المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستثمرون وخبراء: البورصة قادرة على امتصاص أثار تراجع النفط



Beho
17-01-2015, 12:35 AM
مستثمرون وخبراء: بورصة قطر قادرة على امتصاص تداعيات تراجع النفط
الشرق 17-01-2015

شكّل تراجع أسعار النفط على الصعيد العالمي نقطة اختلاف بين المحللين والمتابعين الاقتصاديين.. فمنهم من يرى أن لهذا الانخفاض تأثيرات إيجابية على نمو الاقتصاد العالمي، وطرف آخر يرى أن الدول الكبرى هي من ستستفيد من ذلك.

وفي إطار هذا الجدل القائم تعرضت الأسواق المالية لحالة من عدم الاستقرار بسبب المخاوف التي تنتاب المستثمرين من مواصلة أسعار النفط التدحرج.. هذا وقد كانت بورصة قطر رغم هذا الظرف العالمي تعرضت لانخفاضات ولكن ذلك لم ينعها من تصدر الأسواق المالية في المنطقة خلال عام 2014.

ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أنه لا يمكن تجاهل تأثير انخفاض أسعار النفط على السوق القطري ولكن وجود مؤشرات اقتصادية داخلية تساهم في رفع ثقة المساهمين وتحفز السوق على الارتفاع. واعتبروا أن مواصلة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والاستعداد لتنظيم نهائيات كأس العالم 2022 إضافة إلى تنوع الاقتصاد القوي كلها ضمانات تساهم في تعزيز مكاسب بورصة قطر خلال الفترة القادمة.

وأكد رجل الأعمال عبدالعزيز العمادي أن تأثير تراجع أسعار النفط له تأثير تختلف درجته من دولة إلى أخرى. وأوضح أن زيادة المعروض أدت إلى انخفاض الأسعار، مضيفا أن ذلك يتطلب مزيدا من الوقت ليعدل السوق ويستطع امتصاص المعروض المتوفر.

وأشار إلى أن قطر لا تعتمد بشكل كبير على البترول لذلك فإن البورصة تتلقى دعما من أرباح الشركات والبنوك المدرجة التي تسجل نموا سنويا في الأرباح.

وأكد المستثمر سعيد الخيارين أن انتهاج دولة قطر إستراتيجية تنويع مصادر الدخل يساهم في ضمان استمرارية تدفق السيولة. وأعرب أن انخفاض أسعار النفط سيكون بشكل مؤقت قبل أن يسترجع نسق الارتفاع مجددا. وأضاف أن البورصة القطرية تتمتع بعدة مميزات من بينها قوة الشركات المدرجة التي تحقق من سنة إلى أخرى نموا في الأرباح وذلك يدعم مناخ الثقة ويجذب مزيدا من المستثمرين. ونوه بالتوزيعات المالية المجزية التي تقدمها الشركات لفائدة المساهمين، وهي محفز هام لتحافظ السوق على مكاسبها. وقال "إن الاستثمار في سوق الأسهم القطري يتميز بالجاذبية نظرا لاطمئنان المساهمين على استثمارات ويقينهم بأنهم سيحققون أرباحا جيدة". وأكد أن بورصة قطر لها القدرة على امتصاص التراجعات التي تشهدها مقصورة التداولات في الآونة الأخيرة نظرا للتأثيرات الخارجية المتأتية خاصة من تداعيات تراجع أسعار النفط في السوق العالمي. وأضاف أن الفترة الحالية مناسبة لتسجل السوق ارتفاعات جديدة خاصة أن الشركات والبنوك بدأت تفصح عن بياناتها المالية السنوية وما خصصته من أرباح لتوزيعها على المساهمين.

* المشاريع متواصلة

أعرب طه عبدالغني مدير عام بشركة نماء للاستشارات الاقتصادية أنه إذا توقف تدحرج أسعار النفط فإن بورصة قطر تكون قد تجاوزت كل التأثيرات السلبية للتراجع. وهو ما يمكنها من معاودة الارتفاع مجددا خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى أن مشاريع الدولة متواصلة خاصة المتعلقة بالاستحقاقات القادمة على غرار مشاريع البنية التحتية المتعلقة بنهائيات كأس العالم.

ويرى أن انخفاض أسعار النفط سيدفع إلى مزيد تنشيط دور القطاع الخاص ليساهم أكثر في تركيبة الناتج المحلي ويتجه نشاطه إلى قطاعات أخرى لا تقتصر فقط على قطاع العقاري أو الخدمات أو البنوك.

هذا وقد صدر مؤخرا تقرير لوزارة التخطيط التنموي والإحصاء أن القطاع غير النفطي في دولة قطر يواصل تحفيز النمو الاقتصادي، حيث فاقت حصته من الناتج المحلي الإجمالي (50.7%) خلال الفصل الثالث من عام 2014 وذلك لأول مرة مقارنة بنسبة 49.0% خلال الفصل الثاني من العام نفسه.

وارتفعت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 5.7% خلال الفصل السابق إلى 6.0% للسنة حتى الفصل الثالث من 2014. ووصل متوسط النمو السريع في القطاع غير النفطي نسبة 11.9% خلال الفترة ما بين الفصل الأول والفصل الثالث من عام 2014، وذلك بشكل فاق توقعاتنا للسنة بأكملها بنسبة 11.2%. وكانت الاستثمارات الضخمة في مشاريع كبيرة للبنية التحتية والارتفاع السريع في عدد السكان أهم الدوافع وراء نمو القطاع غير النفطي.

في مقابل ذلك، تراجع النمو في قطاع النفط والغاز بنسبة 2.8% على أساس سنوي وذلك نتيجة لانخفاض إنتاج النفط الخام والإغلاق المؤقت لبعض منشآت إنتاج الغاز للصيانة.
وتؤكد أحدث الأرقام الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي تواصل وتسارع عملية التنويع الاقتصادي في دولة قطر بعيدا عن دورها التقليدي كمصدر للنفط والغاز، لتتحول إلى مركز للتصنيع والخدمات.

* التخوف غير مبرر

أكد المستثمر يوسف أبو حليقة أن اتجاه المستثمرين نحو معرفة أسعار النفط كان له تأثير على معنوياتهم، لذلك يرى أن التخوف أدى إلى تراجع مؤشر بورصة قطر للأسعار. وأعرب أن مخاوف المساهمين ليس لها مبرر نظرا لكون الاقتصاد القطري من أقوى الاقتصادات وأسرعها نموا على المستوى العالمي. والدليل على ذلك تواصل الإنفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية وكل المشاريع التي جاءت في رؤية قطر 2030.

وأكد أن التخوف من تراجع أسعار النفط برز أكثر لدى المحافظ الاستثمارية الأجنبية التي قامت بالبيع بينما كانت المحافظ المحلية أكثر إقبالا على الشراء نظرا لكونها على دراية بواقع الاقتصاد القطري القوي.

ويرى أن بورصة قطر تمتلك القدرة على تجاوز حالة التراجع وتسجيل مزيد من المكاسب في الفترة المقبلة.

وأشار نفس التقرير أيضا أن المشاريع الكبرى للبنية التحتية، خصوصا شبكة المترو في الدوحة والمشاريع العقارية الكبيرة مثل مشروع مشيرب في قلب مدينة الدوحة ومشروع مدينة لوسيل في شمالها، بالإضافة إلى الطرق داخل المدن والطرق السريعة الجديدة والتوسعة الإضافية لمطار حمد الدولي الجديد، أسهمت في زيادة أنشطة البناء بنسبة 18.5% على أساس سنوي، وهو أسرع القطاعات نموا. فضلا عن ذلك، ارتفع النمو في قطاعي النقل والاتصالات بنسبة 10.5% على أساس سنوي، حيث يرجع ذلك بالأساس لزيادة توافد المسافرين عبر المطار الجديد.. كما شهدت القطاعات المالية والعقارية وقطاع الأعمال نموا قويا (13.7% على أساس سنوي في الفصل الثالث من عام 2014، حيث تزايدت خدمات البنوك وتعزز قطاع العقارات بالطلب على المنازل من العدد السكاني المتزايد.

علاوة على ذلك، نمت قطاعات التجارة والفنادق والمطاعم بقوة 13.7% على أساس سنوي بفضل ارتفاع عدد السكان والتأثير الموسمي لشهر رمضان وتزايد الأنشطة السياحية.

في المقابل، تقلص قطاع النفط والغاز خلال الفصل الثالث من هذا العام، 2014، نتيجة لانخفاض إنتاج النفط الخام وإغلاق بعض منشآت إنتاج الغاز للصيانة. كما أن تعليق المشاريع الجديدة في أكبر حقول الغاز في قطر وهو حقل غاز الشمال، يعني أن الزيادة في إنتاج الغاز ستكون محدودة.

وأكد أحد المستثمرين أن لتراجع أسعار النفط في السوق العالمي انعكاسات على أسواق المال، حيث إن عددا من اقتصادات المنطقة تعتمد على العوائد المالية المتأتية من صناعة النفط.. وأشار إلى أن الاقتصاد القطري يتميز بالتنوع حيث اتجهت قطر إلى تنويع مصادر الدخل عبر تعزيز دور القطاع الخاص والاتجاه إلى البحث عن الفرص الاستثمارية في الخارج والتي تميزت بالنجاح وذلك يضمن تدفق عوائد مالية بانتظام.

وأعرب أن البورصة القطرية قادرة على امتصاص أزمة تراجع أسعار النفط، بفضل المناخ الاستثماري المشجع نظرا لتوزيعات الأرباح المشجعة التي تقدمها الشركات والبنوك المدرجة إضافة إلى الثقة التي يقدمها الاقتصاد الوطني للمساهمين مما يجعلهم مطمئنين على استثماراتهم. وهي كلها عوامل إيجابية تساعد سوق الأسهم على التماسك ومواصلة تحقيق المكاسب.

* إمكانات ضخمة للاقتصاد

أكد المستثمر سعيد الصيفي أن ما يتمتع به الاقتصاد الوطني من إمكانات ضخمة تجعله بمنأى عن التأثيرات الاقتصادية العالمية، موضحا أن انخفاض أسعار النفط كانت له تداعيات على اقتصادات المنطقة الأكثر ارتباط بالنفط. وأوضح أن قطر قوة عالمية في مجال الغاز وهو ما يجعلها في مأمن من انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية. وأعرب أن قطر تعتمد أيضا على تنويع اقتصادها من خلال اتجاهها إلى الاستثمار وهو ما يضمن لها تدفق العوائد مالية بانتظام.

وأشار إلى أن كل هذه المعطيات الاقتصادية الجيدة تنعكس إيجابا على البورصة. ونوه الصيفي بأن أسعار النفط بدأت تسترجع نسق الارتفاع مما سيكون له تأثيرا إيجابي إضافي على المساهمين.

تجدر الإشارة إلى أن بورصة قطر تمكنت في أكثر من مناسبة تجاوز حالة التراجعات على غرار ما حدث في عام 2008 خلال حدوث الأزمة المالية العالمية التي انطلقت في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث انتابت أسواق المال حول العالم موجة من التراجعات وصلت إلى حد الانهيار في عدد من الأسواق المالية، ولكن البورصة القطرية تمكنت من امتصاص تداعيات الأزمة وبقيت متماسكة وسط تحقيق مكاسب وإن كانت طفيفة إلا أنها تعتبر قياسية في ظل تلك الأوضاع الاقتصادية العالمية. لذلك يرى عدد من المحللين والمتابعين أن تداعيات تراجع أسعار النفط على البورصة القطرية ستكون محدودة نظرا لعدة معطيات أهمها اتجاه قطر نحو تنويع مصادر دخلها مما قلل من نسبة الاعتماد على قطاع الطاقة بشكل عام. كذلك تشكل ربحية الشركات المدرجة في البورصة وزيادة نمو أرباحها من عام إلى آخر عنصرا هاما يساعد على استقطاب مزيد من المستثمرين، إضافة إلى واقع الاستثمار في سوق الأسهم الذي يتميز بالشفافية حيث تم مؤخرا الإعلان عن أسماء كبار المساهمين الذين يملكون ما نسبته 5% من أسهم الشركات.

وهي كلها معطيات محفزة للبورصة تمكنها من تجاوز هذه الظرفية المؤقتة حيث يرى المحللون الاقتصاديون أن أسعار النفط من المتوقع أن تسترجع نسق ارتفاعها وأن المنتجين الرئيسيين لن يسمحوا بمزيد تدهور الأسعار في المستقبل.

هذا وتبقى البورصة القطرية مؤهلة لمزيد من الارتفاعات خلال الفترة القادمة المتزامنة مع إعلان الشركات المدرجة عن أرباحها السنوية. وهو ما يعطي دفعا معنويا للمستثمرين للإقبال أكثر على الشراء مما قد يرفع من أحجام التعاملات داخل مقصورة التداولات. كما أن مؤشر الأسعار بقي متماسكا قرب مستوى 12 ألف نقطة الأمر الذي يساعدها على دعم مركزه وكسر نقطة المقاومة تلك في الفترة المقبلة.