المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه



امـ حمد
18-02-2015, 03:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول ابن القيم رحمه الله،ليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه،ولا محباً له،ولا راضياً بفعله فإنه يجيب البر والفاجر،والمؤمن والكافر،وكثير من الناس يدعو دعاء يعتدى فيه، أو يشترط في دعائه، أو يكون مما لا يجـوز أن يسأل، فيحصل له ذلك أو بعضه،
فيظن أن عمله صالح مرضى لله، ويكون بمنزلة من أملى له وأمد بالمال والبنين،وهو يظن أن الله تعالى يسارع له في الخيرات،
وقد قال تعالى(فَلَمَّا نَسُوا مَاذُكروا بِهِ فَتَحْنَاعَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُل شَىءٍ)الأنعام،
فالدعاء قد يكون عبادة فيثاب عليه الداعى،وقد يكون مسألة تقضى به حاجته،ويكون مضرة عليه، إما أن يعاقب بما يحصل له،أو تنقص به درجته،فيقضى حاجته ويعاقبه على ما جرأ عليه من إضاعة حقوقه واعتداء حدوده،
المؤمن دائماً حسن الظن بربه،سيء الظن بنفسه،لا يصيبه ما يكرهه إلا وهو يعلم أن ما أصابه من ذلك إنما أصابه بذنبه،ولا يأتيه خير يحبه إلا وهو يعلم أنه من فضل ربه عليه،منةً منه وكرماً
الدعاء على نوعين،
دعاء العبادة،وهو الحال الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم من طاعة ربه وعبادته،ولا يكون إلا للمؤمن،
ودعاء المسألة،وهو سؤال الله جلب النفع ودفع الضرر،فيكون للمؤمن والكافر والبر والفاجر،فليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه،ولا محباً له،ولا راضياً بفعله ، بخلاف دعاء العبادة الذي لا يكون إلا بتوفيق الله تعالى ومحبته،
فقد تكون إجابة الدعاء استدراجاً،
وقد تكون تعجيلاً لنصيب الداعي من الخير،حيث لا يكون له إلا في الدنيا،
وقد تكون إظهاراً لرحمة الله بعباده،أو استجابة لدعاء مظلوم،
وقد تكون الاستجابة لصلاح المرء وتقواه،
أن الدعاء،هو سبب من أسباب قضاء الحاجات،بل هو من أعظم الأسباب،ومتى كانت الحاجة دنيوية،وقد أجيب لصاحبها دعاؤه،
فهذا رزق من الله،جرى بسببه،كما أن العمل سبب للرزق،والنكاح سبب للولد،والدواء سبب للشفاء،لكن ليس جريان الرزق وتعجيله في شيء من ذلك كله،دليلاً على محبة الله لمن أعطاه ذلك الرزق، كما أن منع الإجابة،أو حبس الرزق،ليس دليلاً على سخط الله على من حرمه ذلك،
العطاء والمنع،والخفض والرفع،والغنى والفقر،والصحة والمرض ،وسائر ما يقدره الله لعبده من الرزق،
فإنما أمره إلى الله وحده،هو يقضيه،ويصرفه،ويدبره لعباده سبحانه وتعالى،لا يملك أحد من خلقه،لا الشيطان وأعوانه،ولا الملائكة،ولا مخلوق،يملك شيئاً من ذلك،ولا يشارك الله تعالى في تدبير شيء من ذلك كله،بل أمره كله إلى الله،
وإن كان ذلك لا يمنع أن يكون للعباد شيء من أسباب ذلك،كما أن الشفاء إنما هو بيد الله،والطبيب سبب،والولد من رزق الله،والزوج أو الزوجة سبب،وهكذا،
عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك،رفعت الأقلام وجفت الصحف)وصححه الألباني في،صحيح الترمذي،
والعبد ينبغي أن يغلب جانب حسن الظن بالله،على ما أعطاه من نعم،لكن مع الاعتناء بشكره فيها،والجمع بين ذلك والخوف من مكر الله،فيجمع في سيره إلى الله بين الرهبة والرغبة،والرجاء والخوف ،والمحبة والخشية،
من أعظم العلامات التي يخشى على صاحبها من استدراج الله له، ومكره به،
أن يعطيه الرزق،عند معصيته به،وإعراضه عنه،
قال الله تعالى( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ )الأعراف،
قال القرطبي رحمه الله،قال الضحاك،كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة،
وقيل لذي النون،ما أقصى ما يخدع به العبد،بالأَلطاف،والكرامات،
وعن عقبة بن عامر،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(إذا رأيت اللهَ يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب،فإنما هو استدراج )ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ )الأنعام،رواه الإمام أحمد،وصححه الألباني في،
قال الشيخ ابن باز رحمه الله،قد يبتلى الإنسان بالسراء،كالمال العظيم،والنساء والأولاد، وغير ذلك فلا ينبغي أن يظن أنه بذلك يكون محبوبًا عند الله،إذا لم يكن مستقيماً على طاعته،فقد يكون من حصل له ذلك محبوباً،وقد يكون مبغوضاً،
والأحوال تختلف،والمحبة عند الله ليست بالجاه والأولاد والمال والمناصب،وإنما تكون المحبة عند الله بالعمل الصالح،والتقوى لله والإنابة إليه،والقيام بحقه ، وكل من كان أكمل تقوى،كان أحب إلى الله،
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال(إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من أحب)رواه الحاكم،وصححه الألباني،ووافقه الذهبي،
فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه،ومن ابتلي بالكفر والمعاصي فهذا دليل على أنه مبغوض عند الله على حسب حاله،
ثم أيضاً قد يكون الابتلاء استدراجاً،فقد يبتلى بالنعم يستدرج بها حتى يقع في الشر،وفيما هو أسوأ من حاله الأولى،قال تعالى(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ،وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) الأعراف،
قال ابن كثير على قوله سبحانه(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ)معناه،أنه يفتح لهم أبواب الرزق في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه، ويعتقدوا أنهم على شيء)وقال الحسن،كم مستدرج بالإحسان إليه، وكم مفتون بالثناء عليه،وكم مغرور بالستر عليه،أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار،
وقال ابن عباس،سنمكر بهم،وهو أن نأخذهم قليلاً ولا نباغتهم،وفي حديث (أن رجلاً من بني إسرائيل،قال يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني،قال،فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر،إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت)وأخبر تبارك وتعالى عبادَه مبيناً لهم أنه لم ولن يغفل عن الكافرين والظالمين المفسدين الذين لَم يُصبهم العذاب الدنيوي،فقال سبحانه وبحمده(وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)
وقد يبتلى الناس بالأسقام والأمراض ونحو ذلك،لا عن بغض ولكن لحكمة بالغة،منها،رفع الدرجات،وحط الخطايا،

اللهم لا تستدرجنا بالنعم ولا تفاجئنا بالنقم ولا تجعلنا عبرة للأمم وارفع عنا الألم والسقم،وجُد علينا بفضلك فأنت أهل الكرم ،
اللهم ارضى عنا برضاك واجعلنا لك ذاكرين شاكرين.

الحسيمqtr
19-02-2015, 06:23 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
19-02-2015, 06:28 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

_ناصر
19-02-2015, 11:23 AM
جزاك الله خير..،

امـ حمد
19-02-2015, 04:35 PM
جزاك الله خير..،

بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك اخوي ناصر
وجزاك ربي جنة الفردوس