المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوزارنا تقض ظهورنا



امـ حمد
08-02-2015, 04:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله عليه وسلم
أوزارنا تقض ظهورنا
من تفسير العلامة ابن عثيمين رحمه الله لسورة الشرح،
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ،وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ،الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ،وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ،فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا،فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ)
المعنى(وَوَضَعْنَا)أي طرحناه وعفونا سامحنا وتجاوزنا،
(عَنْكَ وِزْرَكَ)أي إثمك،
(الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ)أي أن الله تعالى غفر للنبي صلى الله عليه وسلم،وزره وخطيئته حتى بقي مغفوراً له،
أن الله تعالى وضع عن محمد صلى الله عليه وسلم ،وزره وبيَّن أن هذا الوزر قد أنقض ظهره،أي أقضَّه وأتعبه،
وإذا كان هذا وزر الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف بأوزار غيره،
أوزارنا تقضُّ ظهورنا وتنقضها وتتعبها،ولكن كأننا لم نحمل شيئاً، وذلك لضعف إيماننا وبصيرتنا وكثرة لذاتنا نسأل الله أن يعاملنا بالعفو،
في بعض الآثار(أن المؤمن إذا أذنب ذنباً صار عنده كالجبل فوق رأسه،
وإن المنافق إذا أذنب ذنباً صار عنده كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا)يعني أنه لا يهتم،
فالمؤمن تُهمه خطاياه وتلحقه الهم حتى يتخلص منها بتوبة واستغفار أو حسنات جليلة تمحو آثار هذه السيئة،
وأنت إذا رأيت من قلبك الغفلة عن ذنوبك فاعلم أن قلبك مريض لأن القلب الحي لا يمكن أن يرضى بالمرض،
ومرض القلوب هو الذنوب،كما قال عبد بن المبارك رحمه الله،
رأيت الذنوبَ تميت القلوب،،،،،،وقد يورث الذلَّ إدمانها
وترك الذنوب حياةُ القلــوب،،،،،،وخيرٌ لنفسك عصيانها
إنه يجب علينا أن نهتم لنفسنا وأن نحاسبها،وإذا كان التجار لا ينامون حتى يراجعوا دفاترهم ،فإن تجَّار الآخرة ينبغي أن يكونوا أشد اهتماماً لأن تجارتهم أعظم تجارة ،
أهل الدنيا ماذا تفيدهم،
غاية ما تفيدهم إن أفادتهم هو إتراف البدن فقط،على أن هذه التجارة يلحقها من الهم والغم ،وإذا خسر في سلعة اهتم لذلك،
لكن تجارة الآخرة على عكس من هذا(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىظ° تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ،تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ غڑ ذَ‌ظ°لِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ،يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) تنجي من العذاب ويغفر الله بها الذنوب ويدخِل بها جناته،جَنَّاتِ عَدْنٍ،أي جنات إقامة ومساكن طيبة في جنات عدن،مساكن طيبة في بنايتها،
والله ليبقى الإنسان في سجدة منذ بلغ،إلى أن يموت لكان هذا ثمناً قليل بالنسبة إلى هذه الغنيمة العظيمة،ولو لم يكن إلا أن ينجو الإنسان من النار لكفى،
وها هو عمر بن الخطاب يقول(ليت أمي لم تلدني )الإنسان يخاف، قد يظن أنه آمن الآن لأنه يصلي ويصوم ويتصدق ويحج ويبر بوالديه وما أشبه ذلك،
لكن قد يكون في قلبه شيء يؤدي إلى سوء الخاتمة والعياذ بالله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم(إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع)يعني،مدة قريبة لموته،لأن العمل كله هباء،هو يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس،وهو من أهل النار،كما جاء في الحديث الصحيح لكن قوله(حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع )ليس معناها أن عمله أوصله إلى قريب من الجنة لا، المعنى حتى لا يبقى عليه إلا مدة قليلة في الحياة،ثم يعمل بعمل أهل النار فيدخلها،لكن هذا فيما إذا كان عمل الإنسان للناس كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام(إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس وهو من أهل النار)
الإنسان إذا مرَّ على مثل هذه النصوص يخاف على نفسه من الرياء،والعُجب، يخاف من الإدلال على الله بعمله،
وقوله تعالَى(فَإِذَا فَرَغْت فَانْصَبْ وَإِلَى رَبّك فَارْغَبْ)أَي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها،فانصب إلى العبادة وقم إليها نشيطاً فارغ البال وأخلص لربك النية والرغبة،
قوله صلى اللَه عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته(إِذَا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعشاء)
قال الثوري اجعل نيتك ورغبتك إلى اللّه عز وجل
عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال،أنزل المعونة من السماء على قدر المؤنة،ونزل الصبر على قدر المصيبة،
ومما يروى عن الشافعي أنه قال،
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا،،،،من راقب اللّه في الأمور نجا
من صدق اللّه لم ينله أذى،،،، ومن رجاه يكون حيث رجا،
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج
كل منا في هذه الحياة قد تعرضت لكثير من المصائب والمحن ولابد ان البعض منا شرب من الهموم والغموم ما الله به عليم حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت كما يقولون ،وقد تتوالى المصائب والمحن على المرء,فلا يصحو من مصيبة الا والاخرى متشبثة بها،وقد لا يرى الفرح والسرور الا نادراًنعم قد تتكالب المصائب على الانسان وتتوالى عليه مجتمعة
وربما يفقد المرء معها توازنه بعض الشي،ولكن الانسان المؤمن مهما تكاثرت عليه الشدائد والمحن،نجده واثق برحمة ربه عز وجل متوكل عليه،متيقن من انفراج الشدة وزوالها حتى في أشد الظروف،ونحن نعلم يقينا ان الله سبحانه لم يبتلينا ليعذبنا،بل ليرحمنا،
فمهما كان الابتلاء شديداً فلا بد ان يكون وراءه خيرا كثيراً
قد تخفى علينا الحكمة منه ولا نعلم بذلك الا بعد مرور تلك الشدة والابتلاء،
قوله سبحانه(وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لكُم وَعَسَى أَن تُحِبوا شَيئًا وَهُوَ شَر لكُم وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لاَ تَعلَمُونَ)
وفي الحديث عَنْ سَعْدٍ قَال،قُلْتُ،يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً، قَال(الأنْبِيَاءُ ، ثُمَّ الأمْثَلُ ، فَالامْثَلُ ،فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلأؤُهُ ،وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ،فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الارْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)رواه الترمذي،
ونجد المسلم الحق متوكل على ربه دائماً يتذكر عند الشدائد والمحن أن كل شيء بقضاء وقدر ،
وهو لا ينسى عند وقوع المصيبة ان يقول(إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها)
فهو يصبر ويسترجع عند كل مصيبة تصيبه من خوف أو موت أو فقر أو مرض مستحضرا عند ذلك كله قوله تعالى(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ،أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)البقرة،نعم الصبر من أفضل صفات المؤمنين وأعلاها منزلة والفائز هو من تحلى به,فرغم مرارته إلا أن ثماره حلوة رائعة،
وبشر الصابرين،بصلاة الله ورحمته وهدايته
وبشر الصابرين،بعظم الأجر،
وبشر الصابرين،بالهداية والثبات،إذا أرهقتك هموم الحياة،ومسك منها عظيم الضرر،وذقت الأمرين حتى بكيت،وضج فؤادك حتى انفجر،وسدت بوجهك كل الدروب،وأوشكت أن تسقط بين الحفر،فيمم إلى الله في لهفة،وبث الشكاة لرب البشر،
أذكركم ونفسي بالدعاء والتضرع الى الله سبحانه وتعالى ،واللجوء اليه في كل أحوالنا وأوقاتنا،
وقد قال صلى الله عليه وسلم(ما من مسلم يدعو الله إلا كتب له الله إحدى ثلاث،أن يعجل له دعوته فى الدنيا،أو أن يدخرها له فى الآخرة، أو أعطاه مثلها)

فنسأل الله تعالى أن يحمينا وإياكم من سيئات أعمالنا،ونعوذ بك من شرور أنفسنا،ونستغفرك ونتوب إليك.

الحسيمqtr
08-02-2015, 06:27 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
08-02-2015, 06:41 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

وجزاك ربي جنة الفردوس اخوي الحسيم