المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لا يعجل الله تعالى بهلاك الظالم، ويؤخر دعوة المظلوم



امـ حمد
07-02-2015, 03:22 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا لا يعجل الله تعالى بعذاب وهلاك الظالم،ويؤخر دعوة المظلوم
لعلَّ العقوبة أعم من العذاب،والظالمين يعاقبهم الله تعالى على ظلمهم بالمعيشة الضنك، وبظلمة القلوب وقسوتها،ومن يُرى منهم على حال حسنة ونعيم في طعامه ولباسه ومسكنه فإنما هو ظاهر الأمر لا حقيقة بواطنهم وقلوبهم،
وأما تأخير العذاب والإهلاك لمن ظلم، فقد ذكر الله تعالى في كتابه حكماً كثيرة،منها،
أولاً،أنه تعالى غفور رحيم،وإنما يؤخر إهلاكهم لأجل أن يتوبوا،
قال الله تعالى(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ)الكهف،
قال الإمام الطبري،رحمه الله،يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم،وربك الساتر يا محمد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا،ولكنه لرحمته بخلقه غير فاعل ذلك بهم إلى ميقاتهم وآجالهم،
ثانياً،أن من صفاته تعالى الحِلم،ومن أسمائه الحسنى الحَليم، فهو لا يعجل بالعقوبة، بل يمهل لخلقه من غير إهمال،ولن تفوته عقوبتهم لو أراد، كما هو الحال في البشر،
قال الشيخ الشنقيطي،رحمه الله،قوله تعالى،بين في هذه الآية الكريمة،أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب،والمعاصي، لعجل لهم العذاب، لشناعة ما يرتكبونه، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة، فهو يُمهل ولا يُهمل،
وقال رحمه الله،في تفسير قوله تعالى(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)النحل،
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة،أنه لو عاجل الخلق بالعقوبة لأهلك جميع من في الأرض،ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة،لأن العجلة من شأن من يخاف فوات الفرصة، ورب السموات والأرض لا يفوته شيء أراده،
وقوله(وَرَبُّكَ الغفور ذُو الرحمة لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب)الكهف،
وأشار بقوله(ولكن يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى)إلى أنه تعالى يمهل ولا يهمل،
ثالثاً،أن عذاب الظالمين حاصل ولا شك في الآخرة،وأن التأخير فيه إنما لأنه لم يحن وقته الذي قدَّره الله تعالى عليهم،
وقال تعالى(وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ)إبراهيم،
وقال ابن كثير،رحمه الله،قال تعالى(وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى)أي،لولا الكلمة السابقة من الله بإنظار العباد بإقامة حسابهم إلى يوم المعاد،لعجّل لهم العقوبة في الدنيا سريعاً،
وتفسير السعدي(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)بإحلال العقوبة بالظالم، ولكنه تعالى اقتضت حكمته أن أخَّر القضاء بينهم إلى يوم القيامة،
وقال الشنقيطي،رحمه الله،
قوله تعالى(بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ)بيَّن جل وعلا في هذه الآية الكريمة،أنه وإن لم يجعل لهم العذاب في الحال،فليس غافلاً عنهم ولا تاركاً عذابهم، بل هو تعالى جاعل لهم موعداً يعذبهم فيه،فإن في تأخير العذاب عنه زيادة في إثمه، حتى يوافي ربه العزيز المنتقم،وقد ازداد إثمه، وأحاط به جرمه، وانقطع عذره، وذهبت حجته،
قال الإمام الطبري،رحمه الله،وتأويل قوله(إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا)إنما نؤخر آجالهم فنطيلها ليزدادوا إثماً،يقول،يكتسبوا المعاصي فتزداد آثامهم وتكثر،
(إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا)يقول،فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثماً،ونحن نعدّ أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم،تفسير الطبري،
سهام الليل لا تخطئ أيها الظالم،فيا له من وعيد وتخويف، ويا له من بأس وانتقام، حين يعد الجبار المنتقم، للظالم ما يستحقه على ظلمه، حين لا مفر له ولا مهرب،
روى البخاري،ومسلم،عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته)ثُمَّ قَرَأَ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)
إن الباري جل جلاله لكمال عظمته وعدله حرم الظلم على نفسه، وجعله كذلك بين عباده محرما ، فعن أبي ذر،رضي الله عنه، قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال الله تبارك و تعالى(يا عبادي إني حَرَّمْتُ الظلم على نفسي، وجعَلْتُهُ بينكم مُحَرَّمًا،فلا تَظَالَمُوا)رواه مسلم،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله،فإن هذا خطاب لجميع العباد أن لا يظلم أحد أحدا،لكن بعض المخلوقين،لم يأتمروا بأمره سبحانه ولم يبتعدوا عن نهيه،فأعجبتهم أنفسهم وغرتهم قوتهم،وطغى عليه حب الذات، فتعدوا على غيرهم من المستضعفين،
يقول ابن الجوزي،رحمه الله،وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب،ولو استنار بنور الهدى لنظر في العواقب،
وإنه سبحانه لكمال عظمته وحلمه، يترك لهم المجال لعلهم يتوبون ويرجعون للكبير المتعال، فإذا هم استمروا في طغيانهم، فإنهم بظلمهم سيأخذون،قال تعالى(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)إبراهيم ،
قال الشيخ السعدي،رحمه الله،حيث أمهلهم،وأدر عليهم الأرزاق وتركهم آمنين مطمئنين،فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما،حتى إذا أخذه لم يفلته،
إن للظلم عاقبة وخيمة وأخطاراً جسيمة،فكم من ظالم،تكبر وتجبر،وظن أنه لا يَهلِك،فأخذه الجبار أخذ عزيز مقتدر،وجعله لمن بعده آية،قال تعالى(وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا)الكهف،
أيها الظالم،يا من أعجبتك نفسك تذكر قدرة الله جل جلاله عليك عند اغترارك بقدرتك على الضعفاء والمساكين،وتذكر أن لهؤلاء الضعفة سلاحاً لن تستطيع التغلب عليه مهما بذلت واجتهدت،فهي سهام سيصلك تأثيرها إذا لم تبادر إلى الجبار بالتوبة والاستغفار، طال بك الأجل أم قصر،فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،قال،قال صلى الله عليه وسلم( ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام،ويفتح لها أبواب السماء،ويقول الرب،وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)رواه الترمذي،وصححه الشيخ الألباني،
قال القاري،رحمه الله،والمعنى لا أضيع حقك، ولا أرد دعاءك،ولو مضى زمان طويل لأني حليم لا أعجل عقوبة العباد لعلهم يرجعون عن الظلم والذنوب إلى إرضاء الخصوم والتوبة،وفيه إيماء إلى أنه تعالى يمهل الظالم ولا يهمله،
وقال صلى الله عليه وسلم،لمعاذ بن جبل،رضي الله عنه(اتق دعوة المظلوم،فإنها ليس بينها وبين اللّه حجاب)رواه البخاري،ومسلم،من حديث عبد الله بن عباس،رضي الله عنهما،
يقول الشيخ ابن عثيمين،رحمه الله(فالمظلوم يستجيب الله دعاءه حتى ولو كان كافراً فلو كان كافراً وظلم ودعا على من ظلمه أجاب الله دعاءه، لأن الله حكم عدل عز وجل، يأخذ بالإنصاف والعدل لمن كان مظلوماً ولو كان كافراً، فكيف إذا كان مسلماً)شرح رياض الصالحين،
كيف يهنأ لك العيش ويطيب لك النوم،وأعين المظلومين المستضعفين ساهرة تدعو عليك،
يقول الإمام ابن القيم،رحمه الله(فأين من هو نائم وأعين العباد ساهرة تدعو الله له، وآخر أعينهم ساهرة تدعو عليه)
فبادر بالتوبة للغفور الرحمن وتخلص من مظلمتك، وتحلل ممن ظلمته قبل فوات الأوان،فعن أبي هريرة،رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها،فإنه ليس ثم دينار ولا درهمٌ من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته،
فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه) رواه البخاري،
قال الشيخ ابن عثيمين،رحمه الله،في الدنيا يمكن أن يتحلل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالهم منها،لكن في الآخرة ليس هناك شيء إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة أقتص من الظالم للمظلوم من حسناته؛ يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإن بقي منه شيء وإلا أخذ من سيئات المظلوم وحملت على الظالم والعياذ بالله،فازداد بذلك سيئات إلى سيئاته،شرح رياض الصالحين،
اللهم ابعد عنا حسد الحاسدين ومكر الماكرين ويسر امورنا وانتقم من الظالمين وكل من يفسد في الارض،وانصر المظلومين،
اللهم ابعد عنا شر كيد الكائدين الظالمين،اللهم لاترفع للظالمين راية ولاتحقق لهم غاية،
اللهم آميــــــــــــــن.

الحسيمqtr
07-02-2015, 12:21 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
07-02-2015, 03:34 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

المطوع1
09-02-2015, 04:31 AM
جزاك الله خير

_ناصر
18-02-2015, 09:51 AM
جزاك الله خير

امـ حمد
18-02-2015, 03:35 PM
جزاك الله خير

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي المطوع
وجزاك ربي جنة الفردوس

امـ حمد
18-02-2015, 03:35 PM
جزاك الله خير

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي ناصر
وجزاك ربي جنة الفردوس