المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير(مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ﴾



امـ حمد
08-12-2014, 06:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ﴾النور،
قال الإمام ابن القيم،الله نَوَّر الكون بالشموس،ونَوَّره في قلب عبده المؤمن بأنواره، من آمن به ،
قال ابن كثير،فهو المؤمن,جعل الله الإيمان والقرآن في صدره، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما،قال،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم،إذا قام من الليل يقول(اللهم لك الحمد, أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن)
ومثل نوره،أي مثل هداه في قلب المؤمن،الذي يحتوي على النور الذي به يهتدي, فيرى الأشياء على حقائقها ويسير على هدى من ربه بسبب هذا النور،
فشبه قلب المؤمن بالقنديل من الزجاج الشفاف,وما يستمد به من القرآن والشرع،وهذا هو النور الذي أودعه الله في قلب عبده من معرفته ومحبته والإيمان به وذكره,وهو نوره الذي أنزله إليهم فأحياهم به وجعلهم يمشون به بين الناس وأصله في قلوبهم, ثم تقوى مادته فتتزايد حتى يظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم, بل وثيابهم ودورهم, يبصره من هو من جنسهم وسائر الخلق, فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور وصار بأيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجسر حتى يقطعوه،
قال الإمام ابن القيم،وضرب الله عز وجل لهذا النور ومحله وحامله مثلاً بالمشكاة،وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج وحتى شبهت بالكوكب الدري في بياضه وصفائه في قلب المؤمن, وهي الصفاء والرقة والصلابة, فيرى الحق والهدى بصفائه, وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقته،
قوله عز وجل(الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)هذه الزجاجة،أي،هذا القلب الذي يحتوي النور،مثل الكوكب المضيء الذي يشبه الدر لشدة ضيائه وصفائه,
هذا المصباح الذي في الزجاجة أو النور الموجود في قلب المؤمن كثيرة المنافع عظيمة القدر،هي شريعة الله سبحانه وتعالى, فهي نقاء وصفاء,
فما أعظم نورانية هذه الشريعة التي تمد نور القلب, وما أعظم نور هذا القلب الذي يستمد نورانيته من شريعة هذا شأنها،
قال ابن كثير(نُورٌ عَلَى نُورٍ)نور النار،ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا ولا يضيء واحد بغير صاحبه, كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه،فيغمر الكون كله, ويفيض على المشاعر والجوارح،
(يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ)ممن يفتحون قلوبهم لنور شريعته, فحيثما توجه القلب يريد نور الهدى وصدق وإخلاص،ونسأل الله ذلك،والله سبحانه يهدي لنوره من يشاء،
أي نور الله الذي يقذفه الله في قلبك يصبح كوكباً درياً،المؤمن مبصر،المؤمن يرى ما لا يراه الآخرون،يسمع ما لا يسمعون،المؤمن ملهم، المؤمن مسدد،المؤمن موفق،
قوله تعالى(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُه)
قال ابن كثير،لما ضرب الله تعالى مثل قلب المؤمن وما فيه من الهدى والعلم بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقد من زيت طيب ذكر محلها وهي المساجد،
تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع, فهي مرفوعة قائمة وهي مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع نور الإيمان, وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السني الوضيء, وتتهيأ بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله, وتتسق معها القلوب الوضيئة الطاهرة المسبحة المصلية الذاكرة, قلوب الرجال الذين(لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاة)فحق لهذه البيوت أن تكون منطلق الخير والنور،
أثمن عطاء يملكه الإنسان في الإيمان أنك إذا أقبلت على الله قذف الله في قلبك نوراً يسدد خطاك، ورأيت الخير خيراً والشر شراً،
تقف الموقف العادل،المشرف، لا تستفزك الأحداث، لا يستثيرك الشيطان،هذا النور ثابت في القرآن الكريم﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾سورة الحديد،
ما أعجب المشهد حينما يتقدم أهل الإيمان على الصراط المنصوب على متن جهنم ويسيرون عليه بسلام( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )الحديد،
إنها لحظات الثبات على الصراط، والفرح بالإيمان والمنهج الحق الذي كانوا عليه( يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ )الحديد،
هناك في أرض المحشر تأتي فوائد الإيمان،وكأن تلك الأعمال التي كانت لهم نوراً في قلوبهم في الدنيا إذا بذلك النور يتحول هناك إلى شعاع خارجي لينفعهم ويضيء لهم،
وتدبر(يَسْعَى نُورُهُمْ )لأنهم كانوا في الدنيا يسابقون للصالحات ويؤدونها بتنافس، فالنتيجة أن نورهم الذي هو إيمانهم يسعى أيضاً بين أيديهم،كما كانوا يسعون،فها هو نورهم يسعى ليضيء لهم الصراط المليء بالظلمة،إلا على أهل الإيمان الذين أخذوا نور الإيمان في حياتهم الدنيا فوجدوه هناك في أرض المحشر،مع تلك الفئة المؤمنة الصادقة،
وبعدما ذكر الله نور أهل الإيمان على الصراط والبشرى التي يسمعونها وهم يمشون،هناك بالجنات،
قال الله سبحانه وتعالى(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)الحديد،
حيث يوزع النور على أهل الإيمان كل بحسبه، وعلى كل من شهد أن لا إله إلا الله، فيمشي المؤمنون ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم،وأمامهم وخلفهم،
فيأتي نور أهل النفاق فيُطفأ،فأهل النفاق ينادون أهل الإيمان،يا أهل الإيمان،أمهلونا، وانظرونا نقتبس من نوركم،
انظرونا ،أي،انتظرونا نمشي وراءكم نستضيء بنوركم في هذه الظلمات،يوم القيامة(قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا)الحديد،
أي،ارجعوا إلى مكان النور الذي كان يقسم فيه فالتمسوا نوراً، فيهرول أهل النفاق إلى حيث كان النور، فلا يجدون نوراً، فيأتون كرة أخرى إلى أهل الإيمان كي يلحقوهم،فيضرب بينهم بسور له باب)بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ)الحديد،
أهل الإيمان بما هم فيه من نعيم وبما معهم من نور،فينادونهم من خلف هذا السور(أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ)الحديد،
أي،شككتم في بعث الله(وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ)
قال الله سبحانه(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)النساء،
خدعتهم لأولياء الله،أنهم يشهدون بألسنتهم أن لا إله إلا الله ويخفون الكفر في قلوبهم، فيظنون أنهم يخادعون أهل الإيمان، ويظنون أنهم يخادعون الله،
وخدعة الله لهم،قال الله سبحانه وتعالى فيها(يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)الحديد،
حيث يوزع النور على أهل الإيمان كل بحسبه،وعلى كل من شهد أن لا إله إلا الله،فيمشي المؤمنون ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، وأمامهم وخلفهم، فيأتي نور أهل النفاق فيُطفأ، ويقول أهل الإيمان(رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)التحريم،
فيبقى نور أهل الإيمان،فيمشي أهل الإيمان وراء نورهم الذي يسعى من بين أيديهم ومن خلفهم،
فأهل النفاق ينادون أهل الإيمان،يا أهل الإيمان،أمهلونا، وانظرونا نقتبس من نوركم،أي،انتظرونا نمشي وراءكم نستضيء بنوركم في هذه الظلمات،يوم القيامة(قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا)
أي،ارجعوا إلى مكان النور،فالتمسوا نوراً، فيهرول أهل النفاق إلى حيث كان النو، فلا يجدون نوراً، فيأتون كرة أخرى إلى أهل الإيمان كي يلحقوهم، فيضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب،
فهذه هي خدعة الله التي يخدعهم بها، فيضرب بينهم بسور له باب(بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ)هم أهل الإيمان بما هم فيه من نعيم وبما معهم من نور،
(وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)فينادونهم من خلف هذا السور(أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ)
(وَارْتَبْتُمْ)أي،شككتم في بعث الله(وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ)
وقال الله سبحانه(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)النساء،
الطريق إلى سلامة القلب ونورانيته،هو العمل بهذه الشريعة,أن الله سبحانه جعل لكل عمل من أعمال الشريعة أثراً نورانياً في القلب,فكل عمل يخلف في القلب نوراً,وبزيادة الأعمال الصالحة تزداد نورانية القلب,والعمل الصالح هو المخلص لله المتبع لنبيه صلى الله عليه وسلم،
اللهم لا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك الكريم، واجعل لنا منك نوراً نهتدي به سواء السبيل،
اللهم لا نور إلا نورك فاهدنا إليه، واصرف عنا كل ظلام وضلال وتيه،
اللهم اهدنا إلى نور الإيمان،واجعل لنا نوراً نمشي به في الحياة الدنيا,واجعل في قلوبنا نورا، وفي قبورنا نوراً، واجعلنا ممن يسعى نورهم بين أيديهم هناك على الصراط،آمين يا رب العالمين.

الحسيمqtr
08-12-2014, 09:07 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
09-12-2014, 12:28 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

حمد 2002
09-12-2014, 08:34 AM
يزاج الله خير اختي ام حمد ،،

امـ حمد
09-12-2014, 07:01 PM
يزاج الله خير اختي ام حمد ،،



بارك الله فيك وفي حسناتك أخوي حمد
وجزاك ربي جنة الفردوس