المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم



امـ حمد
21-02-2015, 03:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن ابن عمر،رضي الله عنه،يقول،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم)أخرجه البخاري ومسلم،
ووجود أناس صالحين في الأمة المقضي عليها بالعذاب لا يمنع من نزوله بهم جميعاً،
فأولئك الصالحون يدخلون في عموم الإهلاك،إما لأنهم ساكتون عن المنكر الذي انتشر بين الناس فيعذبون بذلك،أو أن ذلك يعتبر ابتلاء لهم، لرفع درجاتهم في الآخرة،وعليه يكونون قد اشتركوا جميعاً في عذاب الدنيا،إلا أنهم سيحاسبون يوم القيامة كل على حسب عمله،أن الإسلام يحض أتباعه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وهذا ما يجب فعله من المؤمنين الصالحين عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر،فإذا لم يتغير وجب على المؤمنين المنكرين،لهذه المعاصي والفتن،هجران تلك البلاد التي وقع بها الفساد والهرب منها، حتى إذا نزل عليهم العذاب بجريرة هؤلاء الظالمين يكونون قد نجوا منه،
فهذا يدل على أن الهلاك العام منه ما يكون طهرة للمؤمنين،ومنه ما يكون نقمة للفاسقين،
أما السكوت والتقاعد عن دفع المنكر والظلم،فهو ظلم في حد ذاته،
ومن يفعل ذلك فإنه يستحق العقوبة من الله مع الظالمين،فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإيمان،
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه،وذلك أضعف الإيمان)صحيح مسلم،
وقال تعالى﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾المائدة،
ومعنى التعاون،الحث عليه، وتسهيل طريق الخير، وسد سبيل الشر والعدوان،
فالحديث يقرر عدالة الله سواء بسواء، فإذا غضب الله على قوم وسلط عليهم عذاباً عاماً أو خاصاً فهلكوا، أو ماتوا وفيهم طائفة من الصالحين، فإنهم يستوون في المصير الدنيوي، ثم يفترقون في الدار الآخرة، فريق في الجنة وفريق في السعير،
والمحن التي يبتلي الله بها عباده،للتمييز بين الصادق والكاذب والصابر والجزع،
قال تعالى(أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ،وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾العنكبوت،
وذلك لتمييز الله بين الصادقين في دعوى الإيمان،وبين الكاذبين فيه،فالابتلاء والاختبار سنة الله في عباده،
وقوله تعالى(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)الأنبياء،
أي،نختبركم بالمصائب والنعم، لنرى الشاكر من الكافر،والصابر من والقانط،
وقال ابن عباس،نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر،والحلال والحرام،والطاعة والمعصية،والهدى والضلال،وقال ابن زيد،نختبركم بما تحبون،لنرى كيف شكركم،وبما تكرهون،لنرى كيف صبركم،
وقال ابن حجر في شرح هذا الحديث،قوله صلى الله عليه وسلم(ثم بعثوا على أعمالهم)أي،بعث كل واحد منهم على حسب عمله،إن كان صالحاً فعقباه صالحة،وإلا فسيئة، فيكون ذلك العذاب طهرة للصالحين، ونقمة على الفاسقين،
وفي صحيح ابن حبان عن عائشة،رضي الله عنها،أنها قالت،قلت،يا رسول الله إن الله إذا أنزل سطوته بأهل الأرض،وفيهم الصالحون فيهلكون بهلاكهم،فقال،يا عائشة(إن الله إذا أنزل سطوته بأهل نقمته،وفيهم الصالحون فيصابون معهم،ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم)صحيح،أخرجه ابن حبان في صحيحه،
قال ابن بطال،هذا الحديث يبين حديث زينب بنت جحش حيث قالت(أنهلك وفينا الصالحون،قال،نعم،إذا كثر الخبث)صحيح مسلم،فيكون إهلاك الجميع عند ظهور المنكر والإعلان بالمعاصي،
وعن أبي هريرة،رضي الله عنه،أنه قال،سمعت رسول الله،صلى الله عليه وسلم،يقول(إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه،يوشك أن يعمهم الله بعقاب)صحيح،أخرجه ابن حبان في صحيحه،على شرط الشيخين،
وروى مسلم عن عبد الله بن الزبير أن عائشة،رضي الله عنها، قالت،عبث رسول الله،صلى الله عليه وسلم،في منامه،فقلنا،يا رسول الله،صنعت شيئاً في منامك لم تكن تفعله فقال(العجب، إن ناساً من أمتي يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت،حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم،فقلنا،يا رسول الله،إن الطريق قد يجمع الناس،قال،نعم،فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل،يهلكون مهلكاً واحداً،ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله تعالى على نياتهم)
قال النووي،وفي هذا الحديث،التباعد من أهل الظلم،والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من المبطلين،لئلا يناله ما يعاقبون به،في ظاهر عقوبات الدنيا)شرح صحيح مسلم،
فقد قال الله تعالى(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)فاطر(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)
المدثر،وهذا يوجب ألا يؤخذ أحد بذنب أحد،وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب،
أن الناس إذا تظاهروا بالمنكر،فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره،فإذا سكت عليه فكلهم عاص،
ومقصود قوله تعالى(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)الأنفال،أي،واتقوا فتنة تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح،
أما من ناحية الشرع،فقد قال الله،عز وجل،في سورة الإسراء بعد أن قرر أن العذاب لا ينزل على من لم يبعث فيهم رسول،ولم تبلغهم الحجة مهما بلغت بهم الذنوب والخطايا(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا)الإسراء،
وبهذه الآية تتضح عدم مؤاخذة أحد بذنب ما لم تبلغه دعوة رسول من الله،
وبعد هذه الآية تحدث الله عن إهلاك القرى الظالم أهلها وكيف يتم،فقال(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)الإسراء،
ففي قوله عز وجل(فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)دليل على استئصالها بالهلاك جميعاً،
وبهذه الآية يثبت أن الخبث إذا انتشر في قوم،ولم يجد من يدفعه ويرده من الصالحين عم البلاء والعذاب كل القرية بما فيهم الصالحون،
وذلك أن هذه الآية لا يفهم منها أن القرية التي يراد هلاكها كلها فسقة، كلا بل أن هناك أقواماً صالحين،بدليل قوله(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا )فليس الفسق واقعاً من كل القرية، وبسببهم تهلك القرية ويدخل معهم الصالحون،
فلقد ثبت في الشرع أن الله،سبحانه وتعالى،قد يعزل الصالحين عن الطالحين إذا أراد أن ينزل كارثة كما فعل سبحانه وتعالى،مع قوم لوط في قوله تعالى( قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ )العنكبوت،
كل هذا إذا لم يقم الصالحون بالنهي عن المنكر،أما إذا قاموا بذلك، فقد يرفع الله العذاب عن كل القرية، كما في قوله عز وجل(فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ،وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ )هود،
وهذا شرط في رفع الهلاك أن يقوم الصالحون بالإصلاح،
إن السكوت عن دفع الظلم ونصرة كلمة الحق يؤدي إلى غضب الله على عباده وإنزال عقابه عليهم،حتى وإن كانوا صالحين،لأن من واجبات الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا أنزل العذاب وقع على الظالم لظلمه،ووقع على المظلوم لسكوته عن دفع هذا الظلم،
إن سنة الله في إهلاك العاصين أن يرسل إليهم الرسل فإن عصوا الرسل وفسقوا وأراد الله إهلاكهم أنزل عليهم العذاب المدمر فدمر كل شيء،فكم من بلد فيه الصالحون والأبرار،والأطفال والكبار أصابته زلازل فهلك به البر والفاجر،والصالح والطالح،
شرح البخاري.

الحسيمqtr
21-02-2015, 08:41 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
21-02-2015, 10:57 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

qatara
22-02-2015, 12:50 AM
جزيتي الجنه

والله لايواخذنا بذنوب غيرنا

انه لرووف رحيم

امـ حمد
22-02-2015, 03:02 AM
جزيتي الجنه

والله لايواخذنا بذنوب غيرنا

انه لرووف رحيم


اللهم آمين
بارك الله في حسناتك اخوي قطري
وجزاك ربي جنة الفردوس