المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفاء القلب والنوايا الطيبة



امـ حمد
15-01-2015, 03:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورجمة الله
صفاء القلب والنوايا الطيبة
لابد للإنسان أن يُصفى قلبه لمولاه عز وجل،وإذا صفا القلب فإن الله يعمره بالنوايا الخالصة،لا يجلس الرجل مع نفسه ويعُد النوايا لكن الله يقذف فى قلبه نوايا من عنده تليق بمقامه،وهذا هو أول فتح يفتح الله به على الصالحين،أن يفتح الله له فى قلبه باباً يتلقى منه إلهام ربه،
وأول الإلهام الدليل على حب الله له أن يُلهمه الله النوايا التى بها يرفع الله قدره ويُعلى الله شأنه ويجعله على قدم حَبيبه ومُصطفاه
محمد صلى الله عليه وسلم،عندما رجعَ رسولَ الله من غزوةِ تبوكَ ودَنا من المدينة قال(إنَّ بالمدينةِ أقواماً ماسِرتم مَسِيراً ولاقَطعتُم وادياً إلا كانوا معكم،قالوا،يا رسولَ الله وهم بالمدينة،قال،وهم بالمدينة حبسهم العُذر)صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنهما،
ولذلك أعطاهم الله بالنية ربما ما لم يأخذه نفر ممن مشى مع سيد البرية صلى الله عليه وسلم،فى هذه السفرة لأنه ربما خرج مسافراً ويُسر فى قلبه النفاق،والمنافقون كانوا يسافرون معه ويحضرون معه بل ويحاربون معه لكن ليس لهم عند الله أجر،
والمُخلصين الصادقين الذين بقوا فى المدينة نالوا الأجر بالنية، فأعلمنا صلى الله عليه وسلم،أن النيَّة هى التى عليها المُعوَّل
ولذلك يقول الإمام الشافعى رضي الله عنه(إن حديث(إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات،وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى)ربع الدين)لأنه عليه الأساس من كل عمل(رب قَائم ليس له من قيامه إلا السهر ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش)مسند الشهاب عن ابن عمرن،
وقالوا له،يا رسول الله الرجل يجاهد للذكر،والرجل يجاهد للغنيمة، والرجل يجاهد حمية لقومه،فمن فى سبيل الله،فقال(من قاتل لتكونَ كلمة الله هي العليا فَهو في سبيل الله)مسند الإمام أحمد عن أبى موسى الأشعرى،
لذلك من قاتل للذكر أو للغنيمة أو حمية لقومه فليس له أجر، فالأجر على قدر النية مع أنه قاتل وحارب،لكن الإمام الشافعى رضي الله عنه،جعل ربع الدين على هذا الحديث الطيب(إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات)لأن النبى استخدم له أداة الحصر (إنما)ويقول صلى الله عليه وسلم،فى حديث آخر(نية المؤمن خير من عمله)فتح البارى وشرح الزرقانى،
ويروى أن الله يوم القيامة يُظهر فضل النوايا فيأمر الملائكة بإحضار رجل معه أمثال الجبال من الأعمال الصالحة،فيقول الله تعالى(أَنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على نفسه،إنه لم يردني بهذا العمل،وأراد به غيري فعليه لعنتي)رواه ابن حبان والحاكم وغيرهما عن معاذ رضى الله عنه (الترغيب والترهيب)
هو لا يعُطى الأجر إلا إذا كان العمل خالصاً لذاته عز وجل،
ولذلك تجد الصالحين أول تدريب عملى يقومون به للسالكين والمريدين والمحبين هو أن يتمرن المريد والسالك على إخلاص القصد والنية فى كل حركة أو سكنة لله،ومن لم يستطع ذلك فقولوا له،ليس لك فى هذا الطريق لا من قريب ولا من بعيد لأن الله قال فى قرآنه(أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) الزمر،
وقال تعالى(فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)غافر،
لابد من تحرى الإخلاص في كل عمل،والإخلاص أن تقصد وجه الله فى كل عمل،
كانوا يراقبون الله فى هذه المواطن ، يراقبون أن تكون الحركات والسكنات فى كل زمان ومكان لا يرجون بها إلا رضاء الله ،وإلى وجه الله ثم بعد ذلك يقومون بها على هيئة حبيب الله ومصطفاه،أى يتابعون الحبيب صلوات ربى وتسليمه عليه فى هذا الحال
لكن لابد أن تكون النيَّة أولاً لله،ولذلك كانت كل أحوالهم طاعات نومهم ذكر وجلوسهم ذكر وقيامهم ذكر وحديثهم ذكر ونظراتهم ذكر وإمداد أيمانهم إلى غيرهم ذكر ومشيهم بأقدامهم وسعيهم إلى أى مكان ذكر وأى حركة بالجوارح الظاهرة معها نية باطنة،
ولذلك أعمالهم كلها ذكر لله لأنهم استحضروا النوايا والطوايا بعد أن طهروا القلب لله وجعلوا الأعمال خالصة لله ، وفيهم يقول الله لحَبيبه ومُصطفاه(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)الكهف،
وبين النبي،صلى الله عليه وسلم،في سنته،أن العمل لا بد فيه من إخلاص واتباع للحق،
فروى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال،سمعت رسول الله،صلى الله عليه وسلم،يقول(إنما الأعمال بالنيات،وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله،فهجرته إلى الله ورسوله،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)
هذا الحديث حديث عظيم له شأنه، وهو أحد الأحاديث التي بُنِيَت عليها شريعة الإسلام،
يبيِّن،صلى الله عليه وسلم،متى يُقْبل العمل،إنما صحته وفساده، وإنما يثاب أو يعاقب العبد عليه بالنية، فالنية هي التي تحدد قصده، هي التي يتحدد بها الثواب والعقاب،وما قصد من خير أو ضده،
إن النية تصحب المسلم في كل أحواله، في عباداته، وفي معاملاته، وفي علاقته بأهله، وفي علاقته بالآخرين، إنها النية الدالة على ما يكون بالخلق من محبة الله وإخلاص العمل له،
وإنَّ الله،جلَّ وعلا،يعلم سرنا وعلانيتنا،ولا يخفى عليه شيء من أحوالنا(قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ظ±للَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ظ±لسَّمَـظ°وظ°تِ وَمَا فِي ظ±لأرْضِ وَظ±للَّهُ عَلَىظ° كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)آل عمران،
والله تعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا،فنظر الله إنما هو لقلوبنا بما يكون فيها من إخلاص،وإلى أعمالنا هل وافقت شرع الله أو لا،
والنية عمل قلبي لا يعلمه إلا الله، والناس فيه متفاوتون على قدر ما يقوم في قلوبهم من إخلاص لله،
وإنَّ من فضل الله عليك أنَّ نيتك للخير تعطيك ثواب العاملين،
عملك الصالح الذي كنت تعمله من صلاة،وصيام،من فعل خير،إذا عجزت عنه؛ فإن الله،جلَّ وعلا-يثيبك على النية
الصالحة،ففي البخاري،ومسند أحمد وسنن البيهقي،عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله صحيحًا مقيمًا)قال بعض السلف،إن نوم المؤمن وأكله وشربه كل ذلك أعمال صالحة تجري عليه إذا أراد بها التقوي على طاعة الله،فرقٌ بين المؤمن وبين غيره،
غير المؤمن المتع والملذات هي المسيطرة على النفس، ولا صلة له بالله،
أما المسلم فخلاف ذلك، كل خطواته وأعماله يقصد بها التقرب إلى الله، فالنية الصالحة تصحبه في كل أحواله، فيرتقي بذلك إلى درجات الكمال،
لنكُن تُجّار نوايا كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم ، فهم كانوا إذا هَمَّ أحدهم بفعل أى شىء كان يُعدِّد النوايا ويستحضرها فى نفسه حتى يأخذ أكثر من أجر على العمل الواحد،
فمَن كانت نيّته خالصة لوجه الله ، يُضاعَف أجره،ولن يضيع أبداً،
اللهم ارزقنا الاخلاص بالقول والعمل،واجعل اعمالنا خالصة لوجهك الكريم ونياتنا صادقة فى طاعتك وبلوغ جنتك،
الله آمين.

white bird
15-01-2015, 03:41 AM
سبحان الله

جزاج الله خير يا آم حمد ..

امـ حمد
15-01-2015, 03:46 AM
سبحان الله

جزاج الله خير يا آم حمد ..



بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
15-01-2015, 12:49 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
15-01-2015, 03:46 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس