المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على الدول الخليجية ترشيد الإنفاق لتجنب عجز الموازنة في 2015



Beho
15-12-2014, 09:21 AM
على الدول الخليجية ترشيد الإنفاق لتجنب عجز الموازنة في 2015
الشرق الأوسط - 15/12/2014

نصح عدنان مزارعي نائب مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، الدول الخليجية، بالقيام بعمليات تصحيح وترشيد للإنفاق من أجل تجنب مواجهة عجز في الميزانيات خلال عام 2015 بسبب استمرار الانخفاض في أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وأشار إلى وجود عدد من الفائزين والخاسرين من انخفاضات أسعار النفط العالمية، وإلى تأثر السعر بمتطلبات العرض والطلب، رافضا الحديث عن انخفاض أسعار النفط بوصفه سلاحا اقتصاديا لإخضاع كل من روسيا وإيران.

وقال مزارعي في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن كلا من الأردن والمغرب ومصر ستشهد تحسنا في الاقتصاد وتخفيفا للضغوط والأعباء المالية على مواردها، خاصة بعد أن قامت كل دولة ببعض الخطوات الإصلاحية الجيدة، لكن لا تزال الصراعات في المنطقة مع الاضطرابات في ليبيا والوضع المتأزم في سوريا والعراق وسيطرة الحوثيين في اليمن، تشكل عاملا خطرا في استمرار حالة عدم الاستقرار وعدم الثقة في المنطقة.

وجانب كبير من حل المشاكل الاقتصادية والمالية في اقتصاديات المنطقة العربية في رأي نائب مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد يكمن في خفض الدعم الحكومي الذي تقدمه الدول لدعم الطاقة، وإعادة هيكلة وإصلاح منظومة الضرائب وإلقاء مسؤولية أكبر على القطاع الخاص.
وإلى نص الحوار:

* ما زال العالم يشهد حالة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي، ومعظم الدول تصارع من أجل تحقيق إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي.. في رأيك، ما الذي يجب أن يأخذ الاهتمام في المقام الأول؛ الإصلاح السياسي لتحقيق إصلاح اقتصادي، أم إصلاح اقتصادي يؤدي إلى تحسن في الجانب الاجتماعي والسياسي؟
- ظاهرة «الربيع العربي» أو الانتفاضات (بغض النظر عن التسميات) لها جذور عميقة تكمن في حالة الغضب وعدم الرضا لدى قطاع واسع من الشعوب وسكان دول الربيع العربي، حيث كانت النظم الحاكمة لديها مشاكل في تحقيق العدالة والكرامة، ومشاكل تتعلق بتحسين المناخ الاقتصادي.

ولا أعرف كيف يمكن التفرقة بين الجانبين السياسي والاقتصادي، فالجانبان يتداخلان بشكل كبير، والتغييرات التي حدثت في الجانب السياسي في بعض الدول (على مستويات متباينة) أثارت جدلا حول ضرورة توسيع المشاركة الشعبية السياسية بشكل أكبر وتوسيع فرص النفاذ للعدالة، وكان هناك بعض التقدم وبعض التأخر، لكن جذور هذه التغييرات السياسية، التي شكلت المحور الرئيسي للربيع العربي، لا تزال موجودة.

ومن الأسهل بالنسبة لي التعامل مع الجانب الاقتصادي، فالإقليم يمر بتغييرات ديموغرافية كبيرة، وجانب كبير من السكان، خاصة الشباب، يعاني من ارتفاع نسب البطالة.

ويتباين الوضع من دول لأخرى في دول الإقليم، في عدم القدرة على الاستجابة لمطالب السكان فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية والنفاذ إلى الموارد والنفاذ إلى الفرص للحصول على عقود حكومية وفرص وظيفية وفرص اقتصادية.

والكثير من هذه الموارد كان في صالح نخبة صغيرة من السكان، واعتدنا في الإقليم أن تكون الحكومة محور النموذج الاقتصادي، وهي التي تقوم بمهمة خلق فرص العمل وتوفير الدعم.

ورغم أن الحكومات هي التي تلعب الدور الاقتصادي الأكبر، فإنها عجزت عن الاستجابة لهذه الاحتياجات الشعبية.

والمطلوب في الفترة المقبلة رؤية جديدة ومعالجة جديدة من خلال إلقاء جانب كبير من المسؤولية الاقتصادية على كاهل القطاع الخاص، والسماح له بالقيام ببعض المسؤوليات الاقتصادية.

* بعد عدة سنوات من المشاكل والاضطرابات التي واجهت دول المنطقة هل أنت متفائل بقدره المنطقة على تحقيق خطوات متقدمة في المجال الاقتصادي والسياسي، وما الدول التي تعدها حققت خطوات على الطريق الصحيح؟
- مع المشاكل التي واجهتها دول الربيع العربي كان الاقتصاد العالمي في وضع سيئ، مما أضاف ضغوطا إضافية إلى حالة الاضطراب وعدم الثقة في المنطقة، لكن مع التحسن التدريجي في الاقتصادي العالمي، بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط ستشهد تحسنا في الجانب الاقتصادي، وأرى أن دولا مثل المغرب تحقق تقدما ملحوظا، بعد أن قامت بخطوات لعلاج عجز الموازنة، وكذلك الأردن الذي يحقق تقدما رغم ما يعانيه من ضغوط كبيرة نتيجة لتبعات أزمة اللاجئين السوريين، وأيضا للانخفاض الكبير في الواردات من الغاز الطبيعي من مصر، وكذلك مصر التي قامت بخطوات جيدة في مجال ترشيد دعم الطاقة.

لكن هذه الدول لا تزال في بداية طريق الإصلاح، وهناك الكثير الواجب القيام به، والصراعات في المنطقة، خاصة في دول مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن، ما ينجم عنها من تعقيدات سيظل يخلق خالة من عدم الثقة في المنطقة، لأن تلك الصراعات تغير من الواقع اليومي الاقتصادي ليس فقط داخل تلك الدول، وإنما تؤثر على كل إقليم الشرق الأوسط.

وهناك حاجة ملحّة لأخذ خطوات في مجال إصلاح دعم الطاقة، وأصبح يوجد الآن إدراك كبير في جميع دول إقليم الشرق الأوسط بصفة عامة بأن دعم الطاقة وصل لمستويات لا يمكن الاستمرار فيها.

* تتخوف دول المنطقة من المساس بمنظومة الدعم، خوفا من أن يقود رفع الدعم إلى حالة من الغضب والاضطراب في وقت ما زالت فيه الحكومات الانتقالية الجديدة تبحث عن سبل لترسيخ أقدامها، في رأيك كيف يمكن إصلاح الارتفاع الكبير في مستويات الدعم، وفي الوقت نفسه حماية الفقراء من تأثيرات تخفيض الدعم؟
- هناك اعتراف واسع بأن دعم الطاقة لا يتم توجهه للفقراء، بل تستفيد الطبقات المتوسطة والغنية من هذا الدعم، ولا يمكن بالطبع قطع الدعم بين ليلة وضحاها، خوفا من الاضطرابات، بل لا بد من القيام بذلك على مدى سنوات بالتزامن مع إنشاء مظلة أمان للفقراء.

وقامت بالفعل بعض الدول بخطوات جيدة لإصلاح منظومة الدعم لكنها خطوات ليست كافية. وتحتاج الدول إلى تحسين ميكانيزم لحماية الفقراء وتحسين منظومة الضرائب وتحقيق عدالة في دفع الضرائب، فالجانب الأكبر من دافعي الضرائب هم موظفو الحكومة، وقطاع كبير لا يدفع تلك الضرائب.

من ناحية أخرى هناك حاجة لتحسين مستويات الشفافية في عمل الحكومة خاصة فيما يتعلق بمجالات الإنفاق، ولا بد من تحسين معرفة الناس بطريقة إنفاق الحكومة والمجالات التي تنفق فيها، وتحسين مستويات الحوكمة وتحقيق العدالة في خلق الوظائف.

* ماذا لو لم تقم الدول بإصلاح منظومة الدعم على الإطلاق، أو تأخرت في خطوات إصلاح الدعم، هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغوط على الاقتصاد؟
- يجب القول إن هناك نوعيات من الدعم يجب ولا بد من الاستمرار فيها، مثل تقديم الدعم في مجالات التعليم والصحة لغير القادرين، لكن الدعم المقدم لمجال الطاقة هو الذي يجب مواجهته.

بعض الدول استمرت في تقديم الدعم للطاقة في أعقاب ثورات الربيع العربي بسبب الحاجة للاستجابة للضغوط الاجتماعية، لكن أسعار الطاقة في السنوات الماضية كانت مرتفعة.

والمشكلة أن مستويات دعم الطاقة ارتفعت إلى نقطة أدركت معها الحكومات أنه لا يمكن الاستمرار في تقديم الدعم للأبد.

وهناك إدراك للحاجة الملحة لإصلاح منظومة الدعم، ولم يعد السؤال هو هل نقوم بذلك أم لا، بل أصبح السؤال كيف نقوم بذلك ومتى؟

* أشاد صندوق النقد الدولي بما حققته مصر من خطوات للإصلاح الاقتصادي، ومنها ترشيد الدعم. في أعقاب زيارة بعثة الصندوق لمصر أخيرا لإجراء مشاورات المادة الرابعة، ما تقييمك للوضع الحالي للاقتصاد المصري، وما الذي سيقدمه الصندوق لمصر خلال مؤتمر المانحين في مارس (آذار) المقبل؟ وهل تدور مناقشات جديدة حول قرض محتمل من الصندوق لمصر؟
- الاقتصاد المصري واجه تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك فقدان عوائد السياحة، وتباطؤ النشاط الاقتصادي، وانخفاض مستويات الاستثمارات الأجنبية بسبب عدم الثقة السياسية.

ما نراه الآن هو اعتراف من الحكومة بضرورة إجراء تغييرات قوية، وقامت الحكومة بالفعل بخطوات جيدة في نظرتها الاقتصادية المستقبلية، لكن يظل السؤال هو كيف يتم تنفيذ التغييرات، والتأكد أن تنفيذها يتم بشكل يستجيب لمطالب السكان، فيما يتعلق بالعدالة وفرص النفاذ للموارد والانفتاح الاقتصادي.

وما خرجت به بعثة صندوق النقد الدولي خلال زيارتها لمصر لإجراء مشاورات المادة الرابعة كان مثمرا للغاية، ونتطلع للمشاركة في المؤتمر الاستثماري الذي يقام في مارس المقبل وتقديم المساندة بالطريقة التي تريدها الحكومة المصرية.

وما يقدمه الصندوق لمصر يتركز في مجالين؛ الأول تقديم النصيحة في السياسة الاقتصادية، والثاني تقديم المساندة في بناء ورفع وتحسين كفاءة القدرات الحكومية. ولا توجد أي محادثات حول قرض لمصر في الوقت الحالي.

* مع صعود تنظيم داعش في سوريا والعراق كان التخوف من تأثيرات اقتصادية يتمثل في ارتفاع أسعار النفط العالمية، وهو ما لم يحدث، وانحصرت التأثيرات السلبية في الأعباء الاقتصادية والسياسية والأزمات الإنسانية، التي تعانيها دول مثل سوريا والعراق ودول الجوار، مثل الأردن ولبنان، ما الذي يقدمه صندوق النقد الدولي لهذه الدول؟
- لا شك أن الحرب الأهلية في سوريا، والأزمة في العراق أزمة إنسانية كبيرة أدت إلى نزوح الملايين وتدمير للبنية التحتية في كل من العراق وسوريا، ودمار للأنشطة الاقتصادية وخلق أزمة اقتصادية كبيرة لدول الجوار، مع نزوج ملايين اللاجئين إليها ونحن نراقب هذه التطورات، ونحاول تقديم النصح للعراق والدول التي تعاني من تأثيرات الأزمة، ولدينا فريق من الصندوق قام بزيارة لبنان للتشاور حول تأثيرات الأزمة على الوضع المالي والاقتصادي اللبناني.

وبمجرد توقف العنف، نحن مستعدون لتقديم المساعدات التقنية والنصائح، ولو رغبت الدول في مساعدات مالية فصندوق النقد الدولي مستعد لتقديمها.

ولدينا 3 مجالات للمساعدة، هي النصائح في السياسة الاقتصادية، والمساندة في رفع القدرات الحكومية، والمجال الثالث هو تقديم القروض والمساعدات المالية.

* مع الانخفاض المستمر في أسعار النفط العالمية بعض المحللين يرون أن انخفاض أسعار النفط سلاح اقتصادي يتم استخدامه سياسيا لإخضاع كل من روسيا وإيران، فما رأيك؟ ومن المستفيد من تلك الانخفاضات؟
- انخفاض أسعار النفط يعكس التغييرات في العرض والطلب في السوق العالمية، فقد رأينا تزايدا في الإمدادات النفطية ولم يحدث انخفاضات في صادرات العراق النفطية كما كان متوقعا، بل على العكس هناك معروض كبير من النفط مقابل طلب ضعيف، مع وقوع بعض الدول تحت طائلة عقوبات اقتصادية.

وأعتقد أن الانخفاض العالمي لأسعار النفط سيساعد بعض الدول بصفة خاصة المستوردة للنفط في الإقليم، مثل الأردن والمغرب ومصر، حيث ستكون الضغوط أقل على الميزانية، وعلى فاتورة تقديم الدعم.

لكن لا يزال هناك تعقيدات لهذه الدول إذا استمرت أسعار النفط في الانخفاض، حيث ستواجه هذه الدول مشاكل تتعلق بعودة العمالة من دول الخليج، واحتمالات انخفاض قدرة دول الخليج على تقديم مساعدات وقروض ومنح لتلك الدول.

أما الدول الخاسرة، فهي الدول المصدرة للنفط، مثل إيران والسعودية ودول التعاون الخليجي، حيث ستواجه ضغوطا على الميزانية والنشاط غير النفطي بمستويات متباينة تعتمد على مدى قوة الميزانية في كل دولة، وقدرة الدولة على مواجهة الصعوبات والضغوط وما لديها من احتياطيات.

أما إيران فسيكون عليها القيام بتوازن في الميزانية حتى يمكنها التعامل مع انخفاضات أسعار النفط. ولا أستطيع الحديث عن استخدام انخفاض الأسعار كأداة للضغط السياسي، فهو افتراض لا يمكنني الإجابة عنه.

* هناك تحليلات تشير إلى تعرض دول مجلس التعاون الخليجي لمشاكل اقتصادية تتمثل في عجز للموازنة خلال عام 2015، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، ما نصيحتك لمواجهة هذا العجز؟
- في السنوات الأخيرة كان على دول مجلس التعاون الخليجي الإبقاء على مستويات مرتفعة من الإنفاق الحكومي للتأكد من بقاء وانتعاش الأنشطة الاقتصادية.

وتدرك الدول الخليجية أنه على المدى المتوسط عليها القيام بعمليات تصحيح من أجل تجنب الضغوط على الموازنة، وهذا الانخفاض يعني أن الدول الخليجية عليها التأقلم والتحكم بشكل أفضل في الإنفاق وترشيده، وتوجيه الإنفاق الحكومي إلى المجالات التي تؤدي إلى خلق فرص عمل.