المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايات دينار مع بروة



المسافر
01-01-2015, 03:58 PM
وجد السيد دينار نفسه أمام باب البورصة لا يعرف هل يدخل المبنى أم يتراجع؟، وأخذ يحلم كيف يفكر في الرجوع عن عالم الثراء؟ وكان سبب التردد هو انخفاض مؤشر السوق إلى مستويات قلقة قد تؤدي إلى تراجعات مستمرة ولا تقف إلا على أعتاب الهاوية، حيث إن عالم البورصة عالم متحرك بين الصعود والهبوط.
ووجد السيد دينار نفسه لديه القدرة على السيطرة على استثماراته من خلال اختيار أفضل الأسهم التي تعطي عوائد سنوية مميزة بالإضافة إلى أنه قد يرتفع سعر السهم بعد شراءه وبذلك يحقق ثروتين من باب العائد ومن باب ارتفاع سعر السهم، وعليه قرر السيد دينار شراء أسهم شركة بروة وهي شركة تتميز بضخامة أصولها وامتلاكها مشاريع متعددة داخل دولة قطر وخارجها وتحصل على دعم استراتيجي دائم، كما أنها من الشركات الرائدة التي تضطلع بدور هام في سد حاجة السوق من الوحدات السكنية والتجارية، ومازالت الآمال معلقة عليها في القيام بهذا الدور سيما في ظل التوسع السكاني الذي تشهده دولة قطر والذي من المتوقع أن يستمر لسنوات قادمة، الأمر الذي يجعل سهمها من الأسهم القيادية في البورصة والتي يعول عليها في انتعاش السوق بما يعكس حالة الازدهار التي يمر بها الاقتصاد القطري.
لذا رغم عدم الاستقرار في الإدارة وعدم وضوح الرؤية إلا أنها تعيش ولا تموت حتى وإن أصابتها بعض الأمراض، وهذا ما جعل السيد دينار يندفع نحو الوسيط ويشتري كمية من أسهم بروة، لكنه وجد نفسه وحيداً مع عدد قليل من المستثمرين الذين اندفعوا لشراء أسهم الشركة في ذلك الوقت وهنا أصابت الحيرة السيد دينار وأخذ يتساءل: لماذا لا يوجد إقبال على أسهم الشركة رغم إعلان الشركة عن بيع أصول عقارية ضخمة قد تنعكس على ميزانيتها؟، وشرع يبحث في النشرات الإعلامية ويتقصى الأخبار، ويأخذ السيد دينار بالتحليل، ووقف أمام حائط برلين لا يعرف ما في داخل الشركة، وحتى القائمون عليها لا يعرفون ماذا يطلب السوق والمستثمر منهم فهناك عزل تام وعدم إلمام بالواقع.
لكن السيد دينار لم يصبه اليأس ولم يدر ظهره كما أدار حنظلة ناجي العلي ظهره، وحمل راية المعرفة والتحليل المالي للشركة ليقف على مدى قدرتها في شق مسيرة النجاح، وعليه قرر أن يلبس رداء الهمة والتحدي التي برزت في لوحة يوسف الشريف، وكانت المصيبة المفجعة في هذه الشركة أن نسبة الربحية تعد قليلة مقارنة بأصولها وهو ما تجلى في توزيعاتها السنوية، ففي عام 2011 وزعت ريال واحد لكل سهم، وفي عام 2012 وبعد ضغوط شديدة من أعضاء الجمعية العمومية تم توزيع 1.5 ريال رغم إصرار مجلس الإدارة على توزيع ريال واحد فقط، أما في عام 2013 فتم توزيع ريالين. وليست المشكلة في قلة الربحية فقط بل إن الشركة ذاتها أصبحت كالجسم المصاب بالغرغرينة ولابد من بتر أطرافها حتى تعيش وهو ما تمثل في بيع قطع الأراضي والتخارج من المشروعات ومنها بيع حصة الشركة في بنك بروة مقابل 2.4 مليار ريال وبيع أرض في لوسيل بـ 2.5 مليار ريال وبيع كامل حصتها في رأسمال شركة بروة الشارع التجاري لصالح شركة لبرقة العقارية المملوكة لشركة الديار مقابل 9.2 مليار ريال كما تم الإعلان عن بيع قطعتي أرض فضاء في منطقة مسيمير بـ 5.3 مليار ريال، هذا علاوة على تصفية أربع شركات تابعة وهي شركة عكاظ الإعلامية، وشركة بروة للتكنولوجيا، وشركة لوكير العقارية، وشركة مجموعة المعرفة. وهو ما جعل موجودات الشركة تتقلص بشكل كبير حيث كانت تقدر بمبلغ 74 مليار ريال بنهاية عام 2011 ثم تقلص الرقم إلى 50 مليار مع نهاية عام 2012 وإلى 44.9 مليار في نهاية 2013 ومن المتوقع أن يستمر انخفاض وتراجع قيمة الأصول إلى أقل من النصف أمام بيع المزيد من الموجودات العقارية لتغطية عمليات التمويل وسداد الديون.
ومما زاد الدهشة لدى السيد دينار أن ما تم هو مجرد نقل الأصول إلى شركة أخرى، وهنا أخذ السيد دينار يضع ريالاً في جيبه الأيمن ثم ينقله إلى جيبه الأيسر وهو يقهقه ويقول لقد خففت العبء عن الجيب الأيمن ونقلته إلى الأيسر لعل الإدارة تكون فذة وقوية في الجيب الأيسر.
وأمام هذا المشهد وتقلص أصول الشركة يصرخ السيد دينار: آه يا قلبي آه يا قلبي يتم البتر دون معرفة هل هذه الأجزاء ستدعم الجسم أم نسعى في البتر ويستمر الجسم دون مقاومة لأي مرض في المستقبل، حيث تم البتر والتخارج من العديد من الأصول والشركات لمجرد ضخ أموال فيها وتغطية المديونية حتى صارت الشركة قائمة على الدعم المستمر فقط.
وعليه قرر السيد دينار أن يترك مشاهدة هذا الفيلم في البورصة وينتقل إلى صالة سينما أخرى من صالات البورصة ويرى ما هو وضع شركة الوساطة الأولى في قطر "دلالة".