المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لكل عمل شرّة وفترّة



امـ حمد
16-03-2015, 04:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكل عمل شرَّة وفترة
عن عبد الله بن عمر قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن لكل عمل شرة،ولكل شرة فترة،فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح ،ومن كانت فترته إلى غيرذلك فقد أهلك )رواه ابن حبان في صحيحه،والترمذي،فقد صححه الشيخ الألباني،رحمه الله،
في حديثِ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يصفُ النبيُ صلى الله عليه وسلم،حالةَ كلِ عامل بأنه يبدأ عملَه بنشاطٍ وهمةٍ كبيرين ويحدث له نوع من الشره في العبادة والعمل، فيُقبل على الطاعة بكُليته ويتلذذ بها، ثم ما يلبث أن يتخلل هذا فترات كسل وفتور، ثم ينبه النبي صلى الله عليه وسلم ،على أن فترات الكسل والخمول هذه يجب أن تظل في حدود السنة وألا تتجاوزها لفعل المنكرات والإسراف على نفسه بفعل المعاصي وإلا فإنه قد يهلك مع الهالكين المسرفين،
يقول ابو بكرالصديق رضي الله عنه،بكينا حتى جفَّت مآقينا،أول فترة فبكاء شديد،وبعد حين يستقر الإنسان،ويتوازن، فالعبرة في الفترة التالية، فيا ترى استقررت على السنة، ويا ترى هذه الشرة، والفورة والبطولة والانطلاقة،والتألق انتهت إلى طاعة الله، فإذا انتهت إلى طاعة الله فهذا هو الهدى،
أما إذا انتهت إلى نكسة، وإلى رجوع عن هذا الطريق،فهذا هو الهلاك،
وليست البطولة أن تصل إلى القمة،ولكن البطولة أن تبقى فيها،فنحن نريد أن نرى إخوةً كراماً بعد فورتهم وإقبالهم وتألقهم استقروا على طاعة الله، واستقروا على طلب العلم، وعلى أداء الحقوق، وعلى الاتصال بالله عز وجل،أما هذه الشرة فليست هي العبرة، العبرة في المداومة،
إن المرء في طريقه إلى الله تعالى تعرض لها أوقات طيبة فيُكثر من العبادة ويطيبُ قلبُه بها، ثم ما يلبث أن يفتر ويتكاسل شيئاً فشيئاً،
فيثتثقل الطاعات ويؤدي ما عليه من فرائض بصعوبة،
وقد يتردى حاله فيذهب إلى ما هو أبعد من ذلك فيترك فرضاً أو يرتكب إثماً،ثم قد يتداركه الله برحمته فيُنعم عليه بالتوبة فيعود نشيطًا كما كان،
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه يصف حال المرء بأنه،يبالغ في العبادة في أول أمره،وكل مبالغ يفتر ويسكن حدته ومبالغته في أمره ولو بعد حين،فإن هو قصد السداد والاستقامة،أو اقتصد في أمرٍ على مداومته،لكن لا تقطعه الطاعة والعبادة،ودنا من التوسيط واحترز من الإفراط والتفريط فارجوه وتمنوا أن يكونَ من الفائزين،فإن الله هو الذي يتولى السرائر،
أما إن اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهوراً بالزهد والعبادة، ومُشاراً إليه فيها فلا تعدّوه شيئًا ولا تعتقدوه صالحاً،لكونه من المرائين،حيث جعل أوقات فترته عبادة،رياء وسمعة،
وإذا أقبل الناس عليه بوجوههم ربما زاد في العبادة وحصل له عجب وغرور، فصار من الهالكين،إلا أن يتداركه الله بفضله،ويجعله من المخلصين،
ولكي يتجنب المسلم الإفراط والتفريط فعليه بالقصد،وهو التوسط، فلا يبالغ في فعل العبادة والطاعة،لئلا يمل فيترك،ولا يتركها كسلاً وتهاوناً فلا يرجع،وكلا الأمرين ذميم،ومن توسط في الأمر سلك،ومن سلك وصل إلى ما يحبه الله ويرضاه،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُه،قالوا،ولا أنت يا رسول اللَه،قال،ولا أنا،إلا أن يتغمدني اللَه برحمة، سددوا وقاربوا،واغدوا،وروحوا،وشيء من الدلجة،والقصد القصد تبلغوا )رواه البخاري،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله،فإنه يمكنه الدوام على الوسط,وأحب الأعمال إلى الله أدومها،
وفيه إشارة إلى الحث على الرفق في العبادة,وعبر بما يدل على السير لأن العابد كالسائر إلى الجنة،
واعلم أن التوبة بحاجة إلى شكر،وأعظم الشكر أن تداوم على بقائها،ولا يكون ذلك إلا بالمداومة على العمل والطاعة،واعلم أن(أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )رواه البخاري ومسلم،
فلا تبدأ بقوة ولا تفتر بالمرَّة،بل اقتصد في الطاعة،وهذا في مقدورك ، وكلما رأيت من نفسك نشاطاً فاجعله في طاعة الله،وكلما رأيتَ فتوراً ومللاً فارجع إلى التوسط ،
وقد وصف ابن القيم رحمه الله،هذه الحالة وما قد يعقبها فقال،فكل مُجّد في طلب شيء لا بد أن يعرض له وقفة وفتور ثم ينهض إلى طلبه،
ولكن صاحب الوقفة،إما أن يقف ليجم نفسه ويعدها للسير،فهذا لا تضره الوقفة فإن لكل عمل شرّة ولكل شرّة فَترة،
فتخلل الفترات للسالكين أمر لا بد منه، فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه من فرض، ولم تدخله فى مُحرم، رُجى له أن يعود خيرًا مما كان، مع أن العبادة المحببة إلى الله سبحانه وتعالى هى ما داوم العبد عليه،
ما يستفاد من الحديث،الاجتهاد في العبادة لا بد أن يكون في حدود سنة النبي صلى الله عليه وسلم،ويحذر النبي صلى الله عليه وسلم،من التشدد والبعد عن السنة فيقول(أما واللهِ إني لأخشاكم لله وأتقاكم له،لكني أصوم وأُفطِر،وأُصلي وأرقد،وأتزوج النساء، فمن رغِب عن سنتي فليس مني)البخاري،
الإكثار من النوافل حال النشاط والهمة، وإلزام النفس بالفرائض واجتناب المعاصي حال الفتور،
قال صلى الله عليه وسلم(إن الدينَ يُسرٌ،ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه، فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا)أخرجه البخاري،
وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه،إن لهذه القلوب إقبالاً وإدبارًا فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإذا أدبرت فالزموها الفرائض،وإن للقلوب إقبالًا وإدبارًا ونشاطًا وفتورًا، فإذا أقبلت أبصرت وفهمت، وإذا انصرفت كلَّت وملَّت، فخذوها عند إقبالها ونشاطها، واتركوها عند إدبارها وفتورها،
التحذير من المراءاة وإرادة غير الله بالعبادة لأن النفاق وبال على المرء يذهب بالأعمال سدى فتصير كرمادٍ اشتدت به الريحُ في يومٍ عاصف،
الترغيب في التوبة والعودة السريعة من الفتور والكسل، والتوكل على الله سبحانه والاستعاذة به وحده من الكسل والفتور،وأن النفس البشرية لها أحوالها من النشاط والخمول, فالكيس من انتهز أوقات نشاطه وعلو همته, فعندما يشعر الإنسان بالنشاط يستغله في الصالح حتى إذا جاء وقت الكسل يكون قد عوض هذا الوقت في وقت نشاطه،
اللهم ابعد عنا الهم والضيق،وارزقنا الخشوع وابعد عنا الخمول والكسل ،ونسأل الله أن يرضى عنا وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا،وأن يرحمنا برحمته الواسعه وأن يلطف بنا في كل أحوالنا وأن يأخذ بنواصينا إلى الخير والطاعة وأن يهدينا صراطه المستقيم عاجلاً غير آجل.

الحسيمqtr
17-03-2015, 01:13 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
17-03-2015, 03:14 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس


بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

راجي الْعفو
19-03-2015, 08:21 PM
جزاك الله الفردوس

امـ حمد
20-03-2015, 12:13 AM
جزاك الله الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي راجي العفو
وجزاك ربي جنة الفردوس