المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لست عن نفسي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس



امـ حمد
16-01-2015, 05:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
قيل للربيع بن هيثم،ما نراك تعيب أحداً،
فقال،لست عن نفسي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس
اللهم اشغلنا باصلاح عيوبنا ولا تجعل الناس كل همنا
قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما(اذكر أخاك إذا غاب عنك بما تحب أن يذكرك به،ودع منه ما تحب أن يدع منك)
وعن على بن عبيد قال(كنَّا عند سفيان بن سعيد الثوري، فأتانا رجل يقال له،أبو عبد الله السلال،فقال لسفيان،يا أبا عبد الله،الحديث الذي روي أن الله تبارك وتعالى يبغض أهل بيت اللحميين،أهم الذين يكثرون أكل اللحم،فقال سفيان،لا ولكنهم الذين يكثرون أكل لحوم الناس) شرح صحيح البخاري،
وقال بعض الحكماء(عاب رجلٌ رجلاً عند بعض أهل العلم،فقال له،قد استدللت على كثرة عيوبك بما تكثر من عيب الناس،لأنَّ الطالب للعيوب إنما يطلبها بقدر ما فيه منها)
أن الإنسان لنقصه ولحب نفسه يدقق النظر في عيب أخيه، فيدرك عيب أخيه مع خفائه،فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به،
ولو أنه اشتغل بعيب نفسه عن التفرغ لعيوب الناس وتتبعها لكف عن أعراض الناس،ولسد باب آفات اللسان وأعظمها الغيبة،
يقول الشاعر،أعجب من ذا أن يرى عيب غيره عظيماً،،،،وفي عينيه عن عيبه عمى،
وقال الإمام أبو حاتم بن حبان رحمه الله تعالى: الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه،فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه، ولم يتعب قلبه، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من عيب أخيه، وإن من اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه، وتعب بدنه، وتعذر عليه ترك عيوب نفسه،
وإن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم،وأعجز منه من عابهم بما فيه،ومن عاب الناس عابوه، ومن ذمهم ذموه،
يقول الشاعر،المرء إن كان عاقلاً ورعاً أشغله عن عيوب غيره ورعه،كما العليل السقيم أشغله عن وجع الناس كلهم وجعه،
كما أن العليل السقيم أو المريض يشغله الألم الذي يجده في مرضه عن ألم غيره،
فكذلك ينبغي للإنسان أن يشتغل بعيب نفسه عن عيب غيره على حد قول الشاعر،أي،الجراح التي في غيري لا تداوي الجراح التي فيَّ،وقوله،أن يشتغل الإنسان بالعيوب التي في نفسه،
فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنه(إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك)
وهذا علاج لهذا الداء على الإنسان أن لا يسهو ولا يغفل عنه،
وهو أنه إذا هم أن يتكلم في عيوب الآخرين فليفكر أولاً وليذكر عيوب نفسه وينشغل بها، فسيجد فيها غنية عن أن يشتغل بعيوب الآخرين، فهذا من أدوية هذا الداء(إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك)فإذا فتشت سوف تجد كثيراً جداً يشغلك إصلاحه في نفسك عن الاشتغال بذم غيرك،وقال أحد السلف،إن من تصرف في نفسه فعرفها صحت له الفراسة في غيره وأحكمها،
وعن بكر قال،تساب رجلان،يعني،تشاتما وسب أحدهما الآخر، فرد الشخص المسبوب فقال له،الذي يجعلني أتحلم وأصبر عن أن أرد عليك بالمثل،أنا أعرف أن في نفسي من العيوب الكثير ماتذم،فهذا يجعلني عوناً لك عليها، ولست أتخذ موقف الدفاع عنها،لأن فيها من العيوب ما تستحق به أن تُذم،
وقيل للربيع بن خثيم رحمه الله تعالى،ما نراك تغتاب أحداً،فقال،لست عن حالي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس،
ثم أنشد،لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها،،،لنفسي من نفسي عن الناس شاغل،
ولقي زاهد زاهداً فقال له،يا أخي،إني لأحبك في الله،فقال له الآخر،لو علمت مني ما أعلم من نفسي لأبغضتني في الله،يعني،بدل أن تحبني في الله،فقال له الأول،
لو علمت منك ما تعلم من نفسك لكان لي فيما أعلم من نفسي شغل عن بغضك،
يقول الشاعر،قبيح من الإنسان أن ينسى عيوبه ويذكر عيباً في أخيه قد اختفى،،،
ولو كان ذا عقل لما عاب غيره وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى ،
وعن عون بن عبد الله رحمه الله تعالى قال،لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها عن نفسه،
يعني،هذا يدل على أنه إنسان غافل،حيث يشتغل بتراب وقع على ثوب غيره أو نملة تمشي على ثوبه،في حين أن داخل ثيابه هو العقارب والحيات والآفات تنهش فيه،فيشتغل بهذا الذي لا يعنيه ،وهو أمر يسير مهما كان،
عن هذا الأمر الخطير الذي يحدث به،
وعن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى قال(كنا نحدث أن أكثر الناس خطايا أفرغهم لذكر خطايا الناس)أي،لأنه إذا اشتغل الإنسان بخطايا وبعيوب الناس لا شك أن هذا سيشغله عن إصلاح نفسه،وبالتالي تكثر خطاياه،ولا يتوب منها،ولا يعاتب نفسه، لأنه غير متفرغ لإصلاح نفسه،
وقال ابن المبارك(لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديَّ لأنَّهما أحق بحسناتي)
فالمفروض أنك أيها الإنسان،تكون منتبهاً في أي مجلس تجلسه، وإذا كان سيقع من أحد غيبة فعليك أن تنصحه وتبين له أنها غيبة،وقد يقع بينك وبينه نوع من الوحشة في أول جلسة، لكنه سوف يعرف أنك لست ممن يحب المشاركة في أكل لحوم الناس، فعلى الأقل سيكفيك شره إن لم يتب إلى الأبد،لأنه إذا وجد في كل مجلس فيه غيبة من يزجره وينبهه إلى خطورة هذه المعصية فسيراجع نفسه بلا شك،أو يكف عن أعراض الناس، لكن الذي يحصل أنها توافق أهواء الجالسين، وقد يسوغونها في مصلحة الدعوة، وهذه من الأبواب الشيطانية،
وبالتالي يحصل تمكن من هذه الآفة في هذا المجتمع،
حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الأصبهاني،قال المنذري بإسناد حسن،عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاّ,فقالوا لا يأكل حتى يطعم,ولا يرحل حتى يرحل له,فقال النبي صلى الله عليه وسلم،اغتبتموه,فقالوا يا رسول الله إنما حدثنا بما فيه,قال(حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه)
أي،حسبك من الشر أن تغتابه بأن تذكر ما فيه،فهل تريد كذلك أن تبهته،وتفتري عليه الكذب أيضاً، بل يكفيك حظاً من الإثم أن تذكر أخاك بما فيه، وأن تغتابه،
فالواجب الاستحلال لما ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم(من كان لأخيه عنده مظلمه في عرض أو مال فليستحللها من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم إنما يؤخذ من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته)
و الواجب على المظلوم قبول عذر من اغتابه وإقالة عثرته،فمن أقال عثره أخيه أقال الله عثرته فيا عبد الله اتق الله في أعراض المسلمين واحفظ لسانك يستر الله عورتك،
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامه)
رواه الترمذي وقال حديث حسن،

ربنا اغفر لنا زلات السنتنا،واجعل السنتنا لاهجة بذكرك وقلوبنا عامرة بخشيتك،واعصمنا من الزلل،ونجنا من سوء الأقوال والأخلاق والأعمال،
اللهمّ احفظ ألسنتنا من الغيبة والنـّميمة والطعن والهمز
واللمز والسبّ والأذى الفاحش من القول برحمتك يا أرحمين،وطهر قلوبنا من الأحقاد والأغلال،وسخر ألسنتنا لذكرك وأطلقها في الدعوة لدينك،واجعلنا بالحق ناطقين وللخيرات داعيين وبالصالحات عاملين ولوجهك مخلصين،
اللهم طهّر ألسنتنا من الكذب والغيبة والنميمة ومن قول قبيح ، وسددها لقول الحق أينما كان،وأعمالنا من الرياء والسمعة،
اللهم اجعل كتبنا في عليين واحفظ السنتنا عن العالمين،اللهم ألحقنا بالصالحين،واجمعنا بالنبيين والصديقين والشهداء،برحمتك يا أرحم الراحمين .

الحسيمqtr
21-01-2015, 06:15 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
21-01-2015, 03:56 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس