تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل عققت ولدك قبل أن يعقك



امـ حمد
12-03-2015, 04:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل عققت ولدك قبل أن يعقك
الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة،فإن عوِّد الخير وعـُلِّمه نشأ عليه،وسعد في الدنيا والآخرة أبواه،وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له،
فقد جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب،رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه،فأحضر عمر بن الخطاب،رضي الله عنه،ابنه وأنبه على عقوقه لأبيه،
فقال الابن،يا أمير المؤمنين،أليس للولد حقوق على أبيه،قال،بلى،
قال،فما هي يا أمير المؤمنين،
قال،أن ينتقي أمه،ويحسن اسمه،ويعلمه الكتاب،أي،القرآن،
فقال الابن،يا أمير المؤمنين إنه لم يفعل شيئاً من ذلك،
أما أمي فإنها كانت لمجوسي،
وقد سماني جعلاً،أي،جعراناً،ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً،
فالتفت أمير المؤمنين إلى الرجل،وقال له،أجئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك،
يقول الإمام الغزالي،الصبي أمانة عند والديه،وقلبه الطاهر جوهرة خالية من كل نقش،
وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عوِّد الخير وعـُلِّمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة أبواه،
وإن عُوِّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك،
وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له،
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم(كل مولودٍ يولد على الفطرة، وإنما أبواه يُهودانِه أو يُمجسانه أو يُنصرانِه)متفق عليه،
إن الله،سبحانه،يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده،فإنه كما أن للأب على ابنه حقاً،فإن للابن على أبيه حقاً، فكما قال الله،تعالى(وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا)العنكبوت،
وقال تعالى(قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)التحريم،
فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى،فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبل الآباء وإهمالهم لهم،
وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه،فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم،ولم ينفعوا آباءهم كباراً،
كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال،يا أبتِ إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً،وأضعتني وليدًا فأضعتك شيخاً،
وعن عبد الله بن عمرو،رضي الله عنهما،قال،قال رسول الله،صلى الله عليه وسلم(كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)رواه أبو داود، وحسنه الألباني،
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث،صدقة جارية وعلم ينتفع به،أو ولد صالح يدعو له)وأن المفرط في هذه الأمانة آثم عاص لله تعالى. يحمل وزر معصيته أمام ربه، ثم أمام عباده)
وكل أب كانت لديه في صلاح ابنه يد فإنه ينال بصلاحه أجر التربية،ثم يلحقه دعاؤه الصالح،أما إذا كان الأب سبباً في فتنة ولده، فإنه يأثم على ذلك إثماً عظيماً،ويسأل عن ذلك يوم القيامة،
ولو كنت اعتنيت به صغيراً،لكنت تجاوزت محناً خطيرة،فأفضل ما تكون التربية الصالحة،حالة الصغر،فإنها أسهل وأيسر،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم(إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولولدك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه)رواه مسلم،
قال النبي الله صلى الله عليه وسلم في بيان مسؤولية التربية(كلكم راع ومسؤول عن رعيته،والرجل راع في أهله،ومسؤول عن رعيته)رواه البخاري ومسلم].
وقد حمّل رسول الله صلى الله عليه و سلم من فرط في تلك الأمانة إثماً عظيماً فقال(ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة)رواه البخاري،
يقول ابن القيّم رحمه الله(وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة،بإهماله وترك تأديبه، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة،وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء)
ياأبتي،تذكر، فما أراك بنيت بيتناً على أساس صلب من التقوى والإيمان والطاعة،
الغناء،ألم تدرك يا أبتي أن الغناء ينبت النفاق في القلوب،فلا ترى غالب أهله إلا قد جانبوا الحياء ووقعوا في المحظور،وقد حرمه الله تعالى بنص قوله تعالى(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)لقمان،
يا أبتي،فلا تتبع خطوات الشيطان(وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)النور،
وجنّب بيتك المعاصي والمخالفات،فإن ذلك من أسباب البركة في البيوت وفي الذرية،وفي الألفة،قال تعالى(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى،وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)طه،
عدم التحريض على الطاعة والالتزام، وقد علمت يا أبتي أن الله جل وعلا قد أمرك بتحريض أهلك وأبنائك على طاعة الله جلّ وعلا فقال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)التحريم،
أبتي،وتذكّر أن نشر الطاعة والالتزام في بيتك هو مفتاح البركة فيه قال تعالى(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)الأعراف،
كما أنه مفتاح السعادة والسكينة قال تعالى(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)النحل،
أبتي،لا تغفل عنا،فبغيابك عن البيت تغيب الرعاية،ويسود الفراغ، وتنحدر هيبة البيت في هوة سحيقة،فأنت في البيت عزه وهيبته،بك نقتدي،وإياك نستشير،وبنصائحك نسترشد،ولتوجيهاتك نطمئن،فإذا تركتني وإخوتي لأجل كماليات تافهة،أو تجارات لا تقف بك عند حد،أو أسفار للمتعة، فاعلم أن بيتك آيل لا محالة إلى الخراب والسقوط،
وكما أن لنفسك عليك حقاً،فإن لولدك وأهلك عليك حقاً،
لم لمَ تسل عن رفقتي،أبتي رافقت الأشرار،وتلاعبت بي أفكارهم،واستهوتني شهواتهم،وأضلتني شبهاتهم،فلم أدر بحالي إلا وأنا أتمرغ في ألوان من الرذائل الهالكة،والمعاصي القاتلة فلم تركتني بين أيديهم،
فهذا توجيه نبوي كريم إلى كل مصاحب أن ينظر قبل مرافقته في دينه وخلقه،فإن وجده ديناً على خلق حسن رافقه وصاحبه، وإن لم يجده كذلك تركه ولم يرافقه حتى لا يتأذى بأخلاقه،
أبتي،ولا شك أنني أقصر نظراً من أن أميز الصالح من الأصدقاء من الفاسد،وأحوج ما أكون في مطلع شبابي إليك لتدفع عني رفقاء السوء،وتتابع أحوالي،وتسأل عن أخلاقي وأصحابي،وتوجهني إلى الطرق المرضية لاختيار الرفيق الصالح،
فالناس يا أبتي،كالمفاتيح،فمنهم مفاتيح للخير،ومنهم مفاتيح للشر كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم(إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر)رواه ابن ماجه وحسنه الألباني،
فإن تركتني أرافق الناس مع فقداني لأهلية النظر،فكأنما تركتني أدخل الشر من أوسع أبوابه،
فليتك ترى كم من شاب بريء أوقعه رفقاء السوء في التدخين،بل في المخدرات والمسكرات،والمخالفات والجنايات،
فلله در أب لم تشغله نفسه ولا ماله،ولا كمالياته عن تتبع أحوال ابنه،يسأل عن حاله مع الله، وحاله مع الدراسة،وحاله مع أصحابه،وحاله في البيت فإن وجد في أحواله خللاً سده،وإن وجد خيراً حمد الله حمداً كثيراً،وكان لابنه أباً صالحاً،وصاحباً وفياً،وصار له قدوة في الأخلاق والمعاملات،
أذكر الآباء والأمهات بأهمية الرعاية الواجبة لأولادنا ومسؤليتنا في توريثهم القيم الدينية والتربوية ، والمحافظة على خصائصنا الأسرية والعائلية، والانفتاح الراشد على الآخرين،والاستفادة الإيجابية من معطيات واقعنا المعاصر،
اللهم ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماما.

الحسيمqtr
12-03-2015, 12:46 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
12-03-2015, 02:40 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس