخول النار معهم،
قال ابن بطال رحمه الله،هذا المعنى أنه لما كان المحب للصالحين إنما أحبهم من أجل طاعتهم لله،وكانت المحبة عملاً من أعمال القلوب،واعتقاداً لها،إذ النية هي الأصل ،والعمل تابع لها،والله يؤتي فضله من يشاء،من شرح صحيح البخاري،
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله،في تفسير قوله تعالى(وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما )أي،وإن حرصا عليك أن تتابعهما على دينهما إذا كانا مشركين،فإياك وإياهما،لا تطعهما في ذلك، فإن مرجعكم إليّ يوم القيامة،فأجزيك بإحسانك إليهما، وصبرك على دينك،وأحشرك مع الصالحين،لا في زمرة والديك،وإن كنت أقرب الناس إليهما في الدنيا،فإن المرء إنما يحشر يوم القيامة مع من أحب،أي،حبا دينيا،ولهذا قال(والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين )
النوع الثاني،المحبة الموجبة لتشابه الأعمال والأخلاق،فمن أحب أحد العلماء الصالحين وتشبه بما هو عليه من الصلاح والتقوى دخل الجنة بذلك،ومن أحب الفاسقين أو الكافرين،وأدت به محبته إلى التشبه بأحوالهم ومعاصيهم كان معهم في العقاب أيضاً
يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله،قال الحسن،يا ابن آدم، لا يغرنك قول من يقول(المرء مع من أحب)فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم،فإن اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم،
أما الحب الدنيوي الذي يكون باعثه قرابة أو صداقة أو مصلحة مادية أو زواج أو غير ذلك من أسباب الدنيا الفانية،فلا يكون سبباً للجمع في المحشر أو المصير،فالمسلم الذي يحب والدته غير المسلمة حباً فطرياً،ولا يحشر معها،وغير المسلم الذي يحب صديقه المسلم مثلاً من غير إسلام وإتباع لا يحشر معه،وهكذا كل أنواع المحبة الدنيوية لا مدخل لها في معنى هذا الحديث،وقال السخاوي،قال بعض العلماء،
ومعنى الحديث أنه إذا أحبَّهم عمل بمثل أعمالهم،
وقال الحسن البصري،من أحب قوماً اتبع آثارهم،واعلم أنك لن تلحق بالأخيار حتى تتبع آثارهم،فتأخذ بهديهم،وتقتدي بسنتهم،وتصبح وتمسي
على مناهجهم،حرصاً على أن تكون من السنة المحمدية،
والذى يحب الراقصة الفلانية والفنانة الفلانية والممثل الفلانى فسوف يكون معهم،الذى تحبه ستكون معه يوم القيامة فى الموقف,وبعد ذلك جهنم والعياذ بالله،ومع ذلك ننبه الشباب إلى أن التعلق باللاعبين والممثلين،بأخبارهم وأحوالهم وأيامهم،إنما هو من الأوهام والخيالات التي لا تجر إليهم إلا كل فساد وشر، وهي الباب للتخلق بأخلاقهم،والعمل بمثل أعمالهم، والمشاكلة في الظاهر توجب المحبة في الباطن،وهكذا العكس بالعكس،
أما الحب النافع فهو حب الصالحين والناجحين والمبدعين فيما يعود بالنفع على الأمة والبشرية جميعاً، حبا يدفع نحو التقدم والنجاح في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى،
أما إذا أحببت الله وأحببت من يحب الله،فستكون جاره فى الفردوس الأعلى,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس,فإنه أعلى الجنة ووسط الجنة,ومنه تفجر أنهار الجنة,وسقفه عرش الرحمن)أخرجه البخاري،
فإذا أحببت الله كنت جاره،وإذا أحببت النبى صلى الله عليه وسلم كنت معه،
أبو بكر الصديق وعمر وعلى وعثمان وأبو الدرداء وأنس وأبو ذر ومعاذ رضى الله عنهم،فإذا أحببتهم كنت معهم هناك فى الآخرة،هؤلاء هم الذين يستحقون الحب،فمن تحب،
وانظر إلى الرقة والأدب فى التعامل بين الصحابة،رضوان الله تعالى عليهم أجمعين،عن زيد بن أسلم عن أبيه،عزل عمر خالد,فلم يعلمه أبو عبيدة حتى علم من الغير,فقال،يرحمك الله,ما دعاك إلى أن لا تعلمنى,قال،كرهت أن أروعك ،حب فى الله،
قال الصورى،علامة الحب لله المراقبة للمحبوب, والتحرى لمرضاته،
ولما اشترى أبو بكر بلالاً وهو مدفون فى الحجارة بخمس أواق ذهباً,قالوا،لو أبيت إلا أوقية لبعناكه,فقال،لو أبيتم إلا مئة أوقية لأخذته،حب فى الله،
قال فضيل بن غزوان،أتيت أبا إسحاق بعد ما كف بصره,قال،قلت،تعرفنى,قال،فضيل،قلت،نعم,قال،إنى والله أحبك,لولا الحياء منك لقبلتك,فضمنى إلى صدره ،وقرأ قول الله تعالى(لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)الأنفال ،نزلت فى المتحابين،
الحب فى الله،أن تحب الله،تعالى،ورسوله صلى الله عليه وسلم،وتحب بحبهما المؤمنين,
والبغض فى الله،أن تكره الكفر والكافرين والشرك والمشركين والفسق والفاسقين,حتى ولو كانوا أقرب الأقربين إليك،
والموالاة فى الله،يقول ابنُ تيميَّة،رحمه الله(‏الولاية)‏ ضد العَداوة، وأصل الولاية المحبَّة والقُرب، وأصل العداوةالبغض والبعد،وقد قيل‏،إنَّ الولي سُمِّي وليًّا من موالاته للطاعات،أي،متابعته لها،
والمعاداة فى الله،روى الطبراني عن ابن عباس مرفوعا بلفظ (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله ، والمعاداة في الله ، والحب في الله ، والبغض في الله عز وجل )
وروى أبو داود والضياء عن أبي أمامة مرفوعاً)من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)وفي رواية،فقد استكمل إيمانه،
فاختاروا يرحمكم الله،من يسركم فى يوم القيامة أن يكونوا معكم وتكونوا معهم,وابتعدوا عن طريق الصادين عن سبيل الله الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا،تبرءوا من الفسقة الفجرة حتى لا يجمعكم الله بهم، اتركوا الاختلاط بهم,واتركوا التشبه بهم فى الأعياد والاحتفالات والملبس والهيئة,واستعمال كلماتهم التى يكرهها الله،
قال تعالى(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ)هود،
فالآية،فيها دليل على وجوب هجران أهل الكفر والمعاصى,وأهل البدع والأهواء,فإن صحبتهم كفر أو معصية,إذ الصحبة,لا تكون إلا عن مودة،

اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه،وتوفنا على ملته،واحشرنا في زمرته،واسقنا من حوضه ورزقنا شفاعته،واجمعنا في جنات النعيم،مع من نحب مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،
تحت لواء اشرف خلق محمد صلى الله عليه وسلم،
أللهم اميـــــن يا رب العالمين.

الحسيمqtr
07-12-2014, 12:28 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
07-12-2014, 02:55 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس