المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العدل في الإسلام



امـ حمد
04-02-2015, 03:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العدل،ضد الجور،والعدل عبارة عن الاستقامة على طريق الحق بالإجتناب عما هو محظور ديناً،
وهو استعمال الأمور في مواضعها،وأوقاتها،ووجوهها من غير سرف،ولا تقصير،ولا تقديم،ولا تأخير،
والله أرسل رسله وأنزل معهم ميزان العدل،ليقوم الناس بالقسط قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )الحديد،
يقول ابن القيم رحمه الله(إن الله سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه،ليقوم الناس بالقسط،وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات،فإذا ظهرت أمارات العدل، وأسفر وجهه بأي طريق كان،فثم شرع الله ودينه)
والعدل ميزان الله في الأرض قال تعالى(ووضع الميزان )أي، العدل،
أي وضع في الأرض العدل الذي أمر به بين خلقه،وهو سبحانه خلق السماوات والأرض بالحق والعدل،فإن بالعدل صلاح الناس،قال تعالى(وأقيموا الوزن بالقسط )يقول ابن كثير رحمه الله (يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوَّامين بالقسط،أي،بالعدل،فلا يعدلوا عنه يميناً ولا شمالاً،
وقال تعالى(ألا تطغوا في الميزان )أي،لا تجاوزوا العدل،
وقد أمر الله بإقامة العدل وحثَّ عليه،قال الله تعالى(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )النحل،
قال السعدي رحمه الله (فالعدل الذي أمر الله به،يشمل العدل في حقِّه،وفي حق عباده،
فالعدل في ذلك أداء الحقوق كاملة موفرة،بأن يؤدي العبد ما أوجب الله عليه من الحقوق،في حقِّه وحقِّ عباده،
والعدل هو ما فرضه الله عليهم في كتابه،وعلى لسان رسوله، وأمرهم بسلوكه،
ولقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم،العدل وحث عليه ورغب فيه فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه،قال(بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكارهنا،وعلى أن لا ننازع الأمر أهله،وعلى أن نقول بالعدل أين كنَّا،لا نخاف في الله لومة لائم)رواه النسائي،
وقال صلى الله عليه وسلم(إنَّ المقسطين يوم القيامة على منابر من نور،عن يمين الرحمن،وكلتا يديه يمين،الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا)رواه مسلم،وأحمد،
والعدل إعطاء الحق إلى صاحبه ،وهو الأصل الجامع للحقوق،إذ المسلم مأمور بالعدل في ذاته،قال تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)
ومأمور بالعدل في المعاملة،وهي معاملة مع خالقه،بالاعتراف له بصفاته وبأداء حقوقه،ومعاملة مع المخلوقات،من أصول المعاشرة العائلية والمخالطة الاجتماعية،وذلك في الأقوال والأفعال،قال تعالى(وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى )
وقال تعالى(وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )
ولما كان الله تعالى،لا مثل له ولا نِدَّ له ولا كفؤ له كما قال،سبحانه وتعالى(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)الشورى،
كان التفريق بين الخالق والمخلوق،وهو التوحيد،من العدل،لذا كان توحيد الله تعالى،وإفراده بالعبادة أعلى مراتب العدل،
والعدل،يشمل السلوك الإنساني كله،في الفكر والقول والعمل، مع الذكر والأنثى،والكبير والصغير،والقريب والبعيد،والموافق والمخالف،والصديق والعدو،والغني والفقير،
قال تعالى،آمراً بقول الحق(وَإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)الأنعام،
وقال آمراً بالعدل في الصلح بين الفئات المتقاتلة(فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا)الحجرات،وقال في كتابة الدين(وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} البقرة،
وقال آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم،في ما يقوله في دعوته لأهل الكتاب(وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ)الشورى،
وقال آمراً بالعدل في كل شيء أمراً مطلقاً(إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ)النحل،
وبقدر ما أمر الإسلام بالعدل وحث عليه،حرم الظلم أشد التحريم، ،سواء ظلم النفس أم ظلم الآخرين،ففي الحديث القدسي(يَا عبادي،إني حرمت الظلم على نفسي،وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)مسلم،
وحقيقة الظلم،وضع الشيء في غير موضعه،
وهذا مناف لكمال الله تعالى وعدله،فلذلك نزّه الله تعالى نفسه عن الظلم فقال(وما أنا بظلام للعبيد)ق،
وقال تعالى(وما الله يريد ظلما للعباد)غافر،
ولئن كان الله تعالى،قد حرم الظلم على نفسه،فقد حرمه على عباده،وحذرهم أن يقعوا فيه،وما ذلك إلا لعواقبه الوخيمة على الأمم،وما ظهر الظلم بين قوم إلا كان سبباً في هلاكهم،وتعجيل العقوبة عليهم،
كما قال سبحانه في كتابه العزيز(وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)هود،
ومن ثم كانت دعوة المظلوم عظيمة الشأن عند الله،فإن أبواب السماء تفتح لها،ويرفعها الله فوق الغمام يوم القيامة،بل إنه سبحانه وتعالى،يقول لها(وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)رواه الترمذي،
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم،لمعاذ(واتق دعوة المظلوم،فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)رواه البخاري ومسلم،
إن العدل من القيم الأساسية التي جاء بها الإسلام،وجعلها من مقومات الحياة،حتى جعل القرآن إقامة القسط،أي العدل،بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها،فقال تعالى(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)الحديد،
والعدل في الإسلام لا يتأثر بحب أو بغض،فلا يفرق بين حَسَب ونَسَب،ولا بين جاه ومال،كما لا يفرق بين مسلم،وغير مسلم،بل يتمتع به جميع المقيمين على أرضه من المسلمين وغير المسلمين،

اللهم أجعلنا من المحسنين التوابين المتطهرين الصابرين المتوكلين المقسطين،واجعلنا من العادلين المتواضعين المحبين لغيرنا ما نحبه لأنفسنا،ولا تجعلنا من المطففين واجعلنا عباداً طائعين تائبين،
اللهم آميـــــن.

الحسيمqtr
04-02-2015, 12:32 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
04-02-2015, 02:36 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

هندسة
04-02-2015, 03:28 PM
جعله الله فى ميزان حسناتك يوم الحساب
وأعانك الله دوماً على طاعة الله

امـ حمد
05-02-2015, 02:52 AM
جعله الله فى ميزان حسناتك يوم الحساب
وأعانك الله دوماً على طاعة الله

اللهم آمين أخوي هندسة
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس