المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إني لا أحمل همَّ الإجابة،ولكن أحمل هم الدعاء



امـ حمد
09-01-2015, 04:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحقيقة الدعاء،هو إظهار الافتقار لله تعالى،والتبرؤ من الحول والقوة،كما أن فيه معنى الثناء على الله،واعتراف العبد بجود وكرم مولاه،
يقول الله تعالى(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)البقرة،
آية ترقق قلب المؤمن،والود والأنس والرضا والثقة واليقين،
قال النبي صلى الله عليه وسلم(الدعاء هو العبادة)
وليس شيء أكرم على الله من الدعاء،والمؤمن موعود من الله تعالى بالإجابة إن هو دعا مولاه(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)غافر،
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(ما من رجل يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم،ولا قطيعة رحم،إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال،إما أن يعجل له دعوته، أو يدخر له من الخير مثلها،أو يصرف عنه من الشر مثلها،قالوا،يا رسول الله، إذًا نكثر،قال،الله أكثر،
ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول،إني لا أحمل همَّ الإجابة،ولكن أحمل هم الدعاء،فمن رزق الدعاء فإن الإجابة معه،
من آداب الدعاء،
تحري أوقات الاستجابة،فيتخير لدعائه الأوقات الشريفة،كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر،ويوم الجمعة من الأسبوع،ووقت السحر من ساعات الليل،
وأن يغتنم الأوقات والأحوال التي يُستجاب فيها الدعاء،
كوقت التنزُّل الإلهي في آخر الليل،وفي السجود،وأن ينام على ذكر،فإذا استيقظ من الليل ذكر ربه ودعاه،وعند الأذان،وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر،وآخر ساعة من نهار الجمعة،ودعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب،ودعوة المسافر والمظلوم،ودعوة الصائم والوالد لولده،
أن يدعو مستقبل القبلة وأن يرفع يديه،وأن يتضرع ويخشع عند الدعاء،قال تعالى(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)الأعراف،
وأن يخفض الصوت،فإنه أعظم في الأدب والتعظيم، ولأن خفض الصوت أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو رُوح الدعاء ومقصوده،فإن الخاشع الذليل المتضرع إنما يسأل مسألة مسكين ذليل، قد انكسر قلبُه وذلَّت جوارحُه،وهذه الحالة لا يليق معها رفع الصوت بالدعاء،ولأنه أبلغ في الإخلاص،وفي حضور القلب عند الدعاء،
ولأن خفض الصوت يدل على قرب صاحبه من الله، فيسأله مسألة القريب للقريب، لا مسألة نداء البعيد للبعيد، وهذا من الأسرار البديعة جدًّا، ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً)مريم،
وإخفاء الدعاء يكون سبباً في حفظ هذه النعمة العظيمة،
التي ما مثلها نعمة،من عين الحاسد،
أن يفتتح الدعاء بذكر الله والثناء عليه وأن يختمه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(كل دعاء محجوبٌ حتى يُصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم)
والمحافظة على تطهير الباطن،فيحرص على تجديد التوبة ورد المظالم إلى أهلها،وتطهير القلب من الأحقاد والأمراض التي تحول بين القلب وبين الله ،وتطييب المطعم بأكل الحلال،
أن يجزمَ بالدعاء ويُوقن بالإجابة،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ادعوا الله وأنتم مُوقنون بالإجابة،واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافل لاهٍ)
قال سفيان بن عيينة،لا يمنعنَّ أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه،فإن الله عز وجل أجاب دعاء شرِّ الخلق إبليس لعنه الله(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ،قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)الحجر،
أن يُلحَّ في الدعاء ويكرِّره ثلاثًا،قال ابن مسعود(كان عليه السلام إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثاً)
وفي صحيح مسلم،من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،مازال يهتف بربِّه،مادّاً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه،فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه،ثم التزمه من ورائه وقال،يا نبي الله، كفاك مناشدتُك ربَّك،فإنه سيُنجِزُ لك ما وعدك)
وهذا نبي الله يعقوب صلى الله عليه وسلم، مازال يدعو ويدعو، فذهب بصره ،وأُلقي ولدُه في الجُبِّ ولا يدري عنه شيئاً،وأُخرج الولدُ من الجُبِّ، ودخل قصر العزيز، إلى أن شبَّ وترعرع، ثم راودته المرأة عن نفسها فأبى وعصمه الله، ثم دخل السجن فلبث فيه بضع سنين، ثم أُخرج من السجن،ومع طول هذا الوقت كله ويعقوب يقول لبنيه(يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)يوسف،
قال المناوي رحمه الله،إذا تمنى أحدكم خيراً من خير الدارين،فيسأل ربه الذي ربَّاه وأنعم عليه وأحسن إليه،
وقد ذم الله من دعا ربه الدنيا فقط،فقال تعالى(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ)البقرة،وأثنى سبحانه وتعالى على الداعين بخيري الدنيا والآخرة فقال تعالى(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)البقرة،
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن في الجنة مائة درجة،أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله،ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض،فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس،فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة أراه قال،وفوقه عرشُ الرحمن،ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة)
الدعاء باسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب،فعن بُريدة رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،سمع رجلاً يقول،اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد،فقال صلى الله عليه وسلم(لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب)
أن يجتهد في الإتيان بالأدعية الواردة في الكتاب والسنة،فإنها لم تترك شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا وأتت به،وألا ييأس إن تأخرت الإجابة فإن هذا من العجلة التي نهى عنها الشرع،
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يستجيب دعاءهم ، والحمد لله رب العالمين.

الحسيمqtr
10-01-2015, 09:48 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
10-01-2015, 03:33 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس