المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل بشأن جدوى إقامة مصنع لتجميع السيارات



Beho
28-02-2015, 11:09 AM
جدل بشأن جدوى إقامة مصنع لتجميع السيارات
الراية - 28/02/2015

أسدل الستار مؤخراً على النسخة الخامسة من معرض قطر الدولي للسيارات مخلفاً وراءه تساؤلاً حول إمكانية قيام صناعة سيارات أو تجميعها في قطر، وما المعوقات التي تقف أمام تواجد هذه الصناعة، خاصة في ظل ما تم الكشف عنه من بيع 60-70 ألف سيارة في العام الواحد، فضلاً عن المتابعة الجماهيرية الكبيرة التي حظي بها المعرض والتي فاقت 30 ألف زائر خلال خمسة أيام، وعرض أكثر من 30 طرازاً جديداً من أشهر السيارات للمرة الأولى في الشرق الأوسط من خلال هذا المعرض، مما يشي بأن المعرض استطاع أن يثبت مكانته كوجهة دولية للسيارات، حيث احتضن المعرض الكثير من الموديلات الجديدة لعدد من الماركات العالمية الشهيرة، والتي كان المعرض وجهتها الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد انطلقت النسخة الخامسة برعاية البنك التجاري الراعي الحصري للخدمات التمويلية في المعرض إلى جانب الشريك الرسمي للتجزئة المصرفية، شركة قطر للتأمين (qic)، والراعي الرسمي للضيافة فندق ماريوت ماركيز سيتي سنتر الدوحة، وقد بلغت مساحة المعرض لهذا العام 15 ألف م2.

وفي هذا الصدد تباينت آراء عدد من رجال الأعمال والصناعيين حول إمكانية إنشاء مصنع لصناعة أو تجميع السيارات في قطر والجدوى الاقتصادية منه، فالبعض أشار إلى اعتبارها فكرة جيدة، قابلة للتحقيق في ظل وجود دعم حكومي وإغراءات تشجيعية للقطاع الخاص فضلاً عن توافر شراكات استراتيجية مع الشركات المصنعة للسيارات، معتبرين أن الدولة تتوافر فيها البنية التحتية اللازمة لقيام هذه الصناعة وأمثالها، ولا تحتاج إلا إلى قوانين وتشريعات ناظمة ومشجعة وتوفير بيئة مناسبة لهذه الصناعة كمنطقة صناعية متكاملة، بينما رفض البعض الآخر أن يعود هذا المشروع الصناعي بجدوى اقتصادية مغرية للقطاع الخاص أو المستثمرين بخوض غمار هذه التجربة الصناعية الكبيرة، لافتين إلى ارتفاع التكلفة التشغيلية لهذا المصنع، وكذلك عدم وجود أسواق تتقبل الفكرة إلا إذا كانت بأسعار أرخص بكثير من مثيلاتها في دول أخرى، وخاصة في ظل منافسة شديدة من قبل بعض الدول التي تقوم بتجميع السيارات على أراضيها، وتمتلك أيدي عاملة رخيصة.

وبداية أكد رجل الأعمال والصناعي أحمد الخلف على أهمية هذه الصناعة في تقوية الاقتصاد الوطني وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، كما تساهم في رفد القطاع الصناعي بصناعات رديفة، خاصة في ظل عدم وجود صناعة حقيقية للسيارات في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لعدم السماح من قبل مصنعي السيارات الأوروبيين والأمريكيين لتواجد مثل هذه الصناعة بشكل متكامل خارج دولهم، بينما بالإمكان إقامة مصانع لتجميع السيارات، وأعتقد أن قطر تملك من المؤهلات الاقتصادية والجغرافية والاستراتيجية للعب دور بارز بهذا القطاع، وهذا ما تحتاجه مثل هذه النوعية من المصانع، منوهاً في هذا السياق إلى المصنع المشترك لتجميع الباصات بين قطر وعُمان، والذي أطلق مؤخراً، حيث وقعت قطر وسلطنة عمان اتفاقية لإنشاء مشروع مصنع تجميع الباصات كروة والذي سيعرف باسم "كروة أوتوموتورز"، وسيقام المشروع بسلطنة عمان وتبلغ تكلفته "584" مليون ريال قطري أي ما يقارب "200" مليون دولار أمريكي، إلى جانب تكلفة البنية التحتية للمشروع، على مساحة قدرها مليون متر مربع بالمنطقة الصناعية في ولاية المضيبي، ومن المتوقع الانتهاء منه خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، وسيقوم كل من الصندوق العماني للاستثمار وشركة مواصلات قطر "كروة" بتمويل رأس مال المشروع، وستكون حصة دولة قطر فيه 70% وسلطنة عمان 30%، وستصل الطاقة الإجمالية لإنتاج المصنع عقب الانتهاء من أعماله إلى "2000" وحدة في السنة، وسيتم إنتاج موديلات مختلفة من الباصات في هذا المصنع لتشمل باصات المدارس والباصات الصغيرة والحافلات الكبيرة والمتوسطة.

ومن المتوقع أن يستهدف إنتاج المصنع أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الخليج بصفة عامة، وسوقي قطر وسلطنة عمان بصفة خاصة، بالإضافة إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد تم تسجيل شركة محدودة المسؤولية باسم "سيارات كروة ش م م".

ومن المؤمل أن يوفر المشروع ما يقارب "450" فرصة عمل، بالإضافة إلى "2000" وظيفة للمصانع التي ستنشأ للخدمات المصاحبة لمصنع "كروة أوتوموتورز"، كما أن المصنع سيساهم في تنمية وتطوير المنطقة التي يقع بها المصنع.

وأضاف الخلف بأن مقومات نجاح هذه الصناعة متوافرة إن وجدت التشاريع المشجعة على قيامها، وكذلك توفير البنية التحتية والبيئة المناسبة للاستثمار بهذا القطاع، مع وجود شراكات إسترتيجية مع مصنعي السيارات واتفاقيات مع شركات عالمية بهذا الخصوص، مشيراً إلى أن الموقع الإستراتيجي للدولة يفتح أمامها أسواقا قريبة بحاجة لمنتجات هذا المصنع، ولن تعتمد فقط على سوقها الذي يعتبر صغيراً لمصنع تجميع سيارات، ومن ذلك دول الخليج العربي، ودول شرق أفريقيا وباكستان والعراق وسوريا والأردن وغيرها من أسواق تعتبر متلهفة لتلقي منتجات هذه الصناعة.

وتابع بأن جهاز قطر للاستثمار لديه شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، ومن ضمنها استثمارات مع شركات السيارات العالمية في أوروبا، وبإمكان الحكومة الاستفادة من هذه الشراكات بأن تعقد اتفاقات لإنشاء مصنع لتجميع السيارات خدمة ليس لسوق قطر وإنما لسوق المنطقة العربية بأكملها، خاصة وأن قطر تمتلك بنية تحتية يتم العمل عليها لتكون متطورة تلبي مثل هذه الاحتياجات مستقبلاً، فضلاً عن توافر مصادر الطاقة التي تحتاجها هذه الصناعة وفي مقدمتها الطاقة الكهربائية.

وعن توافر الأيدي العاملة، أو ارتفاع أجورها بالنسبة للدولة مقارنة بغيرها من الدول، أكد الخلف بأن مصانع تجميع السيارات اليوم لا تعتمد كثيراً على الأيدي العاملة، بل غالبيتها ومع التطور التكنولوجي والتقني باتت تدار عن طريق ريبورتات، وبالتالي لا تحتاج إلا لعدد بسيط من العمالة الفنية الماهرة للمراقبة فقط أكثر من كونها أعمالا يدوية، فضلاً عن إمكانية جذب أيد عاملة رخيصة بهذا القطاع، وتكون أرخص من الأيدي العاملة في أوروبا، وذلك لتوافر أسواق للعمالة يحبذ روادها العمل في منطقة الخليج.

وفيما يخص المعوقات قال الخلف إن أبرز معوقات قيام مثل هذه الصناعات الكبيرة هو توفر أراض صناعية أو مناطق صناعية متكاملة مع توافر بنية تحتية مهيأة لهذه النوعية من الصناعات، خاصة أن أي مستثمر أجنبي أو محلي لا يمكنه المخاطرة بهذا الاستثمار إذا لم تكن هناك بنية تحتية صناعية متكاملة، هذا إلى جانب ضرورة وجود قوانين وتشريعات تشجع على خوض هذا القطاع، فضلاً عن إغراءات للمستثمرين المحليين والأجانب لخوض شراكات استراتيجية طويلة الأمد وذات نمو اقتصادي مستدام.

وأضاف بأن صناعة تجميع السيارات قادرة على تأسيس صناعات كثيرة رديفة لها، وهذا ينعش الاقتصاد، ويزيد من فرص العمل، ويعود بالنفع على خلق صناعات تدخل فيها الكهربائيات على سبيل المثال أو صناعة الزيوت، وغير ذلك مما تحتاجه صناعة السيارة، كذلك يمكننا الاستفادة من صناعات قائمة حالياً في رفد صناعة تجميع السيارات بما قد تحتاجه، ومن ذلك مصنع الألمنيوم ومصنع الحديد، ومصنع الدهانات وغيرها، لافتاً إلى الدور الرئيس الذي سيلعبه القطاع الخاص بالاستثمار في هذا القطاع مع الشريك الاستراتيجي العالمي وبمساعدة القطاع العام، وتوليد المناخ الملائم لاستدامتها ونموها.

غير مجد

ومن وجهة نظر مختلفة قال رجل الأعمال والصناعي عبدالعزيز العمادي إن لا جدوى اقتصادية من إقامة مصنع لصناعة أو لتجميع السيارات في قطر، وذلك لعدة أسباب، أبرزها عدم وجود كثافة سكانية تغطي الإنتاج المحتمل لهذا المصنع، فضلاً عن ضعف الأسواق المحيطة، بسبب وجود منافسة قوية من شركات سيارات عالمية، وكذلك أماكن مختلفة من العالم لمصانع تجميع السيارات، وهذا ما يجعل من تقبل فكرة سيارة مجمعة في قطر من الصعوبة بمكان إن لم يكن سعر السيارة المجمعة في قطر أرخص بكثير من نفس الموديل في دول أو أسواق أخرى.

وأوضح بأن تكاليف إنشاء هذا المصنع ستكون مرتفعة أيضاً، خاصة أن قطع السيارات مستوردة بالكامل من الخارج، فضلاً عن التكلفة المرتفعة للأيدي العاملة سواء من أجور أو سكن ومصاريف كهرباء وماء وما شابه ذلك، وجميعها لا يحتاجها ببلده، بينما يحتاجها هنا، وبزيادة للتوفير، مما يشي بعدم ربحية هذا المشروع على مختلف الصعد، حتى وإن توفر دعم الدولة وتشجيعها لمثل هذه الصناعات، منوهاً في الوقت نفسه إلى عدم قيام صناعة ومن ثم الطلب من الدولة دعمها، فهذا أمر غير صحيح وغير صحي، فالدولة من الممكن أن تساهم بمنح أرض بسعر رخيص أو أيجار رمزي ولكن لا يمكن أن تساهم بدعم كامل، فهذه مسؤولية المستثمر بهذا القطاع.

وأوضح العمادي بأن ما يقال عن بيع 60-70 ألف سيارة في السنة هو رقم ليس بكبير في عالم صناعة السيارات، خاصة إذا علمنا أن إنتاج الزيوت يصل إلى 10 ملايين مثلاً، وهناك شركات كبيرة لصناعة السيارات تنتج ما يصل إلى ملايين النسخ في السنة الواحدة، ورغم ذلك نجد أنها خاسرة، فهذه الصناعة ليست بالأمر السهل لاعتمادها على أشياء كثيرة لابد أن تكون متوافرة لكي تستطيع المنافسة فيها، مشيراً في هذا السياق إلى أن حكومات دول الشركات المصنعة للسيارات تدعم هذه الصناعة لكونها مستحوذة عليها أولاً ولا تريد أن ينافسها أحد بذلك، ولكونها صناعات تشغل الملايين من عمالها ما بين مصنعين وموردين ومسوقين وتصليح ومشغلي صناعات رديفة وغير ذلك، ما يعني أنه قرار وطني محرك لدورة اقتصادية كاملة بالنسبة إليهم ليس مبنياً على تحقيق أرباح بالدرجة الأولى، ولنا في السوق القطرية مثال ذلك مصنع الحديد أو شركة الخطوط الجوية القطرية، فهذه الشركات وإن خسرت لا يمكن إغلاقها، أو محاسبتها بمبدأ الربح والخسار لكونها شركات باتت وطنية تلعب دوراً في الدورة الاقتصادية للدولة، وهذا مكسبهم من توفير فرص العمل والصناعات الرديفة وغير ذلك، لكن فيما يخص مصنع السيارات أو تجميعها في قطر فلا أعتقد بنجاحه لهذه الأسباب.

دعم حقيقي

ومن جانبه أكد رجل الأعمال ناصر الدوسري على ضرورة البدء بإنشاء صناعات كبيرة مثل هذه في قطر، خاصة مع تقدم البنية التحتية، والتي بدأت تظهر معالمها، وتشي بمدى تطورها واستيعابها لمختلف الأنشطة الاقتصادية، وخاصة الصناعية منها، لافتاً إلى أهمية تشجيع القطاع الخاص بمستثمريه ورجال الأعمال بخوض مثل هذه التجارب بدعم من الدولة في البداية، ومن ثم بعقد اتفاقيات شراكات إستراتيجية بين الشركات المصنعة للسيارات وبين شركات محلية، بحيث تكون قطر بيئة مناسبة لقيام هذه الصناعة وأمثالها، وأن تكون ممراً للتصدير إلى مختلف أنحاء العالم، وفي مقدمتها الدول القريبة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأضاف الدوسري بأن قطر تسابق الزمن في تبني مبادرات خلاقة في مختلف المجالات، ولكن القطاع الصناعي ما يزال يراوح مكانه رغم الإمكانيات الكبيرة، وخاصة مع وجود مصادر الطاقة النظيفة التي تشتهر بها الدولة، والتي تعتمد عليها صناعات كثيرة، ومن ذلك صناعة تجميع السيارات، ولكننا تأخرنا كثيراً في هذا الجانب، وبدل أن نكون اليوم مطورين للصناعات ما زلنا مستقبلين لصناعات التجميع، متسائلاً في الوقت نفسه عن مدى وجود الدعم الحقيقي المقدم للقطاع الخاص لخوض هذه القطاعات الصناعية الكبيرة، والذي يعتبره أبرز المعوقات أمام وجود صناعة حقيقية حتى لتجميع السيارات في الدولة.

وتابع بأن ما يُقال عن ارتفاع أجرة اليد العاملة وارتفاع التكلفة التشغيلية للمصنع فلا أعتقد بأنها بهذا التضخيم، حيث إن قطع السيارة ستكون مستوردة، والتجميع في مصنع قطر، لذلك لن نحتاج لعمالة يدوية بل لعمالة ماهرة وفنية محترفة، وبالتالي إن قارنا بين مصر أو الصين وقطر فلن تجد فرقاً كبيراً في أجرة الأيدي الفنية والماهرة، بل ستجد غلاء المعيشة من سكن ومواصلات وغذاء، وهو الذي يدفع بالشركات لرفع الأجور لتتناسب مع الغلاء الموجود، ولذلك لتوافر هذه الصناعة ومثيلاتها يجب على الدولة أن تدعمها بتقديم إعفاءات شاملة على الشحن والاستيراد، والمساهمة في انخفاض الأسعار لتتناسب مع المردود المالي، فضلاً عن تأمين السكن الملائم للعمال، وحينما يجد رجال الأعمال توافر هذه البيئة المناسبة لانطلاق مثل هذه الصناعات من الطبيعي أن يساهموا باستثماراتهم بهذا القطاع.

Bomohd
28-02-2015, 12:43 PM
على دول الخليج أن تتفق على مكان واحد للتجميع أفضل من الحلول الفردية