المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمن ضاقت به الدنيا



امـ حمد
16-02-2015, 04:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمن ضاقت به الدنيا،وتولَّى عنه الأصحاب،وتكالبت عليه الدّيون ،ولم يجد إلَّا البُكاءَ منفساً له عن مصابه،البكاء لا يجدي لك شيئاً
عليك أن تتوكل على الله،وأن تحسن الظن بالله،فإنَّ اللهَ عند حُسن ظن عبده به،
إياك أن تيأس،أو تقنط من روح الله ورحمة الله ،بل توكل على الحي القَيوم،وتوكل على أرحمِ الراحمين،واسأل اللهَ أن يمدك بالعون والتوفيق والسداد،
وأن يفتح عليك أبواب الفرج،
فإن الإنسانَ ضعيف،وتتكالَب عليه هموم الدنيا،فما خرج مِن هَم إلَّا وقع في غيره،ولا نجا مِن كربةٍ إلَّا أحاطت به غيرها(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ )البلد،
ولكن لا يبدد الهموم،ولا يزيل الغموم،إلَّا الحَي القَيّوم،الذي(لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ )البقرة،
أراد الله بك خيراً إذا ابتلاك،وألهمك الصبر على البلوى،فانكسر قلبك لمولاك،إذا جَعَلْتَ اللهَ نصب عينيكَ ، فبثثت إليه أحزانك،واشتكيت إليه همومك وغمومك،ولسان حالِكَ يقول،يا رب إلى من تكلني،إلى ضعيف يتجهمني،أم إلى عدو ملكته أمري،ولِسان حالك يقول،يا الله،يا من يجيب المضطر إذا دعاه،أبث إليكَ الشكوى، وألتجئ إليك يا من جل وعلا،اللهم يا من كشفت الضر عن أيوب،وأزلت الهَمَّ عن ذِي النون،وكشفتَ الضر عن العباد،وأزلت البلاء عنهم ،أزل عني همي،واكشف عَنِّي غمي،ولا تجعلني أشقَى عبادِكَ عندك،اللهم لا تحرمني خير ما عندك بشر ما عندي،
أكثر من دعائه،وتضرع إليه،فإنه واللهِ أرحم بك من نفسك بنفسك التي بين جنبيك،وإنك إن بثثتها كلمات من قلب مؤمن بالله،موقن في الله،فإن اللهَ لا يخيبك،
إن العبد إذا دعا،واعتصم باللهِ والتجأ،وصدق في دعائه،تفتحت أبواب السماوات،
إذا دعا الله صادقاً مِن قلبه،وقد أحاطت به همومه في جسده،أو مرض،أو ألم،فأعياه الأطباء،وعظم عليه البلاء،أو عظم عليه بلاؤه في البناتِ والأبناء،وأصبح كلما ضحك أبكاه همه،وأبكاه غمه،وأحزنه وأقلقه،
إن العبد إذا وصل إلى هـذا الحال،وتوجه إلى الكبير المُتعال بصدق ويقين،فإن هـذا هو المقصود مِن البلاء،أن يبث العبد إلى ربه الشكوى،وأن يلتجأ إلى الله جل وعلا،وأن يتذكر عظمةَ الله،
إذا عظم عليك الهمُّ في أولادك وبناتك وزوجك وأهلك،فتذكر أن اللهَ يسمعك،ويراك،وأن اللهَ حليم،رحيم،فقل،يا رب،أنت ترى حالي، وتعلم ضعفي،وتعلم فقري،إليك التجأت،وإليك اشتكيت،يا رب بك استعنت،وعليك توكلت،وفوضت أمري إليك،وألجأت ظهري إليك،وآمنت بك،وأسلمت إليك،
فإنك حري بتفريج الكربات،وتسهيل المهمات،إنَّ اللهَ إذا تأذن بالفَرج جاءك مِن حيث لا تحتسب،وإنَّه ما مِن عبدٍ تضيقُ به الأرض بما رحبت،خاصة إذا خذلك الناس،وإذا تولى عنك القريب والحبيب،وخاصة إذا كنت تثق في أحدٍ فخذلك،وإذا كنت ترجو أحداً بعد الله فأهانك وأذلك،عندها تعلم أن اللهَ يريدك أن تلتجئ إليه،
أسعـد الناس في الدنيا من وجه وجهه إلى الله،ومن أسلم قلبه لله،
(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )النساء،أى ،موقن بأن الفرج من الله،
إذا أذلك الناس،علمت أنه ليس بيدهم عزة ولا ذلة،وإذا أهانك الناس وأنت تطلب منهم أن يعينوك ويساعدوك،فاعلم أنهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً،ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً،وإذا اشتد عليك البلاء،وعظم عليك العناء،من زوج ومِن أهلٍ ومِن ولدٍ ومِن أخٍ ومِن أُختٍ ومِن أصدقاءٍ ومِن أقرباء،وإذا عظمت أذية الناس لَك ،وامتهانهم لَك،فاعلم أن لك رباً لا يخيبك،وأن لك رباً هو منتهى الشكوى،ويسمع السر وأخفى،وأن لَك رباً يرحمك ويحبك ،ويحب أن تناديه،وتلتجِأَ إليه وتدعوه(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ )النمل،
ذكر اللهُ البلاء عن أيوب،فقال سبحانه(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)الأنبياء،
ناداه وقـد عَظمت شكواه،وعظم بلاؤه،وضره،فنادَى اللهَ سُبحانه وتعالى بأسمائه وصِفاته،قال( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ )الحال والشأن،ولكنْ أنتَ أرحمُ الرَّاحمين(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) الأنبياء،
قال بعض العلماء( ذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ )أي أن أيوب دعا ربه بيقين، فإن اللهَ يستجيب لكل مَن أُصيبَ ببلاءٍ فدعاه بيقين،
(ذِكْرَى )هـذه الذِّكرى تتذكَّرُها في كُلِّ بلاء،وفي كل خطب وكَرب ،في أهلك ومالك وولدك،
تكون في رغدٍ من العيش وأنت آمن في سربك،معافى في بدنك، عندكَ قُوتُ يومِكَ فلا تلبث أن شاءَ اللهُ بلاءك،فنزلت بك المصائب،وحلت بك المتاعب،فأحاطت بك الهموم مِن كل جانب،وأصبحت بعـد رغد العيش في ضِيقه وفي صعوبته، فالبنت تشتكي،والابن يشتكي،وتصبِح في هم وغم وكرب،فعندها تضيق بك الأرض بما رحبت،لكن لا يوسعها إلا يقينك بالله جل جلاله،ولا يبدد هـذه الهموم ويذهبها إلا يقينك بأن اللهَ أرحم بك من نفسك التي بين جَنبيك،إنْ صدقت مع اللهِ صدقك،من هـذا الذي وقف ببابِ اللهِ فطرده،ومن صدق مع اللهِ فخيبه،حاشاه،
ما وجدناه إلَّا حليماً رحيماً،كريماً عظيماً،يفتح لك أبواب الفرج من حيث لا تحتسب،وما من عبدٍ يدعوا في كرب ويصدق مع الرب إلَّا أعطاه الله إحدى الحسنيين،
إنْ كان علم سبحانه أن كربه يفرج فَرج عنه عاجِلاً،وإذا علم سبحانه أنه سيؤخر عنه الفَرَجُ رَزَقَهُ اليقينَ والإيمانَ والتسليمَ ، حتى أنَّ البلاءَ يعودُ عليه نعمة وسروراً،
إذا كنت واثقاً باللهِ وناديته وناجيته صادقاً مؤمناً متوكلاً عليه،إما أن يفرج كربك،وإما أن يفرغ عليك مِن الصبر واليقين،حتى يصبح العذاب لك رحمة،وتعلو درجتك،ويعظم أجرك،ويغفر ذنبك،ويبدد همك وحزنك،
ولذلك في البلاء،وفي الشدة والعناء،سرور بمُناجاةِ الله لا يعدله سرور،
ما أسعـدها من لحظات،ومن ساعات إذا خلوت بربك،وبثثت إليه أحزانك،واشتكيت إليه أحزانك،وبثثت إليه ما تجده من الكرب ومِن الهم والغم،فسألتَه وناجيته ودعوته ووثقت به سبحانه وتعالى،وجعلت شكواك إلى الله،ولم تشتك اللهَ إلى خلقه،

اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين،ويسر أمور المسلمين،واجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كر ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، ومن كل مرض شفاء،ومن كل حاجة قضاءً، ومن كل ذنب مغفرة ورحمة،وارحم المنكوبين والمظلومين،وثبت قلوبنا على الإيمان،
اللهم آميــــــن.

الحسيمqtr
16-02-2015, 06:41 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
16-02-2015, 06:54 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

_ناصر
17-02-2015, 04:13 AM
جزاك الله خير وفي ميزان حسناتك

امـ حمد
17-02-2015, 02:36 PM
جزاك الله خير وفي ميزان حسناتك

بارك الله فيك وفي حسناتك اخوي ناصر
وجزاك ربي جنة الفر دوس