المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص من واقع الحياة (2)



وثائقي
20-02-2015, 04:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

ها نحن نعود لكم مع قصص جديدة من وقع الحياة وسأتفادى سرد بعض القصص والتي لربما محتواها قد لا يناسب البعض وقد سبق وطرحت قصة على الإرتباط التالي :

http://www.qatarshares.com/vb/showthread.php?576328

واعتذر لعدم تكملتها لعدة أسباب منها إنشغالي والأمر الأهم هو تعطل بريدي الإلكتروني (أعتقد بسبب إستيلاء الهكرز عليه) والذي كان يحمل كنوزاً من القصص المتنوعة من واقع حياتنا المعاصرة وخسرتها للأسف حيث تعذر علي إستعادته ..

واليوم أود سرد تفاصيل قصة لشاب كافح من أجل لقمة عيشه والهدف من سرد تلك القصص ليس إستئناساً بها فحسب إنما لأخذ الفائدة منها والحذر من ما قد يصحبها من مخاطر وسأروي القصة على لسانه يقول :

نشأت في عائلة فقيرة بل كنا تحت خط الفقر وكان والدي (رحمه الله) هو من يكدح لإطعامنا حيث كان يعمل حارساً في مدرسة بنين ولا يتجاوز مرتبه على ما أذكر 1800 ريال وكنت أذهب للمدرسة في المرحلة الإبتدائية برفقة والدي وكنا نذهب سيراً على الأقدام ذهاباً وإياباً حيث لم يكن لدينا مركبة تقلنا أو أي وسيلة نقل وكنا نسكن آنذاك في إحدى المحافظات ولكن كانت المدرسة تبعد كيلو مترات عن المنزل وكنا عرضة لعوامل الطقس المتغيرة من برد وأمطار وغبار وحرارة الشمس واذكر أنه أغمي علي في إحدى المرات عندما كنت عائداً بمفردي من المدرسة في يوم شديد الحرارة ولم أفيق إلا بالمستشفى ولا أعلم حتى ساعتي هذه من الذي أقلني إلى هناك وقال لي : هل ترى هذه الكدمة في وجنتي يا صاح ؟؟

قلت له : نعم أراها ، فقال : هذه من أثر تلك السقطة في قارعة الطريق وبسبب حرارة الإسفلت التي وضعت وساماً لا ينسى على وجهي حتى يومنا هذا..

وكنت متفوقاً دراسياً ولكن كان هنالك بعض المنغصات في حياتي الدراسية عند دخولي للمرحلة المتوسطة حيث إبتعدت عن المدرسة التي يعمل فيها والدي فمن المنغصات أني كنت أذهب إلى المدرسة ولا أملك فلساً واحداً لأقتات به بل كنت أتضور جوعاً ولا أستطيع سد رمقي أثناء الفسحة المدرسية وأيضاً إرتدائي ملابس رثة قديمة وأحذية (أعزكم الله) شبه بالية ولا أملك معطفاً أردتيه في أيام البرد القارس حتى كنت في بعض الأحيان أستجمع نفسي في أحد زوايا المدرسة لأدفئ جسمي من زمهرير الشتاء على عكس الطلاب الذين كانوا يرتدون أفضل ما لديهم ويرمون مخلفات الطعام أمام ناظري بلا إستحياء وكانوا ينظرون إلي بإزدراء وسخرية وأحياناً أتعرض لسيل جارف من التهكمات المخجلة من لدنهم فمر الفصل الدراسي الأول بحلوه ومره وخيره وشره وقد أعيتني الظروف حتى فكرت أن أترك المدرسة ففكرت حينها وخطرت في بالي فكرة قد تكون مشجعة وداعمة لي في مواصلة دراستي فذهبت إلى المدرس المسؤول عن المقصف المدرسي وأخبرته برغبتي في العمل في المقصف ببيع الأطعمة والمشروبات للطلاب ليتسنى لي الإفطار دون مقابل نظير عملي في المقصف وشرحت له عن حالتنا المادية المتدنية وأني لم اذق طعم الشطائر في مقصف المدرسة طيلة الفصل الدراسي الأول ..

فنظر إلي بنظرة عابسة متعجرفة وقال : وهل نما إلى علمك بأن هذا المقصف جمعية خيرية ؟؟ إذهب اهل الخير إن شئت وإن تكرر هذا الطلب منك فسأحرر محضر تسول داخل المدرسة !! فكان وقعها كالصاعقة علي ولم أعلم ما أصنع نظراً لخوفي وصغر سني فأظلمت الدنيا أمام ناظري ولم أعد أعي بما حولي وكنت أرتجف حينها ولا أعلم أهو من هول الصدمة أم صابني إنهيار عصبي جراء تلك الصدمة فذهبت إلى زاوية المقصف وقد تقطع قلبي حزناً وأجهشت بالبكاء حتى جف دمعي وإذ بي أحس بيد صلبة قوية تطأطئ على كتفي فنظرت فرأيت وجهاً غريباً غير مألوفاً بالنسبة لي فبادرني قائلاً : ما بالك يا فتي هل تحس بالألم هل آخذك إلى مركز صحي وهل أباك موجود ؟؟ فإعتقدت أنه أحد المدرسين الجدد فقلت له : لا يا أستاذ لا يؤلمني شيء فإستغرب وقال : إذاً ما يبكيك ماخطبك ؟؟ فلم أشأ أن أخبره بسبب خوفي منه لإعتقادي أنه احد المدرسين فتسمرت مكاني ولم أتفوه بكلمة حينها أخذ بيدي وقال : هلم معي يا فتى ، فذهبت معه ولا أعلم ماهي وجهتي وإذ به يفتح باب المقصف ويطلب مني الدخول قائلاً : تفضل يا صغيري بجانب المدفأة أفضل من جلوسك في أرض المقصف الصماء الباردة فكانت تلك اللحظة بمثابة إعادة الحياة إلي وضخ الدماء في أوردتي وعندها أحسست بالأنس ومن ثم سألني ما الذي يبكيك يافتى هل لي ان أعرف ؟؟

وبعد إلحاحه أخبرته بما حدث معي كاملاً مع الأستاذ وما إن فرغت حتى رايته يأخذ منديلاً ورقياً ويمسح دموعه ولم أكن متأكد حينها أهو فعلاً يبكي أم يعاني من مرض ما في عينيه لأني لم أرى في حياتي رجلاً بمثل سنه يبكي فقال : أفقست قلوب إلى هذا الحد والله إني لأبكي ليس من فاجعتي بما سمعت فحسب إنما كنت أشاهدك بإستمرار من خلف نافذة المقصف حين آتي لتفقد سير العمال في المطعم حين تكون منزوياً لوحدك ولم أكن أعلم ما هو حالك .. إسمع يافتى أنا صاحب هذا المطعم المتعاقد مع المدرسة والذي يزود الطلاب يومياً بالمأكولات الطازجة والمشروبات الساخنة والباردة وإعتباراً من هذه اللحظة فإن إفطارك اليومي مجاني لوجه الله تعالى ولا أحدد لك قيمة معينة إنما تأخذ ما يحلو لك عندها نادى أحد الباعة وهو وافد آسيوي وقال له : إسمع خذ هذا الفتى الآن إلى داخل المقصف وليأكل ماشاء على حسابي وكل يوم يصرف له ما يشاء وبدون مقابل ولا تسألونه عن التكلفة ولو تجاوزت المائة ريال ..

فبكيت حينها فأنا لا أزال في مقتبل العمر ولازلت كسير القلب من وضعنا المادي من جهة ولوضعي الدراسي من جهة أخرى فشكرته وقبلت يده فربت على كتفي وقبل رأسي !!! يا الله كم كان وقعها كبير على القلب حين يقبل رأسك شخص في سن أباك فقد أعاد الثقة إلى نفسي بعد ما إفتقدتها ..

ما حدث للفتى بعد ذلك ؟؟

هذا ماسنعرفه لاحقاً إن شاء الله ..

JN000N
20-02-2015, 04:36 PM
عوور قلبي وعليه
في انتظار الجزء الثاني

وثائقي
20-02-2015, 04:37 PM
نكمل قصتنا .. يقول : فأحسست أن الأمور بدأت تتجه للأحسن بعدما سخر الله تعالى هذا الرجل لخدمتي فكنت آتي يومياً وأول ماينظر إلي عامل المطعم يبتسم ويسألني ما تريد ؟؟ وكنت أطلب ما تشتهيه نفسي مما يتوفر لديهم من أطعمة ، وإنقضى الفصل الدراسي الثاني ولم أستطع العمل بأي مكان في فترة العطلة الصيفية لجهلي وصغر سني ولكن كنت أساعد والدي ووالدتي بما يطلبانه مني وحين شارفت العطلة على الإنتهاء بدأ الأسى يكشر عن انيابه وبدأت الأفكار تدور بمخيلتي من أين آتي بملابس جديدة وأدوات مدرسية كاملة وما أن بدأت الدراسة حتى عادت نفس الأوجاع تطعن جسدي وتنهش لحمي وكنت أنتظر الفسحة المدرسية لألتقي بالرجل صاحب القلب الكبير والذي ساعدني في إجتياز الكربات التي ألمت بي بعدما كنت أفكر بترك الدراسة وبدأ ثاني يوم دراسي وحين قرع جرس الفسحة الدراسية هرولت مسرعاً لألقى صاحبي فكانت المفاجأة !! لم يكن موجوداً وقد تغيرت وجوه العمالة مما يبدو أنهم تعاقدوا مع مطعم آخر وبدأ اليأس يقطع أوصالي ثم علمت من أحد الطلبة أن المدرس المسؤول عن شؤون المقصف قد إنتقل إلى مدرسة أخرى وأنهم وضعوا مدرساً آخر مسؤولاً عن شؤون المقصف وكان هذا المدرس عم الطالب الذي اخبرني فأردت أن أسأله توظيفي في المقصف لحاجتي الماسة ولكن الخجل كان يمنعني فقلت في قرارة نفسي لأخبره عن قصتي العام الماضي لعله يرويها لعمه المدرس وما هي إلا أيام ونجحت الحيلة فقد أخبر عمه بقصتي فما كان منه إلا أن إستدعاني في اليوم التالي وسألني : أتود العمل في المقصف وبالمقابل يكون إفطارك دون مقابل فقلت بدون تردد : نعم أستاذي العزيز فقال : حسناً سأخبر وكيل المدرسة لأخذ موافقته وابلغك نهاية الدوام ..

وفجاة حيث كنا نصغي للمدرس وهو منخرط في الشرح حتى قتل هذا الجو المفعم بالإندماج طرقة باب الفصل وإذ به المدرس عم الطالب فإستأذن وإستدعاني وقال : حسناً لقد وافق وكيل المدرسة على عملك وستبدأ بالعمل من يوم غد إن شاء الله ففرحت كثيراً وفي نفس الوقت لم يغب وجه ذلك الرجل الطيب عن عقلي فكنت أتمنى رؤيته أو معرفة مكانه وبدأ الفصل الدراسي الأول بالمضي وكنت قد وصلت للصف الثاني المتوسط وبدأ كابوس البرد يخيم في أرجائي وأنا أعلم بفقرنا الشديد وعدم مقدرة والدي شراء ملابس شتوية تقيني برد الشتاء وما هي إلا أيام حتى إستدعاني المرشد الطلابي إلى مكتبه وإذ به يحمل مظروفاً فأعطاني إياه فتعجبت ماهذا ؟؟

فقال : هذا من فاعل خير وقد أوصى بأن لا نفصح عن اسمه فأخذت المظروف وفتحته فكانت المفاجأة !! كان بداخلة مبلغ 500 ريال فتيقنت حينها أنها من المدرس عم صديقي الطالب فأصبحت أشعر بالإحراج عندما أراه فعزة نفسي تابى مثل هذا الشيء ولولا خجلي منه كمدرس لأعدتها له وحين عدت إلى المنزل أخبرت والدي بذلك فقال : لما قبلته المفترض بأن لا تقبله فقلت : يا أبي أنا أخجل منهم ولكن انت اعده إليهم إن شئت فقال والدي : هذا رزق ساقه الله إلينا ولا يرد عطاءه سبحانه ولكن إحذر يابني أن تأخذ شيئاً في المرة المقبلة فقلت : حسناً يا أبي ..

ومضت الأيام بمرها وحلوها وقد نبهت صديقي الطالب بأن يخبر عمه بأن لا يحضر لي مالاً خشية أن يوبخني أبي فقال : حسناً حين يعود عمي من سفره أخبره فهو في إجازة وقد يعود بعد اسبوعين فقلت : حسناً وفي عشية أحد الأيام وحين كنت أرتب كتبي داخل حقيبتي في المنزل تفاجأت بوجود مبلغ 700 ريال دست بين الكتب وكان واضح أنها بفعل فاعل فعجر لساني عن النطق ولم أعلم ما أقول فقررت إخبار والدي مباشرة فتعجب وقال : كيف لم تنتبه ألا تعلم مايحصل في حقيبتك ؟؟ ألم أحذرك بأن لا تأخذ من أحد شيئاً فصمتت ولم أبدي أي رد ثم خطر في بالي بأن المتهم بذلك عم الطالب مسافراً وليس موجوداً فقلت لوالدي ولكن المدرس الذي اعطاني في السابق مسافر فقال والدي : حسناً سنترك التصرف إلى حين نعرف من وراء ذلك ..

وكنت قد إشتريت معطفاً وملابس تليق بطالب في المدرسة وهذا بفضل الله ثم ذاك المبلغ مجهول المصدر وشارف الفصل الأول على الإنتهاء وكنت أجد بين فينة وأخرى مبالغ داخل كتبي تتراوح مابين الـ500 ريال إلى الـ800 ريال ويعلم الله أننا كنا في أمس الحاجة إليها بل أن في إحدى المرات إستطعنا إعادة التيار الكهربائي للمنزل بعد أن تم فصله لعدم سدادنا وأيضاً مصروفات المنزل الأخرى ، وبدأ الفصل الثاني وتكرر معي نفس الشي ونفس الأحداث مبالغ مالية مجهولة المصدر حتى جاءت الإختبارات النهائية وفي أحد الأيام لا أعلم أكان يوم ثلاثاء أو أربعاء بعد إنتهائي من إختبار الفترة الثانية وحين خروجي وجدت رجلاً يقف أمام باب المدرسة يضع مشلحاً على يده فأمعنت النظر يا إلهي من هذا ؟؟ آآآه انه صاحب المطعم الذي تكفل بإفطاري فصلاً كاملاً وهو يبتسم فركضت مسرعاً نحوه وعانقني وكنت أشعر بأنه كوالدي بالفعل وبكى حين رآني وانا أرتدي ملابس جديدة ومهندمه وقال : والله لقد أتيت لإطمئن على حالك فقط حينها تداركت وقلت : أنت الذي تضع الأموال في حقيبتي فاومئ برأسه نعم قال : بمساعدة بعض المدرسين كانوا يضعونها في حقيبتك خلسة اثناء الفسحة المدرسية وسألني هلى أباك حي ؟؟ فقلت : نعم فقال : أرجوك أبلغه سلامي وإعتذاري فأنا رجل ابحث عن الأجر ولم أقصد اي إساءة وأردتك أن تعيش كغيرك في المدرسة وانا مسافر يوم غد لإجراء عملية جراحية فقلت اطمئن عليك لأنك لم تفارق تفكيري بعد ذلك الموقف لحظة واحدة وكنت دائماً أسأل المدرسين عنك وأوصيهم فيك وأنا مندهش ومتعجب مما أسمع واشاهد وكأنه حلم خالجني لحظة نومي ..

فذهبت الى المنزل وأخبرت والدي بما حصل وقال : أين ذلك الرجل فقلت : لا أعلم لقد ذهب وهذا ماحصل معي اليوم ومن بعدها لم اشاهد ذلك الرجل واذكر أن اسمه محمود ولا أعلم ما حصل معه حتى لحظتي هذه فأكملت دراستي المتوسطة وما إن إلتحقت بالثانوية وفي ليلة حالكة الظلام وإذ بأمي تصرخ فنظرت فإذا بوالدي ممداً في وسط الغرفة ولا نعلم ما أصابه ولم تكن لدينا سيارة فذهبت لجارنا وطرقت عليه الباب في منتصف الليل فجاء مسرعاً فزعاً قائلاً : ماخطبك ما حدث وذهب معي هو وأحد ابناءه وحملوا والدي وإنطلقنا به إلى المستشفى وإدخلوه في العناية الفائقة وكان قد أصيب بجلطة دماغية أفقدته وعيه وشلت نصف جسمه ولم يفيق إلا بعد يومين وبدأت حالته تسوء شئياً فشئياً فطلبنا نقله إلى الرياض ورفعت الأوراق وتأتي بالرفض لعدم توفر سرير ومازال كذلك حتى دخل في غيبوبة تامة وتدهورت حالته وتدهورت أوضاعنا ولم أستطع إكمال دراستي رغم تفوقي فبقي والدي (رحمه الله) في غيبوبه حتى وافته المنية في فجر احد الأيام ويعلم الله كيف كانت أحوالنا حينها إنه لأمر جلل وأحسست أنا بالذات بفراغ كبير قد أحدثه غيابه لدرجة أنني لم إستطع دخول غرفته لتأثري وتعلقي فيه وكان قد مر نصف عام والمدرسة إستبعدوني لعدم حضوري فقررت حينها أن أبحث عن عمل فكنت أرى من نفسي شاباً فتياً قوياً يعتمد على نفسه ..

أتوقف هنا وسأروي لكم فيما بعد رحلته في البحث عن وظيفة وكيف تمكن من السفر وهو لا يملك مالاً وماذا حدث معه في رحلته ؟؟

فإلى حينه أستودعكم الله ..

وثائقي
20-02-2015, 04:38 PM
عوور قلبي وعليه
في انتظار الجزء الثاني

يشرفني متابعتك أختي الفاضلة ..

وديـ ..

عبير قطر
20-02-2015, 05:07 PM
في انتظار الجزء الثاني بفارغ الصبر

وثائقي
20-02-2015, 06:51 PM
نكمل ما توقفنا عنده وهي رحلته للبحث عن عمل يقول رأيت من نفسي شاباً قوياً على قدر من المسؤولية وإرتأيت أن أسافر للبحث عن عمل أقوت وأقتات منه وكان هنالك تقديم لوظائف محدودة في المنطقة التابعة لها محافظتنا عن طريق ديوان الخدمة المدنية آنذاك وقبل تسميته بوزارة الخدمة المدنية وعزمت على الذهاب ولم يكن بحوزتي حينها والله سوى خمسون ريالاً فقط فإحترت كيف سأذهب ولا أملك مالاً فقلت في قرارة نفسي : ستتيسر بإذن الله فذهبت إلى محطة حافلات النقل الجماعي في فترة المغرب وإستفسرت عن أوقات الرحلات وقيمة التذاكر يا إلهي فقط قيمة التذكرة ذهاباً وإياباً ضعف ما أملك من نقود فجلست في الإستراحة وإنخرطت في التفكير عن كيفية المغادرة دون أن أسأل أحد فعزة نفسي تأبى ذلك فتريثت قليلاً وأخذت افكر بذهنٍ صافٍ فخطرت لي فكرة ولا أعلم كيف جالت في ذهني وحتى مبادئي تتعارض معها ولكنها الحاجة وكانت الفكرة تكمن في أن أحاول التواري والإختباء داخل الحافلة قبيل إنطلاقها وفي نفس الوقت كنت مهموماً بمشكلة أخرى وهي المبيت فلا أعرف أحداً في تلك المنطقة ولا أملك مالاً لأبيت في نزل فإرتأيت أن انطلق في حافلة بوقت متأخر من الليل حتى أصل صباحاً أثناء أوقات الدوام الرسمي لأتوجه مباشرة إلى ديوان الخدمة المدنية لعلي أنهي إجراءات التقديم وأعود دون الحاجة للمبيت فوجدت حافلة تنطلق في الثالثة صباحاً فقلت في نفسي : نعم هاهي فإنتظرت في المحطة حتى حضرت صلاة العشاء فتوضيت وصليت ودعيت الله أن ييسر أمري وكنت أشاهد المسافرين يصعدون الحافلات وينطلقوا مغادرين حتى لم يبقى غيري في قاعة الإنتظار فهممت للنوم حتى منتصف الليل فغفوت لمدة ساعة أو اقل من ذلك ثم أفقت فأنا متوتر ومهموم وجائع في آن واحد ثم نهضت من مقعدي وأخذت أتجول في أرجاء المحطة أسلي نفسي حتى حضر وقت الحافلة في الساعة الثالثة بعد منصف الليل وبعد أن تأكدت ان تلك هي الحافلة المنشودة قفزت إلى داخلها وكان فيها ثلاثة ركاب تقريباً في المقاعد الخلفية ولكنهم كانوا يغطون في نوم عميق فعرفت أنهم كانوا في الحافلة من المحطة السابقة وكنت خائف من وقت صعود سائق الحافلة فحينها يقوم بجرد الأسماء والتأكد من عدد الراكبين وهوياتهم وكنت أختلس النظر من النافذة وما أن رأيت السائق يقترب وكان نفس الوجة الذي نزل من الحافلة حتى إختبأت في دورة المياه (أجلكم الله) التي في الحافلة وأنا متضارب الأفكار ويؤنبني ضميري على مافعلت ففكرت أن أخرج واعود إلى المنزل ولكن في داخلي كان هنالك صوت يقول لي : إبقى مكانك فقررت أن أسدد ديني هذا متى ما إستطعت فمكثت غير بعيد وماهي إلا لحظات وإذ بالحافلة تنطلق وما أن إستدارت حتى سلكت الطريق السريع وأطفأت أضوائها الداخلية حتى هممت بالخروج وجلست على مقاعد تفصل بيني وبين السائق والركاب ايضاً وظللت أراقب من النافذة وأنا اشاهد أستار الليل ممتدة ولا أسمع إلا هدير العجلات وزمجرة المحركات وكنت أفكر في كيفية بلوغ ديوان الخدمة حين وصولي فأنا لا أعرف أحداً هناك ولا أعرف أين يقع الديوان فقلت في قرارتي : بما أن الرحلة تيسرت فسيعقبها تيسير إن شاء الله وبعد سويعات شارفت الحافلة على الوصول وما أن حطت في محطة الحافلات حتى تواريت وأنا أختلس النظر وإذ بالسائق مرهق من عناء السفر فنزع حزام الأمان وغادر الحافلة على عجالة دون الإلتفات وراءه فهممت للنزول مسرعاً ونجحت في ذلك ونظرت إلى الساعة فإذا هي السابعة صباحاً مازال أمامي ساعة للذهاب الى ديوان الخدمة ورأيت سائقي الأجرة يصدحون بأعلى أصواتهم باحثين عن ركاب ليقلونهم فحانت لحظة التفكير وبينما كنت أسير بينهم فاجأني أحد سائقي الأجرة يقول : هل تود أن أوصلك لأي وجهة ترغب فأمعنت النظر في وهو حدق بي وسألني مراراً وتكراراً نفس السؤال ولا أعرف حينها كيف فعلت ذلك والله فأومأت له بيدي عن طريق الإشارة فلم يفهم علي وظنني أبكم لا أستطيع الكلام فأومأت له بأني أريد قلماً للكتابة فأعطاني قلم فكتبت على يدي ديوان الخدمة المدنية فهمهم برأسه وأومئ لي بالإشارة أن إتبعني فتبعته وصعدت معه في السيارة وإنطلق وماهي إلا لحظات حتى توقفنا أمام ديوان الخدمة فأخرجت له الخمسين ريال فكان ودوداً ورفض أن يأخذ فلساً واحداً فودعني ومضى ..

ها هو صاحبنا الآن يقف أمام ديوان الخدمة المدنية وسأعود لإكمل فيما بعد ماحدث له أثناء مراجعته لديوان الخدمة المدنية وما تبعها من أحداث وكيف إستطاع العودة إلى بيته وهو لايملك مالاً ..

فإلى حينه أستودعكم الله ..

وثائقي
20-02-2015, 06:52 PM
في انتظار الجزء الثاني بفارغ الصبر

تم إضافة مقتطع من القصة تسرني متابعتك ..

وثائقي
20-02-2015, 07:04 PM
نعود لنروي ما تبقى من أحداث وكان صاحبنا قد توقف أمام مبنى الخدمة المدنية يقول فنظرت حولي فوجدت أعداد هائلة من السيارات والمراجعين ربما تجاوز الـ300 مراجع ويحملون أوراق وضعت في ملف كما فعلت أنا ، ياللهول أيعقل أن جميع هؤلاء قدموا لما قدمت له أنا أيضاً ؟؟ فعرفت حينها بأن ورائي مشوار طويل سيتعبني فوق تعبي فأنا لم أنم وبطني خاوياً لم أذق شيئاً وما أن فتحت أبواب ديوان الخدمة حتى تدافع المراجعين وبدأ الصراخ والخناق فيما بينهم أيهم سيصل أولاً وكانت أعداد المراجعين في تزايد وقاموا بتوزيع أرقام تسلسلية علينا ليتم مناداتنا حسب الترتيب المتخذ من قبلهم وكان رقمي 76 حصلت عليه بعد عناء شديد فجلست لأرتاح وأنتظر أن يندهوا برقمي وفي هذه الأثناء إقترب إلي شخص ماكر وقام يتوسل إلي بأن أبدله برقمي فنظرت فإذا رقمه 127 وحاول يستلطفني وأخبرني بأن لديه ظروف وأن والدته مريضة وما إلى هنالك من المصاعب المحيطة به ففكرت في قرارة نفسي هل أساعده ؟ ولكن حدسي الذي لا يخيب في الغالب منعني من ذلك فروحي قد نكرته ولم تستانس له فتذكرت قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إإتلف وما تناكر منها إختلف) فوجدتني أختلف معه مشاعرياً وحدسياً فاعتذرت له وقلت له : ربما لو علمت بظروفي لإستحييت من مطالبتي بمثل ذلك ويعلم الله كيف وصلت إلى هنا ، حينها أمعن النظر إلي بنظرات ماكرة وعلم أني لست طعماً له فحينها إنصرف دون أن يعتذر أو يسلم علي وبما أني أنتظر أن يشاع برقمي قررت مراقبته عن كثب لأرى ما سيصنع فوجدته يتجه لشخص آخر ويتودد اليه واسمع الضحية يقول : ما بيني وبينك ليس بالكثير فرقمي 97 وعلم ذلك الماكر أن هذا فريسة سهلة وظل يتوسل اليه واستمر بإحراجة حتى أبدله برقمه وظللت أرقبه فإتجه إلى شخص آخر كان رقمه 68 وظل يتودد إليه حتى نجح بإقناعة فإستبدله بالرقم وأنا مندهش مما يفعل وأيقنت حينها بأني اشاهد شخصاً مخادعاً لا يكترث لغيره ولا يهمه إلا نفسه وما زال كذلك حتى إستطاع الحصول على رقم 34 أو 43 لا أذكر بالضبط وما هي إلا لحظات حتى صدحوا برقمه فذهب لإنهاء إجراءاته ، فقررت أن أسأل احد الأشخاص من الذين انهوا إجراءاتهم ما يطلب منهم بالضبط فإتجت لشخص قد خرج للتو وسالته يا أخ هل لك ان تخبرني بآلية التقديم ؟
فقال : نعم سيطلبون منك صورتان شخصية ألديك صور ؟
فقلت : لا
قال : أنصحك بأن تذهب لأستوديو تصوير وتحاول أن تنتهي بسرعة لأنهم لن يقبلوا أوراقك إلا بوجود صور شخصية لك ليتم ختمها !!! ياللخيبة وما أفعل برقمي هل سيضيع دوري لأني اسمعهم يصدحون بالرقم ثلاث مرات فقط واذا لم يحضر إستدعوا من هو بعده ، إذاً لا سبيل امامي إلا أن أستبدل رقمي برقم بعيد حتى يتسنى لي الذهاب والعودة قبل ان يأتي دوري فقمت ابحث بين الأرقام فوجدت رجلاً لربما في الأربعين من عمره فقلت له : لو سمحت ياعم كم هو رقمك فقال : رقمي 101 فقلت : هذا جيد هلا أبدلتني برقمك وأكون ممتن لك فنظر إلى رقمي وتعجب وقال : بل أنا من سأكون ممتن لك ولم يسألني عن السبب فأخذت رقمه وسألته هل يوجد استوديو قريب للتصوير فقال : لا أعلم ومضى .

فسألت شخصاً آخر من أهل المنطقة فقال : نعم ولكنه بعيد نسبياً فأخبرته بأني لست من المنطقة ولا أملك حتى سيارة فقال : إبحث عن شخص يريد الذهاب هناك وإذهب معه هيا تصرف ،، فرأيت ان فكرته صائبة فوقفت خارجاً وأخذت اسأل كل من خرج حتى وفقت في ذلك فركبت مع شخص ليقلني إلى الأستوديو ويعود فهو نفس حاجتي ونحن في الطريق قال لي : أتعلم ان عدد الوظائف المطروحة 250 وظيفة ونتوقع أن عدد المتقدمين ثلاثة آلآف واخذ يهمهم ويضحك ثم قال : هل تعلم عندما رأيت أعداد المتقدمين يئست واحبطت وأوشكت أن أعود إلى المنزل ولكني بقيت وأنا محبط ويائس ، فأنكرت عليه وذكرت له قصتي بإختصار وكيف قدمت إلى هنا فأصابته الدهشة وقال : أإلى هذا الحد وصل بك الأمر؟؟ فقلت : نعم فقال : اذاً أنت ظيفي اليوم فشعرت بالإحراج وإعتذرت له عن قبول طلبه فأصر على ذلك وقال : بعد أن نفرغ من التقديم لنا كلام آخر فوافقته الرأي فنزلنا عند الأستوديو وكان قد إستغل المتقدمين وطلب على التصوير المستعجل 50 ريال يا إلهي إنها كل ما أملك ولكن لا يوجد حل آخر فدفعتها وقام بتصويري وإنتظرنا قرابة 15 دقيقة حتى قام بإستخراج الصور فأخذناها وإنطلقنا مسرعين وعدنا إلى الخدمة المدنية فقام صاحبي بأخذ رقم جديد وكان قد تبقى أمامي قرابة السبعة اشخاص فقلت : الحمد لله وصلت في الوقت المناسب وما هي إلا لحظات حتى اشاعوا برقمي فإنطلقت مسرعاً فهذا ماجئت لأجله فأخذوا أوراقي واعطوني ثلاثة نماذج لأقم بتعبئتها ففعلت وأخذوا الصور فوضعوا صورة على أحد النماذج والصقوا الصورة الأخرى في مذكرة مراجعة محدد فيها يوم ووقت الإختبار وقاموا بختمها وسلموني إياها وكان هذا كل شي .
خرجت لأبحث عن الشخص الذي اقلني فلم اجده واتجهت ناحية الحشود لعلي أجده هنالك فلم أوفق في ذلك وبينما أنا كذلك إذ بيد قد امسكت بكتفي ونادى بإسمي فلان ..! فإلتفتت لأرى من يكون !! فمن كان ذلك الشخص؟؟

هذا ماسنعرفه فيما بعد ..

المبرمج صلاح
20-02-2015, 08:31 PM
بسم الله ما شاء الله القصة وطريقة السرد رائعة بكل المقاييس
يشرفني متابعتك ومنتظر تكملة القصة بفارغ الصبر

وثائقي
20-02-2015, 08:38 PM
بسم الله ما شاء الله القصة وطريقة السرد رائعة بكل المقاييس
يشرفني متابعتك ومنتظر تكملة القصة بفارغ الصبر

يسعدني متابعتك أخي الفاضل صلاح وشكراً لإطرائك ..

وثائقي
20-02-2015, 08:41 PM
نتابع مجريات القصة وإذ بيد قد امسكت بكتفي ونادى بإسمي فلان ..! فإلتفتت لأرى من يكون !! آه إنه خالد زميلي في الدراسة فهو كان أمام مقعدي في الصف الثاني المتوسط فتصافحنا بحرارة وأخذنا نتبادل الحديث سوياً ما أتى بك الى هنا فأخبرته بأني أتيت لأتقدم على وظيفة ورأيت بوجهه وكأنه متفاجئ وسألني : ألا تدرس حالياً أتركت الدراسة؟ فقلت له : نعم يا صاح فظروفي القاهرة هي من إقتادتني إلى هنا فبادرته بنفس السؤال فأومأ برأسه بلا وقال : انا لا زلت أدرس وانا في المرحلة الثانوية ولكني أتيت مع إبن خالتي الذي يكبرني سناً ليتقدم على الوظيفة وكنت أنيساً له في رحلته لا أكثر وحينها عرفت أنها فرجت في وجهي فقلت : هل معكم سيارة فقال : خالد نعم أتينا بسيارتنا ولا يوجد سواي أنا ويزيد إبن خالتي فمرحباً بك معنا فنحن عائدون متى ما فرغنا فتهلل وجهي وفرحت كثيراً وحمدت الله بأن يسر لي أمري من حيث لا أحتسب فجلسنا في الإنتظار انا وخالد ننتظر يزيد وبعد فترة وجيزة أتى يزيد وعرفني فيه خالد وعرفه بي وتصافحنا وإنطلقنا وقبل ان ننطلق توقفوا أمام مطعم لتناول الإفطار فترجلنا من السيارة وأفطرنا وكنت قد كتمت عليهم ما حدث ولايعلمون بأمري ومن ثم إستدرنا إلى وجهتنا وكلنا فرح وتفائل ونتبادل الحديث والفكاهات وما شعرت إلا ويوقظني خالد ، يا الهي لقد غططت في نوم عميق جراء تعبي دون ان اشعر فأرشدتهم إلى منزلي وأردت أن اقوم بواجب الضيافة تجاههم لقاء معروفهم ولطفهم معي لي فإعتذروا مني وقالو : نحن منهكين ونحتاج الى قسط من الراحة فسمحت لهم بالذهاب وإنصرفوا.

دخلت المنزل فوجدت امي تنتظرني ولا تعلم متى سأعود فلا أملك هاتفاً خلوياً آنذاك ففرحت حين راتني وتهلل وجهها وبادرتني : ماصنعت يا بني فقد كنت أدعوا الله طيلة فترة سفرك فعرفت حينها بأن دعائها كان سبباً في تيسير أموري فقبلت رأسها وجلست احادثها بما حصل فتارة تندهش وتارة تضحك.
ومن ثم إنصرفت الى غرفتي أفكر في ماحدث وكأنه حلم عشت واقعه المرير أحداث دارت رحاها بين أروقة الخدمة المدنية ومشقة السفر وطول الطريق وعرفت بأن فرز الأسماء يأخذ وقتاً طويلاً وايضاً عدد المتقدمين على الوظائف يفوق اضعاف اضعاف الوظائف المطروحة فكنت شبه يائس من ظهور اسمي فقررت البحث عن رزقي في بقاع الأرض فهذه وصية الله تعالى في كتابة الكريم كما قال سبحانه : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ(15) سورة الملك ..
نعم لقد ذلل الأرض لنا سبحانه لنسعى وراء رزقنا وليس الرزق يسعى لإيجادنا فلربما كتب رزقك في مدينة أو دولة أخرى ، فكنت في صراع مع أفكاري وقراراتي فعزمت على السفر مرة اخرى وقلت في نفسي : سأتابع الوظائف المطروحة في الصحف يومياً وكان جارنا قد وضع صندوقاً على بابه يخص أحد الصحف بإشتراك سنوي فذهبت إليه وقلت له : أرجوا بعد الإنتهاء من الصحيفة يومياً أن تبعثها لي لأتابع الوظائف المطروحة وكنا كعائلة واحدة تماماً فقال : حسناً ولكن أنا كثير الترحال فإذا وجدت اكثر من صحيفة في الصندوق فإعرف حينها بأني لست موجوداً فخذها مباشرة انا افوضك في هذا فشكرته وإنصرفت الى داري ، فكان فعلاً يبعث لي الصحف يومياً وكنت أتمحصها جيداً حتى وقعت عيني يوم من الأيام على عدة إعلانات لشركات كبرى في الرياض وجده فقررت الذهاب إلى الرياض ولكن هناك عقبة المادة فأنا لا أملك شيئاً ومرتب والدي المتوفى (رحمه الله) لا يكفي لنصف متطلبات المنزل وفي نفس الوقت كان يخالجني في داخلي شعور رائع بأن الأمور ستسير للأفضل إن وفقت في الذهاب فمر يومي كاملاً وانا في نزاع مع أفكاري فجائتني والدتي وقالت : يابني لقد إقترضت 500 ريال من إحدى صديقاتي خذها وامضي والله يرعاك فتسمرت مكاني وهذا ماكنت أخشاه فقلت : أماه ما فعلتي وكيف ستعيدين لها هذا المال فقالت بقلب المؤمنة الواثقة من ربها : من رزقها سيرزقني فهو الرزاق العليم إمضي بني في سبيلك لعل الله يحدث امراً !! آآآه ما أروعه من كلام فبكيت وبكيت حتى جفت دموعي وعانقت والدتي وقلت لها : بإذن الله لن اخذلك أماه فعزمت على الذهاب بعد غد حين اقوم بترتيب اموري والبحث عن وسيلة النقل المناسبة.

كيف استطاع السفر وماذا حدث معه وهو في منتصف الطريق وما فعله حين وصوله الى الرياض؟

هذا ماسأطلعكم عليه لاحقاً فإلى حينه استودعكم الله ..

النهار
20-02-2015, 09:03 PM
في انتظار بقية القصه لقد استمتعت بها الي الان ننتظر باقي القصه

وثائقي
20-02-2015, 10:18 PM
نعود لسرد مجريات القصة، يقول فقررت حينها الذهاب إلى الرياض بعدما قرأت إعلانات وظائف لشركات كبرى وكنت لا أملك حينها إلا 500 ريال إقترضتها والدتي من صديقتها وتعتبر مبلغ زهيد أمام مشواري الحافل بالمفاجآت ففكرت بطريقة أن اذهب دون ان ادفع شيئاً وليكن هذا المبلغ ليخدمني حين وصولي فأنا لم أزر الرياض أبداً ولا اعلم ما ينتظرني هناك وإنخرطت في التفكير فإهتديت إلى طريقة لربما هي الأصلح والأضمن وهي التنقل مع المسافرين إلى حين وصولي للرياض فعزمت على الإنطلاق صبيحة اليوم التالي وما أن تنفس فجر ذلك اليوم وبزغت شمسه حتى إنطلقت لمحطة وقود على الطريق السريع للمحافظة وتعتبر آخر محطة خارجها آنذاك لتكن نقطة إنطلاقي فركنت هنالك ولكن يعتريني خجل شديد وإستحياء فلم يسبق لي أن طلبت أحداً أن يقلني بسيارته أثناء السفر ولكنني كنت عازماً على المضي فقمت أرقب عن كثب السيارات التي تتوقف للتزود بالوقود أو المؤن وكنت ألتمس الذهاب للسيارات التي لا تحمل عوائل حتى يتسنى لي مرافقتهم فتوقفت أول سيارة فذهبت إليه وكان رجلً بمفرده فقلت له : هل لك أن تقلني معك إن كنت مسافراً فإعتذر مني ومضى وماهي إلا لحظات حتى توقفت سيارة أخرى وكانا شابين فذهبت إليهما وكانا مسافرين فسألتهما بأن يسمحا لي بمرافتهما فلم يمانعا في ذلك ولكنهما طلبوا مني مبلغ وقدره لقاء إيصالي فأخبرتهم بأني لا أستطيع دفع المال لحاجتي الماسة فإعتذرا وغادرا فبدأ اليأس كعادته يدب في أوصالي حتى توقف رجل مسن فذهبت إليه فوافق ولكنه قال : شريطة أن تقود أنت عوضاً عني ، يا إلهي لست متمكناً من القيادة جيداً على الطرقات السريعة ولكن لا خيار أمامي فوافقت وتزودنا بالوقود وقرأت دعاء السفر وإنطلقنا فكنت أجهل حتى مسالك هذا الطريق ولكنني أتبع إرشادات اللافتات المثبتة عليه ولحسن الحظ كان الطريق شبه خاوياً وكان الرجل المسن لا ينفك في الحديث عن أحواله وسؤالي عن أحوالي فكنت أجيب على جميع تساؤلاته حتى وصلنا إلى مبتغاه فنزلت عند أقرب محطة وقود وكانت في هجرة أو قرية صغيرة ومضى الرجل المسن في حال سبيله فبدأت رحلة البحث عن سيارة مرة اخرى ولسوء الحظ كانت السيارات لا تتوقف عند تلك المحطة وكنت قد ضعت هنا فلا أعرف الطريق ولا أعرف أين ذاهب إلى أن توقفت سيارة شحن كبيرة (تريلا) فذهبت إليه وكان من جنسية عربية وقبل أن أتحدث معه بادرني قائلاً : إصعد فتعجبت !! وأين أصعد ؟ وهل يعرف وجهتي؟ فقلت له : وأنت أين ذاهب فقال : أنت أين تريد فقلت : الرياض فقال : إصعد فصعدت وإنطلقنا وفي قرارة نفسي مستغرباً فمازال أمامي أكثر من 600 كم لأصل إلى الرياض فهل سيقلني إلى هناك؟ فقررت أن أسالة فقلت له : لماذا طلبت مني الصعود دون أن تعرف وجهتي؟ فقال : واضح أنك تبحث عن سيارة تقلك فأنت في قرية شبة نائية وكان شخص غامض غريب الأطوار وغير واضح وكان يحدق بي بين فينة وأخرى فأوجست منه خيفة وتمنيت لو لم أصعد معه فأخذ يسالني عن إسمي وتاريخ ميلادي فأخبرته لأتقي شره فسكت قليلاً وقال : هل تعلم أنت انسان محظوظ وسكت فبدأت الشكوك تساورني تجاه هذا الرجل وسرحت في أفكاري ففاجأني وقال : هل تحب ألعاب الخفة فقلت : لم أشاهدها في السابق فأنا إنسان منزوياً على نفسي فقال : حسناً أنظر إلي وكان ذو لحية كثة فقام بتمرير جانب إصبعة على لحيته كأنها شفرة حلاقة فياللعجب فقام بحلق لحيته في لحظة وبمجرد تمرير أصبعة ومن ثم نثر شعره خارجاً فإذا هو إنسان بلا لحية تماماً وكأنه قد حلقها مراراً بشفرة حادة فأحسست بقلبي يقع من مكانه فشكوكي كانت في محلها وغافلني وأنا لم أفق من دهشتي وقال ما بالك : سأعود لهيئتي كما كنت لا تقلق فأشاح بوجهه عني جانباً وزعق زعقة قوية فإلتفت إلي فإذا لحيته قد عادت كما كانت فلم أستطع مواصلة الرحلة معه وفتحت باب السيارة وقام بسحبي وقال : ماذا تفعل يا أحمق هل تود الإنتحار فقلت له : أركني وشأني وبدأت أبكي وأتوسل إليه بان لايفعل بي مكروه ولكنه أصر بأن أبقى معه وقال أنت في طريق خاوي ولا تحاول إغضابي فسكتت خوفاً منه وأستمررنا بالسير وكنت أدعو الله بأن يقيني شره فتذكرت دعاء فقلته في نفسي ثلاث وهو : (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) وما أن قلت هذا الدعاء ولم تمضي 15 دقيقة إلا ووجدت خلفي سيارة شرطة قد رأيتها في المرآة الجانبية ولاحظت أن سائق الشاحنة بدأ يسرع تدريجياً فأمرته بالتوقف فلم يفعل وخفت أن سيارة الشرطة تتجاوزنا فحاولت فتح الباب فلم أستطع ففتحت النافذة وحاول منعي ولكن السيارة بدأت تتهادى يميناً وشمالاً وخرجت من النافذة وأومأت له فعرف أن هنالك أمراً ما فقام بالضغط على المنبه طالباً من صاحب الشاحنة التوقف فتجاهل ذلك صاحب الشاحنة فقامت سيارة الدورية الأمنية بتجاوزة وشهر رجل الأمن بجانب السائق مسدسه ليتوقف فإنصاع لذلك وقاموا بالتوقف أمامه مباشرة ونزلوا مسرعين فنزل يحلف بأنه لم يفعل شيئاً وأنني حاولت سرقة الأموال منه ولم إستطع فتح الباب فنزلت من باب السائق وأخربتهم بما حدث وأنه مشعوذ فقيدوه في الأصفاد وقاموا بالتبليغ عنه في الجهاز اللاسلكي وإصطحوبنا معاً في سيارة الدورية إلى شرطة حفر الباطن وحرروا محضراً بالواقعة وقاموا بأخذ أقوالي وتفهموا وضعي وطلبت من أحد العسكر أن يقلني إلى محطة وقود يقصدها المسافرون ففعل وعرض علي مالاً فرفضته وكان لطيفاً جداً حينها قررت أن أبحث عن سيارات نقل خصوصي وليست سيارات شحن فلازال الموقف مؤثراً وقلبي يرجف من هوله فوجدت شاباً بنفس عمري تقريباً آنذاك وكان متجهاً إلى محافظة المجمعة فذهبت معه وكان لطيفاً جداً وإنسجمنا مع بعضنا تماماً وكأننا نعرف بعض منذ سنوات فسردت له ماحدث معي فتعجب وبدأ يشعر في الخوف وهذا كان بسبب صغر سننا فلم نتجاوز العشرين سنة فقطعنا مسافة 200 كم تقريباً فتجاوزتنا سيارة ألتيما فيها ثلاثة شباب على ما أعتقد وتسير بسرعة جنونية وكان صوت الأغاني صاخباً يزلزل ماحوله فتوارت عن أنظارنا بلمح البصر وظللنا في طريقنا وما أن قطعنا بضعة كيلو مترات حتى رأينا سحابة ترابية مصدرها من الأرض فإقتربنا وكانت الفاجعة !! إنها سيارة الألتيما التي تجاوزتنا منذ 10 دقائق قد انقلبت وتدحرجت عدة مرات وقذفتها السرعة بعيداً عن الطريق فترددنا في التوقف فقال السائق : ما رأيك ان نتوقف فلعلنا ساعدنا أحدهم فذهبنا ونحن خائفين فكلانا يرى حادث في الطريق لأول مرة وكانت السيارة قد ركنت على جانبها الأيسر وكنا نرى طرف أرجل بجانب السيارة فقررنا سحبه خشية أن تنقلب عليه السيارة فلما إقتربنا رأينا منظر لازلت أعاني منه وأراه في منامي حتى الآن فقد رأينا رجلاً ممداً قد إنفصل راسه عن جسده فأصابتنا هستيريا ولم نستطع التحرك فاخذنا نبحث الخطى حتى وصلنا إلى السيارة وركبنا فيها وكانت لدى السائق طاقة للإنطلاق نتيجة تدفق هرمون الأدرينالين في جسمه وقبل أن يجف الدم في عروقه حتى إبتعدنا قرابة 2 كم فتوقف السائق وأخذ يتنهد ويلتقط أنفاسه وكاد أن يغمى عليه وانا شعرت مثله تماماً وظللنا هكذا قرابة نصف ساعة حتى إستعدنا حيويتنا ونشاطنا وإنطلقنا حتى وصلنا محطة وقود فوجدنا رجل أمن بسيارة مدنية فأخبرناه بمكان الحادث وأنا لانعلم عن أحوال البقية من هم بداخل السيارة أأحياء أم أموات فشكرنا وقام بإبلاغ الجهات المختصة فاكملنا مسيرنا حتى وصلنا إلى المجمعة فأقسم الشاب بأن أكون ضيفه اليوم فأخذني إلى منزله وقام بواجب الضيافة وبتت بمنزله تلك الليلة وعزم ان يوصلني في اليوم التالي إلى سائق أجره بنفس حيهم يذهب إلى الرياض بشكل دوري شبة يومي .

سنكمل فيما بعد رحلته إلى الرياض وما حدث معه من أحداث رهيبة فإلى حينه استودعكم الله ..

المبرمج صلاح
21-02-2015, 12:24 AM
ما زلت متابع الى الان ومنتظر باقي القصة

وثائقي
21-02-2015, 09:19 AM
في انتظار بقية القصه لقد استمتعت بها الي الان ننتظر باقي القصه

إن شاء الله ستكتمل عما قريب أخي الفاضل النهار يسرني توقفك هاهنا ..

وثائقي
21-02-2015, 09:30 AM
نكمل حكاية صاحبنا .. يقول : بعد أن بتت بمنزل الشاب الذي أوصلني من حفر الباطن إلى المجمعة وفي صباح اليوم التالي وبعد ان تناولنا طعام الإفطار إنطلق بي إلى سائق أجرة في حيهم وكان يعد العدة كعادته للسفر إلى الرياض مع بعض الركاب وكان من المقرر ان ينطلق الساعة الحادية عشر صباحاً فتوقف صاحبي عنده وأخبره بأني ضيفه فرحب بي ودون أن أدري فقد إتفق معه الشاب بأن لا يأخذ مني أجرة لقاء إيصالي إلى الرياض فوافق وإنطلقنا ورفض اخذ المال مني وكانت رحلة يسيرة الحمد لله حتى وصلنا إلى محطة وقود تبعد قرابة 120 كم عن الرياض وكانت أمامها نقطة تفتيش تتحقق من هويات السائقين فعرفت أن هنالك خطب ما وعندما وصلنا سألونا عن وجهتنا ومن أين أتينا وأخبرونا أنهم من يوم أمس يبحثون عن سيارة شاحنة كبيرة تسببت في مقتل ثلاثة شباب وكانت سبباً في إنحراف سيارتهم على الطريق فقلت مباشرة لرجل الأمن : هل تقصد سيارة ألتيما أعتقد من طراز التسعينات ؟؟ فإندهش العساكر وحدقوا بي وأمروني بالنزول لإستجوابي وأمروا صاحب الأجرة بأن يغادر فصعقت وقلت في نفسي : يا الهي لقد أوقعت نفسي في مأزق كبير وقمت أسأل رجال الأمن مالخطب وأخذت أشرح لهم قصتي فقالوا وفر حديثك حتى نصل إلى مركز شرطة حفر الباطن !!! فقلت : ولما يجب أن أعود إلى حفر الباطن لما لا يتم إستجوابي في المجمعة فقالوا : إن الواقعة حدثت في الحدود التابعة لشرطة حفر الباطن فأصبت في خيبة أمل وعدت أدراجي من الطريق الذي سلكته وأثناء العودة رأيت سيارة الألتيما تحرسها دورية للشرطة بالقرب منها ..

وصلنا إلى حفر الباطن وذهبنا إلى مركز الشرطة وكان نفس مركز الشرطة الذي أبلغت فيه عن سائق الشاحنة المشعوذ وما أن دخلنا حتى كانت المفاجأة !! إنه نفس المحقق الذي إستجوبني في قضيتي السابقة مع المشعوذ وعرفني حينما رآني وتعجب ما الذي جاء بي هنا ثانية وقال : أأنت ثانية ؟؟ فرأيت العساكر من حولي متعجبين يلتفتون إلى بعضهم وأحسست أنهم يقولوا في أنفسهم : لقد امسكنا بشخص يخفي الكثير .. وعرف ماحدث بالتفصيل وقال : هيا أخبرني ما رأيت فتحدثت وأخبرته بأننا نحن من قام بالإبلاغ عن الحادث وأن الموقف لايزال مؤثراً بي وتفهموا الموضوع ومن ثم سألوني هل رأيت صاحب شاحنة كبيرة يقود بتهور قبيل وقوع الحادث فلم أتذكر لأننا كنا منخرطين في الحديث وسألوني عن إسم السائق الذي اقلني فأخبرتهم بأني لا أعرفه إنما قام بإيصالي فحسب ووقعت على اقراري في مركز الشرطة وبما رأيته وأمروني بالإنصراف مجدداً وأنا محبط ومتألم ومتعب من السفر وكيف استطيع العودة إلى الرياض وفي نفس الوقت افكر في العودة إلى والدتي التي تنتظرني ولا تعرف بما حل بي فلم أجد أحد يقلني إلى أي مكان فقمت بالسير واسأل عن محطة الحافلات فعرفت حينها بأنها تقع بعيداً عني وكنت مرهقاً جداً وأردت ان أرتاح فذهبت إلى مسجد وكانت قد اقترتب صلاة المغرب فجلست في إحدى زوايا المسجد وما إن تمددت حتى ذهبت في غفوة عميقة جراء تعبي فرأيت والدتي في المنام تقول لي : عد يابني عد أرجوك ففقت من غفوتي فزعاً مهوولاً وتوضأت وقررت الإتصال بوالدتي بعد الصلاة مباشرة وما إن إنتهت الصلاة حتى قمت بالبحث عن كابينة إتصال فعثرت عليها بعد عناء وتعب وقمت بالإتصال : فلم يجب احد في المنزل وإتصلت مراراً ولكن لا احد يرد على الهاتف يا إلهي ماذا حدث فإنطلقت فزعاً أبحث عن محطة الحافلات وقمت أومئ للسيارات حتى توقف شاب وعرف من تقاسيم وجهي بأني إلى أمس الحاجة إلى الذهاب فأقلني الى محطة الحافلات وقمت بالحجز مباشرة واخبروني أن حافلتي آخر حافلة مصطفة مع الحافلات فركبت في الحافلة وكانت شبة خاوية وإتكات في المقعد الخلفي فدخل السائق وامر الركاب الذين لم يتجاوزوا الخمس ركاب بأن يرفع كل منهم تذكرته الى الإعلى ففعلنا فركب وإنطلق دون أن يفحصها وكأنه إجراء روتيني لديه للتأكد فقط بأننا نملك تذاكر وما إن إنطلقت الحافلة حتى إستلقيت في المقاعد الخلفية وغططت في نوم عميق ولم أفق إلا بعد ساعات حين توقف سائق الحافلة للتزود بالوقود فكانت المفاجأة !! إنها نفس المحطة التي إستوقفونا فيها رجال الأمن والتي تبعد عن الرياض 120 كم فعرفت حينها بأني صعدت الحافلة الخطأ وأني متجه إلى الرياض فإحترت ماذا أفعل أخشى أن أتعرض لمشاكل إن اكتشفوا أمري فقررت السكوت ومواصلة السير ..

فهل عاد صاحبنا إلى الرياض أم غير وجهته ؟؟ وهل إستطاع مهاتفة والدته أم لا ؟؟

هذا ما ستعرفونه لاحقاً ..

المبرمج صلاح
21-02-2015, 02:59 PM
ما زلت متابع ونتنظر البقية

وثائقي
21-02-2015, 03:14 PM
نكمل يقول صاحبنا : أفقت فإذا أنا قد عدت أدراجي إلى الرياض دون علمي حيث إستقليت الحافلة الخطأ وفوضت أمري إلى الله ولم أشأ أن أفتعل المشاكل وكان همي الأول هو الإتصال بوالدتي والإطمئنان عليها بعد ذلك الحلم المفزع وكانت الحافلة قد توقفت في محطة وقود تبعد 120 كم عن الرياض فترجلت من الحافلة لعلي أجد هاتف لأهاتف والدتي وتوجهت إلى تموينات وسألته عن هاتف فيه مفتاح (0) لأستطيع الإتصال فاجاب بنعم وكان قد يسمح للمسافرين بالإتصال بهاتف المحل مقابل أجرة فسارعت للإتصال ولكن شخص عربي وافد كان يستخدم الهاتف وإنتظرته آملاً أن يفرغ بسرعة وفي هذه الأثناء كانت الحافلة تستعد للإنطلاق وكان السائق يضغط على المنبة لتنبيه المسافرين ليتسارعوا في الصعود إلى الحافلة وكان الوافد العربي يتكلم بلهجة غاضبة ويلغط في كلامه ويصرخ بأعلى صوته وكأن هنالك خطب ما بينه وبين من يهاتفه وأنا في قرارة نفسي اقول : أرجوك أغلق بسرعة أغلق بسرعة وإستمر قرابة 10 دقائق حتى أغلق الخط فتناولت الهاتف مباشرة وإتصلت مسرعاً فردت والدتي !! فبادرتها أماه كيف هي احوالك وهل حدث لك مكروه فصمتت قليلاً وقال : لا يابني لا يوجد ما يدعوا للقلق وأحسست في نفسي أن هناك شيء تخفيه والدتي فأنا غير مطمئن البتة فاخبرتها بأني على ما يرام وأني على مشارف الرياض ولم أشأ أن أخبرها بما مررت فيه فتعجبت وقالت : إلى الآن لم تصل الرياض؟ فتعذرت وأرجعت السبب بمواعيد الحافلات وما إلى هنالك من الأعذار فلا أريد ان أفزعها وحينها ودعت والدتي لإنطلق قبل مغادرة الحافلة ولحسن الحظ كانت الحافلة بإنتظاري فعرفوا أن هناك نقص في الركاب وصعدت فوبخني السائق بسبب تعطيلي لهم وإنطلقنا لنكمل رحلتنا إلى الرياض وذهلت حين دخولي لها فكانت مدينة كبيرة مكتظة بالسكان وبالمواصلات وكنت ألتفت يمنة ويسرة مندهشاً بما أرى حتى حطت الحافلة بالمحطة الخاصة بها والمعروفة بإسم (سابتكو) فترجلت من الحافلة وفور ترجلي أحاط بي سائقي الأجرة فأحدهم يجذبني والآخر يمسك بمرفقي وكنت أحاول الخلاص منهم فصرخت إبتعدوا عني لا أريد شيئاً وإبتعدت عنهم حتى غادر الركاب وأصبح المكان شبه خاوياً فجلست على أحد الأرصفة أستجمع أفكاري وما سأفعل فإستوقفت سيارة أجرة وكان سائقاً أفغانياً فطلبت منه أن يقلني لأقرب فندق للسكن فركبت معه وقام بتشغيل العداد وكان محتالاً وعرف أني أزور الرياض لأول مرة فقام يسلك طرق بعيدة وأنا لا أعرف أين وجهتي ولكنني كنت أنتبه للأماكن والإرشادات وبعد قرابة 40 دقيقة إذ بي أعود لنفس الطريق الذي سلكناه ذهاباً ونظرت إلى العداد وكان قد سجل أكثر من 80 ريال فوقع في نفسي بأنه إستغلالني فدخلت في خصام معه وتشاجرنا ورفضت إعطاءه المبلغ كاملاً فدفعت له عشرون ريالاً ونزلت مسرعاً فنزل أيضاً وفي غفلة مني لكمني على رأسي وفي عنقي فوقعت شبه مغشياً وكنت اهذي ولا أعي بما حولي وشاهدته يغادر مسرعاً بعدها لا أذكر شيئاً إنما أفقت وأنا في سيارة ولا أعلم من هو فوقعت مرة اخرى مغشياً علي ولم أفق بعدها إلا في المستشفى وشاهدت أنبوباً موصل في يدي وارتدي قناع الأكسجين وكنت أحس بأن رأسي ثقيل وكان هذا من أثر تلك الضربة فقد ضربني بكل قوته وكان قوي البنية ضخم المنكبين وماهي إلا دقائق حتى أتاني رجل أمن ليستجوبني عن الحادثة فرويت له ماحدث بالتفصيل وسجل إعترافي وودعني ومضى فبدأت أسترد وعيي وقوتي وكان إلى جانبي رجل مسن وكان يسعل كثيراً ولا ينفك عن التمخط والبصاق وكان موصولاً فيه انبوباً لمساعدته على قضاء حاجته فأشفقت عليه وبدأت أهتم به فقد مكثت أربعة أيام في المستشفى حتى تعافيت تماماً من جراء الضربات والكدمات المؤلمة وكان المسن أحياناً يقوم بالصياح والبكاء منتصف الليل وكنت أهدئه وكنت متعجباً ففي فترة بقائي في المستشفى لم يأتي احد لزيارته وكنت أقوم بتنظيفه احياناً حين يغيب طاقم الأطباء وأراه يتمتم بكلمات لا أفهمها ويرفع يديه وكأنه في وضعية الدعاء ولا أعلم أكان يدعوا على أبناءه الذين أهملوه او يدعوا لي وفي نفس اليوم كان رجل آخر قد قام بتنويم إبنه في نفس غرفتي وكان يشاهدني وأنا اعتني بهذا الرجل المسن ويعتقد أنه والدي فجاء في اليوم التالي وسلم علي وشكرني ودعى الله لي بأن يوفقني جراء إهتمامي به وفي نهاية حديثة قال : يا بني أوصيك بوالدك لا تتركه فقلت له : ولكنه ليس والدي ولا أعرفه ووالدي قد توفي منذ فترة وجيزة فإندهش من كلامي وقال : إذاّ مالذي حملك على فعل ذلك ؟ فأخبرته بقصتي كاملة وأني جئت للرياض للتو أبحث عن عمل ولم يسبق لي زيارتها فاراه يزداد إندهاشاً وإعجاباً بي وفي نهاية المطاف قال : وماذا ستفعل الآن ؟ هل ستبقى هنا بجوار الرجل المسن ؟ فقلت له : أود ذلك ولكن من المقرر إخراجي غداً من المستشفى إلا أن يسمحوا لي بأن أكون مرافقاً له فلا أمانع فقد أشفقت على هذا المسن فقال الرجل : إسمع يا فتى أنا أعرف أحد الأطباء هنا وسأحدثه عن هذا الموضوع فشكرته وقلت : سأكون ممتن لك وذهب من فوره وتحدث من الطبيب فوافق على الفور بل فرح بذلك ورحب بالفكرة وجاء وشكرني ومن ثم قال هذا الرجل وكان إسمه عبد المجيد : يا بني أود أن أسدي لك معروفاً وارجوك أن تقبله فقلت : وما هو ؟
فقال : أنا صاحب مكتب عقار مشهور في الرياض وينقصني موظف وأحتاج شخص مثلك فلا أجد بصدقك وأمانتك فتسمرت مكاني ولم أستطع الحديث وقلت في نفسي : رباه أحق ما يحدث أم خيال ؟ فترددت في إتخاذ قراري فقال إسمع تعمل عندي فترة الصباح حتى الساعة الثانية عشر ظهراً ومن ثم تعود لمرافقة الرجل المسن في المستشفى وسأعطيك مرتب بقدر 1300 ريال وإن عملت لفترتين للفترة المسائية أيضاً من الساعة الرابعة وحتى الثامنة سأضاعف لك المبلغ وسيصبح مرتبك 2600 ريال وكل عقار تستطيع بيعه أو تسعى في إتمام صفقته فلك نسبة وعلى جهدك يزداد دخلك !! فوقعت في بحر من الأفكار وداهمتني مخاوف وترددات في نفس الوقت ولا أعلم كيف سينتهي ذلك الأمر ..

فهل قبل صاحبنا في العمل أم إعتذر وما كان مصير الرجل المسن في المستشفى؟؟

هذا ما سأرويه لكم فيما بعد فإلى حينه أستودعكم الله ..

وثائقي
21-02-2015, 04:24 PM
نعود إليكم ،، يقول صاحبنا فتسمرت مكاني ولم أستطع أن أبوح بكلمة واحدة ثم رأيت أن الأمور ترتقي إيجابياً لصالحي فهذا عرض جيد ولكن يحتاج الأمر إلى تروٍ وتفكير عميق وبينما كانت تتقاذفني الأفكار قال لي صاحب العقار : فكر ملياً بالأمر وأعطني قرارك يوم غد حين أقدم لزيارة إبني فقلت له : حسناً نعم الرأي وما إن إنصرف حتى بادرت بالإتصال على والدتي وأخبرتها بما حصل بالتفصيل فقالت لي : إقبل العمل العمل يابني فلعلها فاتحة خير لك فهذا رزق ساقه الله إليك حتى تجد عمل أفضل عليك بالصبر أنظر إلى والدك رحمه الله مات وهو بكفاح مع العمل والتعب إلى آخر يوم في حياته ولكنه إستطاع أن يلم شملنا حتى في أصعب الضروف وليكن هو قدوتك ولتكن أنت إبنه المخلص له ولنا فالمؤمن مبتلى ولعلك إستطعت وستتزوج وتلمم أسرتك كما فعل هو بإذن الله !!! يا الله استمع وانا مندهش ومتعجب ولا أخفيكم بأن هذه المكالمة هي التي أعادت بل زرعت الثقة في نفسي حتى يومنا هذا بنصيحة والدتي أمدها الله بالعمر وأتم عليها الصحة والعافية وظللت أهتم بأمر الرجل المسن وأنتظر بزوغ شمس اليوم التالي بأسرع وقت حتى جاءت فترة الزيارة وإذ بالرجل يدخل مبتسماً وفي يده طبقاً من الحلوى فبادرني قائلاً : هل فكرت جيداً وما هو قرارك ؟ فقلت : نعم ياصاح لقد فكرت وها أنا أقبل التحدي للعمل فترتين واياً كان فهذا رزق من الله تعالى ولا يمكن رده فتجهم وجهه وتبسم وقال : اذاً في يوم غد سأصطحبك صباحاً إلى المكتب فقلت : وهو ذلك فغرقت تلك الليلة ببحر من الأفكار تارة والتحمس تارة أخرى وقلت في قرارة نفسي : اعمل فترتين وعند نهاية العمل اعود للمستشفى أطمئن على صحة الرجل المسن ومن ثم أنام لأعود للعمل يوم غد ورأيت أن الأمر في غاية السهولة وفي صباح اليوم التالي وبعد ان تناولت الإفطار وإذ بهاتف الغرفة يرن فرفعته فإذا هو صاحب العقار يقول : أنا انتظرك في الأسفل فاستبدلت ملابسي وإنطلقت مسرعاً وصعدت معه ومضينا إلى المكتب والذي كان يبعد عن المستشفى تقريباً 10 دقائق وأطلعني على سير العمل وطريقة إستقبال المكالمات وعمل العلاقات مع اصحاب العقار والتجار وكنت أحد المسوقين العقاريين في ذلك المكتب وسبحان الله في أول يوم عمل لي تم بيع قطعة أرض في المكتب وتمت إجراءات الإفراغ والإستلام والتسليم عن طريقي حيث كان زميلي الموظف الآخر غير موجود في المكتب آنذاك وأخبرتهم بأني سأتصل بهم في حال إنتهاء إجراءات نقل الملكية وقدم صاحب المكتب في آخر صفقة البيع وكان مندهشاً وفرحاً في نفس الوقت وبعدما إنصرفوا قال مازحاً : ماشاء الله في أول يوم عمل لك فعلت هكذا إذا ماستفعل مستقبلاً اتوقع بأن أصبح انا أعمل عندك فضحكنا وتناولنا القهوة سوياً وفي اليوم التالي ذهب صاحب المكتب وأنهى إجراءات نقل الملكية وكافأني على ذلك نظير إجتهادي بمبلغ 400 ريال وكان أول مبلغ اتقاضاه من نسبة السعي وعندما إنتهى عملي ذهبت لأتفقد حال الرجل المسن وكان هنالك سائق خاص في المكتب مهمته إيصال الزبائن للوقوف على الأراضي على الطبيعة عند رغبة الشراء فقام بإيصالي إلى المستشفى ونحن في الطريق تبادلنا أطراف الحديث فقال : كم بلغت مكافأتك ؟ فقلت ك 400 ريال فإنفجر ضاحكاً وقال : لا تكون مغفلاً فأنت تستحق اكثر هل تعلم أن قيمة الأرض اكثر من نصف مليون ريال ؟ فقلت : حتى ولو كان أكثر فليس انا من عثر على الزبائن إنما هم جائوا بطوعهم فقال : هذا ما أود إيصاله إليك من المفترض ان تقول أنت من أحضرهم إلى المكتب للإفراغ فقلت له : هذا كذب ولا يجوز ويتعارض مع مبادئي ثم اني جديد لم أكون علاقات بعد ولا أود الخوض في تلك الأمور أرجوك ، فرمقني بنظرة فيها تعجب وغضب في نفس الوقت ولم ينطق بكلمة حتى توقف عند المستشفى فنزلت وتفقدت أحوال الرجل المسن فوجدته يصرخ وطاقم التمريض حوله واول مارآني سكت وكأنه كان قد إفتقدني وظللت على هذا الحال قرابة شهرين وكنت أجني الأموال من عمليات البيع والشراء وأصبحت ذو خبرة في هذا المجال وكنت أقوم بإرسال نصف ما أملك إلى والدتي وكانت : تفرح وتدعوا الله لي بالبركة والسعة في الرزق وقمت بإيداع مبالغ التذاكر على حساب شركة النقل (سابتكو) التي لم أدفعها في أحد رحلاتي عن طريقهم وكنت في بعض الأحيان أكون متفرغاً في فترة العصر وأنا في المكتب فأجلس خارجاً أشم الهواء وأراقب حركة السير وكنت بإستمرار أرى بائع خضار يركن على رصيف قريب من المكتب وفي أحد الأيام رأيته يغادر وقد ترك صندوق خضار على الأرض فخلته فارغاً ولكن بعد أيام لاحظت هذا الشيء يتكرر ويضع صندوق خضار قبل أن يغادر وبما أني دقيق الملاحظة قررت ان أتفحص الصندوق وكانت المفاجأة !! لقد كان صندوقاً يحوي خضار مشكلة طازجة وبحالة ممتازة فتعجبت لذلك وقررت ان أعرف السبب ..

ماقصة بائع الخضار ولما يترك صندوقاً مليء بالخضار قبل ان يغادر ؟

هذا ما ستعرفونه لاحقاً فإلى حينه استودعكم الله ..

وثائقي
21-02-2015, 10:26 PM
عدنا إليكم لنكمل مجريات القصة وكنا قد توقفنا عند قصة بائع الخضار فكان كل فترة يترك صندوقاً مليئاً بالخضار ومن ثم يغادر فقررت أن أراقب عن كثب ما يحدث فظللت أخرج بين فينة وأخرى من المكتب أتطلع لعلي أرى شيئاً حتى يؤذن المغرب فأذهب لأصلي وعندما أخرج لا أجد الصندوق وأحياناً يبقى مكانه حتى يؤذن العشاء فكانت نهاية فترة عملي المسائية عند آذان العشاء ولا نفتتح المكتب بعد الصلاة إلا نادراً وعند الضرورة وفي يوم من الأيام بعد صلاة المغرب كالعادة جلست خارج المكتب أستأنس بوقتي وقد فرغت للتو مهاتفة والدتي وكنت مشتاقاً لها فنظرت فإذا صندوق الخضار لايزال في مكانه فقلت : هذا جيد لم يختفي بعد وفي هذه الفترة توقف أحد الزبائن وطلب مني مخططات لبعض أحياء الرياض وسألني عن العروض الموجودة وما إلى هنالك وظل قرابة 10 دقائق ثم إنصرف فخرجت ونظرت فإذا الصندوق قد إختفى فأشططت غضباً كيف يحصل هذا وأين إختفى ومن أخذه وكنت في تلك الفترة وحدي من يبقى غالباً في الفترة المسائية فزميلي السابق قد إلتحق بالخدمة العسكرية فقررت حينها أنا أعرف القصة من بائع الخضار نفسه ولكنني محرجاً في نفس الوقت كيف سأسألة وكيف ستكون ردة فعله ؟ فقررت الإقتراب منه قدر الإمكان وإستدراجه وفي عصر اليوم التالي رأيته قد ركن سيارته فذهبت إليه موهماً إياه بأني أرغب في الشراء منه فتوددت إليه وكان شخصاً مرحاً جداً واخذنا نتبادل أطراف الحديث وكنت أختلس النظر على غفلة منه وأنظر إلى صندوق سيارته المحملة بالخضار فوجدت عدة صناديق مشابهة لما رأيته سابقاً وكنت أعرف شكلة جيداً فقد كان مغلقاً بطريقة معينة ولم أستطع أن أسأله فقمت بدعوته لتناول القهوة والشاي معي في المكتب القريب من مكانه فأنا لا أستطيع أن أترك المكتب فارغاً فوعدني بأنه سيزورني في أقرب وقت وعدت إلى المكتب وقبل غروب الشمس تفاجأت ببائع الخضار دخل علي في المكتب مبتسماً فقمت وسلمت عليه وجلسنا نحتسي القهوة والشاي ونتبادل الأحاديث حتى إقتربت الصلاة فودعني ومضى فإنتظرته حتى غادر بسيارته ورأيت فإذا هو قد ترك صندوق الخضار كعادته فتملكني حماس وشعور رهيب بأن أعرف السبب الذي لأجله بنيت علاقة مع هذا البائع اللطيف وبينما أنا منخرط في التفكير إهتديت إلى طريقة قد تكون مجدية وأجعله يبتلع الطعم ويخبرني بالسبب ومر يومان دون أن يحضر البائع وفي اليوم التالي خرجت فوجدته قد ركن السيارة كعادته وهنالك حشد ليس بالكثير من الزبائن حوله وانتظرت حتى فرغ منهم فقمت بالصفير لينتبه إلي لأنه لا يستطيع سماعي جيداً فنظر إلي فأومأت له بأن ياتي لإحتساء القهوة ففهم علي وأشار بيده بأنه سيأتي وقبيل الصلاة بنصف ساعة تقريباً جاء وطلب ماءً بارداً فأعطيته وتركته حتى تناول القهوة والشاي وإرتاح قليلاً ففاجأته وقلت له : إنك قبيل امس ذهبت ونسيت أحد صناديق الخضار وكنت أود الاحتفاظ به لحين عودتك في الغد ولكنني بعد الصلاة لم أعثر عليه فنظر إلي بوجه شاحب كسير ولكنه بقى صامتاً ولم يتكلم فعرفت أنه إبتلع الطعم وإذا بعيناه وقد ذرفت الدموع فبادرته مابالك ياصاح ؟ وظللت ألحح عليه وعرضت عليه المساعدة إن شاء فقال : سأخبرك بسر إحتفظت فيه لنفسي ولم أطلعه على أحد .
فقلت له : أنا أستمع فقال : في السابق كنت أعمل أنا وشقيقي الأكبر المتوفى (رحمة الله) في مجال بيع الخضار وكنا نغش الزبائن ونزيد في الأسعار وظللنا قرابة 5 سنوات هكذا وكان شقيقي هو من يعلمني ذلك حتى توفاه الله منذ سنة تقريباً بمرض خطير أصابة في كبده وبعد وفاته بثلاثة أيام تقريباً رأيته في المنام يبكي ويهز أصابعة ويده وكأنه يتويل وكنت أسأله مابالك ولا يجيب وتكرر معي هذا الحلم أكثر من 5 مرات حتى نطق في اليوم السادس وقال : أعد الأموال لأصحابها وكنت اسأله في المنام أية أموال؟ فأشار بيده فإلتفت فإذ بجموع من الناس يحملون صناديق خضار قد إبتاعوها مننا فقمت فزعاً من نومي أرتجف ولم أهدأ حتى توضيت وصليت وقرأت القرآن فقررت حينها ان أجعل في كل يوم نصيباً للفقراء من هذه الخضار أحتسبها لأخي لعل الله يكفر بها خطيئته فبحثت عن الفقراء في هذا الحي وقررت أن أجعل لهم صندوقاً من الخضار في مكان قد إتفقنا عليه وما رأيته هو واحد من تلك الصناديق فأنا أقوم بتعبة 7 صناديق وأحيان تصل إلى 10 صناديق وأجعلها صدقة لأخي وما إنفك يتنهد ويمسح دموعه وتأثرت بما سمعت فأخذت اهدئه وأخبرته بأنه على خير كونه تاب توبة نصوحا وأن التوبة تجب ما قبلها وأصبحنا مقربين جداً وعندما دنى وقت الصلاة إستأذن وتصافحنا ومضى فأغلقت المكتب وتوجهت إلى المسجد وكان قريباً جداً من المكتب ولم يحضر المؤذن في ذلك اليوم فقررت أن أؤذن عوضاً عنه وما أن جاء الوقت حتى صدحت بالآذان وكنت هادئاً جداً في آذاني وأمتلك نفساً طويلاً ولله الحمد فتجمع المصلين وكانوا يطالعوني بنظرات غريبة فتعجبت فأنا أصلي المغرب والعشاء يومياً في هذا المسجد وأصبح وجهي مألوفاً لديهم حتى فرغنا من الصلاة فأمسكني أحد جماعة المسجد وقال : هل أنت من أذن اليوم ؟ فقلت : نعم ولم تسأل ؟ فتبسم وقال : هل تعلم أن الجيران قد خرجوا من بيوتهم وجلسوا على العتب ليستمعوا إلى الآذان لقد كان صوتك شجياً فأصبت بالخجل وأعتقد أنه من أكثر المواقف المحرجة التي مرت علي وقلت : كيف ذلك فأنا لم أعلم يوماً بأني أمتلك حنجرة ذهبية فدعاني إلى منزله فإعتذرت لإنشغالي وذهبت إلى المستشفى ولم أجد الرجل المسن في السرير فبدأت أسأل عنه وعلمت أنه في العناية الفائقة قد اصابته نوبة قلبية حادة وظللت أنتظر حتى خرج إلي أحد الأطباء وقال بلهجة حزينة : البقاء لله وحده فصعقت لما سمعت لقد أحببت ذلك المسن وأعتدت عليه فهو بمثابة والدي وجلست أمام غرفة العناية الفائقة حزيناً وكان الناس يطالعوني معتقدين بأنه والدي وبعد ساعتين قررت أن أغادر المشفى نهائياً فلم تعد تربطني فيه أي صلة وقبل أن أغادر شاهدت رجل قادم إلى غرفة العناية الفائقة وكان متأثراً ويبدوا عليه علامات الثراء والجاه وكان أغلب مسؤولي المشفى بصحبته يحاولون تهدأته .

من ذلك الرجل وهل لتأثرة علاقة بوفاة الرجل المسن ؟؟

هذا ما سأرويه لكم فيما بعد فإلى حينه أستودعكم الله وتصبحون على خير ..

JN000N
21-02-2015, 11:26 PM
في انتظار التكمله اشتطيت مع القصه

R 7 A L
22-02-2015, 11:35 AM
وينك اخوي وثائقي
كمل كمل

وثائقي
22-02-2015, 04:23 PM
في انتظار التكمله اشتطيت مع القصه

إن شاء الله اختي الفاضلة سررت بمتابعتك ..
وديـ ..


وينك اخوي وثائقي
كمل كمل

اخي العزيز r 7 a l توقفك هاهنا يعني لي الكثير والكثير شاكر لك تفضلك وسأقوم بمتابعة سرد القصة بعد قليل إن شاء الله..

إنحنائيـ ..

وثائقي
22-02-2015, 04:27 PM
نعود لنكمل الفصل الأخير من القصة فقد رغبت بإتمامها حتى لا تشعروا بالملل لذا سأستغني عن بعض الأحداث غير المهمة وأكتفي بقصة إلتحاقة بوظيفة حكومية وكنا قد توقفنا عند ذاك الرجل حسن المظهر والملبس حين كان في طريقة إلى غرفة العناية الفائقة وكان متأثراً جداً يقول صاحبنا فكنت متحمساً لأعرف من ذلك الرجل وهل تربطة علاقة في هذا الرجل المسن وتصادف قدومه بان أخرجوا الرجل المسن المتوفى (رحمه الله) فإستوقفهم وكشف عن غطاءه وقبله على جبينه وأحتضنة وأجهش بالبكاء بكاءً مراً فيه حرقة بكاء تقعشر من الأبدان وتتفطر له القلوب وكان الجميع متأثرين ببكاءه حتى أن بعضهم ذرفت عيناه الدموع من هول ما رأى إلا أنا فقد كنت متعجباً ومندهشاً حينها واقول في قرارة نفسي : غريب أين هو عن ذاك العجوز حين كان يرقد في المشفى لم يزره زيارة قط ولم يأتي إلا حين وفاته أفي هذه اللحظة أحس بالذنب وتأنيب الضمير أم أنه رياءً أمام الناس كنت احدث نفسي هكذا وما إنفك يقول ياليتني رأيته قبل أن يموت ياليتني رأيته وفي غفلة من الناس ودون شعوري صرخت وقلت له : اين أنت من ذلك المسن حين كان يرقد في المشفى أين أنت منذ ثلاثة أشهر لا أحد يطعمه ولا يسقيه ولا ينظفه ولا يهتم فيه سواي وطاقم المستشفى اين بر الأبناء أين مخافة الله لقد رأيته مراراً يرفع يديه ويدعوا وستصيبكم دعواته في ليل حالك الظلام وهو ينظر إلي مشدوهاً ومتعجباً وأثناء كلامي سقط مغشياً عليه فرفعوه ووضعوه في السرير لعمل إنعاش له فخفت حينها وفكرت بأنه وبسبب كلامي قد أتسبب في موته فخرحت مسرعاً من المشفى فمهمتي إنتهت وذهبت إلى مسكني فقد أصبحت حينها مؤذناً في المسجد القريب من مكان عملي ووهبوني مسكن المؤذن وكان سكناً جيداً ولكنني أراه كثيراً علي ففكرت بأن أحضر والدتي هنا فقد أصبح لي منزلاً متواضعاً فهاتفت والدتي في اليوم التالي وعرضت عليها الأمر فكانت مترددة ولكن في نهاية الأمر وافقت وقررت أن تأتي فساعدني صاحب المكتب بحجز التذاكر وقدمت والدتي إلى الرياض وعانقتها في المطار وكان شعوراً رائعاً ولأول مرة تنزل مني دموع الفرح فقد إعتدت على دموع الحزن وإستمريت بالعمل في المكتب وبيع العقارات وكنت أراقب إعلانات الوظائف وأذهب للتقديم في أي مكان تطرح فيه وظائف حتى طرحت وظائف على بند الأجور في إحدى الوزارات فذهبت للتقدم ونظرت فإذا الوزارة مكتظة بالجموع من المتقدين بينما عدد الوظائف المطروحة لم تتعدى 30 وظيفة فقلت : يا إلهي مستحيل أن أحضى بأحد تلك الوظائف فما أراه جموع كبيرة أكثر مما توقعت وعدت إلى المكتب وفي فترة الظهيرة بينما كنت أتناول وجبة الغداء مع والدتي سألتني : ما فعلت اليوم عندما ذهبت للتقديم ؟ فقلت لها : لا شيء ككل مرة مجرد تعب ومشقة وفي الآخر لا أحضى بفرصة فعاتبني وقالت : يا بني الرزق من الله وليس من العباد كان عليك ان تنتظر حتى تسلم أوراقك ورأيت الحزن عليها فقلت لأطمئنها حسناً يا والدتي ووعدتها بأني سأذهب غداً وكنت أعلم في نفسي بأنه لا يوجد تقديم في الغد إنما لأهدئها وفي اليوم التالي قررت ان أذهب باكراً وهكذا فعلت وتوجهت للوزارة وذهبت لقسم التوظيف فوجدت لصاقاً على الباب مكتوب فيه أن التقديم قد إنتهى ويتعذر قبول اي طلبات للتوظيف حالياً فأصبت بالإحباط وقررت المغادرة وحين إلتفت لأغادر إذ بي أرى أحد المراجعين يحمل ملفاً ويطرق الباب عليهم يرغب في مقابلة المسؤول عن التوظيف فضللت أرقب ما يحدث وتعجبت من إصراره فقررت أن ابقى لأرى ما ينتهي عليه الأمر وكان كل فترة يخرج أحد الموظفين ويأمره بالإنصراف بحجة أنه لا توجد وظائف وبعد إلحاح منه قال له أحد الموظفين : صلاحية التوظيف لدى مدير شؤون الموظفين فذهب إلى هناك وتبعته فعزمت أن أقابل المدير ايضاً وعندما خرج من عنده دخلت وكانت المفاجأة !!!

انه إبن الرجل المسن الذي وقع مغشياً عليه فقد كان مسؤولاً كبيراً ونظر إلي بإندهاش شديد وقال : أنت !! تعال إجلس واخذ يتحدث معي وسألني عن قصتي في المشفى فأنا لم التقيه بعدها وقد مضى عدة أشهر على الحادثة فاخبرته بما حدث فشكرني وأثنى علي وقال : إسمع يابني حتى لا يقع فيك شك انا أعترف أن اخوتي لم يبروا بوالدهم وانا حينها كنت خارج المملكة وقدمت عندما عرفت أن حالته خطيرة وقد توفى في نفس اليوم الذي وصلت فيه وكنت قد حضرت من المطار إلى المستشفى مباشرة وكانت حقائبي مع السائق في الأسفل وسألني عن سبب قدومي فقلت له : قرأت عن إعلان الوظائف وأتيت لأتقدم فقال : حسناً الوظائف قد تم تعيين موظفين عليها ولكن سأبحث لك عن وظيفة شاغرة فانت تستحق ذلك نظير إهتمامك بوالدي وبالفعل تم تعييني على وظيفة مستخدم 31 وإستمررت حتى تعينت على وظيفة رسمية ولازلت كذلك حتى وصلت إلى المرتبة الثامنة وعلى هذا الحال ، وأنا كنت استمع اليه مندهشاً من قصته وكيف كانت نهايتها وقد ضرب اروع الأمثلة في الصبر والتوكل على الله وما ذكرتها إلا بمعرفتي ان هنالك أناس لربما أشد من حالته في السابق فقمت بسردها لتكون عبرة وعظة لكل من قراها وكما قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا () إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)..

أعتذر عن الإطالة في القصة واشكر لكم طيب متابعتكم راجياً الله بأن تكون قد نالت إعجابكم وإستحسانكم إلى أن نلقاكم في قصة أخرى إن شاء الله تعالى ..

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ..

الإمضاء : وثائقي

المبرمج صلاح
23-02-2015, 12:00 AM
جزا الله كل خير
استمتعت بقراءة القصة

كازانوفا
23-02-2015, 02:10 PM
الحمدلله على السلامه
اعتذر لك لاني مش راح اقرا هذه القصه الا بعد ما تتم القصه اللى علقتني وانا انتظر تكملها
:(

R 7 A L
23-02-2015, 02:14 PM
إن شاء الله اختي الفاضلة سررت بمتابعتك ..
وديـ ..



اخي العزيز r 7 a l توقفك هاهنا يعني لي الكثير والكثير شاكر لك تفضلك وسأقوم بمتابعة سرد القصة بعد قليل إن شاء الله..

إنحنائيـ ..

تعجز الكلمات والحروف ان توفيك حقك اخوي وثائقي
يعجبني ماتكتب من صياغة واسلوب
أستمر فـ لك من المتابعين مالم تعرفهم ولا تعلم انهم يتابعون إبداعك

وثائقي
23-02-2015, 04:50 PM
جزا الله كل خير
استمتعت بقراءة القصة

جزيت بمثله أخي الفاضل صلاح أسعدني إطرائك ..

ممتنـ ..

وثائقي
23-02-2015, 04:57 PM
الحمدلله على السلامه
اعتذر لك لاني مش راح اقرا هذه القصه الا بعد ما تتم القصه اللى علقتني وانا انتظر تكملها
:(

أختي الفاضلة كازانوفا اعتذر وأكرر أسفي الشديد فما حدث ليس بإرادتي وأوضحت الأسباب في مقدمة هذه القصة صفحك أختاه فما عهدناك إلا صاحبة قلب كبير يعفو ويسامح ولم أرغب بذكر الأسباب هنا لأرغمك على قراءتها في مقدمة القصة لعلك تتكرمي بقراءة القصة كاملة ولو كان لد بقية الصة السابقة الآن لما أخرتها هنيهة واعدك إن حظيت ببقيتها أن أسردها لك كاملة ..

تودديـ لذاتكـ ..

وثائقي
23-02-2015, 05:02 PM
تعجز الكلمات والحروف ان توفيك حقك اخوي وثائقي
يعجبني ماتكتب من صياغة واسلوب
أستمر فـ لك من المتابعين مالم تعرفهم ولا تعلم انهم يتابعون إبداعك

كلام أخجلني عن الرد وثناء إقتحم قلمي ليسوده الصمت من جراء مارأى كم يسعدني ذلك ولو كان هنالك معجب واحد فقط لكتبت لإجله فكيف أن يأتي الإعجاب من شخص أعتبره معلمي فلغة الأرقام لا تنطق كما أخجلت لغة الأحرف لإقبع منسدلاً تحت غمامتك المكفهرة ..

مدانـ لتوقفكـ ..

رجل الجزيرة
24-02-2015, 07:52 AM
جزاك الله خير الجزاء.

وثائقي
24-02-2015, 08:12 PM
جزاك الله خير الجزاء.

جزيت بمثله أخي الفاضل رجل الجزيرة وارجوا أن تكون القصة قد نالت إعجابك ..

دمتـ ..

وثائقي
09-03-2015, 10:39 PM
إحترت في سرد قصتين إحداها تتكلم عن الطفلة (غدير) والأخرى عن الفتاة (بيرقه) ..

فأيها ترشحون؟؟

أود عمل إستفتاء للقصتين ..

إضاءهـ ..