تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشكوى إلى الله فعلام الهم



امـ حمد
18-03-2015, 08:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
الشكوى إلى الله فعلام الهم
في هذه الدنيا مصائب ورزايا،ومحن وبلايا،آلام تضيق بها النفوس،ومزعجات تورث الخوف والجزع،كم في الدنيا من عين باكية،وكم فيها من قلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعدومين،قلوبهم تشتعل ودموعهم تسيل،هذا يشكو علة وسقماً،وذاك حاجة وفقراً،وآخر هماً وقلقاً،عزيز قد ذل،وغني افتقر،وصحيح مرض،وكل له هموم وآلام،
تلك هي الدنيا، تُضحِك وتُبكي،وتجمع وتشتت،شدة ورخاء،وسراء وضراء،
وصدق الله العظيم(لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)الحديد،
فإلى من يشكون،وأيديهم إلى من يمدون،إلى رب الأرض والسماوات،مجيب الدعوات، ومقيل العثرات،علام السر والنجوى،وسامع كل أنة وشكوى،
الافتقار إلى الله والاعتماد عليه،الفرار والشكوى والتضرع إلى الله وحده،
جميع الخلق مفتقرون إلى الله في كل شئونهم وأحوالهم، وفي كل كبيرة وصغيرة، وفي هذا العصر تعلق الناس بالناس، وشكا الناس إلى الناس، ولا بأس أن يستعان بالناس فيما يقدرون عليه، لكن أن يكون المعتمد عليهم والسؤال إليهم والتعلق بهم فهذا هو الهلاك بعينه، فإن من تعلق بشيء وُكِل إليه،
نعتمد على أنفسنا وذكائنا بكل غرور وعجب وصلف،
أما أن نسأل الله العون والتوفيق،ونلح عليه بالدعاء،ونحرص على دوام الصلة بالله في كل الأشياء وفي الشدة والرخاء،فهذا آخر ما يفكر به بعض الناس،
إن الفرار إلى الله واللجوء إليه في كل حال،وفي كل كرب وهمّ، هو السبيل للتخلص من ضعفنا وفتورنا وذلّنا وهواننا،أليس إلى الله وحده المشتكى،أين الإيمان بالله؟ أين التوكل على الله،أين الثقة واليقين بالله،
يا كل محتاج،يا من ضاقت عليه الأرض بما رحبت،لماذا لا نشكو إلى الله أمرنا،وهو القائل(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)غافر،
لماذا لا نرفع أكف الضراعة إلى الله،وهو القائل(فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي)البقرة،
أيها المؤمنون،يا أصحاب الحاجات،ألم نقرأ في القرآن قول الحق عز وجل(فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ)الأنعام،لماذا(لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)فأين نحن من الشكوى والتضرع إلى الله،أين نحن من الإلحاح على الله،
سبحان الله،ألسنا بحاجة إلى ربنا،أنعتمد على قوتنا وحولنا،والله لا حول لنا ولا قوة إلا بالله،ولا شفاء إلا بيد الله، ولا كاشف للبلوى إلا الله، ولا توفيق ولا فلاح، ولا سعادة ولا نجاح إلا من الله،
العجيب أن كل مسلم يعلم هذا،فلماذا إذاً تتعلق القلوب بالضعفاء والعاجزين،ولماذا نشكوا إلى الناس ونلجأ للمخلوقين،سلَّ الله ربك ما عنده ولا تسأل الناس ما عندهم،ولا تبتغِ من سواه الغنى وكنْ عبده لا تكنْ عبدهم،
ارفع يديك إلى السماء، وأكثر الدمع والبكاء، وألح على الله بالدعاء،إذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله،
توكل على الله وحده، واسجد لله بخشوع، وردد بصوت مسموع،يا سامعا لكل شكوى،
حقيقة الشكوى لغير الله،قال عليه الصلاة والسلام(ولا يحملنَّكم استبطاء الرِّزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا ينال ما عنده بما يكره، اتَّقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حلّ، ودعوا ما حرم)حديث صحيح،رواه ابن ماجه،والحاكم وابن حبان،
وقال عليه السلام لعبد الله بن مسعود(لا تكثر همَّك يا عبد الله، ما يقدَّر يكن، وما ترزق يأتك)وهذا غاية الجهل،فإنه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم، ورأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى رجل فاقته وضرورته فقال،يا هذا، والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك ،
لمجرد أن تشكو الله إلى الناس فهذا مقياس الجهل، لأن الله هو أرحم الراحمين، وبيده كل شيء،لماذا الشكوى لغير الله،
سئل الحسن البصري عن سر الزهد فقال،علمت أن رزقي لا يذهب إلى غيري فاطمأن قلبي،
وعلمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية.
وعلمت أن الموت ينتظرني فاعددت الزاد للقاء ربي،رأى إبراهيم بن أدهم رجلا مهموما فقال له،أيها الرجل إني أسألك عن ثلاث تجيبني قال الرجل،نعم،
فقال له إبراهيم بن أدهم،أيجري في هذا الكون شئ لا يريده الله،قال،كلا
قال إبراهيم،أفينقص من رزقك شئ قدره الله لك،قال،لا
قال إبراهيم،أفينقص من أجلك لحظة كتبها الله في الحياة،قال،كلا
فقال له إبراهيم بن أدهم،فعلام الهم إذن،
قال الأحنف بن قيس،شكوت إلى عمي وجعاً في بطني فنهرني ثم قال،يا ابن أخي لا تشك إلى أحد ما نزل بك فإنما الناس رجلان ،صديق تسوؤه وعدو تسره،
ولا تشكو إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله لنفسه ولكن اشك إلى من ابتلاك به فهو قادر على أن يفرج عليك،
قال أحد الصالحين،عجبت لمن بُلي بالضر،كيف يذهل عنه أن يقول(أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)والله تعالى،يقول بعدها(فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر)الأنبياء،
وعجبت لمن بلي بالغم، كيف يذهل عنه أن يقول(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)والله تعالى يقول بعدها(فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)الأنبياء،
وعجبت لمن كوبد في أمر،كيف،يذهل عنه أن يقول(وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)والله تعالى يقول بعدها(فوقاه الله سيئات ما مكروا)غافر،
اللهم صبرنا على هموم الدنيا ويسر لنا كل خير واجعلنا ممن تدمع عيونهم من خشيتك.

الحسيمqtr
20-03-2015, 12:17 AM
جزاكِ الله جنة الفردوس

امـ حمد
20-03-2015, 03:09 PM
جزاكِ الله جنة الفردوس

بارك الله في حسناتك اخوي الحسيم
وجزاك ربي جنة الفردوس

فناجيل دزاين
06-07-2015, 11:24 AM
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم

امـ حمد
07-07-2015, 05:01 PM
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم

وبارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
وجزاك ربي جنة الفردوس