المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العمارة الإماراتية



رجل مثالي
21-02-2015, 02:25 PM
أبوظبي - "الخليج":

تشكّل العمارة الإماراتية عنصراً مهماً وأساسياً يعكس هوية المكان وثقافته وماضيه، وتضفي عليه مسحة جمالية خاصة تعبّر عن عمقه التراثي العربي، وخاصة تلك المباني المشيدة من صخور المرجان وأسقفها من سعف النخيل أو الخشب، التي تتزيّن واجهاتها وجدرانها الداخلية بكتابات زخرفية لآيات قرآنية وأحاديث وأشعار متنوعة. كان البيت الإماراتي القديم يضم عدداً من المرافق المهمة أهمها المجلس الرئيسي، الذي يعد عنصراً أساسياً في بيوت أهل الإمارات، والفناء "الحوش" وهو القاسم المشترك في بناء وتشكيل البيوت التقليدية في الإمارات، ومنطقة الخليج بوجه عام، والحمام "الزوية"، وبئر الماء "الخريجة"، هي بئر للماء المالح، ويستخدم في غسل الأواني والصحون، ثم المطبخ الذي كان يراعى في بنائه أن يكون في إحدى زوايا المنزل بعيداً عن غرف المعيشة وأماكن راحة أفراد الأسرة.

تعتبر العناصر المعمارية والهندسية التي ارتكز عليها البيت الإماراتي القديم ذات بعد مكاني، بمعنى أنها تستلهم أشكالها وتصاميمها من المكان الذي بنيت فيه وما يضمّه أو يحتويه من عناصر تراثية وتاريخية تؤرخ لحقب متلاحقة من تاريخ المجتمع الإماراتي وثقافته، كما تؤرخ كذلك لتحولات المكان وترصد التطور والتغيّر الذي طرأ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية مما كان له أثره البالغ في تطور الأنماط المعمارية تمشياً مع تحسن الأوضاع الاقتصادية، والاستفادة من التواصل الحضاري مع الشعوب المجاورة التي كانت تمتلك مخزوناً معمارياً كبيراً، وابتكار تصاميم جديدة ومنوعة لكنها لا تتجاوز في عمقها البعد التراثي للمكان وتكيفها مع البيئة المحلية.

وتعد العمارة التقليدية في الإمارات مزيجاً من التأثيرات الثقافية والحضارية التي غذت التشكيلات والتصاميم المعمارية الإماراتية حيناً من الزمن قبل أن تستقل العمارة الإماراتية بطابعها الخاص وشخصيتها المتميزة، ومن بين العناصر المعمارية التي كانت، ولا تزال، تضفي على البيت الإماراتي صبغة جمالية فريدة وأخاذة، الفناء الداخلي، البراجيل، الأبراج الهوائية، ملاقف الهواء وغيرها، ولكل واحد من هذه العناصر وظيفته المميزة في البيت الإماراتي التقليدي، فالفناء الداخلي يعتبر مصدر ربط أجزاء المبنى الداخلي بعضها بالآخر وفق تدرج فراغي، حسب طبيعة الوظيفة، وتصميمه بالعمارات التقليدية لا يخضع لقاعدة شكلية ثابتة. أما البراجيل والأبراج الهوائية فتعد مكوناتها المعمارية والجمالية استكمالاً لشكل واجهات المبنى، بل أصبحت تشكل علامة مميزة للمساكن التقليدية، وتكمن وظيفة ملاقف الهواء في السماح للهواء بالمرور خلالها وفق تسريب الهواء أفقياً، ثم عمودياً نحو الغرف أو الفراغات الداخلية للمسكن، دون ولوج الضوء داخل الغرفة أو الفراغ.
وتعكس تلك العناصر وغيرها مجتمعة الهوية الثقافية والتراثية للبيت الإماراتي التقليدي، نظراً لما تحيل إليه من عمق تاريخي وجمالي يتجاوز الشكل الخارجي للبيت، فضلاً عما يشي به نمط العمارة إجمالاً من ميول مغرق في التراث المحلي الذي يكشف بوضوح مدى غنى وتنوع البيئة التراثية الإماراتية وما استفادته، عبر حقب متلاحقة من الزمن، من تراكمات حضارية ومعمارية شكّلت مجتمعة هوية المكان. ولا أدل على ذلك من الحرص على بناء ذلك البيت التقليدي من المواد القديمة التي كانت تستخدم في البناء مما ينسجم مع طبيعة الحياة البيئية، حيث لم يتمكن السكان الأوائل من البناء على البحر على سبيل المثال، ولذلك ازدهر بناء المساكن على ضفاف الخور، وأصبحت المناطق آهلة بالسكان لأنها ملجأ آمن لهم.

إن التصميم المعماري للبيت الإماراتي القديم جعل منه مسكناً مريحاً رغم بساطة مواد البناء ومكوناتها وتواضعها في ذلك الوقت، بما يوفره من مساحات وتهوية تتلاءم مع طبيعة المنطقة ومناخها، كما كان يعبّر تصميم كل بيت عن هوية صاحبه وفكره وميوله وبيئته التراثية العريقة.