شمعة الحب
02-09-2006, 10:57 AM
كيف يعامل رؤساء "القروبات" صغار المستثمرين؟
د. عبد العزيز الغدير - - - 09/08/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com
إن مما أدركه المتعاملون في سوق الأسهم السعودية أن الأسهم تتذبذب ذبذبة شديدة دون معلومات جوهرية تبرر تلك الذبذبة، فكل يوم ترتفع أسهم شركات بشكل كبير بالنسبة القصوى أو دونها ليوم أو لأكثر من يوم، ثم ما تلبث أن تنحدر إلى أسفل وبالحدة نفسها أيضا، ولا أحد يعرف قاعدة لذلك لكي يستطيع أن يستفيد من تلك الذبذبة سوى التحليل الفني الذي يتعب في تحليل سوق هكذا طائش "نتيجة تعمد مضاربيه صنع أشكال هندسية تفاؤلية للتغرير بالمتداولين". وبالتالي أصبح سوقنا سوق مقامرة لا يلجأ إلا المقامرون أو أصحاب النيّات السيئة أو القلوب الصلبة أو العقول الفارغة، أو المضاربون المحترفون وقليل ما هم.
السبب في وصول السوق إلى هذا المستوى المؤسف معروف، نعم السبب الذي أدى إلى خسائر كبيرة ومؤلمة لشريحة كبيرة من المواطنين معروف، هذا السبب الذي أفقد الكثير من المواطنين الثقة بهذا السوق ما زال فاعلا رغم جرائمه النكراء على مستوى الأفراد والمجتمع والوطن عموما.
من المعروف لكل مواطن أن مَن يرفع الأسهم ويهبط بها دون مبررات علمية هم كبار المضاربين (الهوامير) والمجموعات (القروبات) الذين يجمعون كميات كبيرة من أي سهم حتى وإن كانت شركات أقرب للإفلاس منها للإدراج ثم يطلقون الشائعات ويحركون الدهماء من الطامعين لشرائه حتى يرتفع إلى الأسعار التي يريدونها ثم يدعون أسهمهم للهبوط المظلي ويذهبون إلى سهم آخر وهكذا.
الهوامير و"القروبات" في معركة شرسة وحظ صغار المضاربين منها المنية، منية تصيب أسهمهم التي اشتروا ظنا منهم بأنها سترتفع إلى الأعلى فلا يجدوها إلا أوراقا مالية تناقصت قيمتها بشكل كبير في فترة وجيزة "وستكون كارثة لو انفجرت فقاعه الخشاش". والمضحك أن الضحية يدافع عن هؤلاء الجلادين دفاعا مستميتا عندما تضبط هيئة السوق المالية أحدهم وتعلن أنها رصدت تلاعبه وضبطته تمهيدا لإحالته للجنة فض المنازعات لإيقافه عند حده.
والسؤال الكبير الذي يرد على ذهن كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويعرف أن الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ويؤمن أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ربط أعمالنا كافة باليوم الآخر، يوم الحساب الذي لا مفر منه. أقول أن السؤال المنطقي هو: هل يأكل المضارب أو رئيس "القروب" المسلم الحرام ويطعم أبناءه من ذلك الحرام وهو يعلم أن أيما لحم نما من سحت فالنار أولى به، أم أنه يؤمن بما لا نؤمن به نحن المسلمين؟
يعتقد اليهود بأنهم شعب الله المختار، ويعتقد اليهود بأن ممارسة الحرام مع اليهودي حرام بينما ممارسته مع الجوبيم (غير اليهود) لا حرمة به إطلاقا، فهل يعامل كبار المضاربين أو رؤساء "القروبات" صغار المستثمرين معاملة اليهود للجوبيم، أم أنهم يؤمنون بأن تعاليم الإسلام للحفظ لا للتطبيق؟ والله لا أعلم! رغم التعليم الديني المكثف الذي يناله المواطن السعودي منذ دخوله المدرسة حتى تخرجه فيها.
الدين الإسلامي دين عقل وفكر ويدل على ذلك أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنها (استفت قلبك واستفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك..)، (الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس..)، (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات..). وأعتقد أن العرض والطلب المصطنعين والمؤديين إلى إيهام صغار المستثمرين بوجود حركة على هذا السهم فيشترونه ثم يكونون ضحية نصب واحتيال، أعتقد جازما بأن ما ذلك إلا إثم حاك في الصدور يتبرأ منه كل مسلم سوي.
وعلماء المسلمين عرّفوا العرض والطلب المصطنعين بهدف الزيادة في ثمن السلعة بالنجش، حيث قال ابن حجر: هو الزيادة في ثمن سلعة ممن لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها، وهو ما يتوافق مع أقوال أهل اللغة حيث يقولون إن أصل النجش هو استخراج الشيء، وكأن الناجش يستثير رغبة الآخر ليسهل التغرير به وغبنه. ولقد أجمع أهل العلم على أن الناجش عاص بفعله (عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن النجش).
وأختتم مقالتي هذه بقول يجب كتابته بماء الذهب ذلك أن محتوى هذا القول يشير إلى أن صاحبه يمتلك نظرة ثاقبة ورؤية بعيدة لآثار النجش على الاقتصاد، وهو ما نخشى أن يتعرض له اقتصادنا على المديين المتوسط والبعيد نتيجة تلاعب بعض كبار المضاربين و"القروبات" في سوق الأسهم دون خوف من نظام أو خشية من الله ـ عز وجل. والمقولة لابن حجر المكي "إذ يجعل ـ رحمه الله تعالى ـ النجش من الكبائر، لأن فيه أضراراً عظيمةً بالسوق وأهله والمتعاملين فيه من قبل أصحاب النفوس الضعيفة عن طريق الغبن والتدليس والخداع وغيرها". نعم أضرار عظيمة بالسوق وأهله والمتعاملين فيه، وأضيف وعلى المجتمع كمحصلة لا محالة، وما هذا إلا الإفساد في الأرض.
د. عبد العزيز الغدير - - - 09/08/1427هـ
Abdalaziz3000@hotmail.com
إن مما أدركه المتعاملون في سوق الأسهم السعودية أن الأسهم تتذبذب ذبذبة شديدة دون معلومات جوهرية تبرر تلك الذبذبة، فكل يوم ترتفع أسهم شركات بشكل كبير بالنسبة القصوى أو دونها ليوم أو لأكثر من يوم، ثم ما تلبث أن تنحدر إلى أسفل وبالحدة نفسها أيضا، ولا أحد يعرف قاعدة لذلك لكي يستطيع أن يستفيد من تلك الذبذبة سوى التحليل الفني الذي يتعب في تحليل سوق هكذا طائش "نتيجة تعمد مضاربيه صنع أشكال هندسية تفاؤلية للتغرير بالمتداولين". وبالتالي أصبح سوقنا سوق مقامرة لا يلجأ إلا المقامرون أو أصحاب النيّات السيئة أو القلوب الصلبة أو العقول الفارغة، أو المضاربون المحترفون وقليل ما هم.
السبب في وصول السوق إلى هذا المستوى المؤسف معروف، نعم السبب الذي أدى إلى خسائر كبيرة ومؤلمة لشريحة كبيرة من المواطنين معروف، هذا السبب الذي أفقد الكثير من المواطنين الثقة بهذا السوق ما زال فاعلا رغم جرائمه النكراء على مستوى الأفراد والمجتمع والوطن عموما.
من المعروف لكل مواطن أن مَن يرفع الأسهم ويهبط بها دون مبررات علمية هم كبار المضاربين (الهوامير) والمجموعات (القروبات) الذين يجمعون كميات كبيرة من أي سهم حتى وإن كانت شركات أقرب للإفلاس منها للإدراج ثم يطلقون الشائعات ويحركون الدهماء من الطامعين لشرائه حتى يرتفع إلى الأسعار التي يريدونها ثم يدعون أسهمهم للهبوط المظلي ويذهبون إلى سهم آخر وهكذا.
الهوامير و"القروبات" في معركة شرسة وحظ صغار المضاربين منها المنية، منية تصيب أسهمهم التي اشتروا ظنا منهم بأنها سترتفع إلى الأعلى فلا يجدوها إلا أوراقا مالية تناقصت قيمتها بشكل كبير في فترة وجيزة "وستكون كارثة لو انفجرت فقاعه الخشاش". والمضحك أن الضحية يدافع عن هؤلاء الجلادين دفاعا مستميتا عندما تضبط هيئة السوق المالية أحدهم وتعلن أنها رصدت تلاعبه وضبطته تمهيدا لإحالته للجنة فض المنازعات لإيقافه عند حده.
والسؤال الكبير الذي يرد على ذهن كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويعرف أن الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ويؤمن أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ربط أعمالنا كافة باليوم الآخر، يوم الحساب الذي لا مفر منه. أقول أن السؤال المنطقي هو: هل يأكل المضارب أو رئيس "القروب" المسلم الحرام ويطعم أبناءه من ذلك الحرام وهو يعلم أن أيما لحم نما من سحت فالنار أولى به، أم أنه يؤمن بما لا نؤمن به نحن المسلمين؟
يعتقد اليهود بأنهم شعب الله المختار، ويعتقد اليهود بأن ممارسة الحرام مع اليهودي حرام بينما ممارسته مع الجوبيم (غير اليهود) لا حرمة به إطلاقا، فهل يعامل كبار المضاربين أو رؤساء "القروبات" صغار المستثمرين معاملة اليهود للجوبيم، أم أنهم يؤمنون بأن تعاليم الإسلام للحفظ لا للتطبيق؟ والله لا أعلم! رغم التعليم الديني المكثف الذي يناله المواطن السعودي منذ دخوله المدرسة حتى تخرجه فيها.
الدين الإسلامي دين عقل وفكر ويدل على ذلك أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنها (استفت قلبك واستفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك..)، (الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس..)، (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات..). وأعتقد أن العرض والطلب المصطنعين والمؤديين إلى إيهام صغار المستثمرين بوجود حركة على هذا السهم فيشترونه ثم يكونون ضحية نصب واحتيال، أعتقد جازما بأن ما ذلك إلا إثم حاك في الصدور يتبرأ منه كل مسلم سوي.
وعلماء المسلمين عرّفوا العرض والطلب المصطنعين بهدف الزيادة في ثمن السلعة بالنجش، حيث قال ابن حجر: هو الزيادة في ثمن سلعة ممن لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها، وهو ما يتوافق مع أقوال أهل اللغة حيث يقولون إن أصل النجش هو استخراج الشيء، وكأن الناجش يستثير رغبة الآخر ليسهل التغرير به وغبنه. ولقد أجمع أهل العلم على أن الناجش عاص بفعله (عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن النجش).
وأختتم مقالتي هذه بقول يجب كتابته بماء الذهب ذلك أن محتوى هذا القول يشير إلى أن صاحبه يمتلك نظرة ثاقبة ورؤية بعيدة لآثار النجش على الاقتصاد، وهو ما نخشى أن يتعرض له اقتصادنا على المديين المتوسط والبعيد نتيجة تلاعب بعض كبار المضاربين و"القروبات" في سوق الأسهم دون خوف من نظام أو خشية من الله ـ عز وجل. والمقولة لابن حجر المكي "إذ يجعل ـ رحمه الله تعالى ـ النجش من الكبائر، لأن فيه أضراراً عظيمةً بالسوق وأهله والمتعاملين فيه من قبل أصحاب النفوس الضعيفة عن طريق الغبن والتدليس والخداع وغيرها". نعم أضرار عظيمة بالسوق وأهله والمتعاملين فيه، وأضيف وعلى المجتمع كمحصلة لا محالة، وما هذا إلا الإفساد في الأرض.