المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يموت العبد على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه



امـ حمد
29-01-2015, 12:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يموت العبد على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه
يقول ابن الجوزي،رحمه الله،في،الثبات عند الممات،قد خُذل خلقٌ كثير عند الموت،فمنهم من أتاه الخذلان في أول مرضه، فلم يستدرك قبيحاً مضى،وربما أضاف إليه جوراً في وصيتِه،ومنهم من فاجأه الخذلان في ساعة اشتداد الأمر،فمنهم من كفر،ومنهم من اعترض وتسخط، نعوذ بالله من الخذلان،وهذا معنى سوء الخاتمة،وهو أن يغلب على القلب عند الموت الشك أو الجحود،فتقبض النفس على تلك الحالة،
وسوء الخاتمة على رتبتين،
إحداهما،وهي أن يغلب على القلب عند سكرات الموت شك أو جحود، فتقبض الروح على تلك الحال، فتكون حجاباً بينه وبين الله تعالى،وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد،
والثانية،وهي أن يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا،أو شهوة من شهواتها، فيتمثل ذلك في قلبه، ويستغرقه حتى لا يبقى في تلك الحالة متسع لغيره، فإذا قبضت الروح في حالة غلبة حب الدنيا، فالأمر خطير،لأن المرء يموت على ما عاش،ويبعث على ما مات عليه،وعند ذلك تعظم الحسرة،
والنبي،صلى الله عليه وسلم،يقول كما في،صحيح البخاري(إنما الأعمال بالخواتيم)ويكمن خطر هذه الكلمة في أن العبد عند الموت يكون في غاية الضعف،فهو يعاني من ألم النزع، والخوف من خطر ما هو مُقبل عليه عند الموت،وكذا هجوم إبليس عليه بخيله ورجله،ويقول إبليس لأعوانه،دونكم هذا الرجل، إن أفلت منكم اليوم لا تدركونه،
فهذه فتنة عظيمة لا يثبُت فيها إلا المؤمن الصادق،
الذي استقام على دين الله،تعالى،قال تعالى(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)إبراهيم،
ففي هذه الفتنة يُثبِّت الله قلوب المؤمنين الصادقين، وتنتكس فيها قلوب المنافقين والمفرِّطين،وقد كان النبي،صلى الله عليه وسلم،يتعوَّذ بعد التشهُّد الأخير في الصلاة من أربعٍ، فيقول(اللهم إني أعوذُ بك من عذاب النار،وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات، وشر فتنة المسيح الدجال)رواه البخاري من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه)
وفتنة المحيا،هي التي يتعرَّض لها العبد في هذه الحياة الدنيا،وهي فتنة متنوعة.
وفتنة الممات،هي الفتنة التي تنزل بالمرء عند السكرات والكربات، والإقبال على ربِّ الأرض والسموات، نسأل الله الثبات عند الممات،
في الحديث الصحيح،يقول الإمام النووي،رحمه الله،يقول،صلى الله عليه وسلم(فوالذي لا إلهَ غيره،إن أحدَكم ليعملُ بعمل أهل الجنة،حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع،
فيسبقُ عليه الكتاب،فيعمل بعملِ أهل النار فيدخلُها،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب،فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)رواه مسلم من حديث عبدالله بن مسعود،رضي الله عنه،
قال الإمام النووي،رحمه الله،وإن هذا يقع في نادر الناس،لا أنه غالب فيهم، ثم إنه من لطف الله،تعالى،وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة،وأما انقلابهم من الخير إلى الشر، ففي غاية الندور ونهاية القلة،وهو نحو قوله،تعالى(إن رحمتي غلبت غضبي)
وفي رواية عند الطبراني،أن النبي،صلى الله عليه وسلم،قال(لا تعجبوا بعمل عامل حتى تنظروا بم يختم له)
وقد كان أكثر دعاء النبي الأمين،صلى الله عليه وسلم(يا مقلِّب القلوب،ثبِّت قلبي على دينك) فقال له أنس بن مالك،رضي الله عنه،يا نبي الله،آمنَّا بك وبما جئت به،فهل تخاف علينا،قال(نعم،إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن،يقلبها كيف يشاء)الحديث في سنن الترمذي،قال الألباني،صحيح،كلمات قطعت قلوب الصالحين،فكم سمعنا عمَّن آمن ثم كفر،وكم رأينا من استقام ثم انحرف،
يقول الإمام القرطبي،رحمه الله(لا تُعجب بإيمانك،وعملك،وصلاتك وصومك، وجميع قربك،فإن ذلك وإن كان من كسبِك، فإنه من خَلْق ربك وفَضْله عليك، فمهما افتخرتَ بذلك، كنتَ كالمفتخِر بمتاعِ غيره،وربما سُلِب عنك،فعاد قلبُك من الخير أخلى من جوفِ البعير، فكم من روضةٍ أمست وزهرها يانع عمِيم، فأصبحت وزهرها يابس هَشِيم؛ إذ هبَّت عليها الريح العقِيم،كذلك العبد يُمسِي وقلبه بطاعة الله مشرق سليم، فيُصبِح وهو بمعصيتِه مظلِم سقيم،ذلك فعلُ العزيز الحكيم، الخلاق العليم)
نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، ومن المعصية بعد الطاعة،
قال ابن رجب،رحمه الله،فالخواتيم ميراث السوابق،ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخاتمة،وقد قيل(إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، يقولون،بماذا يختم لنا،وقلوب المقربين معلقة بالسوابق،يقولون،ماذا سبق لنا)
وكان سفيان الثوري،رحمه الله،يشتد قلقه فكان يبكي ويقول،أخاف أن أكون في أمِّ الكتاب شقياً،ويبكي ويقول(أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت)
وكان مالك بن دينار،رحمه الله،يقوم طول ليلِه قابضاً على لحيته،ويقول،يا رب،قد علمت ساكنَ الجنة من ساكن النار،ففي أي الدارين منزل مالك،
وقال سهل،رحمه الله،خوف الصدِّيقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة،وعند كل حركة،وهم الذين وصفهم الله،تعالى،إذ قال﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾المؤمنون،
من كان مستوحشاً مع الله بمعصيته إياه في هذه الدار فوحشته معه في البرزخ يوم المعاد أعظم وأشد ،
ومن قرت عينه به في،هذه الحياة،الدنيا قرت عينه به يوم القيامة وعند الموت ويوم البعث فيموت العبد على ما عاش عليه،ويبعث على ما مات عليه،ويعود عليه عمله فيورثه من الفرح والسرور واللذة والبهجة،وقرة العين،والنعيم وقوة القلب واستبشاره وحياته وانشراحه،ما هو من أفضل النعيم وأجله وأطيبه وألذه،
هذا وينشأ له من أعماله ما تشتهيه نفسه وتلذه عينه من سائر المشتهيات التي تشتهيها الأنفس وتلذها الأعين،

أسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا،وأن يحسن خواتمنا،وأن يجعلنا ممن قبله ورضى عنه إنه سميع مجيب ،
فنسأل اللَه أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.

qatara
29-01-2015, 12:31 AM
(يا مقلِّب القلوب،ثبِّت قلبي على دينك)

جزيتي الجنة

امـ حمد
29-01-2015, 03:21 AM
(يا مقلِّب القلوب،ثبِّت قلبي على دينك)

جزيتي الجنة


بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي قطري
وجزاك ربي جنة الفردوس

الحسيمqtr
31-01-2015, 12:31 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
31-01-2015, 04:08 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس