امـ حمد
17-03-2015, 07:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير (البر الرحيم)
قوله تعالى(إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)الطور،
قال الشنقيطي،وهنا يقال،إن الله سبحانه لم يجمع على عبده خوفان ولم يعطه الأمنان معاً، فمن خافه في الدنيا أمنه في الآخرة (ولمن خاف مقام ربه جنتان)
(وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
ومن أمن مكر الله وقضى كل شهواته وكان لا يبالي فيؤتى كتابه بشماله ويصلى سعيراً،كما في قوله تعالى(وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون)تكذيبا للبعث،
(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُـوهُ)قال السعدي،أي،أن يقينا عذاب السموم، ويوصلنا إلى النعيم، وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة أي، لم نزل نتقرب إليه بأنواع القربات وندعوه في سائر الأوقات(إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)فمن بره بنا ورحمته إيانا، أنالنا رضاه والجنة، ووقانا سخطه والنار،
(إنا كنا من قبل ندعوه )أي،في الدنيا،وثناء على الله بأنه استجاب لهم،ولذرياتهم بالنجاة من النار وبنعيم الجنة،
أن دعاء الصالحين لأبنائهم وذرياتهم مرجو الإِجابة ، كما دل على إجابة دعاء الصالحين من الأبناء لآبائهم،قال النبي صلى الله عليه وسلم(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث،فذكر،وولد صالح يدعو له )
وقوله(إنه هو البر الرحيم)والبَر،المُحسن,والرحيم،الشديد الرحمة،لأن الله بر في الدنيا والآخرة،وغير الله برّ في بعض أوقات الدنيا ولا يملك في الآخرة شيئاً،
والبر،الرفيق بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر،ويعفو عن كثير من سيئاتهم،ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم،ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها،ولا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها،والولد البر بأبيه هو الرفيق به،
قال أبو سليمان،البر هو العطوف على عباده المحسن إليهم،عم بره جميع خلقه،فلم يبخل عليهم برزقه،وهو البر بأوليائه إذ خصهم بولايته واصطفاهم لعبادته،وهو المحسن في مضاعفة الثواب له، والبر بالمسيء في الصفح والتجاوز عنه،
الرحيم،الكثير الرحمة الذى اذا عبد اثاب واذا سئل أجاب،فيقال بر العبد ربه اى ،توسع فى طاعته فمن الله الثواب،ومن العبد الطاعة،فى الاعمال الفرائض والنوافل وبر الوالدين فى الاحسان اليهما،وضده العقوق،
قال ابن القيم،أن الرحمة صفته،والراحم لعباده،يقول تعالى(وكان بالمؤمنين رحيماً)ولهذا يقرن استواءه على العرش،كقوله تعالى(الرحمن على العرش على استوى)
لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها،والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم،قال تعالى(ورحمتي وسعت كل شيء)
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش،إن رحمتي تغلب غضبي)صحيح البخاري،
آداب الدعاء ، قال شيخ الاسلام،إنا كنا نخلص له العبادة،وبهذا استحقوا أن وقاهم الله عذاب السموم،فإنه سبحانه،يسأله من في السموات والأرض(لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا)الكهف،أي،لن نعبد غيره،
وكذا قوله(أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)الصافات،
فقوله تعالى(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)الأعراف،ولهذا أمر بإخفائه وإسراره،
قال الحسن،بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضِعفًا،ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت،أي،ما كانت إلا همساً بينهم وبين ربهم،عز وجل،
وأنه ذكر عبداً صالحاً،فقال(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا)مريم،
وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة،أنه أعظم إيماناً،لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي،
وأنه أعظم في الأدب والتعظيم،فإذا كان يسمع الدعاء الخفي،فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به،
أنه أبلغ في التضرع والخشوع،الذى هو روح الدعاء ولبه ومقصوده،فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل، قد انكسر قلبه، وذلت جوارحه، وخشع صوته، حتى إنه ليكاد تبلغ ذلته وسكينته وضراعته،وقلبه يسأل طالباً مبتهلاً، ولسانه لشدة ذلته ساكتًا، وهذه الحال لا تأتى مع رفع الصوت بالدعاء،وأنه أبلغ في الإخلاص،
وأنه دال على قرب صاحبه للقريب،ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله عز وجل(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا)فلما استحضر القلب قرب الله عز وجل،إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه،
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعنى بعينه بقوله في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري،لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال(ارْبَعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريباً)
وقد قال تعالى(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)البقرة،
فهو قريب من داعيه وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد،
وقوله تعالى(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)أن إخفاء الدعاء أبعد له من المشوشات، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد،
أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد، ولكل نعمة حاسد على قدرها،ولا نعمة أعظم من هذه النعمة،فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها،
وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد،وقد قال يعقوب ليوسف عليهما السلام(لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً)يوسف
،ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى ولا يطلع عليه أحد،وإذا كان الدعاء المأمور بإخفائه،والإقبال على الله تعالى فهو من عظيم الكنوز التى هى أحق بالإخفاء عن أعين الحاسدين،
قال النبي صلى الله عليه وسلم(أَفْضَلُ الدُّعاء الحمدُ لله )فسمى الحمد لله دعاء،وهو ثناء محض،لأن الحمد متضمن الحب والثناء،
عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها،أنها قرأت هذه الآية(فَمَنَّ اللَّه عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَاب السَّمُوم إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم)فقالَت اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إِنك أنت البر الرحِيم،
فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم اى سموم قهره ولولا فضله ماتخلصنا منه بجهدنا وسعينا بل انا كنا من قبل ندعه ونتضرع اليه بتوفيقه فى طلب النجاة وتحصيل الدرجات انه هو البر بمن يدعوه الرحيم بمن ينيب اليه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير (البر الرحيم)
قوله تعالى(إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)الطور،
قال الشنقيطي،وهنا يقال،إن الله سبحانه لم يجمع على عبده خوفان ولم يعطه الأمنان معاً، فمن خافه في الدنيا أمنه في الآخرة (ولمن خاف مقام ربه جنتان)
(وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
ومن أمن مكر الله وقضى كل شهواته وكان لا يبالي فيؤتى كتابه بشماله ويصلى سعيراً،كما في قوله تعالى(وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون)تكذيبا للبعث،
(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُـوهُ)قال السعدي،أي،أن يقينا عذاب السموم، ويوصلنا إلى النعيم، وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة أي، لم نزل نتقرب إليه بأنواع القربات وندعوه في سائر الأوقات(إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)فمن بره بنا ورحمته إيانا، أنالنا رضاه والجنة، ووقانا سخطه والنار،
(إنا كنا من قبل ندعوه )أي،في الدنيا،وثناء على الله بأنه استجاب لهم،ولذرياتهم بالنجاة من النار وبنعيم الجنة،
أن دعاء الصالحين لأبنائهم وذرياتهم مرجو الإِجابة ، كما دل على إجابة دعاء الصالحين من الأبناء لآبائهم،قال النبي صلى الله عليه وسلم(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث،فذكر،وولد صالح يدعو له )
وقوله(إنه هو البر الرحيم)والبَر،المُحسن,والرحيم،الشديد الرحمة،لأن الله بر في الدنيا والآخرة،وغير الله برّ في بعض أوقات الدنيا ولا يملك في الآخرة شيئاً،
والبر،الرفيق بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر،ويعفو عن كثير من سيئاتهم،ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم،ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها،ولا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها،والولد البر بأبيه هو الرفيق به،
قال أبو سليمان،البر هو العطوف على عباده المحسن إليهم،عم بره جميع خلقه،فلم يبخل عليهم برزقه،وهو البر بأوليائه إذ خصهم بولايته واصطفاهم لعبادته،وهو المحسن في مضاعفة الثواب له، والبر بالمسيء في الصفح والتجاوز عنه،
الرحيم،الكثير الرحمة الذى اذا عبد اثاب واذا سئل أجاب،فيقال بر العبد ربه اى ،توسع فى طاعته فمن الله الثواب،ومن العبد الطاعة،فى الاعمال الفرائض والنوافل وبر الوالدين فى الاحسان اليهما،وضده العقوق،
قال ابن القيم،أن الرحمة صفته،والراحم لعباده،يقول تعالى(وكان بالمؤمنين رحيماً)ولهذا يقرن استواءه على العرش،كقوله تعالى(الرحمن على العرش على استوى)
لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها،والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم،قال تعالى(ورحمتي وسعت كل شيء)
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش،إن رحمتي تغلب غضبي)صحيح البخاري،
آداب الدعاء ، قال شيخ الاسلام،إنا كنا نخلص له العبادة،وبهذا استحقوا أن وقاهم الله عذاب السموم،فإنه سبحانه،يسأله من في السموات والأرض(لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا)الكهف،أي،لن نعبد غيره،
وكذا قوله(أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)الصافات،
فقوله تعالى(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)الأعراف،ولهذا أمر بإخفائه وإسراره،
قال الحسن،بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضِعفًا،ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت،أي،ما كانت إلا همساً بينهم وبين ربهم،عز وجل،
وأنه ذكر عبداً صالحاً،فقال(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا)مريم،
وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة،أنه أعظم إيماناً،لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي،
وأنه أعظم في الأدب والتعظيم،فإذا كان يسمع الدعاء الخفي،فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به،
أنه أبلغ في التضرع والخشوع،الذى هو روح الدعاء ولبه ومقصوده،فإن الخاشع الذليل إنما يسأل مسألة مسكين ذليل، قد انكسر قلبه، وذلت جوارحه، وخشع صوته، حتى إنه ليكاد تبلغ ذلته وسكينته وضراعته،وقلبه يسأل طالباً مبتهلاً، ولسانه لشدة ذلته ساكتًا، وهذه الحال لا تأتى مع رفع الصوت بالدعاء،وأنه أبلغ في الإخلاص،
وأنه دال على قرب صاحبه للقريب،ولهذا أثنى الله على عبده زكريا بقوله عز وجل(إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا)فلما استحضر القلب قرب الله عز وجل،إليه من كل قريب أخفى دعاءه ما أمكنه،
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعنى بعينه بقوله في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري،لما رفع الصحابة أصواتهم بالتكبير وهم معه في السفر فقال(ارْبَعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تَدْعُون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريباً)
وقد قال تعالى(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)البقرة،
فهو قريب من داعيه وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد،
وقوله تعالى(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)أن إخفاء الدعاء أبعد له من المشوشات، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد،
أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد، ولكل نعمة حاسد على قدرها،ولا نعمة أعظم من هذه النعمة،فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها،
وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد،وقد قال يعقوب ليوسف عليهما السلام(لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً)يوسف
،ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى ولا يطلع عليه أحد،وإذا كان الدعاء المأمور بإخفائه،والإقبال على الله تعالى فهو من عظيم الكنوز التى هى أحق بالإخفاء عن أعين الحاسدين،
قال النبي صلى الله عليه وسلم(أَفْضَلُ الدُّعاء الحمدُ لله )فسمى الحمد لله دعاء،وهو ثناء محض،لأن الحمد متضمن الحب والثناء،
عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها،أنها قرأت هذه الآية(فَمَنَّ اللَّه عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَاب السَّمُوم إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيم)فقالَت اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إِنك أنت البر الرحِيم،
فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم اى سموم قهره ولولا فضله ماتخلصنا منه بجهدنا وسعينا بل انا كنا من قبل ندعه ونتضرع اليه بتوفيقه فى طلب النجاة وتحصيل الدرجات انه هو البر بمن يدعوه الرحيم بمن ينيب اليه.