المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حب المال وظلم الأقارب



امـ حمد
11-02-2015, 04:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حب المال وظلم الأقارب
لقد حرم الله،عز وجل،الظلم على نفسه،وحرمه على عباده،
كما في الحديث القدسي(يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا)رواه مسلم،
والله،عز وجل،توعد الظالمين بالعذاب فقال تعالى(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)سورة إبراهيم،
والظلم هو مخالفة شرع الله تعالى،وهو أنواع،
فمنه،ظلم لا يغفره الله إلا بالتوبة،وهو الشرك بالله تعالى،قال عز وجل(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)سورة لقمان،
فمن مات على الشرك بالله خلَّده الله في النار أبداً،كما قال عز وجل(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)سورة المائدة،
وكان ظلم الشرك غير مغفور لمن مات عليه،لأن الشرك تنقص لعظمة الخالق ولقدره،جل وعلا،كما قال تعالى(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)سورة الزمر،
وأي ظلم أعظم من أن يجعل الإنسان لربه نداً يعبده من دون الله الذي خلقه،وأي ذنب أكبر من أن يتخذ الإنسان مخلوقاً إلها من الصالحين أو غيرهم،يدعوه من دون الله،أو يرجوه،أو يستغيث به، أو يخافه كخوف الله،أو يستعين به،أو يتوكل عليه،أو يستعيذ به، أو يذبح له القربان،أو ينذر له،أو يسأله المدد والخير، أو يسأله دفع الشر والمكروه،
لا ذنب أعظم من الشرك بالله تعالى،قال،عز وجل(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)سورة الأحقاف،
ومن الظلم،الذنوب والمعاصي التي بين العبد وربه ما دون الشرك بالله، إن شاء الله عفا عنها بمنه وكرمه،أو كفرها بالمصائب والعقوبات في الدنيا،أو في القبر،أو تجاوز عنها الرب بشفاعة النبي،صلى الله عليه وسلم،أو يعذب الله العاصي في النار بقدر ذنبه ثم يخرجه من النار فيدخله الجنة إن كان من الموحدين،
ومن الظلم،مظالم بين الخلق في حقوق لبعضهم على بعض،تعدوا فيها،ووقعوا في ظلم بعضهم لبعض، فهذه مظالم لا يغفرها الله إلا بأداء حقوق الخلق إليهم،فيؤدي الظالم حق المظلوم في الدنيا،
وفي الحديث،عن أبي هريرة،رضي الله عنه،أن رسول اللَه،صلى اللَه عليه وسلم،قال(أتدرون ما المفلس) قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا درهم له ولا متاع،فقال(إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار)رواه مسلم،
والمظالم بين العباد تكون في الدماء، ففي الحديث الصحيح عَنْ ابْنِ عُمَر،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،قَال،قَالَ رَسُولُ اللَّه،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،(لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا)رواه البخاري،
وتكون المظالم في الأموال كما قال النبي،عليه الصلاة والسلام(إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا)رواه البخاري،ومسلم،
وإن من صور الظلم المتفشية بشكل كبير في مجتمعاتنا المعاصرة بأنواعه ظلم الأقارب لبعضهم،وإن أكثر الصور انتشاراً ما يقوم به بعض من يكون في أيديهم أموال بعض الورثة، حيث يستهويهم الشيطان ألا يعطوهم حقوقهم التي شرعها الله لهم، مع أن الله تعالى قد تولى قسمة الفرائض بنفسه ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه،إلا أن حب المال أعمى أعين هؤلاء، وقلة خوفهم من الله وعدم مراقبته سولت لهم أن يقدموا على مثل ذلك،متعللين بحجج وكأن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن الله،عز وجل،مطلع عليهم، ومحاسب لهم على جميع أعمالهم ومنتقم منهم على ظلمهم،وإن أمهلهم مدة من الزمان فلا يغتروا بذلك،فقد جاء عن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،أنه قال(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) ثُمَّ قَرَأَ(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)سورة هود،
وإن الأمر ليعظم ويشتد حين يكون الظلم للورثة من أقاربهم،
وقد أصاب القائل حين قال،
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة،،،،،،على النفس من وقع الحسام المهند،
والمتأمل في الواقع يجد أن أكثر ذلك الظلم يقع على الأخوات من أقرب الناس إليهن وهم إخوتهن،ونرى من المشاكل التي أدت إلى قطع الأرحام والعداوات مع الأقارب،ولئن كانت المرأة تحتمي بإخوتها بعد الله،عز وجل،حين تُظلم ويُعتدى على حقها، فكيف يكون حالها حين يكون الظلم واقعاً عليها من إخوتها،
لا شك أنها قد لا تجد من تحتمي به ولا من يأخذ لها حقها في هذه الدنيا،ولكن الله،عز وجل،سوف ينتقم لكل مظلوم من ظالمه،والظلم ظلمات يوم القيامة على أهله،
ومن تلك الحيل التي يعملها هؤلاء ويزعمون أنها ليست من صور الظلم، والاعتداء على حقوق الغير،
ما يقوم بعض الناس حين وفاة والدهم أو من يرثون منه بقسمة التركة بينهم (الذكور فقط)ويعطون أخواتهم شيئاً يسيراً جداً من حقهن،وذلك بسبب عدم حاجة المرأة إلى المال،أو أنها لا تعلم عن مقدار حقها،أو لا يعطيهن شيئاً،بسبب زواجهن فلو أعطاهن شيئاً فقد يعطينه لأزواجهن، فيخرج مالهم إلى أجنبي عنهم فلأجل ذلك يبقى المال عنده يحفظه لهن،على حد زعمه،وقد يبقى المال عنده سنوات طويلة بل قد تموت هذه المرأة وهي لم تأخذ نصيبها من الميراث،لا ندري ما سبب هذا الظلم أهو أن هذا الرجل لا يعلم أن الإسلام أعطى المرأة،إذا كانت حرة رشيدة،حقها في التصرف بمالها كيف تشاء، ولها أن تعطيه من تشاء،وأنه لا يجوز له ولا لغيره أن يقوم بحفظ مالها إلا بإذنها، وأنه حين يتصرف في مالها بغير إذن منها فإن ذلك يعتبر من التعدي على حقها، والظلم لها فهل هذا الرجل وأمثاله يجهل هذا الحكم،أم أن سبب هذا الظلم هو حب المال، وتقديم الدنيا على الدين والعياذ بالله،
وكما أن المظالم تكون بين الأرحام بتضييع حقوق الرحم، فإنها تقع بين الزوجين بترك حقوقهما،وتقع بين المستأجرين والعمال بسبب سلب حقوقهم وتكليفهم ما لا يطيقون،والرسول عليه الصلاة والسلام،يقول(أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)رواه ابن ماجه،وصححه الألباني،
ولقد وقع من بعض الناس هضم لبعض العمال لمنعهم حقوقهم أو التحايل عليها أو تأخيرها، أو عدم مخافة الله فيهم وارتكاب ما حرم الله تبارك وتعالى نحوهم، وذلك ظلم شنيع يخرب البيوت ويمحق بركة المال وينذر بعقوبات لا طاقة للإنسان بها،
ومن صور الظلم،التعدي على الآخرين بغيبة،أو التشويه بنشر الدعايات زوراً وبهتاناً وغير ذلك من الأساليب الظالمة،
فندعو كلَّ من وقع في شيء من تلكم الأمور، سواء في حق الأقارب أو غيرهم، وسواء كان الظلم في التحايل على الميراث أو غيره أن يبادر بالتوبة ورد الحقوق إلى أهلها،
ما دام الأمر بيده وهو في هذه الدار قبل فوات الأوان؛ فكم مات من الورثة خصوصاً النساء وقد حرمن من حقهن طيلة حياتهن، وبعضهن كانت بحاجة ماسة إلى ذلك لها أو لأولادها،بل وعُلم من حال بعض النساء أنها قبل موتها تدعو على من ظلمها ومنعها حقها،وقد جاء في الحديث الصحيح عنه،عليه الصلاة والسلام،قوله(اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ، وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِين)رواه الطبراني, وصححه الألباني،
واحذروا الظلم فإن الله تعالى ليس بغافل عما تعملون، واعلموا أن الظلم محرم ولو وقع على كافر، قال الله تعالى(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ،مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء)سورة إبراهيم،
ويقول،صلى الله عليه وسلم(اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ)رواه أحمد،
وفي الحديث اللآخر(دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِه)رواه أحمد،وحسنه الألباني،
فكيف بمن ظلم أخوه وقريبه المسلم الذي ربما كانت منزلته عند الله خيراً منه؛ بتقربه وطاعته لله، وكان ممن أوجب الله على نفسه أن ينتصر له،إذ ثبت عن رَسُولِ اللَّهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،أنه قال(إِنَّ اللَّهَ قَالَ،مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ)رواه
البخاري،
فبادر برد الحقوق إلى أصحابها، وأعطِ كل ذي حق حقه، وخذ السماح والعفو ممن ظلمت في هذه الدنيا؛ فهو خير لك من أن يأخذوا منك حسناتك يوم تكون أحوج شيء إليها،
نسأل الله أن يمُنَّ علينا بالهداية والتوفيق، وأن يعيننا على أداء الحقوق إلى أهلها، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه،

الحسيمqtr
11-02-2015, 06:46 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

Angelmax
11-02-2015, 08:05 AM
موضوع جدا جميل جزيت كل الخير ومع الاسف ظلم لمراه والاستيلاء على ميراثها اكثر واقسى انواع الظلم ��

امـ حمد
11-02-2015, 02:54 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

امـ حمد
11-02-2015, 02:55 PM
موضوع جدا جميل جزيت كل الخير ومع الاسف ظلم لمراه والاستيلاء على ميراثها اكثر واقسى انواع الظلم ��

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس